أصدر سميح القاسم بياناً "حول موضوع تدريس الشعر الفلسطيني للطلاب اليهود في اسرائيل"، ننشر منه في ما يلي بعض المقتطفات : في اعقاب الفوضى الاعلامية التي اتخذت شكل النكتة احياناً، صدرت ايضاحات السيد يوسي سريد وزير المعارف بأنه اقترح تدريس اشعاري وأقرت اللجنة المختصة هذا الاقتراح منذ البداية، الا ان سبباً مجهولاً حال دون وصول الاسم الى وسائل الاعلام! وأود مكاشفة الجميع بما يلي: - أشعاري تُدرَّس في مؤسسات اكاديمية ومدارس كثيرة في العالم من سيول حتى واشنطن، مروراً بمدارس ومعاهد وجامعات عربية طبعاً واخرى اسرائيلية. ومنذ اعوام وانا أُدعى للمشاركة مع الطلاب والمدرّسين في متابعة الترجمات والكتابات التحليلية لعدد كبير من قصائدي. واذا تحول الامر الى اجراء رسمي منهجي فإنه يصبح اكثر فائدة واستمرارية من دون شك، ويشكّل خطوة هامة على طريق الحوار الحضاري بين الشعبين. - لا يجوز لمؤسسة تعتبر نفسها جادة ان تعتمد احكاماً من المفترض انها ادبية لكنها صادرة في الواقع عن حثالات، يختلط فيها العميل بالحشاش بالمعقد المشحون بالضغائن على مبدعين مكرّسين يذكّره ابداعهم بنقصه وضآلته. - من حق اية مؤسسة ان تتعامل مع شاعر بعينه دون سواه، ولاعتبارات خاصة بها، لكن لا يمكن ان تتحقق فكرة سليمة ووافية عن الشعر الفلسطيني بغياب اسماء مثل راشد حسين وتوفيق زياد ومعين بسيسو ونزيه خير وفدوى طوقان وسلمى الخضراء الجيوسي وسواهم من كبار الشعراء الفلسطينيين. - في الادب الفلسطيني ابداعات نثرية لا يجوز تجاهلها مثل اعمال الشهيد غسان كنفاني وسحر خليفه ويحيى يخلف وليانه بدر ومحمد علي طه ومحمد نفاع وزكي درويش ونبيه القاسم وزملائهم من كتّاب النثر الكبار. - أرفض حالة التهافت المزرية التي ظهرت بعد اعلان الوزير يوسي سريد، والاندلاق في المطالبة بإدخال اسم هذا الشاعر او ذاك كأنما هو شاعر قبيلة لا شاعر شعب!! - أتفق مرة اخرى مع تحذير الكاتب سهيل كيوان من عمليات الاستدراج والاغراء والتدجين والعمل على تحويل مبدع فلسطيني الى "بوق مناوب" كما حدث في السابق. - آن الآوان لكي تضع مؤسسة فلسطينية معتمدة ومؤهلة كراساً ملخصاً عن الادب العربي الفلسطيني، وتعنى بترجمته الى اللغات الاخرى وتعميمه عالمياً. - أرفض التعامل مع هذا الموضوع من منطلقات ذاتية فردية فلا قيمة ولا كرامة في "انجازات" شخصية تتم على حساب قضايانا الثقافية والسياسية العامة الملتهبة. وعلينا ان نكون مستعدين دائماً لاعادة النظر ومراقبة انفسنا فكراً وممارسة ثلاث مرات يومياً، ويستحسن ان يتم ذلك بعد الأكل ! - من الطبيعي ان تمتدّ يد اليمين الفاشي الاسرائيلي الى مسدسه كلما سمع كلمة ثقافة، فكيف يردّ بغير رده الهستيري العنصري الراهن ما دام الموضوع لا يقتصر على كلمة "ثقافة"، بل يتعداها الى الفلسطينية؟ وعليه فإنني ادعو جميع الادباء والشعراء والفنانين والناس المتنوّرين، العرب واليهود، الى التصدي لحملة الليكود وحلفائه ضد الادب الفلسطيني وضد العائد الى وطنه اخي الشاعر محمود درويش على "خطيئة" دعوته المستوطنين الى حمل عنصريتهم الدموية والانصراف من الارض المحتلة. وعلى اليمين الاسرائيلي وجميع الاسرائيليين عدم اعتبار تدريس الشعر الفلسطيني لأبنائهم منّة وحسنة ومعروفاً، فان تثقيف ابنائهم بالأدب الانساني الراقي هو في صالحهم ولا سيما في مواجهة عملية غسل الدماغ التي يتعرض لها شعبهم بلا انقطاع وبلا هوادة. عابرون في كلام عابر - 1 - أيها المارّون بين الكلمات العابره احملوا أسماءكم، وانصرفوا واسحبوا ساعاتكم من وقتنا، وانصرفوا واسرقوا ما شئتمُ من زرقة البحر ورمل الذاكره وخذوا ما شئتم من صور، كي تعرفوا انكم لن تعرفوا كيف يبني حجر من ارضنا سقف السماء - 2 - أيها المارّون بين الكلمات العابره منكمُ السيف - ومنّا دمنا منكمُ الفولاذ والنار - ومنّا لحمنا منكمُ دبابة اخرى - ومنّا حجرُ منكمُ قنبلة الغاز - ومنّا المطرُ وعلينا ما عليكمْ من سماء وهواءْ فخذوا حصّتكم من دمنا وانصرفوا وادخلوا حفل عشاء راقص.. وانصرفوا وعلينا، نحن، ان نحرس ورد الشهداء.. وعلينا، نحن، ان نحيا كما نحن نشاء! - 3 - أيها المارّون بين الكلمات العابره كالغبار المُرّ، مرّوا أينما شئتم ولكن لا تمرّوا بيننا كالحشرات الطائرة خلنا في ارضنا ما نعملُ ولنا قمح نُربّيه ونسقيه ندى أجسادنا ولنا ما ليس يرضيكم هنا: حجر.. او خجلُ فخذوا الماضي، اذا شئتم، الى سوق التُحف وأعيدوا الهيكل العظمي للهدهدِ، إن شئتم، على صحن خزف. فلنا ما ليس يُرضيكم: لنا المستقبلُ ولنا في أرضنا ما نعملُ - 4 - أيها المارّون بين الكلمات العابره كدّسوا أوهامكم في حفرة مهجورة، وانصرفوا وأعيدوا عقرب الوقت الى شرعية العِجْل المُقدّسْ أو الى توقيت موسيقى مُسدس! فلنا ما ليس يرضيكم هنا، فانصرفوا ولنا ما ليس فيكم: وطن ينزف شعباً ينزف وطناً يصلح للنسيان او للذاكره.. أيها المارّون بين الكلمات العابره، آن أن تنصرفوا وتقيموا أينما شئتم ولكن لا تقيموا بيننا آن أن تنصرفوا ولتموتوا أينما شئتم، ولكن لا تموتوا بيننا فلنا في ارضنا ما نعملُ ولنا الماضي هنا ولنا صوتُ الحياة الاولُ ولنا الحاضرُ، والحاضرُ، والمستقبلُ ولنا الدنيا هنا… والآخره فاخرجوا من أرضنا من برّنا.. من بحرنا من قَمحنا.. من ملحنا.. من جُرحنا من كل شيء، واخرجوا من ذكرياتِ الذاكره أيها المارّون بين الكلمات العابره!.. القصيدةالتي أثارت زوبعة في الكنيست الاسرائيلي قبل سنوات