سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أكثر المخرجين العرب اثارة للجدل يفتح خزانة ذكرياته . يوسف شاهين ل "الوسط": كان عبدالناصر يسميني "ابن المجنونة" قال لي مسؤول كبير "لا تفكر على كيفك" فوجهت اليه شتيمة قبيحة 1من 2
في هذا العام، تكون خمسون سنة قد مضت منذ حقق يوسف شاهين فيلمه الاول "بابا امين". شاهين اليوم في الثالثة والسبعين، ومع هذا يبدو اكثر شباباً من شبان السينما العربية مجتمعين. فيلمه قبل الاخير "المصير" حقق له جائزة خمسينية مهرجان "كان" في العام 1997، وهي ارفع جائزة ينالها سينمائي عربي. وفيلمه "الآخر" عرض بنجاح في شتى انحاء العالم. اليوم يستعد شاهين للبدء بفيلم جديد له عن مشكلة الفقر، ويحب ان يراقب بسرور تلاميذه وأبناء تياره، من يسري نصرالله الى اسماء البكري ومن خالد الحجر إلى عاطف حتاتة، ومن رضوان الكاشف الى خالد يوسف، وهم يحققون نجاحاتهم، مؤكدين ان جهود "الفتى المشاكس" للسينما العربية لم تذهب هدراً. لقد كادت إهانة واحدة من مشاهد غاضب ان تحرمنا من اهم مخرج مصري وعربي، الاهانة تلقاها يوسف شاهين قبل أكثر من 41 عاماً بعد عرض فيلمه "باب الحديد" أمام جمهور شارع عماد الدين. كانت صدمة مروعة لمخرج شاب كان بدأ مشواره قبل 6 سنوات فقط، معتبراً ان إخراجه وتمثيله للفيلم سيكون افضل ما حدث في حياته. يومها اصابه الاحباط قليلاً، لكنه سرعان ما اعتاد ذلك وراح يتلقى ازاء كل فيلم رد فعل اعنف: عشرات الاتهامات والهجمات والتلميحات لاحقته طيلة حياته، ومع هذا ما زال نهره يجري متدفقاً بروح شابة لم تصبها تجاعيد السنين. هذه الايام وبعد ان عرض يوسف شاهين فيلمه "الآخر" في القاهرة ها هو يستعد لكتابة فيلمه الجديد والتحضير له، ورغم انشغاله انتزعنا منه ساعات عدة وتأملنا معه مشواره السينمائي الطويل والعريض والعميق - في آن - فتح لنا خزانة أسراره وتحدث بطلاقة مستخدماً اسلوبه الخاص الذي ينتقل من الماضي الى الواقع الى المستقبل في جمل لاهثة شاهينية في تعبيراتها ومدلولاتها، خصوصاً في العبارات التي يصر على قولها ونشرها بالعامية المصرية. هنا حلقة اولى من اثنين. هل لا زلت تذكر حتى الآن الاهانة التي تلقيتها من مشاهد غاضب لم يعجبه فيلمك "باب الحديد" قبل حوالي 14 سنة؟ - طبعاً، كانت صعبة جداً. بشكل عام أتعبتني ردود الفعل، يومها قالوا عني اني معقد ومتشائم وأسيء الى مصر. أنا أكره الفشل واكره انصراف الجمهور عن افلامي، اضطررت بعد اصرار المنتج الى تغيير بعض اللقطات واضافة لقطات قريبة الى عيون قناوي شخصية بطل الفيلم التي جسدها شاهين نفسه المنتج رأى انها ستساعد على تفسير بعض الاحداث، والحقيقة انها لم تحدث شيئاً، وأدى تنازلي الى تشويه بسيط في الاسلوب، أنا لا أحب أن أقول إن الجمهور كان متخلفاً وقتها، لا... كانت هناك أسباب كثيرة وظروف كثيرة. أحزنني كثيراً في ذلك الحين ما حدث لي في مهرجان برلين عندما كنت مرشحاً للحصول على جائزة، يومها لم يكن أحد يحصل على جائزة دولية. حتى الآن لا يزال حصول العرب على الجوائز صعباً جداً، من هنا كانت أهمية فيلمي "المصير" وجائزته، إنك بمثل هذا الفيلم تجعلهم يعترفون انهم اخذوا الكثير من العرب، خصوصاً من ناحية التنوير الذي اخذوه من ابن رشد وغيره من المثقفين العرب، هذا صعب جداً عليهم، "مش قادرين يبلعوها"، خصوصاً بعد 50 سنة من انتهاء الكولونيالية. الآن عندما ارى توني بلير يظهر في التلفزيون ليتحدث بعجرفة عن انه سيؤدب شعب العراق، اقول: ايه ده؟ الكلام ده كان ممكناً ان تقوله زمان... النهار ده شكلك غريب... ثلاثة ارباع شعبك بدأ يعرف حقيقة هذا الكلام. بعد "المصير" جعلوا السنة الدراسية في جامعات كثيرة تتضمن دراسة ابن رشد، قالوا: ما دام هناك واحد قال إنه اثر علينا، يبقى لازم نعرفه كويس، يعني ان الفيلم ساعدهم على الفهم. أعود ثانية الى رد الفعل العنيف الذي تلقيته بعد فيلمك "باب الحديد" والذي كان من الممكن ان يدمرك كمخرج، وتصبح مثل غيرك من المخرجين الذين اختفوا بعد اول او ثاني عمل، والاسماء هنا كثيرة، ما الذي حملك على الصبر؟ - طبعاً، كان من الممكن ان ادمر، والذي انقذني من هذا المصير، بعد "باب الحديد" هو المصادفة الحلوة، حيث قمت بإخراج فيلم "جميلة بوحريد"، ولهذا السبب أهديت فيلمي "الآخر" الى عزالدين ذو الفقار، لأنه عندما اختلف مع المنتجة ماجدة، وكان من المفروض ان يقوم هو بإخراج "جميلة"، رشحني وقال لي "إنت هتعمل هذا الفيلم ومش اي حد غيرك"، وبعدها بسنوات عملها مرة ثانية، عندما مرض ولم يتمكن من اخراج فيلم "الناصر صلاح الدين" وكان اخوه يريد اخراج الفيلم إضافة إلى عشرة مخرجين آخرين عرضوا على المنتجة آسيا أن يخرجوا الفيلم، لكن عز الدين قال لها "ده اللي هيخرجه ودي وصيتي قبل ما اموت، وإذا لم يصنعه يوسف شاهين هازعل منك". في تلك الاوقات الصعبة ألم تفكر في ممارسة مهنة اخرى؟ - لا يمكن، حين كان عمري 7 سنوات كنت احب هذه المهنة وأعرف إنني مخلوق لها، لذلك تجدني مهما هبطت فيها أصعد ثانية. في فترات الازمة او الوقوع، ما الذي كنت تفعله؟ - كنت أكتب، واتشاجر، احاول ان اتغلب على ازماتي، مثلما تغلبت على ازمتي في فيلم مبكر لي وحلم جميل هو فيلم "المهرج الكبير" الذي كان سيمثله نجيب الريحاني، وفجأة مات، فلجأت الى ممثل آخر كويس، ولكن ليس على مستوى الريحاني يقصد يوسف وهبي. الذي اعطاني بعض العزاء بعد "باب الحديد" هو ادراكي اني مثلت بشكل جيد جداً في الفيلم. صحيح لم اكن فيه الفتى الاول، لكني كنت كويس. قبل "باب الحديد" كنت اعيش دور البطل من خلال آخرين، لكني كنت احس بالاحباط بعد انتهاء كل فيلم لأن الممثلين لم يعطوني ما كنت اريده، لذلك عندما جاءت فرصة "باب الحديد" اخذتها، وبدلاً من ان ترفعني الى السماء ضُربت على دماغي بعنف. واخذت افكر في ما فعلته، واين الخطأ فيه، أنا لست مغروراً لأقول إن كل ما فعلته صحيح، لكني أحب دائماً أن أتأكد من صحة النقد الموجه اليّ، وما هي الدوافع التي تحدو بالناس إلى تدمير فنان ما، هل ذلك لوجه الله ام لأغراض وعقد شخصية؟ ننتقل الى نقطة مهمة أخرى، هي علاقة الفنان بالسلطات في مسيرة يوسف شاهين، خصوصاً انك عاصرت ثلاثة عهود مختلفة، نبدأ بعبدالناصر، كيف كان موقفك منه، وكيف تطور؟ - أنا ناصري، ولا زلت ناصرياً، لكن اقول لك أمراً مهماً: لو عاش عبدالناصر حتى الآن لكان أصبح تفكيره مثلي، كان اصبح ليبرالياً اكثر، وكان فهم ان الديموقراطية لا بد منها، وان رأي الآخر في منتهى الاهمية، وانه لا يصح أبداً ان تنفرد بالقرار، فالحاكم لا بد ان يتخذ 70 ألف قرار في اليوم، ولذلك هناك وزراء ومجلس شعب. انك لو اصررت على اتخاذ القرارات كلها لوحدك ستتحول الى ديكتاتور وتقتل في المواطن الطاقة الابداعية. لو اعطيتني حريتي سأفكر في أشياء غريبة جداً. طبعاً أنا يحزنني اننا نحن العرب لم نأخذ الكومبيوتر لنفككه حتى نرى كيف نصنع مثله. في اليابان وكوريا عملوا كده، إننا بالكاد نستهلك الأشياء. فلماذا لا نبدعها؟ سخرنا منهم عندما صنعوه، على رغم ان ذلك كان من أوائل الاشياء التي جعلتهم يثرون ويقومون بأبحاث لصناعة أشياء أخرى، ما الذي نخترعه نحن؟ السجاد!! المسؤولون عندنا في مصر يفتتحون مصانع سجاد بصورة شبه يومية، لكن هناك اشياء أخرى. هل احببت عبدالناصر لأنك كنت فقيراً؟ - طبعاً، لأن طريقه كان طريق الولد البسيط نفسه، حتى في السينما انت تحب البطل الفقير البسيط العنيد الجريء، المصمم على النجاح وتبكي معه. طريق عبدالناصر كان مثل طريق أي انسان بسيط وهذا جعلنا نحبه، هناك حكاية اتذكرها منذ طفولتي عندما كنا نستحم في بحر الاسكندرية ونحن صغار. وفي آب أغسطس، أثناء موسم الفيضان كنا نقول "ياه.. البحر يتسخ.. النيل بيوسخ البحر". والدي كان من القلائل الذين يقولون "مش حرام الميه الحلوة دي تروح في البحر"، لم يتحدث، بالطبع، عن السد، لكنه كان، كمواطن، يفكر في طريقة لعدم اهدار ثروتنا من الماء. والدي كان رجلاً شفافاً جداً وطيباً ويحب الآخرين عندما يأتي زعيم وطني ليقيم هذا السد ليحمي ثروة بلده، ترفض اميركا ذلك بأسلوب يفتقر الى اللياقة، وتعرف أنت كمواطن ان هذه الدولة يمكن ان تكون ضدك، إما من جهلها لأنها لا تعرف من أنت، او لأنها تريد مساعدة اسرائيل "ببجاحة شديدة". في لحظة المواجهة هذه بدأت أنا كمواطن اعرف ان الحكومات لايقوم عليها اناس شفافون وطيبون، وتعلمت أنني يمكن ان احب في اميركا كمّاً مهولاً من الناس والعباقرة، لكني اكره رئيس الدولة الذي يقول "انني اعمل لمصلحة بلدي" هذه جملة غير متكاملة، مصلحتك على حساب من؟ ولو على حساب الآخر... لا، عندما يكون الآخر هو افريقيا التي ظللتم تنهبونها لسنوات وسنوات "وتبهدلونها" لا تقل لي ساعتها مصلحتك فقط، قس هذا على اخيك عندما يقول لك أنا سأعمل ما يحقق مصلحتي بس، هل سيرضيك ذلك؟ نعود الى شاهين الشاب العائد من بعثة دراسية في اميركا بلد الليبرالية، إلى مصر عبدالناصر الذي قمع الاحزاب وانشأ نظام حكم الفرد، هل كنت حذراً مما حولك أم متحمساً؟ - كنت متحمسا جداً، لكني كنت أيضاً الفنان الوحيد الذي ترك مصر باختياره، نفيت نفسي بنفسي، "ما حدش رماني بره"، وكنت في قمة نجاحي، عملت "صلاح الدين" وعبدالناصر نفسه اعطاني وسام الدولة، يقصد جائزة الدولة. وكان عمري وقتها 33 سنة وكانت تلك هي المناسبة التي صنعت لقاءنا الوحيد وجهاً لوجه، لكنه كان يسأل عني دائماً. بماذا شعرت عندما قابلته؟ - يضحك لم اتمكن من النظر إلى عينيه. هل كانت لديك اسئلة اردت ان توجهها إليه وقتها؟ - لا.. الاسئلة جاءت بعد التجربة الشخصية من بعض الناس المحيطين به، عندما بدأت اعمل فيلماً عن السد العالي يقصد فيلم "الناس والنيل" قالوا لي "إيه... إنت عايز تفكر على كيفك؟"، قلت لهم "أمال حافكر على كيف مين؟"، هذه المشكلة فتحت لي جوانب كثيرة جداً، كيف يحتج أحد لأنني أريد أن افكر على كيفي؟ هل هو يريد استعبادي؟ من الذي قالها لك؟ - وكيل وزارة الاعلام والثقافة يضحك، وقتها كان الاعلام والثقافة والتليفونات والمجاري والوحدة، كله على بعضه، كان طبعاً في ذلك خطأ بشع، احسست بالصدمة وتركت البلد، وتركت 17 جائزة كان فيلم "صلاح الدين" سيحصل عليها، ولذلك اعطوا الجوائز إلى فيلم اسمه "الأيدي الناعمة" حتى الاستاذ احمد مظهر اعطوه الجائزة عن "الأيدي الناعمة" وليس عن "صلاح الدين"، فيلمي كان سيحصل على 17 جائزة، عرفت هذا من انقى رجل عرفته السينما المصرية، محمد كريم، الله يرحمه، كان رئيس اللجنة واصدروا القرارات، وقبل ساعات من إعلان الجوائز تم تغييرها. ربما زاد من شعورك بالصدمة أنك اخرجت فيلم "فجر يوم جديد" الذي يبشر بقرارات الثورة ضد الاقطاع وقمت بنفسك بتمثيل دور تدين فيه الشخصية العابثة الغافلة عن طموحات وآمال الشعب؟ - طبعاً، وعندما تركت مصر، عبدالناصر نفسه تساءل عن سر هذا، أنا كنت فناناً صغيراً يملك قدراً من الموهبة وعنده وطنية ويحب البلد مثله، انا كنت احب بلدي مثل عبدالناصر تماماً، لكن عندما احس ان الفساد دخل في التفكير، كان لازم اختفي، وهو سألهم "الواد ده راح فين" كان يسميني "ابن المجنونة" يضحك، اعطوه مبررات فارغة وكلاماً هو لم يصدقه، قالوا له "يا شيخ ده سافر علشان بتاع فلوس"، قال لهم "بس ده كويس وعمل لنا صلاح الدين، ساعدوه" قالوا له "ما احنا اديناه 3 أفلام يعملها" قال لهم "يبقى ما سافرش عشان الفلوس" انت تعرف الآراء عندما تأتي من ناس ماسكة مناصب احيانا يتم تصديقها. لكنه لم يصدقها، وقال لهم "ما ليش دعوة.. أنا عايزه يوم 26 تموز يوليو يكون في مصر" وأبلغني بهذا الطلب لطفي الخولي، الله يرحمه، ولم أكن مصدقاً ان عبدالناصر سأل عليّ، واخذت الطائرة لارجع بكامل ارادتي وباختياري الكامل، اتذكر ان وزير الاعلام محمد عبدالقادر حاتم زار اسبانيا وكنت هناك، وكانوا عاملين له موكب، وانا كنت في استقباله لاني كنت احبه جداً، المهم عزفوا النشيد الوطني، وهو عندما رآني ترك الموكب كله وجاء نحوي واحتضنني، وقال لي "بقى تعمل فيّ كده؟.. لازم يوم 26 تموز ترجع مصر" يضحك، أنا قلت لنفسي عندما ارجع، سأجد إما البوليس الحربي في انتظاري او وزير الاعلام، لكني قررت ورجعت، ثم وجدت نفسي من جديد اتجه إلى بيروت حيث عملت لفترة. وكيف كانت أحوالك عندما سافرت الى بيروت؟ - في بيروت قابلوني بترحاب شديد، بعد 3 اسابيع تمكنت من شراء سيارة من العربون بس يضحك لكني لم اكن مبسوطاً، اقول لك الصراحة، أنا ما اعرفش اشتغل غير من دماغي بس، لو اعطوني مليون جنيه، او عشرين مليون جنيه، عشان اعمل اللي هم عايزينه ما اقدرش، الذي يريد شراء افلامي وعرضها في التلفزيون ويعطيني سلفة توزيع لكي اصنع الفيلم، مثلما يفعلون معي في فرنسا، أنا موافق، لكن انا لي الحق الكامل في افلامي، ستعطيني التمويل وهناك احتمال الا أعطيك السيناريو إذا طلبته، إذا وافقت اهلا وسهلا وإذا لم توافق انت حر، هذه طريقتي، ولذلك اعجب من الذين يتحدثون عن ضغوط تمارس عليّ عند اعطائي التمويل، هذا كلام فارغ. لقد خرج يوسف شاهين من مصر لكي لا يسلبه أحد حريته التي يعتبرها مقترنة بقدرته على الإبداع والوجود، لكنه في بيروت وأمام إغراءات المنتجين وتدفق الدولارات اكتشف أن الوضع لم يكن أفضل وأنه سيفقد حريته أيضاً، ولم يستسلم لإغراءات المادة، وقرر العودة الى مصر بعد أول نداء تلقاه من الرئيس جمال عبدالناصر. بماذا شعرت وأنت تقيم في بيروت بعيداً عن مصر؟ - اللبنانيون عاملوني كأكرم الناس وأطيب ناس في الدنيا، لكني لا أعرفهم مثلما أعرف أهل بلدي، أنا صعلوك وبتاع شوارع، وصعلكتي لا أجدها سوى في مصر، خصوصاً ان لي رأياً هو أن طبيعة الناس في البلد الجبلية مختلفة عن طبيعة الناس في البلد المنبسطة والتي يكون ناسها أبسط، يضحك مش لأن البوليس بتاعها شاطر، وإنما لأن الناس "هتروح فين" من البوليس؟ في تلك الفترة أخرجت فيلم "رمال من ذهب" الذي يعتبره كثيرون واحداً من أسوأ أفلامك؟ - أنا لا أحب هذا الفيلم، ولكن كانت وراء تحقيقه ظروف. هل المادة هي التي دفعتك الى صنعه؟ - لا، أنا عملت أفلاماً تجارية عدة، منها أفلام لفريد الأطرش، وأنا عندما أصمم على صنع فيلم احققه بحب له مهما كانت الظروف. يعني انك لم تحقق أبداً فيلماً لم تحبه؟ - لا، عملت فيلمين لم أحبهما، لم أكن مقتنعاً بهما، هما "بين إيديك"، و"رجل الى الأبد" في ما أذكر، كان ذلك في الفترة التي أعقبت فشل "باب الحديد"، وشعوري بالحيرة حتى انني كنت دائماً اسأل نفسي: هل انني حقاً كنت على خطأ؟ لماذا أخفقت في صنع "رمال من ذهب"؟ - والله لو شاهدته اليوم ستجد أنه ليس سيئاً الى هذا الحد، عموماً السبب في الحقيقة يرجع الى أن الذين أنتجوه لم يكن في نيتهم صنع فيلم، بل كان في نيتهم الحصول على فلوس من الممول بقدر الإمكان. هل أحببت تجربتك مع الرحابنة وفيروز؟ - أكيد. ولماذا حدثت خلافات بينك وبينهم اثناء تصوير "بياع الخواتم"؟ - كان ذلك بسبب التدخل الزائد في عملي كمخرج، أنا آثرت السكوت طوال مدة تسجيل الأغاني، وكان عاصي الرحباني عصبياً بعض الشيء، واثناء التصوير وجدته يقول "ستوب"، قلت له: "لماذا تطلب وقف التصوير؟"، قال لي: "لأن فيروز لم تلتزم بكل ما طلبته أنت منها"، قلت له: "نحن ما زلنا في البداية، وبإمكاني أن أقول سلام عليكم، ومش هتخسروا أي حاجة، هاتوا أي حمار يسمع كلامكم، أما أنا فلست خادماً عندكم"، ومشيت، لكنهم ركضوا ورائي ورجعوني بالعافية. هناك تعبير منسوب اليك هو أن "فيروز جوهرة من يملكونها لا يحبون عرضها للناس، بل يحبون أن تظل في أيديهم"؟ - طبعاً كل الأشياء الشخصية تؤثر الى حد ما، لكن أنا لم آخذ ما حصل على أنه مؤامرة، وبالعكس هم ناس جيدون، وعندهم مواهب خطيرة جداً، يفكرون بشكل جيد وألحانهم جميلة، وعملوا تغييراً جذرياً في التفكير اللبناني، لقد اشتركوا في تجميل بلدهم، إذا صح التعبير، وهو ما أريد أن يفعله أي مواطن مصري يحب بلده، انت تقول إنك تحب بلدك لكن عليك ان تبرهن على ذلك بشكل عملي، كما فعل الرحابنة وفيروز