تخلت دول الخليج بشكل كبير عن مخاوفها حيال استخدام بطاقات الدفع، ويتأكد هذا الانطباع من خلال متابعة التطور الكبير في استخدام هذه البطاقات في ثلاث دول خليجية في العام الماضي. وتظهر احصاءات رسمية لشركات اصدار بطاقات الدفع أن اصدار هذه البطاقات البلاستيكية ارتفع بشكل كبير في العام 1998 ليصل مجموعها في السعودية والإماراتوالكويت إلى 527.2 مليون بطاقة، وقيمة المشتريات بواسطتها العام الماضي 5.14 بليون دولار. وقد جاء هذا الارتفاع بشكل أساسي عن إصدار ما يزيد على مليون بطاقة في السعودية. كما ارتفع حجم انفاق حاملي البطاقات في السعودية بنسبة 46 في المئة ليصل إلى حوالي 6 بلايين دولار. وسجل اصدار البطاقات في دولة الإمارات منحى مماثلاً ليرتفع عدد الاصدارات بنسبة 30 في المئة وعدد البطاقات المصدرة العام 1998 إلى 808 آلاف بطاقة، ويبلغ حجم الانفاق بواسطتها 2.3 بليون دولار، فيما بلغ عدد البطاقات في الكويت 719 ألف بطاقة، بارتفاع عن العام 1997 بلغت نسبته 11 في المئة وليبلغ حجم الانفاق فيها 5.5 بليون دولار. ويأتي هذا التطور في استخدام بطاقات الائتمان في الخليج متمشياً مع التطور العالمي في هذا المجال والذي يرتكز أساساً إلى انحسار الخوف من استخدام بطاقات الدفع بدلاً من النقد، والنشاط المكثف للشركات التي تصدر هذه البطاقات في تسويق هذه البطاقات البلاستيكية التي يتوقع ان تحل في الألفية الثالثة محل النقود بشكل كامل وتلغي وجودها. وتبرز احصاءات عالمية في هذا المجال ان حجم الانفاق بواسطة بطاقات "ماستركارد" في منطقة الشرق الأوسط وافريقيا ارتفع العام الماضي بنسبة 22 في المئة. فيما بلغ عدد بطاقات "فيزا" المتداولة حتى نهاية العام الماضي ما يقارب من 800 مليون بطاقة على المستوى العالمي، وبطاقات "ماستركارد" حوالي 600 مليون بطاقة، فيما سجلت "أميركان اكسبرس" نمواً في أرباحها العالمية بنسبة 25 في المئة. وتؤكد تقارير دولية ان منطقة الخليج والشرق الأوسط عموماً كانت من أكثر المناطق في العالم نمواً في استخدام بطاقات الدفع. وقد نتج هذا النمو بشكل أساسي عن حدوث تغير في سلوك المواطنين والمقيمين في دول الخليج لشراء احتياجاتهم بواسطة بطاقات الدفع وذلك بما يتماشى مع السلوكيات والعادات في الدول المتقدمة. وقد أدرك سكان منطقة الخليج ان استخدام البطاقات الائتمانية يتيح لهم العديد من المزايا إلى جانب كونه أمراً مريحاً أكثر من استخدام النقود والشيكات السياحية. وتحظى المشتريات ببطاقات الائتمان بتأمين خاص توفره شركات البطاقات، فيما توفر بعض البطاقات فترة تجربة يمكن خلالها إعادة السلعة المشتراة إلى المحل إذا لم تحز على رضا المشتري. وقد لعبت البنوك دوراً مهماً في تحقيق هذا النمو السريع في استخدام البطاقات الائتمانية، وقامت البنوك الخليجية بتسويق وإصدار هذه البطاقات واحتساب الرسوم وتحديد المزايا الاضافية التي يمكن تقديمها لحاملي البطاقات. وعملت بنوك عدة في دولة الإمارات على رفع مستوى ولاء العملاء من خلال التأكيد لهم بأنهم يحصلون على مزايا ملموسة من خلال بطاقاتهم، حيث قدم أحد البنوك لمستخدمي إحدى البطاقات الائتمانية نقاطاً تحمل اسمه ويتم تجميعها واستخدامها في ما بعد للحصول على قيمة تذكرة سفر بالطائرة. فيما قدم بنك آخر بالتعاون مع إحدى الخطوط الجوية لمستخدمي إحدى البطاقات الائتمانية العالمية امكانية الحصول على ميل جوي مجاني في مقابل كل خمسة ريالات ينفقها بواسطة البطاقة. وعلى رغم تنوع الخيارات والحملات الترويجية التي تقوم بها البنوك، فما زال هناك تخوف يبديه أبناء دول مجلس التعاون الخليجي حيال استخدام بطاقات الدفع أثناء إجازاتهم وعطلاتهم في الخارج. وقد بين بحث أجرته أخيراً سلسلة فنادق عالمية ان الوجهات الأوروبية مثل لندن وباريس والمانيا، هي الاماكن الأكثر رواجاً لدى أبناء دول مجلس التعاون الخليجي الذين يقضون اجازاتهم وعطلاتهم في الخارج، بحيث تقضي العائلة الخليجية في الفندق فترة شهر أو أكثر خلال الصيف. وتنصح شركات إصدار البطاقات والبنوك الوسيطة أبناء الخليج تجاه ذلك باستخدام بطاقات الائتمان كونها الوسيلة الأكثر ملاءمة للدفع، إذ يجنبهم حمل مبالغ نقدية كبيرة قد تكون عرضة للفقد والسرقة. وتؤكد هذه الشركات ان بطاقات الدفع تتمتع بنظام أمني داخلي مدمج بها يتمثل في الرمز السري لكل بطاقة، وامكانية الغائها حال فقدانها بمجرد مكالمة هاتفية واحدة مع البنك. وتزيد هذه الشركات من الاغراءات والحوافز التي تقدمها لعملائها من خلال عروض خاصة للمسافرين الخليجيين منها استئجار سيارة مثلاً والحجز في الفنادق بخصومات إذا استخدم العميل بطاقة الدفع عند الحجز.