تحدي NASA بجوائز 3 ملايين دولار    سجن سعد الصغير 3 سنوات    تحديات تواجه طالبات ذوي الإعاقة    حرفية سعودية    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    السد والهلال.. «تحدي الكبار»    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    قيود الامتياز التجاري تقفز 866 % خلال 3 سنوات    رئيسة (WAIPA): رؤية 2030 نموذج يحتذى لتحقيق التنمية    سعود بن مشعل يشهد حفل "المساحة الجيولوجية" بمناسبة مرور 25 عامًا    أمطار على مكة وجدة.. «الأرصاد» ل«عكاظ»: تعليق الدراسة من اختصاص «التعليم»    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    «الاستثمار العالمي»: المستثمرون الدوليون تضاعفوا 10 مرات    فصل التوائم.. أطفال سفراء    نيوم يختبر قدراته أمام الباطن.. والعدالة يلاقي الجندل    في الشباك    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    قمة مرتقبة تجمع الأهلي والهلال .. في الجولة السادسة من ممتاز الطائرة    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    نائب أمير الشرقية يكرم الفائزين من القطاع الصحي الخاص بجائزة أميز    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    ضاحية بيروت.. دمار شامل    من أجل خير البشرية    وفد من مقاطعة شينجيانغ الصينية للتواصل الثقافي يزور «الرياض»    ألوان الطيف    مملكتنا نحو بيئة أكثر استدامة    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    حكايات تُروى لإرث يبقى    جائزة القلم الذهبي تحقق رقماً قياسياً عالمياً بمشاركات من 49 دولة    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    أهمية قواعد البيانات في البحث الأكاديمي والمعلومات المالية    كلنا يا سيادة الرئيس!    القتال على عدة جبهات    معارك أم درمان تفضح صراع الجنرالات    نقاط شائكة تعصف بهدنة إسرائيل وحزب الله    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    تطوير الموظفين.. دور من ؟    الدكتور ضاري    التظاهر بإمتلاك العادات    مجرد تجارب.. شخصية..!!    كن مرناً تكسب أكثر    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    الرئيس العام ل"هيئة الأمر بالمعروف" يستقبل المستشار برئاسة أمن الدولة    قصر بعظام الإبل في حوراء أملج    ما قلته وما لم أقله لضيفنا    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    التوصل لعلاج فيروسي للسرطان    استعراض السيرة النبوية أمام ضيوف الملك    أمير الشرقية يستقبل منتسبي «إبصر» ورئيس «ترميم»    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي في دورته الثانية للعام ١٤٤٦ه    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    أمير الرياض ونائبه يؤديان صلاة الميت على الأمير ناصر بن سعود بن ناصر وسارة آل الشيخ    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    الأهل والأقارب أولاً    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أشد فتكاً من الجامايكية ولا ترحم حتى اليهود . "المافيا الحمراء" اشترت يلتسن وتسيطر على أميركا وتهدد أمن العالم
نشر في الحياة يوم 15 - 05 - 2000

كلّ من شاهد سلسلة افلام "العراب" يعرف جيداً ان "المافيا" كانت أشدّ عصابات الجريمة خطورة وعنفاً في التاريخ الاميركي. ومع ذلك فإن المافيا اليهودية الروسية فاقت نظيرتها الاميركية في خطورتها وعنفها وميادين سيطرتها، اذ انها تهيمن الآن على الحكومة والبنوك والصناعات الكبرى في روسيا. بل بلغ من قوة هيمنتها في السنوات الاخيرة انها بدأت تخطط للسيطرة على المافيا الاميركية والمافيا اليابانية المعروفة باسم "ياكوزا" والمافيا الصينية التي يطلقون عليها اسم "تراياد"، علاوة على شبكات تجارة المخدرات في اميركا الوسطى واميركا الجنوبية.
ويلخص روبرت فريدمان صاحب كتاب "المافيا الحمراء" مدى الجبروت الذي تمارسه المافيا اليهودية الروسية بقوله: "ان عنف رجال عصابات المافيا اليهودية في روسيا وقسوتهم ووحشيتهم وصلت الى درجة تجعل المافيا التقليدية اشبه بأعضاء فرقة موسيقية مدرسية".
فقد جرت عادة عصابات المافيا التقليدية مثلاً على عدم الاقدام على ارتكاب جرائم معينة مثل قتل القضاة او المحامين او اعضاء هيئة المحلفين او رجال الشرطة والامن. فهم يستخدمون الاسلحة الرشاشة حين يسطون على البنوك او حين يبتزّون الاموال من مصالح الاعمال لارهاب العاملين في تلك البنوك، والمصالح، ويبذلون قصارى جهدهم في تفادي قتل اي منهم او حتى اصابته، بل يحرص اعضاء عصابات المافيا التقليدية على عدم قتل اي شخص آخر الا اذا كان عضواً في عصابة منافسة او معادية.
لكن المافيا اليهودية الروسية لا ترتدع عن فعل أي شيء ولا تقيم وزناً لأحد. حتى الصحافيون لا ينجون منها. ومن ذلك ان فريدمان نفسه ابلغ مكتب التحقيقات الفيديرالي العام الماضي بأن اقوى قادة المافيا الروسية سيمون موغيليفتش الذي يقيم الآن في بودابست رصد مئة الف دولار مكافأة لأي شخص يقتل فريدمان، مما اجبره على الاختباء فترة طويلة.
ومن الشروط الاساسية التي كانت المافيا تصرّ عليها عند انضمام اي شخص اليها ان يكون اصله من جزيرة صقلية الايطالية، مع انه كانت هناك حالات استثنائية جداً بينها انضمام اليهودي ماير لانسكي الى صفوفها. وقد اسندت اليه المنظمة مهمة ادارة حساباتها لأنه كان محاسباً بحكم المهنة قبل ان توكل اليه الاشراف على دور القمار والدعارة في كوبا قبل ثورة فيديل كاسترو. وقد حذت المافيا الروسية حذو الايطالية، اذ لا يمكن الانضمام الى المافيا اليهودية الروسية الا لمن كان يهودياً، باستثناء حالات نادرة جداً حين استخدمت بعض الغجر في تنفيذ جرائم قتل محددة.
والجدير بالذكر ان فريدمان عاش في بيروت قبل فترة طويلة مع انه كان يحمل جوازي سفر الاول اميركي والثاني اسرائيلي. لكنه كان في مقدوره التظاهر بأنه عربي. وسبق لفريدمان ان تعرض للتهديد بالقتل في اسرائيل بسبب كتابه "غلاة الصهاينة: في صميم حركة الاستيطان اليهودي في الضفة الغربية" الذي استقصى فيه عدداً من قادة حركة الاستيطان، خصوصاً مائير كاهانا.
لكن كتابه "المافيا الحمراء" فصول متفجرة من الحقائق المذهلة. اذ يقول فيه: "اصبح الرعاع اليهودي الروسي خلال العقد الماضي اسرع القوى الاجرامية العظمى نمواً في العالم: من نيويورك الى موسكو ومن تورنتو الى هونغ كونغ. ولا بد للعالم ان يدرك ان متاجرة هذه المافيا في العاهرات والمخدرات والاسلحة والصواريخ باتت تشكل اعظم خطر على الاستقرار والامن العالميين. اذ صارت هذه المافيا تهيمن اليوم على نسبة 80 في المئة من جميع البنوك في روسيا، كما انها سلبت البلايين من قروض المساعدات الغربية لروسيا مما سيؤدي بكل تأكيد الى نسف اي فرصة لإقامة ديموقراطية مستقرة فيها. لكن كل هذا ليس سوى البداية، لأن المافيا الروسية اليهودية منتشرة الآن في كل بقعة من الولايات المتحدة بل تغلغلت في بعض البنوك وتسلّلت الى دور التجارة بالأسهم والسندات".
ويقول الذين اطلعوا على كتاب فريدمان انه لا يمكن لأي كاتب حوار او سيناريو حتى في هوليوود، ومهما كان تخصصه في المافيا التقليدية شاملاً، ومهما كانت خبرته في كتابة سيناريوهات افلام الجريمة المنظمة، ان يتخيل مدى الفظاعة الذي يتضمنه كتابه "المافيا الحمراء" اذ ان مجموعة من المجرمين اليهود الذين كانوا يركزون نشاطهم على ميناء اوديسا على البحر الاسود وموسكو وعدد من المدن الاخرى في روسيا، رأوا في انهيار النظام الاشتراكي في الاتحاد السوفياتي السابق فرصة فريدة لشراء الشركات والمصانع والمؤسسات العامة الاخرى التي تملكها الدولة بمبالغ مالية زهيدة، وبمجرد انتقال ملكيتها اليهم صار بمقدورهم ان يسيطروا بالمال وسواه على الساحة السياسية في روسيا بدءاً بالرئيس السابق بوريس يلتسن وافراد عائلته وانتهاءً بأدنى المسؤولين في تلك الساحة. كما استخدموا الثروة الطائلة التي عادت بها تلك المصانع والشركات لشراء الغالبية الساحقة من بنوك البلاد بل لشراء حوالي 70 في المئة من صناعات النفط والالومنيوم في روسيا. وفي الوقت نفسه بدأوا يوسّعون نطاق نفوذهم على الساحة العالمية حتى دانت لهم الهيمنة على مختلف اوجه نشاط العصابات التقليدية في جميع انحاء العالم: من دور قمار ودعارة وابتزاز وتقديم قروض مالية ضخمة بأسعار فائدة خيالية.
لكن الذي حدث - كما يقول فريدمان - ان المافيا اليهودية تجاوزت مرحلة التعاون مع المنظمات الاجرامية العالمية الاخرى وبدأت تبسط نفوذها وهيمنتها عليها في الآونة الاخيرة. ويورد ان المافيا اليهودية الروسية تهيمن الآن على كامل سوق الماس في نيويورك، وعلى تجارة البنزين والديزل في السوق السوداء اذ تتفادى دفع اي ضرائب في جميع انحاء الولايات المتحدة، وعلى دور الدعارة في الهند وهي اكبر شبكة للدعارة في العالم وعلى مناجم الماس في سيراليون، وعلى مجموعة ضخمة من دور القمار والكازينوهات في جميع ارجاء العالم. كذلك بدأت خلال الفترة الاخيرة في "ابتلاع" شبكات تجارة المخدرات في اميركا اللاتينية.
ومن الحقائق المثيرة التي يذكرها المؤلف ان المافيا اليهودية باعت غواصة روسية مع كامل طاقمها من البحارة الى بابلو اسكوبار تاجر المخدرات الكولومبي الشهير، لاستخدامها في نقل الكوكايين الى السفن الاميركية التي تمخر عباب المياه الدولية تمهيداً لارساله الى الولايات المتحدة.
ويضيف فريدمان: "عندما اصدرت الخزانة الاميركية العام الماضي ورقة جديدة من فئة المئة دولار اعلنت الخزانة ان تزوير تلك الورقة النقدية مستحيل. لكن الواقع اثبت عكس ذلك. فخلال اسبوع تمكنت المافيا الروسية من تزوير مئات الملايين من تلك الاوراق المالية وشحنها الى روسيا يومياً على متن الطائرات التي تقوم برحلات يومية بين نيويورك وموسكو".
كما اعرب مكتب التحقيقات الفيديرالي اف. بي. آي عن قلقه الشديد من احتمال تغلغل هذه المافيا في ميدان الاسلحة النووية الروسية، ومخزون الاسلحة الجرثومية ايضاً. ويقول فريدمان: "وصل عدد منظمات الجريمة الروسية في اميركا الشمالية وحدها الآن الى اكثر من ثلاثين منظمة تمارس نشاطها في 17 مدينة على الاقل، منها نيويورك وميامي وسان فرانسيسكو ولوس انجليس ودينفر … وتمكنت هذه المافيا من الحصول على تعويضات من شركات التأمين بعد اضخم عملية احتيال وتزوير في التاريخ الاميركي … كذلك استطاعت غزو الاسواق المالية والبورصات واسواق الاسهم والسندات في اميركا الشمالية ونجحت في تدبير صفقات معقدة عادت عليها بآلاف الملايين من الدولارات.
وهناك من يدّعي انها تمكنت ايضاً من غسل بلايين الدولارات من خلال "بنك نيويورك" بل نجحت المافيا اليهودية الروسية في التغلغل في "الاتحاد الوطني الاميركي لرياضة الهوكي".
والجدير بالذكر ان اعداداً كبيرة من لاعبي هوكي الجليد في الولايات المتحدة وكندا من الروس الذين يزيد دخل كل منهم على مليوني دولار في السنة. وهناك من يدّعي ان المافيا استطاعت الوصول الى بعضهم بأساليب مختلفة تشمل الابتزاز والتهديد والترغيب.
وُلد روبرت فريدمان في نيويورك لأبوين يهوديين هاجرا الى الولايات المتحدة من روسيا. وحين صار شاباً توجه الى اسرائيل والتحق بالجيش الاسرائيلي. وفي تلك الفترة تعرّف على حقائق الاحتلال فأصيب بخيبة امل شديدة دفعته الى تأليف كتابه "غلاة الصهاينة". ولدى عودته الى اميركا بدأ يدرك الاعماق التي وصلت اليها جذور العصابات الاجرامية اليهودية في انحاء كثيرة من العالم.
ففي 1971 أقرّ الكونغرس الاميركي ما يعرف بتعديل قانون "جاكسون - مافيك" بضغط من اللوبي الصهيوني في واشنطن. ونصّ هذا التعديل على فرض قيود شديدة على العلاقات التجارية والاقتصادية بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي الى ان يُسمح لليهود السوفيات بالهجرة الى اسرائيل. ورأى الزعيم السوفياتي الراحل ليونيد بريجنيف في تلك الخطوة الاميركية فرصة ممتازة للتخلص من حوالي ثمانمئة الف من المجرمين اليهود الذين كانوا معتقلين في السجون السوفياتية. وبوصول اولئك اليهود الى اسرائيل اصبحوا يشكلون قطاعاً مهماً من السكان، واحد المعالم الرئيسية في الحياة السياسية والانتخابية الاسرائيلية. وحصل جميع المجرمين اليهود الذين هاجروا الى اسرائيل على جوازات سفر بمقتضى "قانون العودة" الاسرائيلي، مما ساعدهم بالتالي على السفر الى جميع انحاء العالم، لا سيما اوروبا واميركا حيث بدأوا في اقامة ما يصفه فريدمان بأكبر امبراطورية اجرامية في التاريخ.
ويزخر كتابه بالاسماء والقصص. اذ ينقل عن احد عملاء مكتب التحقيقات الفيديرالي قوله انه رفض اوامر رئيسه بالعمل في قسم محاربة المافيا اليهودية لأن هذه المافيا "أسوأ من مافيا جامايكا… اذ ان عصابات جامايكا تقتل رجال المباحث والشرطة، لكن عصابات المافيا اليهودية لا تكتفي بقتلهم وانما تقتل جميع افراد أُسرهم ايضاً".
ويقول فريدمان ان هناك عدداً من زعماء المافيا اليهودية الذين يشرفون على ادارة عملياتها العالمية بتفويض من موغيليفيتش. ويورد اسم احدهم المعروف ب"طرزان" ويتخذ من ميامي مقراً. ويقول المؤلف ان "طرزان" يتعاون مع شخصين في تزويد السوق الروسية بالمخدرات، مثل الكوكايين الذي يُباع هناك بأكثر من ستين الف دولار للكيلوغرام. كما ان "طرزان" هو الذي رتّب بالتعاون مع شريك آخر بيع الغواصة الروسية الى اسكوبار. كذلك نجح في الحصول على ست طائرات عمودية عسكرية روسية من طراز "ام آي" من ضابط في الجيش الروسي في مقابل ستة ملايين دولار، ثم نقلها من مطار موسكو على متن احدى طائرات الشحن الضخمة بعدما قدّم رشوة سخية لمسؤولي المطار. ومع ان السلطات الاميركية اعتقلت "طرزان" في ميامي، الا انها قررت ابعاده الى اسرائيل.
وهناك فايتسلاف كيريلوفيتش ايفانكوف الذي كان عرّاب المافيا اليهودية في اميركا حتى اعتقاله. لكن فريدمان يقول ن ادعاء ايفانكوف بأنه يهودي غير صحيح. ولا يزال ايفانكوف يقبع في السجن في الولايات المتحدة بعدما اعتقله عملاء "اف. بي. آي" بفضل المعلومات التي تلقوها من بعض اعضاء في المافيا اليهودية في روسيا. فقد قرروا ابلاغ "اف. بي. آي" بتفاصيل دقيقة عنه بعدما غضبوا منه لأنه قتل عدداً كبيراً من رجال الامن والشرطة والصحافيين، وهو ما اعتبروه استفزازاً لا مبرر له.
ويضيف فريدمان انه تلقى تهديداً خطياً بقتله من ايفانكوف الذي بعث رسالة بالبريد اليه ضمّنها اسمه ورقمه في السجن ورقم زنزانته. وقد ابلغ فريدمان "اف. بي. آي" بذلك وسلّم الرسالة الى المسؤولين. واثر اعتقال ايفانكوف تولى مسؤولياته زميل له حوّل مطعماً في بروكلين حيث يقيم اكثر من اربعين الفاً من اليهود الروس، مقراً لعملياته. ويدير الاخير امبراطورية واسعة من محطات البنزين وسيارات الاجرة. وحاول شراء جزيرة قبالة ساحل جنوب افريقيا وتأسيس بنك فيها لتسهيل عمليات غسيل الاموال.
وهناك ايضاً صاحب اسطول ضخم من السفن التجارية المسجلة في باناما الذي على رغم ثروته الطائلة انضم الى المافيا اليهودية فزاد ثروته حتى استطاع في نهاية المطاف شراء شركة للنفط، هي من كبريات الشركات الاميركية. وقد ضغط على السفارة الاميركية في موسكو واجبرها على منح تأشيرة لايفانكوف لزيارة الولايات المتحدة تحت ذريعة حاجته الماسة اليه والى خبرته في انتاج الافلام! وفور وصول ايفانكوف الى الولايات المتحدة رتّب له الزواج من روسية مقيمة في اميركا، مما ساعده على الحصول على اقامة دائمة. ولم تمض فترة طويلة حتى انتهى الزواج كما هو متوقع بالطلاق. ويقول فريدمان ان كل ما دفعه "الزوج الوهمي" للعجوز المسكينة كان خمسة عشر الف دولار فقط.
وقد بذل عملاء "اف. بي. اي" جهوداً حثيثة لاعتقاله بعد افتضاح امره. لكن المكتب لم يستطع اعتقاله بتهمة القتل او الاجرام، ولهذا قرر اعتقاله بتهمة تزويد السفارة الاميركية معلومات كاذبة عن ايفانكوف وخداعها لمنحه تأشيرة سفر.
وتشتمل قائمة الاسماء التي يوردها فريدمان على آخرين بينهم اسرائيلي كان يشرف في الواقع على تجارة الماس في سيراليون. لكنه ارتكب غلطة كلّفته الكثير، فبينما كان عائداً من سيراليون الى اسرائيل التي يرفض قانونها تسليم اي مجرمين لأي دولة اخرى توقف في لندن حيث اعتقلته السلطات البريطانية بطلب من السلطات الاميركية، وسلّمته الى واشنطن. الا ان حاخاماً اميركياً معروفاً بصلاته مع المافيا اليهودية تمكن من جمع تواقيع عدد كبير من الشخصيات اليهودية والصهيونية في نيويورك بينها بيل غيلمان رئيس لجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب الاميركي، المعروف بصهيونيته المفرطة، على عريضة تشهد ب"مثالية شخصيته وسلوكه". وهكذا نجح الحاخام في الإفراج عنه من السجون الاميركية فهرب الى اسرائيل حيث اعتقلته السلطات هناك بتهمة التجسس في الماضي لحساب المخابرات السوفياتية كي. جي. بي.
ويضيف فريدمان ان اينساني أغرون كان احد كبار قادة المافيا اليهودية لكن خصومه داخل صفوفها هم الذين قتلوه. اما مونيا السون الذي نفذ اكثر من مئة جريمة قتل لحساب المافيا اليهودية، فقد كان يعمل مع يوري بروخين الى ان قُتل الاخير على ايدي خصومه. وبعد مصرعه تعرض السون مع زوجته مارينا لهجوم بالرشاشات في نيويورك، لكنه نجا من الموت بأعجوبة كما ان زوجته نجت على رغم اصابتها بسبع عشرة رصاصة! وحين توجه السون بعد الهجوم الى اسرائيل اعتقلته السلطات بتهمة تجارة الكوكايين.
والضابط المسؤول عن ملاحقة المافيا اليهودية في مكتب التحقيقات الفيديرالي هو جيمس مودي. وفي 1992 اقترح نائب وزير الداخلية الروسي ميخائيل ياغوروف على مكتب التحقيقات الفيديرالي الاميركي التعاون بين سلطات البلدين واطلاع كل جانب نظيره على ما لديه من معلومات استخبارية عن المافيا اليهودية - لكن مودي ابلغ نائب وزير الداخلية الروسي بأنه لا بد للسلطات الروسية من اتخاذ خطوات او خطوة ملموسة لاثبات جديتها اولاً، ولتسهيل حصول مودي على موافقة رؤسائه على ذلك التعاون. ولهذا طلب مودي من ياغوروف تسليم ديفيد شوستر الاميركي الذي هرب من الولايات المتحدة الى روسيا. ووافق المسؤول الروسي على الطلب. ولكن نظراً الى عدم وجود معاهدة لتبادل تسليم المطلوبين بين الولايات المتحدة وروسيا، اعتقلت الاستخبارات الروسية شوستر ثم نقلته الى احدى الغابات النائية ودفنته حتى رقبته في حفرة لمدة ثلاثة ايام، أي حتى وصول كلاوس رور وهو من ضباط اف. بي. آي الذين كانوا يخدمون في السفارة الاميركية في بون تحت ستار ديبلوماسي الى روسيا. وفور وصوله توجه الى الغابة حيث سلّمه الروس شوستر وعاد به الى الولايات المتحدة.
وبين الاسماء الكثيرة التي ترد في الكتاب ايضاً اميل بوزارتسكي الذي قتله السون وبوريس نيفيلد الذي كان مسؤولاً عن تهريب المخدرات من تايلاند الى سنغافورة ومنها الى بولندا داخل قطع غيار اجهزة التلفزيون. ومع ان السون حاول قتل نيفيلد فانه تمكن من النجاة مرات عدة. اما ادوارد ايفانكوف ابن فاتسلاف ايفانكوف فيقيم الآن في اسرائيل وهو يرأس المؤتمرات التي تعقدها "المافيا الحمراء". وفي كندا يتولى روسي يهودي آخر الاشراف على جميع عمليات المافيا اليهودية هناك يساعده شخص يلقب ب"البندورة" بسبب حمرة وجهه!
ومن شخصيات المافيا الحمراء الكسندر ... الذي جمع ثروة تقدر بمئات الملايين من الدولارات قبل بلوغه الثالثة والعشرين من عمره. وقد اصطحبه بوريس يلتسن معه في اول زيارة له الى الولايات المتحدة. لكنه تعرّض للتهديد بالقتل من خصومه في ما بعد فوجد نفسه مجبراً على التنازل عن امبراطوريته والرحيل الى اميركا حيث بدأ نشاطه من جديد. وهو يملك الآن عقارات، منها دارة في أنتيغا يزورها من حين لآخر لمتابعة اوضاع البنك الذي أسسه هناك، وعمارة كبيرة في أسبن قرب مقر رئاسة المافيا اليهودية في دينفر، وفي منطقة ووترغيت في واشنطن لكنه يواجه الآن خطر طرده من الولايات المتحدة.
ويزعم بعضهم ان عمليات غسيل بلايين "المافيا الحمراء" تمت في معظمها من خلال مصرف في نيويورك، وينسب فريدمان الى مصادر في مكتب التحقيقات الفيديرالي قولها ان قيمة الاموال التي تغسل كل سنة تزيد على 1.5 تريليون دولار بما يعادل خمسة في المئة من مجمل الانتاج الوطني في العالم أجمع.
ويضيف المؤلف ان سيرجي ... كان يدير عمليات "المافيا الحمراء" في سويسرا. وعلى رغم اعتقاله ومحاكمته بتهم عدة امام المحاكم السويسرية فإنها قضت ببراءته. واثر ذلك عاد الى موسكو.
ويورد فريدمان ان جريدة تصدر في نيويورك بالروسية تحرص على تمجّيد "إجرام اليهود الروس". وقد حصل صاحب الجريدة اخيراً على جائزة الجمعيات الخيرية اليهودية في نيويورك تقديراً ل"تبرعاته الخيرية". ويستخدم الاخوان أليك وبين زيلبر ناديهما الليلي المعروف باسم "راسبوتين" في نيويورك لجمع التبرعات لحاكم المدينة ماريو كومو. وفي 1993 ظهر غريغوري لوتشانسكي الذي سبق ان قضى احكاماً بالسجن في وطنه الاصلي لاتفيا، في عشاء أُقيم لجمع التبرعات لحملة الرئيس بيل كلينتون الانتخابية آنذاك. وقد ظهر كلينتون وهو يحيطه بذراعه في الصور التي التُقطت في تلك الحفلة.
اما شريك اعماله فاديم رابينوفيتش الذي قضى ثماني سنوات في السجن في وطنه الاصلي اوكرانيا بعد ادانته باختلاس اموال الدولة فقد حضر احتفالات اخرى ظهر فيها بين كلينتون ونائبه آل غور في الصور التي نشرتها الصحف. وبالمثال جمع سايمون كيسلين تبرعات سخية لحملة انتخاب رئيس بلدية نيويورك الجمهوري رودولف جولياني.
ومن الطبيعي ان تساهم المافيا اليهودية بسخاء في جمع الاموال للساسة الاسرائيليين ايضاً. ويقول فريدمان: "ذكرت الصحف الاسرائيلية ان بنيامين نتانياهو تلقى 1.5 مليون دولار مساهمة في حملته الانتخابية من لوتشانسكي الذي تبرع ايضاً بمبالغ سخية لحملة ناتان شارانسكي زعيم حزب اليهود الروس".
وينقل فريدمان عن جنرال في الشرطة الاسرائيلية قوله ان المافيا اليهودية الروسية "تشكّل خطراً استراتيجياً على وجود اسرائيل، لأن بمستطاعها ان تسيطر على الحكم في البلاد"، كما يقتبس فريدمان عن مودي قوله: "ان المافيا اليهودية اخطر على اسرائيل من العالم العربي برمته"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.