مات الشعراء؟ أنت نفسك لا تفعل شيئاً سوى كشّهم عن وجهك مثل ذباب الصيف. منذ اكثر من عشرين عاماً لا شكوى الا من كثرة الشعراء. اقولها لك همساً؟ هذه الشكوى من كثرة الشعراء مستمرة منذ عشرين الف سنة. منذ ذلك الحين، وربما قبله هل كان هناك حين قبل ذلك؟، يتسرب داخل الشكوى تحذير من ان الشعر في خطر على الرغم من كثرة الشعراء. الشكوى من الكثرة والخوف على البقاء تعالت بين اهرامات مصر، وفي اروقة اثينا وروما، وبين كثبان الجزيرة العربية، وقرب حدائق بابل، وفي قلوب الرهبان المتسولين في الهند والصين… ولم يكن لديهم تلفزيونات او كومبيوترات او انترنيت او رواية. يظل الشعراء يتكاثرون، ويظل الشعر في خطر… ولا يموت. قد يكون الشعر الجيد قليلاً، مثلما كان عبر التاريخ كله. ولكن الشعر ليس موضة اخترعها التجار ويستطيعون تقرير انتهاء مدة صلاحيتها. سيظل موجوداً طالما ان هناك عشقاً واشتهاءً وخوفاً وآمالاً وخيبات وطموحات. سيظل هناك شعر طالما ان هناك لغة، وطالما ان هناك من لا تكفيه اللغات للتعبير عن مكنوناته. وحين يتحدث الصحافيون عن موت الشعر، فانهم يخفون حقيقة يحسون بها ولا يتلمسونها جيداً، وهي موت القارئ. الشاعر موجود والقارئ غير موجود. فلمن تقرع اجراس الخطر؟ للشعراء؟ نقول لهم: انتبهوا لم يعد هناك قراء، وبالتالي لم يعد هناك شعر، او لم تعد هناك حاجة إلى الشعر؟ أم نقرع اجراس الخطر للناس، ونقول لهم: انتبهوا. انتم لم تعودوا تقرأون الشعر. وبالتالي فأنتم قد خسرتم انسانيتكم. انتم قد أعميتم عن اجمل جانب في نفوسكم. الجانب الذي كان يقرأ الشعر ويستمتع به ويرى نفسه فيه. الحقوه قبل ان يموت وتخسروا انفسكم الى الابد.