استقبل الجمهور اعمال رمضان لهذا العام بشيء من الترحيب المشوب بالحيرة والقلق في آن.. ففي الوقت الذي استمتع فيه هذا الجمهور بوجبة درامية دسمة ومجموعة من المباريات بين كبار المؤلفين والممثلين والمخرجين، الى جانب المضامين العصرية التي تتعلق بمشاكل وقضايا العصر وتحديداً الفترة الحالية، بعدما كان يفاجأ بأعمال تناقش فترات زمنية بعيدة لا تمت شخوصها واماكنها وقضاياها الى الجيل الحالي بأية صلة، شعر بالحيرة والقلق لأنه اصبح يدرك أن شهر رمضان يشهد صراعاً رهيباً من كبار الفنانين لعرض اعمالهم خلال هذا الشهر. الى جانب أن التلفزيون بدا وكأن العام كله ما هو الا شهر رمضان حيث تُعرض على مدار احد عشر شهراً اعمال دون المستوى تأليفاً وتمثيلاً واخراجاً وانتاجاً. وجاء مسلسل "لما التعلب فات" تأليف اسامة انور عكاشة وبطولة محمود مرسي ويحيى الفخراني وشيرين وعبدالرحمن ابو زهرة واحمد توفيق واخراج محمد النجار، على رأس قائمة الاعمال التي نالت استحسان الجمهور والنقاد ولاقت إقبالاً كبيراً. وكان الجميع متخوفاً من كون العمل كوميديا خالصاً وهو ما لم يعتده من المؤلف صاحب الباع الطويل من الاعمال الدرامية الاجتماعية ومنها "الشهد والدموع" و"الراية البيضا" و"أبو العلا البشري" و"ضمير ابلة حكمت" و"ليالى الحلمية" وغيرها، ولكن العمل جاء بمثابة المفاجأة السارة حيث دارت فكرته البسيطة حول النصب في صورته العصرية من خلال صاحب معرض تحف وانتيكات كوّن ثروة هائلة من عمليات نصب قام بها وقرر بعدها الاعتزال، إلا أنه فوجئ بشاب يطلب منه أن يعلمه اصول النصب، وهنا تعرض عكاشة كعادته الى مواضيع غاية في الاهمية وجاء الاداء الراقي للابطال، وعلى رأسهم القديران محمود مرسي والفخراني، بمثابة الكنز المفقود والذي يتم البحث عنه طوال العام واحياناً طوال اعوام عديدة. ولم تخب الآمال في مسلسل "أم كلثوم" تأليف محفوظ عبدالرحمن وبطولة صابرين وحسن حسني وسميرة عبدالعزيز واحمد راتب وكمال ابو رية واخراج انعام محمد علي بل استمتع الجمهور بقصة حياة كوكب الشرق منذ نشأتها في قرية "طماي الزهايرة" في دلتا مصر، وحتى تألقها وتربعها على عرش الغناء العربي. ووضح مدى الجهد الذي بذله المؤلف في جمع اشياء كثيرة تتعلق بحياة كوكب الشرق وبعدد كبير من المؤلفين والملحنين والشخصيات العامة الذين تأثرت بهم واثرت فيهم، الى جانب أن المخرجة والتي هوجمت كثيراً أثناء تنفيذها العمل الذي استغرق تحضيره وتصويره ثلاثة اعوام. وضح حبها الكبير لأم كلثوم من خلال اهتمامها بكل كبيرة وصغيرة في العمل، بدءاً من قطع الاكسسوار ومروراً بالديكور واللهجة والملابس وانتهاء بآداء كل ممثل وتجسيده للشخصية التي يؤديها. ومعروف أن العمل كان رشح لبطولته غير ممثلة منهن مديحة يسري ونبيلة عبيد والهام شاهين وسوسن بدر وأخريات، وبعد ما وقع الاختيار على صابرين تخوف الكثيرون ولكنها استطاعت ان تؤدي الدور ببراعة بعد ما تفرغت تفرغاً تاماً خلال عامين لانجاز الشخصية وذهبت الى مسقط رأس ام كلثوم والتقت بعدد كبير من اقاربها الى ان جاء اداؤها مقنعاً بدرجة كبيرة. وفي اول تجربة رمضانية له استطاع المؤلف مجدي صابر ان يثبت ان الموهبة الحقيقية إذا حصلت على فرصتها فإنها تنطلق بشكل صحي وجاء مسلسله "الرجل الآخر" بطولة نور الشريف وميرفت امين واخراج مجدي ابو عميرة، ليعلن عن مولد مؤلف جيد يحق له الانضمام الى قائمة كبار المؤلفين المبدعين، والعمل ليس الاول لصابر لأنه قدم اعمالاً أخرى لم تعرض بعد على شاشة التلفزيون ومنها "احلام العمر" لفادية عبدالغني ومحمد رياض ونرمين الفقي واخراج محمد النقلي، و"حارة المحروسة" لصابرين ومصطفى فهمي واحمد عبدالعزيز واخراج مجدي ابو عميرة، و"تمضي الايام" لعزت العلايلي وشيرين وخيرية احمد واخراج محمود بكري، و"الناس والعيلة" لكمال الشناوي وفاروق الفيشاوي وفردوس عبدالحميد واخراج محمد فاضل، واستطاع نور الشريف من خلال "الرجل الآخر" ان يضيف دوراً جديداً مميزاً الى مجموع ادواره التليفزيونية الجيدة. كما استطاع الثنائي المؤلف يسري الجندي والمخرج اسماعيل عبد الحفاظ من خلال مسلسلهما "سامحوني مكانش قصدي" بطولة الهام شاهين وممدوح عبدالعليم، أن يثبتا تميزاً كبيراً حيث جاءت الاحداث متلاحقة ومواكبة للوضع الاقتصادي الراهن، وناقش العمل قضية العولمة وكذا الخصخصة، وأتى ديكور العمل لافتاً للنظر واستحق الاعجاب وتحديداً ديكور "الربع" في حي الجمالية في القاهرة، وكان العمل قدم في مسلسل إذاعي لعبت بطولته نبيلة عبيد وفاروق الفيشاوي، ويذكر أن الجندي وعبد الحفاظ قدما في رمضان قبل الماضي عملاً لاقى نجاحاً كبيراً وهو "جمهورية زفتى" لممدوح عبدالعليم والهام شاهين. اما مسلسل "جسر الخطر" تأليف محمد صفاء عامر وبطولة صلاح السعدني ودلال عبدالعزيز واخراج جمال عبدالحميد فلاقى اقبالاً اقل مما لاقت الأعمال الاربعة الاخرى لأنه كان يعرض في وقت متأخر من الليل وهو الامر الذي تعرضت له اربعة اعمال اخرى عرضت على شاشتي القناة الثالثة وقناة النيل الدولية والاعمال هي "شباب راق جداً" تأليف يوسف معاطي وبطولة مدحت صالح ومنال سلامة ووائل نور واخراج محمد النجار و"يا رجال العالم اتحدوا" تأليف عاطف بشاي وبطولة حسين فهمي واسعاد يونس واخراج حسن بشير و"خلف الأبواب المغلقة" قصة محمود هموش وسيناريو وحوار مصطفى محرم وبطولة حسين فهمي ومحمود ياسين وزيزي البدراوي واخراج محمد النقلى و"ع الحلوة والمرة" تأليف مدحت عبدالقادر وبطولة صفية العمري وسمية الألفي ويوسف شعبان واخراج عبدالعزيز السكري. هذه الاعمال لم تلق الاقبال المطلوب لسببين، الاول ان رؤية الفنانين تقتصر على اقليم القاهرة الكبرى والذي يضم محافظاتالقاهرة والجيزة والقليوبية فقط، والثاني أن هذه الاعمال كانت تعرض في وقت عرض الاعمال الاخرى على شاشة القناتين الرئيستين الاولى والثانية. والظاهرة اللافتة للنظر في رمضان هذا العام كانت عرض الاعمال التاريخية والدينية في وقت متأخر جداً من الليل وحتى مطلع الفجر ومن هذه الاعمال "نسر الشرق" بطولة حلمي فودة ومحيي اسماعيل وتيسير فهمي وفايزة كمال وتأليف ابو العلا السلاموني واخراج حسام الدين مصطفى، و"الليث بن سعد" بطولة اشرف عبد الغفور وسميرة عبدالعزيز وتيسير فهمي وتأليف عايد الرباط واخراج مصطفى الشال، و"القضاء في الاسلام" تأليف محمد ابو الخير واخراج توفيق حمزة، ولم يشعر المشاهد بهذه الاعمال وفي المقابل لم تثر ضجة في مواعيد العرض كما كان يحدث في السابق. واثبتت هذه الاعمال ان الشركة المصرية لمدينة الانتاج الاعلامي استطاعت ان تسحب البساط من تحت اقدام قطاع الانتاج وشركة صوت القاهرة حيث إن أكثر من 80 في المئة من الاعمال المعروضة من انتاج الشركة التي تضع في سياستها استقطاب كبار المؤلفين والممثلين والمخرجين. ويذكر أن الشركة عُرض من انتاجها العام الماضي مسلسل واحد فقط هو "امرأة من زمن الحب". تأليف اسامة انور عكاشة وبطولة سميرة احمد وهشام سليم ويوسف شعبان واخراج اسماعيل عبد الحافظ.