لا تزال حرب البيانات المجهولة الهوية مشتعلة منذ سنوات في حركة "حماس" من دون معرفة مصدرها، وهل هي بالفعل من داخل الحركة ام من ترتيب اشخاص او اجهزة معادية لها؟ وجاء البيان الثالث الذي اصدرته "كوادر في الحركة" اطلقت على نفسها اسم "حركة الاصلاح" ليفتح ملف الوجود الاعلامي العلني للحركة على الاراضي الاردنية، وخصوصاً بعد كشف بعض المعلومات التي تمس الاردن، ويذهب بعض المحللين ويدعمهم في ذلك التيار الاسلامي المتشدد للقول بأن رأس الحركة اصبح مطلوباً في الاردن بعد عودة حزب العمل الى الحكم في اسرائيل الامر الذي انعش الآمال بعودة المسارات التفاوضية الى مواقعها الصحيحة، ولا يستبعد مقربون من الحركة ان يطلب الاردن خفض الوجود او حتى مغادرة القيادة الاراضي الاردنية، ويدلل بعضهم على ذلك بالرسالة التي وجهتها اخيراً منظمات يهودية اميركية الى الرئيس الاميركي تطلب فيها وقف المساعدات عن الاردن ما دامت "حماس" موجودة على اراضيه. وسبق للحكومة الاردنية ان اصدرت تحذيرات للحركة بتقليص ظهورها الاعلامي وقامت الاجهزة الامنية باعتقال حارسين شخصيين يرافقان رئيس المكتب السياسي خالد مشعل بتهمة حمل اسلحة غير مرخصة. ويبدو ان وجود كوادر رسمية للحركة في عمان اصبح يحرج الاردن سياسياً لا سيما ان هؤلاء الكوادر هم اردنيون ويمتلكون كامل حقوق المواطنة، مما أوقع الحكومة الاردنية بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية وبين حق المواطن الذي كفله الدستور في التعبير بالطرق القانونية. من جهتها نفت "حماس" على لسان ناطقها الرسمي المهندس ابراهيم غوشه وجود اي تصدّع داخل الحركة واتهمت "جهات مشبوهة" بتوزيع تلك البيانات، وقال غوشه: "البيانات من توزيع جهات حاقدة تود تهيئة الاجواء لمحاصرة الحركة والتضييق عليها معنوياً بهدف استئصالها…". وكانت البيانات المجهولة قد ادعت وجود "تجاوزات" من قيادة الخارج، خصوصاً باتجاه العلاقة مع جماعة "الاخوان المسلمين" في الاردن، ومن تلك الاتهامات محاولات للقيادة بتشكيل ركائز تنظيمية للحركة داخل "اخوان الاردن" وفي المواقع الحساسة من دون علم "الاخوان" بهدف استقطابهم لمصلحة "حماس"، واتهم البيان قيادة الخارج بالتدخل في انتخابات مجلس "شورى الاخوان" بهدف السيطرة على قيادة "الاخوان". وتحدث البيان الاخير الموجه الى "كل من يهمه الحفاظ على المشروع الجهادي"، عن قيام قيادة الخارج بتزوير وثيقة نسبت الى السلطة الوطنية الفلسطينية بهدف الايقاع بينها وبين الاردن واظهار "حماس" بمظهر المظلوم، والضغط على موقف بعض قيادات الداخل التي تحاول التفاهم مع السلطة الفلسطينية، واشار البيان الى ان جماعة "الاخوان" الاردنية قد انطلى عليها البيان المزوّر غير ان لجنة تحقيق داخلية كشفت التزوير مما صعّد الخلاف بين "حماس" وقيادة "الاخوان". ومهما قيل عن تلك البيانات ومصادرها، فلا يبدو انها ستؤثر على كيمياء "حماس" حيث يستبعد المراقبون حصول الانشقاق لكنهم يتوقعون ان تؤدي هذه المعلومات المُسرّبة الى بدء تفكيك العلاقة العضوية مع "الاخوان المسلمين" في الاردن عبر تقوية مكانة المطالبين "بالانفصال".