جذبت الدراما الدينية في الأعوام العشرة الماضية عدداً كبيراً من المؤلفين والممثلين والمخرجين للعمل فيها، واصبحت تحتل مساحة كبيرة على شاشات التلفزيون خلال شهر رمضان. وفي المقابل بدأ الجمهور يولي هذه الاعمال اهتماماً لم يكن موجوداً من قبل. اذ أصبح اكثر حرصاً على متابعتها رغم أن المسؤولين عن الخريطة الرمضانية يضعونها في أوقات متأخرة من الليل وأحياناً مع مطلع فجر اليوم التالي. وهذه الاعمال تؤكد ان تراثنا الاسلامي يزخر بالكثير من الاحداث والشخصيات المؤثرة التي تصلح لكل زمان ومكان. وقد يرى البعض أن من يتولى التصدي لهذه الاعمال لا يبذل جهداً كبيراً من منطلق أنه لا يقوم سوى بعملية نقل من كتب ومراجع تاريخية معروفة. لكن المهتمين بهذه الاعمال يؤكدون من ناحيتهم ان عدداً كبيراً من هؤلاء المؤلفين، استطاع أن يغلف المواقف والاحداث الدينية بقصص وحكايات شدت انتباه الجمهور وجعلته حريصاً على متابعتها والاستمتاع بها اكثر منها لو جاءت جامدة كما هي. ومعروف ان مثل هذه الاعمال كانت تقدم في قوالب جامدة من حيث المضامين ولغة الحوار الى جانب فقر الانتاج وتكرار وجوه الممثلين نفسها، ولكن الصورة تبدلت حالياً الى درجة كبيرة، وأصبحت ترصد ميزانيات ضخمة بملايين الجنيهات لإنجاز هذه الاعمال بما تحويه من معارك حربية وديكورات وسفر الى دول اجنبية لتصوير المشاهد الخارجية في أماكنها الطبيعية التي دارت فيها الاحداث الحقيقية. واتجه عدد من المخرجين ومنهم من كان يعمل في السينما فقط الى إخراج هذه الاعمال كما اتجه عدد من المؤلفين كان له باع طويلة في الاعمال الاجتماعية الى كتابة الاعمال الدينية من دون غيرها، رغم ما تحتاجه هذه الاعمال من جهد واطلاع وبحث قد يستغرق اعواماً في بعض الاحيان. كذلك وجد عدد من كبار النجوم ان ظهوره في هذه الاعمال فرصة جديدة لإبراز قدراته الفنية التي لم تبرز في غيرها من الاعمال، والدليل ان مخرجاً سينمائياً كبيراً مثل حسام الدين مصطفى عندما حدثت انتكاسة كبيرة للسينما وعرض عليه المسؤولون في التلفزيون ان يتولى اخراج عمل تلفزيوني كانت بدايته من خلال مسلسل "الفرسان" من تأليف سامي غنيم وبطولة احمد عبد العزيز وجيهان نصر وشيرين وجمال عبدالناصر واحمد ماهر ومادلين طبر. وبعدها قدم المؤلف نفسه الجزء الاول من مسلسل "الأبطال" من بطولة حسين فهمي وأحمد عبدالعزيز وجيهان نصر. لكنه رفض إخراج الجزء الثالث من العمل نفسه في العام التالي بدعوى انه لم يضف شيئاً جديداً الى الاحداث، فقام بإخراجه سعد الرشيدي وجاء دون المستوى مقارنة بالجزء الاول. وبرر المؤلف والمخرج ذلك بأن جهة الانتاج رفضت تصوير عدد مهم جداً من المعارك الحربية والمشاهد الخارجية. وقدم المخرج حسام الدين مصطفى بعد ذلك ثلاثة اعمال دينية مع المؤلف بهاء الدين ابراهيم وهي ابو حنيفة النعمان بطولة محمود ياسين وعصر الأئمة بطولة حمدي غيث وابراهيم يسري ومحمد رياض وابن حزم بطولة محمد رياض. ويعرض له في رمضان الحالي وللعام السابع على التوالي مسلسل نسر الشرق من تأليف ابو العلا السلاموني وبطولة الوجه الجديد حلمي فودة ومحيي اسماعيل وتيسير فهمي وفايزة كمال. ويتناول هذا المسلسل قصة حياة البطل العربي صلاح الدين الايوبي، في حين قام بهاء الدين ابراهيم بكتابة مسلسل الفتح المبين والذي تغير اسمه الى عقبة بن نافع بطولة احمد ماهر وطارق دسوقي وتيسير فهمي وتهاني راشد ومنال سلامة واخراج شيرين قاسم الاستاذ في قسم الاخراج في معهد السينما في اول تجربة له مع الفيديو. ويتناول العمل قصة فتح المسلمين للمغرب العربي خلال الفترة التاريخية من 20 الى 90 هجرية على يد عقبة بن نافع. ويذكر ان اول عمل تلفزيوني يتولى اخراجه المخرج الشاب خالد بهجت كان في رمضان الماضي من خلال مسلسل غروب بلا شروق بطولة محمود ياسين. وكان المؤلف عبدالسلام أمين والمخرج احمد توفيق قدما معاً مسلسلين ناجحين نالا إعجاب الجمهور واهتمامه في آن وهما عمر بن عبد العزيز وهارون الرشيد وقام ببطولة العملين نور الشريف، ويحضر الثلاثي نفسه لأكثر من عمل ديني وتاريخي اقربها الى التنفيذ مسلسل بعنوان عمر الخيام ويتناول قصة حياة الشاعر الفارسي الكبير عمر الخيام. ويعرض حالياً مسلسل الليث بن سعد من تأليف عايد الرباط وبطولة اشرف عبد الغفور وسميرة عبد العزيز واخراج مصطفى الشال، الى جانب مسلسل العشق الإلهي للمؤلف نفسه من بطولة تيسير فهمي واشرف عبد الغفور واخراج سعيد الرشيدي. وكان المؤلف الرباط قدم مسلسلات دينية ناجحة ابرزها الامام البخاري وصحيحه الجامع والامام مسلم والامام الترمذي. في حين يعرض للعام الثامن على التوالي مسلسل القضاء في الاسلام والذي تولى اخراجه لستة اعوام المخرج احمد طنطاوي وقام بإخراجه في العامين الاخيرين توفيق حمزة. ويتناول العمل أبرز قصص القضاة في الاسلام ومواقفهم. ويعرض ايضاً مسلسل الحسن بن الهيثم من تأليف طه شلبي وبطولة محمد وفيق واخراج سيد طنطاوي، ويتناول قصة حياة عالم البصريات العربي الحسن بن الهيثم. ويؤكد اصحاب هذه الاعمال من مؤلفين ومخرجين انهم ماضون قدماً في إنجاز اعمال دينية وتاريخية أخرى واقربها ما يعكف حاليا المؤلف محمد ابو العلا السلاموني على كتابته وسيتولى اخراجه حسام الدين مصطفى، وهو عمل بعنوان محمد علي ويتناول قصة حياة محمد علي باشا منذ قدومه الى مصر جندياً الى ان صار والياً لمصر.