طالعنا في أحد أعدادكم الأخيرة تحقيقاً غنياً عن الشعر النبطي في الخليج، وقد طرحتم القضية مع شعراء ونقاد بارزين، واضعين النقاش تحت راية "الشعر الشعبي" ... وأنا أريد هنا أن اقول لكم ولقرائكم، ولمحبي الشعر السعودي ان المسألة تتجاوز حدود المملكة السعودية والخليج، لتشمل كل الشعر العربي المعاصر. إذ يخطئ من يصوّر لنا صراعاً بين الجيل القديم المعروف بأذواقه المحافظة المدافع عن الشعر الشعبي، والجيل الجديد الداعي الى التحديث والرافض لكل ما هو تقليدي او شعبي. أنا قارئة شعر نهمة، مع العلم أن مجال تخصصي وعملي هو عالم المال والأعمال وشركات التأمين والبروصة. وباستطاعتي أن أؤكد أن الشعر هو الشعر، أياً كان قالبه، وأياً كانت توجهاته. أنا كلبنانية أقرأ ميشال طراد، وأقرأ طلال حيدر بل وإيليا أبو شديد وعصام عبدالله... وقرأت ايام الدراسة الجامعية شعر سعيد عقل العامي، ناهيك بشعر موريس معلوف. وفي مرحلة الوعي السياسي القومي واليساري، رحت أردد أشعار أحمد فؤاد نجم وزين العابدين فؤاد وسمير عبد الباقي... وإذا بأصدقائي المقربين يدسون ذات يوم في يدي، كتاباً لشاعر مصري كبير - لبناني الأصول! - هو فؤاد حداد... ثم اكتشفت شعر صلاح جاهين بفضل المغني علي الحجار... وبإمكاني ان استمر في سرد الاسماء... فهل أنا "رجعية"، "تقليدية" أو "محافظة"؟ أقول فقط ان شعرائي المفضلين هم عباس بيضون وسركون بولص وأمل دنقل. وللقارئ ان يحكم، وان يصنفني على هواه. إن الشعر الشعبي جزء من وجدان الناس، فإذا كتب له شعراء كبار مثل ميشال طراد والأبنودي، أنجب قصائد خالدة. المسألة هي في المخيلة والابداع... والجمال لا يختلف حوله اثنان. كما ان شعراء مثل طلال حيدر دفع بالقصيدة العامية الى منزلة ليست ببعيدة عن الفصاحة. فهل نعي ذلك حين نتهم "الشعر النبطي"؟ طبعاً "زغلول الدامور" وخليل روكز شيء، وميشال طراد شيء آخر. فقط يحق للانسان أن يختار، والفن ذوق ومزاج أولاً وأخيراً. لذلك أشعر بانقباض حين يحاول بعضهم ممارسة ارهاب فكري علينا، دفاعاً عن "اللغة الفصحى"! يا سادة، افهموا ان لغتنا صرح حضاري يتطور مع الحياة، وقوة حية تتنفس الحضارات، ولن تموت إلا بموت الشعوب العربية، ونحن حتى اليوم أحياء والحمدلله. وشكراً لكم على طرح قضايا الشعر الشعبي في السعودية وغيرها. رنا ناصر بيروت - لبنان