يعتبر المشمش من أكثر وأشهى الفواكه الصيفية التي يقبل عليها الناس، وأنواعه كثيرة تقارب العشرين، فهناك المشمش البلدي والوزري والعجمي والهندي والتدمري والكلابي... الخ. ومهما اختلفت أنواع المشمش وألوانه فإنها جميعاً تتشابه من حيث تركيبها العام. فهذه الثمار تحتوي على مواد نافعة للصحة هي الكاروتينيدات، وقد استطاع الباحثون ان يضعوا أيديهم على أكثر من 600 شكل منها متناثرة هنا وهناك في مختلف أنواع الخضار والفواكه، لكن بعض الكاروتينيدات التي تتكدس في المشمش تمتاز عن غيرها بأنها الأقوى على الإطلاق. توجد في المشمش مركبات معقدة تجعل منه الحليف الأقوى لصحة الانسان، اذ أنها تقف حجر عثرة أمام استيطان الأمراض القلبية الوعائية. وعلى رأس قائمة المركبات المعقدة في المشمش، هناك اثنتان هما "بيتا - كاروتين" و"ليكوبين" اللتان تلعبان دوراً لا يستهان به في دحر جحافل الكوليسترول السيء LDL اذ انهما تحولان، وبقوة، دون ترسب جزئيات الكوليسترول السيئ LDL وترسبها على الطبقة المبطنة لجدران الشرايين، والمعروف ان هذا النوع من الكوليسترول يمثل الشرارة التي تقدح زناد الاصابة بتضييق الأوعية الدموية وانسدادها. وفي دراسة طاولت 90 ألف مريضة على مدى 8 سنوات، تبين ان اللواتي استهلكن أغذية غنية بالكاروتينيدات هبطت عندهن الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية بمعدل الربع. وفي دراسة اخرى أُجريت على مجموعة من الاشخاص واستغرقت 13 سنة اتضح ان خطر التعرض للاصابة القلبية الوعائية تراجع بمعدل الثلث لدى الذين تناولوا أطعمة غنية بالكاروتينيدات بالمقارنة مع أولئك الذين استهلكوا أغذية فقيرة به. إن مادة بيتا - كاروتين المتوافرة في المشمش يمكن ان تتحول في الجسم لتعطي الفيتامين "أ" فتمده. بما يحتاجه منه. والعين هي من اكثر اعضاء البدن حاجة للفيتامين "أ". ففي كل مرة يعبر فيها الضوء مقلة العين يترك وراءه مركبات كيماوية لا هم لها سوى إلحاق الأذى بأنسجة العين، وعلى الأخص عدسة العين البؤبؤ والشبكية، مسببة حدوث مرض الساد المياه البيضاء بالعامية وداء الشبكية الاستحالي. ومن أجل الوقوف في وجه الجذور الحرة ومنعها من تحقيق غاياتها فإن العين تملك ترسانة وقائية مهمة في مقدمها الفيتامين "أ". والمشمش من أهم الفواكه الغني بالفيتامين "أ"، اذ ان استهلاك ثلاث حبات من المشمش تزود الجسم بحوالي 2800 وحدة عالمية منه، أي حوالى اكثر من نصف احتياجات الانسان اليومية من هذا الفيتامين. وعدا الفيتامين أ توجد في المشمش فيتامينات أخرى هي الفيتامين "ب1" والفيتامين "ب2" والفيتامين "ث". فالفيتامين "ب1" يتحد مع حمض الفوسفور لتشكيل خميرة الكاربوكسيلاز التي تساهم في شطر السكريات وتفكيكها. اما الفيتامين "ب2" فيساهم في الوقاية من اضطرابات الرؤية وجفاف الجلد وتشقق اللسان والشفتين وتكسر الأظافر، وهو يلعب دوراً في العديد من العمليات الاستقلابية في الجسم. وبالنسبة الى فيتامين "ث" فهو يساعد على تثبت الكلس في العظام ويقي من الإصابة بداء الحضر الاسقربوط، كما ان الفيتامين "ث" يمثل واحداً من الترسانة المضادة للجذور الحرة. والمشمش غني بالمعادن، كالبوتاسيوم والصوديوم المهمين جداً لعمل الخلايا، والكالسيوم والفوسفور الضرورين لتكوين الهيكل العظمي. وهناك ايضاً عنصر الحديد الأساسي لتركيب الهيموغلوبين وبالتالي للوقاية من الإصابة بفقر الدم. إضافة الى الكاروتينيدات والمعادن والفيتامينات يجب ان لا ننسى ان المشمش يحتوي على الألياف، وهذه لها دور أشهر من ان يعرّف، فهي سلاح مهم ضد البدانة وعامل ممتاز للسيطرة على مستوى طبيعي لسكر الدم، كما انها تساهم في خفض مستوى الكوليسترول، ولكي نستفيد من الألياف لا بد من تناول المشمش بقشره، اذ ان معظم الألياف متوافرة في هذه القشرة. نقطة اخرى يجب ألا تغيب عن بالنا، وهي استهلاك المشمش وهو لا يزال بعد يتمتع بقليل من القساوة لأن محتوى العناصر الغذائية فيه تكون في ذروتها. اما المشمش الناضج الطري والرخو فهو أقل فائدة للانسان، اذ ان رخاوة المشمش التي يفضلها أغلب الناس، إن لم يكن كلهم ليست سوى علامة تنذر بأن العناصر الغذائية في طريقها الى الخراب والتحلل.