للأرقام القياسية في عالم الرياضة أهمية تمنح أصحابها وهجاً لا يخبو حتى بعد اعتزالهم، ولئن كانت الأرقام القياسية تعني ان حامليها هم الأفضل قطعاً في السباحة وألعاب القوى ورفع الأثقال مثلاً، فإن أصحاب الأرقام القياسية في كرة القدم وهي اللعبة الأكثر شعبية في العالم، ليسوا حكماً أفضل اللاعبين. ولعل اللاعب الروسي أوليغ سالينكو الذي سجل أكبر عدد من الأهداف في مباراة واحدة في نهائيات المونديال خير مثال على ذلك، فسالينكو أتخم مرمى الكاميرون خلال مونديال 1994 في الولاياتالمتحدة بخمسة أهداف، متخطياً بذلك الرقم الذي يحمله 8 لاعبين بينهم البرتغالي اوزيبيو الملقب بالفهد الأسود الذي سجل 4 أهداف في مرمى كوريا الشمالية في ربع نهائي مونديال 1966 في انكلترا بعدما كانت متقدمة 3/صفر. وبينهم الاسباني اميليو بوتراغوينو الذي سجل بدوره 4 أهداف في مرمى الدنمارك خلال مونديال 1986 في الارجنتين، ولكن أهمية سالينكو حامل الرقم القياسي لا تقاس بأهمية اوزييو ولا بأهمية بوتراغوينو، ولولا انه يحمل الرقم القياسي لما كان يؤتى على ذكره عندما يدور الحديث على نجوم كرة القدم في العالم. والحديث عن الأرقام القياسية التي تمنح أصحابها جواز مرور الى الشهرة يقودنا الى الكلام عن المباريات الطاحنة التي تدور رحاها حالياً في كأس الأمم الأوروبية، فقد بات اللاعب الهولندي باتريك كلويفرت لفترة قصيرة صاحب أول رباعية في نهائيات هذه البطولة قبل أن تعود الأمور الى نصابها إثر اعترافه شخصياً بأنه سجل ثلاثة أهداف فقط، وإثر قرار صادر عن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يعتبر فيه أن الهدف الذي نسب الى كلويفرت انما سجله المدافع اليوغوسلافي ديان غوغيدا ريتشا خطأ في مرمى فريقه الا ان ما حصل لا يقلل من أهمية كلويفرت، فهو بكل المقاييس لاعب فذ يملك طاقات هائلة وقد سرق الأضواء في تلك المباراة التاريخية التي ستبقى محفورة في ذاكرة عشاق كرة القدم، الى كونه يشارك خمسة لاعبين في حمل الرقم القياسي 3 أهداف في مباراة واحدة خلال نهائيات كأس الأمم الأوروبية، واللاعبون الخمسة هم اللاعب الاحتياطي في منتخب البرتغال سيرجيو كونسيساو وقد سجل ثلاثة أهداف في مرمى المانيا خلال البطولة الحالية والهولندي ماركو فان باستن الذي سجل ثلاثة أهداف في مرمى انكلترا في كأس الأمم الأوروبية 1988 والفرنسي ميشال بلاتيني الذي سجل هاتريك مرتين في بطولة 1984، مرة في مرمى بلجيكا ومرة في مرمى يوغوسلافيا، والألماني كلاوس ألوفس الذي هز شباك هولندا ثلاث مرات في بطولة 1980، ومواطنه ديتر مولر الذي حقق ثلاثية في مرمى يوغوسلافيا في بطولة 1976. ومما ذكرنا يتبين لنا أن ميشال بلاتيني هو الأول بين ستة متساوين كونه حقق الثلاثية مرتين فضلا عن أنه ينفرد بحمل الرقم القياسي لهدافي كأس الأمم الأوروبية اذ رفع السقف عالياً وسجل في بطولة 1984 تسعة أهداف مقتفياً خطى مواطنه جوست فونتين صاحب الرقم القياسي بين هدافي نهائيات كأس العالم في بطولة واحدة برصيد 13 هدفاً وذلك خلال مونديال السويد في العام 1958. أما الألماني غيرد مولر الذي كان يلقب بالمدفعجي فإنه صاحب الرقم القياسي لمجموع الأهداف التي سجلها لاعب في نهائيات كأس العالم، وقد بلغ رصيده 14 هدفاً سجلها في دورتي 1970 في المكسيك و1974 في المانيا، ويليه البرازيلي الأسطورة بيليه الملقب بالجوهرة السوداء إذ سجل في نهائيات كأس العالم 12 هدفاً من مشاركته في أربع دورات: دورة 1958 في السويد ودورة 1962 في تشيلي ودورة 1966 في انكلترا ودورة 1970 في المكسيك. ولئن أخفق كلويفرت في تحطيم الرقم القياسي للأهداف في مباراة واحدة خلال نهائيات كأس الأمم الأوروبية واكتفى بمعادلة الرقم فإن المنتخب الهولندي نسخ الرقم القياسي للأهداف في مباراة واحدة في سياق هذه البطولة مسجلا 6 أهداف في مرمى يوغوسلافيا أما الرقم السابق فكان من نصيب المنتخب الفرنسي الذي دك المرمى البلجيكي بخمسة أهداف في دورة 1984 وقد شاركه في حمل هذا الرقم المنتخب الدنماركي الذي سجل خماسية في مرمى يوغوسلافيا وفي دورة 1984 ايضاً. ان قصة الأرقام القياسية تطول فصولاً، وهي إذا صح التعبير أشبه بالقلاع، بعضها يستسلم دون قيد أو شرط، وبعضها لا يؤخذ الا عنوة، وبعضها لا يسقط إلا بعد حصار طويل، ورقم الفرنسي فونتين في نهائيات كأس العالم يبدو صعب المنال وهو صامد منذ العام 1958 علماً أنه لم يواجه تهديداً جدياً حتى الآن فأقرب منافسيه كان الألماني غيرد مولر الذي سجل عشرة أهداف في مونديال 1970 في المكسيكوالبرتغالي اوزيبيو 9 أهداف في مونديال 1966 في انكلترا أما صاحب الرقم القياسي السابق في هذا المجال فهو المجري ساندور كوتشيش الذي سجل 11 هدفاً في مونديال سويسرا 1954. ولا يزال رقم بلاتيني 9 أهداف في نهائيات كأس الأمم الأوروبية صامداً منذ العام 1984 حتى اشعار آخر