الخطأ ملازم للطبيعة البشرية. وكون الحكام الرياضيين بشراً فمن الطبيعي أن تشوب الأخطاء قراراتهم احياناً، والروح الرياضية تفضي بأن يتقبل اللاعبون والمدربون والأنصار هذه الأخطاء بصدر رحب ولا سيما عندما يكون باب الاجتهاد واسعاً لتبريرها، ولا يزال الناس يذكرون الهدف الذي سجله مارادونا في مرمى المنتخب الانكليزي في كأس العالم 1986 بلمسة يد تعذّر على الحكم رؤيتها. وثمة أخطاء تتخذ حجم الكارثة كأن يحتسب الحكم ضربة جزاء ضد فريق في الوقت القاتل وليس هنالك ما يستدعي هذا القرار من قريب أو بعيد، أو كأن يحتسب الحكم هدفاً صحيحاً من تسلل واضح والمباراة على وشك ان تلفظ أنفاسها الأخيرة، فيؤدي هذا القرار الى اسقاط فريق بالضربة القاضية اذ يحرمه من فرصة التعويض. إلا أن بعض الأخطاء التحكيمية قد يكون نعمة على الجمهور وهذا ما حصل بالضبط في المباراة النهائية لدورة رولان غاروس في كرة المضرب بين البرازيلي غوستافو كويرتن والسويدي ماغنوس نورمن، فقد احتسب الحكم فرانسوا بارو كرة حاسمة في تقرير مصير المباراة لمصلحة السويدي مع أن الكرة كانت خارج حدود الملعب بشهادة حكم التماس. لكن هذا الخطأ التحكيمي الذي أثار غضب كويرتن ونقمة الجمهور في المدرجات، أتاح للجمهور أن يحضر مباراتين بثمن بطاقة واحدة. لقد خيل للمشاهدين الذين حضروا هذه المباراة أن البرازيلي كويرتن الذي يشبه الهيبيين أو الغجر يقوم بمجرد نزهة في المجموعتين الأولى والثانية 6/2 و6/3 إذ استطاع أن يسيطر على مجريات اللعب وأن يفرض ايقاعه على السويدي الذي كان مرتبكاً وضائعاً على غير عادته. لكن نورمن استعاد ثقته بنفسه في المجموعة الثالثة وقلب الأوضاع رأساً على عقب واشعل النار في رماد المباراة وأنهى المجموعة لمصلحته 6/2 وتابع أداءه المتألق في المجموعة الرابعة فكسر ارسال البرازيلي وتقدم 4/2 لكن كويرتن التقط أنفاسه وأمسك بزمام المبادرة من جديد فعادل النتيجة 4/4 وما لبث ان تقدم 5/4 وكان متقدماً في الشوط العاشر من المجموعة الرابعة 40/15 عندما رد نورمن كرة صعبة سقطت خارج حدود الملعب، وأعلنت مبدئياً عن نهاية المباراة لولا ان الحكم أصر على احتسابها لمصلحة نورمن رغم احتجاج البرازيلي ورغم صيحات الاستهجان التي أطلقها الجمهور وكان هذا الخطأ التحكيمي إيذاناً ببدء مباراة جديدة حبست أنفاس الجمهور ووفرت له لحظات نادرة من الاثارة والمتعة اذ اضطر اللاعبان بعد تعادلهما 6/6 الى خوض جولة فاصلة هاجم فيها كويرتن بعنف فتقدم 3/صفر ثم 6/3 لكن نورمن قاوم بضراوة واستطاع أن يحقق التعادل 6/6 قبل أن يحسم كويرتن الجولة الفاصلة لمصلحته 8/6 علماً انه خلال هذه المجموعة الرابعة أخفق عشر مرات في حسم نتيجة المباراة الى أن نجح في المرة الحادية عشرة وقد استغرقت هذه المجموعة الماراثونية 96 دقيقة شهد الجمهور خلالها حرب مواقع بالمعنى الحرفي للكلمة. ومما لا شك فيه ان الجمهور الذي أثار الخطأ التحكيمي سخطه، كان يردد في قرارة نفسه بعد هذه المجموعة - المباراة. بوركت الأخطاء التحكيمية. وفي المؤتمر الصحافي الذي عقده كويرتن بعد احرازه دورة رولان غاروس للمرة الثانية قال البرازيلي: "للمرة الأولى في حياتي احتج على قرار الحكم بشأن كرة تحسم نتيجة المباراة. فقد كنت في طريقي الى الشبكة لمصافحة نورمن وتسلم الكأس، لكنني وجدت نفسي أخوض مباراة جديدة. وكان من الصعب ان اتقبل هذا القرار الجائر". وأضاف كويرتن: "لقد جعلني هذا القرار أفقد تركيزي، لكنه أضفى على المباراة طابع الإثارة، ورب ضارة نافعة. يوم احرزت دورة رولان غاروس في العام 1997 كنت مغموراً، وهذا الانتصار الثاني هو شهادة لي بأنني واحد من أفضل لاعبي كرة المضرب في العالم". وقد أتاح هذا الفوز لكويرتن ان يتصدر الترتيب العالمي للاعبي كرة المضرب وبعدها أزاح منافسه نورمن عن هذا الموقع. من جهة أخرى احرزت اللاعبة ماري بيرس دورة رولان غاروس للسيدات بعد فوزها على الاسبانية كونشيتا مارتينيز وهي أول فرنسية تحرز هذا اللقب بعد مواطنتها فرانسواز دور التي فازت باللقب في العام 1967. وقد قفزت بيرس الى المرتبة الثالثة في التصنيف العالمي كما أحرزت أيضاً لقب المختلط للسيدات في هذه الدورة مع السويسرية مارتينا هينغس، علماً انها هزمت شريكتها في الدور نصف النهائي