تعيش جزر القمر حالة من الفوضى التي ضربت هذا الارخبيل منذ وفاة رئيس الجمهورية المنتخب عبدالكريم تقي العام الماضي، ذلك ان الرئيس الراحل لم يتمكن من السيطرة على التمرد الذي اندلع في جزيرة انجوان ثاني اكبر الجزر القمرية وطالب سكانها بالانفصال عن هذه الجمهورية الاسلامية الصغيرة حوالي 600 ألف نسمة و1862 كلم مربع والالتحاق بفرنسا. وفي حين يصر سكان انجوان على مطلبهم الانفصالي فشلت المحاولات لانهاء التمرد بواسطة القوة العسكرية الشرطة اساساً واصيبت القوات التي انزلت في الجزيرة بهزيمة ساحقة . غير ان هذه الهزيمة لم تتوج بخطوات جدية نحو الانفصال، الا ان الاممالمتحدة رفضت هذه الخطوة في حين لم تتخذ فرنسا اجراءات ملموسة لضم الجزيرة المتمردة الى اراضيها في ما وراء البحار. وتعتقد مصادر قمرية ان باريس ترغب ليس في ضم اهالي انجوان وانما في استخدام نفوذها بين المتمردين من اجل اعادة تركيب السلطة المركزية في موروني بطريقة تتيح الحفاظ على المصالح الاستراتيجية الفرنسية في هذه المنطقة. وتقول مصادر فرنسية ان باريس تلعب ورقة المرشح سعيد علي كمال الذي يتحدر من اسرة ملكية اذ انه نجل احد اهم سلاطين الارخبيل القمري فضلاً عن كونه نائباً سابقاً لرئيس الجمهورية الراحل ووزير في حكومات سابقة واول سفير لبلاده في باريس غداة الاستقلال. ويعتقد السيد كمال، الذي التقته "الوسط" قبل عودته الى موروني ان ما يجري في بلاده منذ وفاة الرئيس تقي غير دستوري لان الدستور ينص على تنظيم انتخابات رئاسية خلال 90 يوماً كحد اقصى وعلى عدم تعيين حكومة جديدة. ولم تحترم السلطات المحلية هذه النصوص اذ اجرى نائب الرئيس تغييراً حكومياً وتجاوز الشروط الدستورية ويمارس الحكم بوصفه رئيساً مُنتخباً. واعتبر كمال انه يملك فرصة جدّية لاصلاح الاوضاع في جزر القمر من خلال مشروع سياسي يحظى بإجماع الاهالي على المصالحة الوطنية والتفاوض مع فرنسا من اجل صيانة مصالحها في المنطقة وتنظيم انتخابات رئاسية ديموقراطية والبحث الجدي في مطالب اهالي نجوان. ويرى كمال الذي يرأس في الوقت نفسه حزب "الشرما" وتعني "الحديد" باللغة القمرية المحلية، ان المهاجرين القمريين في فرنسا حوالي 100 ألف نسمة، وفي الخارج 90 ألف نسمة يجب ان يلعبوا دوراً في تطوير الاوضاع المتردية في بلادهم ويجب ان يمنحوا حق الاقتراع. وقال انه اذا ما رفض اهالي انجوان الاقتراع في الانتخابات الرئاسية التي يُقدّر اجراؤها في الشهر الجاري فان حوالي 60 ألفاً منهم يعيشون في الجزر الاخرى يمكنهم ان يشاركوا في هذه الانتخابات باسم جزيرة انجوان. ويبقى ان تمرد سكان انجوان الذي تمّ بحماية انصار المرتوق بوب دينار، تزامن مع مطالبة السلطات القمرية باستعادة جزيرة مايوت التي تُعتبر جزءاً من جزر القمر والتي اختارت الانضمام الى فرنسا عبر استفتاء شعبي رفضته دولة جزر القمر الامر الذي تسبب ولا يزال بتوتر سياسي بين الطرفين.