للمرة الثانية خلال أسابيع قليلة أعربت جهات عليا في تونس عن "ترحيب تونسي بسعي مصر للانضمام الى الاتحاد المغاربي" الذي يضم المغرب والجزائروتونس وموريتانيا وليبيا منذ تأسيسه في سنة 1989. وإذا حصل هذا الانضمام فإن متغيرات كثيرة ستحصل، منها ان الاتحاد سيضم في صفوفه كل الدول العربية في افريقيا المطلة على البحر الأبيض المتوسط، وايضاً سيسمح برفع عدد سكان المنطقة المغاربية الحالي من حوالي 80 مليوناً الى ما لا يقل عن 140 مليوناً ويخلق توازناً جديداً باعتبار احتمال الانضمام المصري الذي يلحق الدولة العربية الأكبر بالاتحاد المغاربي. غير ان هذا الانضمام لن يكون فعلياً الا بعد اقراره من قمة مغاربية تتأجل مرة بعد اخرى ولم تنعقد منذ سنة 1994 في تونس فيما ميثاق الاتحاد ينص على عقدها مرة كل سنة. وكانت هناك مؤشرات الى احتمالات كبيرة بعقد القمة المغاربية قبل حلول شهر رمضان في الجزائر، غير ان شيئاً من ذلك لم يحصل بسبب الخلافات بين اثنين من اعضاء الاتحاد هما المغرب والجزائر. ويدور حديث مكثف في هذه الفترة عن احتمال عقد اجتماع لوزراء خارجية الدول المغاربية في تونس قبل نهاية الشهر المقبل، يجري خلاله التحضير للقمة المأمولة. وسيكون في مقدم جدول اعمال القمة المتوقعة عرض الترشيح المصري لعضوية الاتحاد واحتمال قبوله بالصورة التي تسمح للقاهرة بالالتحاق بهياكل التنظيم المغاربي. وكانت مصر قد التحقت بداية وفي وقت متزامن مع قيام الاتحاد المغاربي في شباط فبراير 1989 بتنظيم اقليمي آخر هو الاتحاد العربي الذي ضم آنذاك مصر والعراق والأردن واليمن. غير ان هذا التنظيم تكسر على حجرة الغزو العراقي للكويت سنة 1990 وانفرط عقده منذ ذلك الحين. ومنذ سنة 1994 تسعى مصر للانضمام للاتحاد المغاربي، غير ان أي قمة مغاربية لم تنعقد منذ ذلك الحين، بحيث لم يتم البت في الترشيح المصري الذي باتت دول الاتحاد الخمس ترحب به اليوم بعدما كانت تساؤلات عدة أثيرت في الماضي حول ما إذا كانت مصر تعتبر جغرافياً جزءاً من المنطقة المغاربية أم لا، كما أثيرت تساؤلات كثيرة حول ما اذا كان انضمام مصر سيشكل عنصر توازن أو عنصر اختلال في الاتحاد المغاربي، نظراً الى وزنها ليس فقط الديموغرافي بل ايضاً السياسي والاستراتيجي. إلا انه شيئاً فشيئاً حصل اتجاه بين البلدان المغاربية بضرورة درس الأمر "والترحيب بالمسعى" المصري وترك الأمر لقرار القادة المغاربيين الذين يعطيهم الميثاق حق قبول أو عدم قبول أطراف تعبر عن رغبتها في الانضمام الى الاتحاد. وتعتقد جهات عدة ان وزن مصر الديموغرافي وغير الديموغرافي الذي من شأنه ان يبلغ تقريباً وزن الدول الخمس الأخرى مجتمعة، من شأنه ان يكون عنصر اختلال في صلب الاتحاد، بينما ترى جهات اخرى ان ثقل مصر من شأنه ان يعطي الاتحاد قوة ووزناً اضافيين ويدخل عامل توازن واستقرار داخل الاتحاد ويعود به الى نشاط عادي. وتعتبر علاقات مصر جيدة مع الأطراف المغاربية الخمسة وبلغ الأمر بينها وبين تونس مثلاً الى اعتماد منطقة للتبادل الحر بينهما، وكانت الفترة الأخيرة في بداية تشرين الثاني نوفمبر الماضي قد شهدت قيام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي بزيارة رسمية الى مصر انتهت الى نتائج اعتبرت مثالية في العلاقات بين دولتين عربيتين، وأفرزت اتفاقاً في المواقف ازاء مختلف القضايا التي تشغل المنطقة. وإذا حصل وانعقدت القمة المغاربية في وقت قريب فإن انضمام مصر للاتحاد المغاربي سيتم في الغالب في وقت قريب، حيث لا توجد اي دولة من الدول الخمس تعارض هذه الخطوة وان كان الاتفاق كاملاً على ضرورة اتباع الخطوات الشكلية والجوهرية التي تتعلق بهذا الانضمام، وهو ما يوجب عدداً من المسائل التي يجب على القاهرة ان تستجيب لها لتحويل هذا الانضمام الى أرض الواقع. وإذا حصل وانضمت مصر للاتحاد فإن ذلك يعني انها أول دولة تنخرط فيه منذ تأسيسه قبل حوالي 12 سنة، علماً ان الميثاق يفتح الباب أمام احتمال انضمام دول عربية أو افريقية. وفي هذه الحالة يطرح السؤال: هل ستكون مصر هي آخر دولة عربية افريقية ترشح نفسها لهذه العضوية، أم ان هناك دولة أو دولاً اخرى من العالم العربي ومن افريقيا ستقدم على مثل هذه الخطوة التي يتحمس لها الجانب الليبي بصورة خاصة؟