وعد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الصناعيين في بلاده بإزالة المعوقات امام حركة التجارة مع العراق في المستقبل القريب، في لقاء مع القيادات الصناعية الأردنية التي طالبته باعطاء أولوية خاصة للسوق العراقي وزيادة البروتوكول التجاري وتوسعة المبادلات التجارية. جاء حديث العاهل الأردني بعد ثلاثة ايام فقط من مغادرة نائب الرئيس العراقي طه ياسين رمضان، العاصمة الأردنية التي لقي فيها استقبالاً حاراً من قبل الملك عبدالله ورئيس وزرائه الجديد علي أبو الراغب. وذكرت مصادر أردنية مطلعة ان زيارة المسؤول العراقي جاءت بطلب أردني بعد تزايد أزمة القطاع الصناعي وشكواه المستمرة منذ العام 1996 من تراجع حجم الصادرات الأردنية الى السوق العراقية بشكل لافت، ما أدى الى اغلاق العديد من المصانع الأردنية التي كانت قائمة بالأصل للتصدير الى بغداد، وقد وصل حجم تلك الصادرات الى 75.5 مليون دولار في العام الماضي وهي تشكل ما نسبته 7.4 في المئة من اجمالي الصادرات الأردنية للعراق، فيما كانت في العام 1997 تشكل نسبة 13.3 في المئة والعام 1998 نسبة 10.2 في المئة، وهذا الهبوط المستمر في حجم التبادل التجاري اصبح يهدد الصناعيين الأردنيين من فقدان السوق العراقية نهائياً بعدما قلل التجار العراقيون صلاتهم التجارية مع الأردن، والاستعاضة عنها بعلاقات تجارية واسعة مع الدول المجاورة. ويرى مسؤولون أردنيون ان اعدام السلطات العراقية أحد المواطنين الأردنيين قبل شهرين جاء بمثابة رسالة عراقية واضحة فهمها الأردن في حينه، لكن تصريحات العاهل الأردني لمحطة CNN والتي طالب فيها بإنهاء الحصار على العراق، وأشار بحذر الى الخطط التركية لبناء السدود على نهري دجلة والفرات، لقيت تقديراً عراقياً، كما ان تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة علي أبو الراغب الذي وعد باعادة تنشيط العلاقات مع العراق اعطى أملاً بوقف تدهور العلاقات. وحسب مسؤول أردني حضر المحادثات مع رمضان، فإن الجانبين ركزا على نقاط الالتقاء من دون النظر الى اسباب التباعد والخلافات. ولا يخفي الأردن ان علاقاته مع العراق تراجعت بشكل ملحوظ، لكنه يعتقد بأن الظروف المحيطة به معقدة لدرجة ان مسؤولاً قال: "نحن ما زلنا نعاقب مع العراق"، مشيراً الى ان التفتيش البحري المستمر في ميناء العقبة هو ضغط سياسي على الأردن للتمهيد للحل النهائي للقضية الفلسطينية وبالتحديد مسألة اللاجئين. وينظر الصناعيون الأردنيون الى وعد العاهل الأردني باهتمام كبير حيث انه يشكل خطوة جديدة لإعادة السوق العراقية التي كانت تستورد 51.3 في المئة من الصادرات الأردنية للدول العربية الى ان تراجع في العام الماضي ليصل الى 18 في المئة فقط، لكن الأوساط الشعبية تخشى من ان يتبع التحول العراقي الى الاسواق المجاورة تغير في البروتوكول النفطي الذي يستورد الأردن بموجبه النفط بنصف الثمن، على اساس ان قيمة برميل النفط تساوي 19 دولاراً فقط فيما يصل سعره العالمي الى 31 دولاراً للبرميل. ويعتبر الأردنيون ان أي تغيير على أرقام فاتورة نفطهم العراقي ستزيد من حجم العجز المالي في الموازنة العامة وبالتالي زيادة اسعار المحروقات. وينشط رئيس الوزراء علي أبو الراغب في اتجاه اقناع الجانب العراقي في تفهم موقف الأردن الرسمي خصوصاً حجم الضغوطات السياسية التي تمارسها الادارة الاميركية للحد من الاندفاع في سبيل تطوير العلاقات الأردنية - العراقية، لكن العراق يعتقد بأن الأردن يمكن ان يطالب الاممالمتحدة باستثنائه من الحصار استناداً للمادة 50 من ميثاق الاممالمتحدة التي تمنح الدول المجاورة لدول محاصرة الحق بعدم الالتزام بالحصار في حالة تضرر اقتصادها الوطني، ويبدو ان العراقيين يتفهمون الموقف الأردني في عدم المقدرة على التمرد، لكنهم يطالبون بتخفيف الرقابة الأردنية على البضائع والحدود.