تقترب سيراليون كثيراً من السيناريوهات التي قادت في نهايتها الى تمزيق الصومال وتقسيمه الى دولتين. فسيراليون شهدت انقلاباً عسكرياً قاده العقيد بول كوروما في أيار مايو 1997 ضد حكومة أحمد تيجان كباح المنتخبة الى أن اسقطت الانقلاب بعد عام قوات حفظ السلام الغرب الافريقية المعروفة باسم "ايكموج". وأعادت كباح للسلطة، ليفتح العالم عيونه بعد أقل من عام على طلائع من قوات الجبهة الثورية المتحدة بزعامة فودي سنكوح وهي تحاصر العاصمة فريتاون وتجبر الرئيس كباح على الهرب الى المطار بعدما طاولت قذائف المتمردين قصر الرئاسة. وانتهى الأمر بالعاصمة فريتاون لشهور بعدها الى حال مقديشو عاصمة الصومال. ويوحي واقع سيراليون اليوم بفوضى تحاول الأممالمتحدة بقوات حفظ سلامها تغليفها بعبارات ديبلوماسية تقول ان الوضع هادئ لكنه متوتر، في حين ترسل دولة مثل بريطانيا قوات خاصة لا لمساعدة الأممالمتحدة ولكن لضمان جلاء الرعايا البريطانيين عن المستعمرة السابقة للامبراطورية. ويوحي ضعف التدريب لدى قوات حفظ السلام ومعظمها من دول العالم الثالث بأنه سيفتح شهية المتمردين لاقتطاع مناطق من سيراليون وادارتها خصوصاً مناطق الماس الذي يشكل عصب الصراع على السلطة بين الشرعية والمتمردين ومعهم أكثر من دولة افريقية تمدهم بالسلاح والدعم اللوجستي وفي مقدم تلك الدول بوركينافاسو. مثلما يوحي الفارق بين قوات حفظ السلام والمتمردين الى رجحان كفة التمرد في أية معارك مقبلة، فقوات حفظ السلام يبلغ عددها 8600 جندي تأمل الأممالمتحدة بزيادتهم ليصلوا الى 11 ألفاً، في حين تبلغ قوات التمرد 45 ألف مقاتل يجيدون حروب العصابات وقد تأقلموا عليها وعلى تضاريس بلادهم طوال عقد من الزمان. في مثل ذلك الواقع، تكون سيراليون على شفير الهاوية، لأن شرعية الرئيس كباح ضعيفة، ولأن انسحاب قوات حفظ السلام الغرب افريقية قد تم في وقت لم تترسخ فيه اتفاقية كباح وسنكوح العام الماضي، وفي وقت لا يزال فيه العقيد المخلوع بول كوروما موجوداً في الغابات مع قوات يمكنه بها أن ينقض كما يفعل متمردو فودي سنكوح على مناطق ريفية ويجبر أهلها على النزوح للعاصمة على النحو الذي حدث لسكان مدينة ماسياكا بعد ان شاهدوا اجلاء قوات حفظ السلام عنها، ومن شأن تلك الهجرة ان تضعف اقتصاد الريف وترهق كاهل العاصمة بأفواج من مواطنين لن يشعروا بفقدان شيء إذا ما انتظموا في صفوف أي من جبهات الصراع الثلاث.