مدينة الأمير عبدالله بن جلوي الرياضية تستضيف ختام منافسات الدرفت    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً بمناسبة اليوم العالمي للطفل    أمير الشرقية يفتتح أعمال مؤتمر الفن الإسلامي بنسخته الثانية في مركز "إثراء"    الدفاع المدني يحذر من الاقتراب من تجمعات السيول وعبور الأودية    تهديدات قانونية تلاحق نتنياهو.. ومحاكمة في قضية الرشوة    لبنان: اشتداد قصف الجنوب.. وتسارع العملية البرية في الخيام    مذكرة تفاهم بين إمارة القصيم ومحمية تركي بن عبدالله    الاتحاد يخطف صدارة «روشن»    دربي حائل يسرق الأضواء.. والفيصلي يقابل الصفا    انتفاضة جديدة في النصر    ارتفاع الصادرات السعودية غير البترولية 22.8 %    برعاية ولي العهد.. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي    بركان دوكونو في إندونيسيا يقذف عمود رماد يصل إلى 3000 متر    «التراث» تفتتح الأسبوع السعودي الدولي للحِرف اليدوية بالرياض    المنتدى السعودي للإعلام يفتح باب التسجيل في جائزته السنوية    جامعة الملك عبدالعزيز تحقق المركز ال32 عالميًا    لندن تتصدر حوادث سرقات الهواتف المحمولة عالمياً    16.8 % ارتفاع صادرات السعودية غير النفطية في الربع الثالث    «العقاري»: إيداع 1.19 مليار ريال لمستفيدي «سكني» في نوفمبر    «التعليم»: السماح بنقل معلمي العقود المكانية داخل نطاق الإدارات    «الأرصاد» ل«عكاظ»: أمطار غزيرة إلى متوسطة على مناطق عدة    صفعة لتاريخ عمرو دياب.. معجب في مواجهة الهضبة «من يكسب» ؟    «الإحصاء» قرعت جرس الإنذار: 40 % ارتفاع معدلات السمنة.. و«طبيب أسرة» يحذر    5 فوائد رائعة لشاي الماتشا    في الجولة الخامسة من دوري أبطال آسيا للنخبة.. الأهلي ضيفًا على العين.. والنصر على الغرافة    في الجولة 11 من دوري يلو.. ديربي ساخن في حائل.. والنجمة يواجه الحزم    السجل العقاري: بدء تسجيل 227,778 قطعة في الشرقية    السودان.. في زمن النسيان    لبنان.. بين فيليب حبيب وهوكشتاين !    مصر: انهيار صخري ينهي حياة 5 بمحافظة الوادي الجديد    «واتساب» يغير طريقة إظهار شريط التفاعلات    اقتراحات لمرور جدة حول حالات الازدحام الخانقة    أمير نجران: القيادة حريصة على الاهتمام بقطاع التعليم    أمر ملكي بتعيين 125 عضواً بمرتبة مُلازم بالنيابة العامة    ترحيب عربي بقرار المحكمة الجنائية الصادر باعتقال نتنياهو    تحت رعاية سمو ولي العهد .. المملكة تستضيف مؤتمر الاستثمار العالمي.. تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام بتوسيع فرص الاستثمار    محافظ جدة يطلع على خطط خدمة الاستثمار التعديني    الإنجاز الأهم وزهو التكريم    نهاية الطفرة الصينية !    أسبوع الحرف اليدوية    مايك تايسون، وشجاعة السعي وراء ما تؤمن بأنه صحيح    ال«ثريد» من جديد    الأهل والأقارب أولاً    اطلعوا على مراحل طباعة المصحف الشريف.. ضيوف برنامج خادم الحرمين للعمرة يزورون المواقع التاريخية    أمير المنطقة الشرقية يرعى ملتقى "الممارسات الوقفية 2024"    «كل البيعة خربانة»    مشاكل اللاعب السعودي!!    انطلق بلا قيود    تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين ونيابة عنه.. أمير الرياض يفتتح فعاليات المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة    مسؤولة سويدية تخاف من الموز    السلفية والسلفية المعاصرة    دمتم مترابطين مثل الجسد الواحد    شفاعة ⁧‫أمير الحدود الشمالية‬⁩ تُثمر عن عتق رقبة مواطن من القصاص    أمير الرياض يكلف الغملاس محافظا للمزاحمية    اكثر من مائة رياضيا يتنافسون في بطولة بادل بجازان    محمية الأمير محمد بن سلمان تكتشف نوعاً جديداً من الخفافيش    "الحياة الفطرية" تطلق 26 كائنًا مهددًا بالانقراض في متنزه السودة    قرار التعليم رسم البسمة على محيا المعلمين والمعلمات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كوسوفو بين مطرقة بلغراد وتناقضات المجتمع الدولي . الصرب يختارون التحدي لحسم الصراع مع الألبان
نشر في الحياة يوم 25 - 01 - 1999

مع انتشار صور المجزرة الاخيرة التي ارتكبها الصرب في بلدة راتشك في اقليم كوسوفو نشطت المساعي الدولية لحل الازمة الا انها سرعان ما بدت محكومة بالفشل الامر الذي جعل توقعات الحرب راجحة، بكل ما تحمله من دمار للاقليم وتهديد للاستقرار في منطقة البلقان.
ووقع الوسطاء الدوليون في خطأ جسيم عندما ارادوا معالجة الصراع في كوسوفو بالوصفة ذاتها التي طبقوها في البوسنة - الهرسك، من دون الاخذ في الاعتبار الاختلافات بين القضيتين، اضافة الى ان ما تحقق في البوسنة حصل باتفاق الاطراف المحلية باشراف دولي، ورغم ذلك فقد رسا التطبيق عند وقف اطلاق النار ولم يفلح في استتباب السلام، لأنه ركز على الجانب العسكري الخاص بتثبيت خطوط الفصل التي افرزتها الحرب بين الاعراق الثلاثة: المسلمة البوشناقية والصربية والكرواتية، من خلال القوة الرادعة لأكثر من ثلاثين الفاً من الجنود الذين يقودهم حلف شمال الاطلسي بامكاناته القتالية المتطورة، في حين بقيت الامور المدنية الهادفة الى ازالة المعاناة التي لحقت بالسكان خارج اطار ما تم انجازه.
ويتسم الوضع في كوسوفو بمصاعب متشعبة، لأن الاقليم يقع داخل اراضي جمهورية صربيا التي هي جزء من دولة يوغوسلافيا ولا تقبل بأي تدخل دولي في قضية تعتبرها شأناً خاصاً بها، كما ان الصراع الصربي - الألباني قديم ومتأصل، وفي الوضع الراهن لا توجد خطوط فصل بين الطرفين بسبب التداخل السكاني لأعراق متباينة في غالبية المناطق، وهو يشكل مشكلة اقليمية يوجد ما يماثلها في كل دولة بلقانية كناتج للمجتمعات المتعددة الاثنيات التي تسود المنطقة، وتبرز احداها باعتبارها ممثلة للأكثرية.
وعجزت خطة التسوية السلمية التي وضعها الوسيط الاميركي كريستوفر هيل في انهاء مشكلة كوسوفو، على رغم اعتمادها الحل الوسط الذي يقوم على صلاحيات الحكم الذاتي الواسع للاقليم، اذ رفضها الصرب لأنها "تعطي الألبان اكثر مما حددته المعايير الأوروبية للاقليات العرقية" بينما اعتبرها الألبان غير انسانية "لأنها لا تؤكد حق تقرير المصير الذي يقود الى استقلال الاقليم".
ولم يتمكن اتفاق وقف اطلاق النار وسحب قسم من القوة العسكرية الصربية الذي ابرمه المبعوث الاميركي ريتشارد هولبروك مع الرئيس اليوغوسلافي سلوبودان ميلوسيفيتش من التطبيق على ارض الواقع، لأنه خلا من الضوابط العملية، وفسرته القوات الصربية بأنه يعطيها الحق لتولي مهمة الأمن في الاقليم، بينما تحرك مقاتلو جيش التحرير لفرض هيمنتهم على الوضع اينما تمكنوا من ذلك.
ويتحمل المجتمع الدولي ايضاً قسطاً كبيراً من مسؤولية انهيار وقف النار، عندما توانى عن استخدام نفوذه على الأرض لمنع تجاوزات الطرفين المتصارعين، اذ انه على رغم مرور اكثر من ثلاثة اشهر على تفويض نشر الفي مراقب اوروبي في كوسوفو، فقد وصل فقط 700 منهم وهم مجردون حتى من سلاح الدفاع عن النفس، وظلت امكاناتهم في التحرك وكبح جماح العنف ومعرفة حقيقة ما يجري محدودة وانتابها الارباك وعدم الدقة في تقويم الامور، وهو ما اظهرته المواجهات والاغتيالات والمذابح التي لم يستطيعوا كشف المسؤولين عنها.
وأفلح الصرب في استغلال التناقضات السائدة في الاتجاهات الدولية وتباين مصالحها في منطقة البلقان، والتي ظهرت جلية في مجموعة الاتصال الدولية، حيث تقف روسيا في مواجهة الولايات المتحدة وبريطانيا، بينما تتذبذب مواقف فرنسا وألمانيا وإيطاليا في الفراغات الوسطية وغالباً ما تنحاز باتجاه المنحى الصربي في الاجراءات العملية.
واستفاد الصرب من اجواء مواجهتهم مع حلف شمال الاطلسي في شهري ايلول سبتمبر وتشرين الأول اكتوبر الماضيين، التي اعتمدت قاعدة "المد والجزر" وأسلوب "الكر والفر" ورتبوا امورهم العسكرية، سواء في التعامل مع المقاتلين الألبان او مقاومة التدخل الدولي، وشكلوا فرق الدفاع الذاتية من الصرب والموالين لهم من الاعراق الاخرى وزودوها بالأسلحة ونشروا الميليشيات الصربية في انحاء الاقليم، ووزعوا القوات العسكرية في تشكيلات صغيرة بحيث لا تؤثر الضربات الجوية على مهماتها، ووضعوا الاسلحة المتطورة التي جاءت من روسيا في اماكن حصينة توفر لها خصائصها الدفاعية.
واستغل الصرب الذرائع التي وفرها لهم الظهور العلني لجيش تحرير كوسوفو، والاخطاء التي ارتكبها في خطف الجنود اليوغوسلاف الثمانية واغتيال عدد من افراد الشرطة، وشنوا هجمات مخططة وصفتها وسائل الاعلام في بلغراد بأنها استهدفت ثلاثة امور رئيسية:
الأول، بث الرعب في السكان المدنيين من مغبة التعاون مع "الارهابيين الألبان" الذي سيكون مصيره مثيلا لما حصل في قرية راتشكا.
الثاني، ابلاغ جيش تحرير كوسوفو ان كفاحه المسلح ليس مجدياً في التصدي للقوة العسكرية اليوغوسلافية وتحقيق الانفصال والاستقلال.
الأمر الثالث، موجه الى المجتمع الدولي، والغرب تحديداً، بأن الصرب سيدافعون عن الوضع الراهن لاقليم كوسوفو ضمن جمهورية صربيا ودولة يوغوسلافيا مهما كانت النتائج.
وشنت بلغراد حملة على رئيس بعثة المراقبة الأوروبية ويليام ووكر اميركي معتبرة ان ممارساته متناقضة مع اتفاق الحكومة اليوغوسلافية مع منظمة الأمن والتعاون الأوروبية ووصفته بپ"الكاذب والمزور الداعم للارهاب الالباني والذي يتناسى انه اجنبي داخل دولة ذات سيادة اسمها يوغوسلافيا ليست تابعة لأحد سوى شعبها" واتهمه رئيس جمهورية صربيا ميلان ميلوتينوفيتش بأنه شخص لا يمكن الوثوق بأحكامه "ما دام يتعمد ممارسة دور القاضي والادعاء متجاوزاً صلاحياته". كما اكدت بلغراد موقفها الذي لا يعترف بوجود حقوق قضائية لمحكمة جرائم الحرب في يوغوسلافيا السابقة في لاهاي مع ما يجري في اقليم كوسوفو "الذي هو شأن داخلي".
وانضمت المعارضة الصربية الى الحزب الاشتراكي بزعامة الرئيس ميلوسيفيتش في "تشكيل حكومة وحدة وطنية دفاعية عن مصالح الصرب"، وتولى زعيم المعارضة فوك دراشكوفيتش منصب نائب رئيس وزراء الاتحاد اليوغوسلافي الذي اكد انه "دخل الحكومة من اجل كوسوفو".
ووصف المراقبون تخلي الصرب عن خلافاتهم في هذه المرحلة بأنه يمثل "النزعة القومية المتأصلة فيهم والتي تعتبر اقليم كوسوفو في موضع القلب من الأرض الصربية".
ولم يكتم الصرب انهم يسعون الى تغيير التركيبة السكانية في اقليم كوسوفو، على اساس ان مئات الآلاف من الصرب كانوا اضطروا الى النزوح من الاقليم بعد الحرب العالمية الثانية بسبب الضغط الألباني عليهم "ومن حق هؤلاء السكان العودة الى ديارهم"، كما انه تم توطين عدد كبير من الصرب الذين رحلوا من كرواتيا في كوسوفو ووفرت لهم المساكن وفرص العمل وتملك الأراضي.
وأعلن الرئيس ميلوسيفيتش ان "نسبة الألبان في كوسوفو حالياً لا تتجاوز 62 في المئة من مجموع السكان" ونفى ما يتردد عن ان نسبة الألبان تقارب 90 في المئة ودعا الى احصاء سكاني عام باشراف دولي لتحديد التوزيع العرقي في الاقليم.
يذكر ان الألبان قاطعوا كل الاحصاءات السكانية التي اجريت في كوسوفو منذ العام 1990 ضمن مجال العصيان المدني الذي مارسوه في تعاملهم مع اجراءات حكومة بلغراد.
ومن جانبها اكدت المصادر الألبانية تراجع عدد السكان الألبان في كوسوفو، بعدما غادر ما لا يقل عن 800 الف من الألبان الاقليم خلال السنوات العشر الاخيرة "بسبب العنف الصربي وهو ما يجعل اي تعداد للسكان غير مقبول في ظل الظروف الاستثنائية الراهنة".
وشكلت بلغراد حكومة خاصة ل "الادارة الذاتية في كوسوفو" موالية لها ضمت 7 اعضاء صرب وأبناء الجبل الأسود بينهم رئيسها و4 البان و3 أتراك وروميين غجر ومسلماً واحداً بوشناقياً، واعتبرها الصرب تجمعاً تشارك فيه الاعراق الرئيسية في الاقليم "التي تقاوم الارهاب والانفصال".
ورداً على الاجراءات الصربية، اعلن زعماء الحركة الوطنية الألبانية ان الحكومة الموجودة في المنفى برئاسة بويار بوكوشي، تمثل الشرعية، لأنها منبثقة عن نتائج الاستفتاء العام الذي اجري من جانب واحد في 1991 لتقرير مصير الاقليم "واختارت غالبية الناخبين الاستقلال وإقامة جمهورية برئاسة ابراهيم روغوفا".
ولم تحصل جمهورية كوسوفو على اعتراف بها من اية دولة، بما فيها الام البانيا، وأكد مبعوث الاتحاد الاوروبي الى مشكلة الاقليم النمسوي وولف غانغ بيتريتش ان "اقصى ما يمكن ان يتوافر للاقليم هو الحكم الذاتي الذي تشارك في ادارته كل المجموعات العرقية، ولا مجال لبحث مشكلة الاستقلال مطلقاً".
وأفاد الوسيط الاميركي كريستوفر هيل انه نبه الزعيم الألباني ابراهيم روغوفا الى ضرورة انهاء وجود المؤسسات التي شكلها الألبان بصورة غير شرعية "لأن كوسوفو بحاجة الى مؤسسات ديموقراطية يوافق عليها الجميع".
وتتفق جميع الاطراف الالبانية على مبدأ الاستقلال، على رغم كل العقبات التي تعترضه، لكنها تختلف في وسائل تحقيقه، اذ لا يمانع السياسيون المعتدلون بزعامة روغوفا بحلول مرحلية تتماشى مع ما يريده المجتمع الدولي، بينما تقاوم غالبية فصائل جيش تحرير كوسوفو، ومعها المتشددون السياسيون، اي تنازل، حتى لو كان وقتياً، عن هدف انهاء كل ارتباط جغرافي او سياسي مع الدولة الصربية.
وتشكل حدة الانقسامات وتباين المواقف في صفوف القيادات الألبانية معضلة امام التعامل الدولي مع الطرف الألباني، وأخفقت كل المحاولات لتشكيل فريق موحد يمثله في التفاوض مع الصرب، والتحادث في المجال الدولي، وليس الخلاف فقط بين العسكريين والمدنيين، وانما ايضاً بين الزعامات السياسية التي تمتد بين المعتدلة والمتطرفة، وتتبادل الاتهامات في شأن تعريض مصالح الشعب الألباني للمخاطر، ومنح الصرب الفرصة لفرض سيطرتهم على الاقليم، ويتهم المتشددون روغوفا بأنه "انسان دنيء كل همه الحفاظ على زعامته وليس على مصلحة الشعب الألباني ولذا فهو يمثل الجزء الضئيل المستعد للاستسلام للصرب". اما المعتدلون فيشيرون الى انه ما دام النصر العسكري على الصرب غير ممكن، فان الأمل الألباني يبقى منحصراً في التسويات الدولية التي تبعد الاستقلال على الأقل في المرحلة الراهنة.
وراجت معلومات عن وجود خطة دولية لتقسيم اقليم كوسوفو بين صربيا وألبانيا، على نمط البوسنة وقبرص، ومن الذين كشفوا عنها مدير معهد السياسة الخارجية اليوناني تاماس فيريميس الذي ذكر ان الرئيس اليوغوسلافي ميلوسيفيتش "يبدو غير معارض لهذا الحل وان عمليات قواته تسلك منحى باتجاه فرض ذلك على الأرض من خلال السيطرة على مناطق محددة والتنظيم السكاني فيها مع تأمين بقاء الاماكن الحضارية الصربية والمناجم في الشمال من حصة الصرب".
ويشير محللون في البلقان الى ان ضربات جوية اطلسية ضد اهداف صربية ستساعد في تنفيذ عملية التقسيم، لأنها ستقابل بانتقام صربي شديد من الألبان ما يرغمهم على الفرار باتجاه المناطق الغربية والجنوبية القريبة من الحدود مع البانيا، وسيؤدي ذلك الى الحاجة لاقامة ملاذ آمن لمنطقة جغرافية تجمع النازحين الألبان وتكون خطوة عملية لترسيخ الحل التقسيمي.
ويشير هؤلاء المحللون الى ان تصرفات القادة الصرب تبدو وكأنهم يلهثون وراء الضربات الجوية "التي يعتبرونها فألا مناسباً لتصفية امورهم مع الألبان على رغم الاضرار الكبيرة التي يمكن ان تلحقها بامكانات البلاد العسكرية والاقتصادية".
وفي كل الاحوال، فان الطرفين الصربي والألباني يستعدان، على حد سواء، لخوض الحرب الشاملة التي تعتبر آتية لا محالة، ويأمل كل منهما ان يكون المنتصر فيها .
جيش تحرير كوسوفو
بدأ اسم جيش تحرير كوسوفو يظهر منذ عامين، لكن نشاطه العسكري بدأ بالبروز مطلع العام الماضي، عندما تولى تنظيمه وتدريبه ضباط سابقون في القوات المسلحة اليوغوسلافية، خصوصاً الذين حاربوا ضد الصرب في كرواتيا والبوسنة، ويقدر عدد جنوده النظاميين بحوالي 20 الفاً يؤازرهم زهاء 30 الف مدني في الدفاعات المحلية.
وأفادت مصادر اعلامية ان جيش تحرير كوسوفو استغل وجود ثكنات عسكرية مهجورة في شمال البانيا لأغراض التدريب، فأقام فيها دورات في الوسائل القتالية شارك فيها حوالي 6 آلاف جندي، وهو ما ايده بوجه عام مدير بعثة منظمة الأمن والتعاون الأوروبية في تيرانا دان ايفيرتس، اذ وصف شمال البانيا بأنه "خارج نطاق السيطرة ولا تستطيع الحكومة الألبانية التحكم بحدودها مع كوسوفو".
ويحظى مقاتلو كوسوفو بالدعم الكامل من الرئيس الألباني السابق صالح بريشا الذي يرأس الحزب الديموقراطي وله نفوذ كبير في شمال البانيا، بينما يحاول رئيس الحكومة الاشتراكي بانديلي مايكو ان يكون تأييده مرتبطاً بالموقف الأوروبي - الاميركي من القضية.
ويعتبر جيش تحرير كوسوفو ان من واجب كل البان كوسوفو الانضمام الى صفوفه، وأصدر بياناً في تشرين الثاني نوفمبر الماضي وصم بالخيانة كل من يتهرب عن حمل السلاح اذا كان قادراً عليه، كما دعا ضباط الجيش اليوغوسلافي السابقين المقيمين في الخارج الى "العودة الى ارض الوطن" والانضمام اليه وتحمل مسؤولياتهم "والا فقدوا حق المواطنة في جمهورية كوسوفو".
ويسعى جيش التحرير للتزود بأنواع الاسلحة الميدانية عن طريق الشراء من اي مصدر كان، في مقدمها من سكان البانيا الذين استولوا على نحو مليون قطعة سلاح متنوعة من المستودعات العسكرية في ربيع 1997 اثناء الفوضى التي عمت البلاد، كما تعتبر البوسنة سوقاً رئيسية لتجار السلاح في منطقة البلقان، وتمكن الألبان الحصول منها على كميات كبيرة من السلاح، على رغم مصاعب النقل الى الموانئ الكرواتية والألبانية حيث تعرضت شحنتان كبيرتان على الأقل الى الكشف والمصادرة. وتشكل المبالغ التي يدفعها البان كوسوفو العاملون في الخارج لحسابات مصرفية خاصة باسم "صندوق نداء الديار" مركزه في سويسرا وله فروع في الولايات المتحدة وكندا واستراليا وغالبية الدول الأوروبية، مصدراً رئيسياً لتمويل شراء الاسلحة واحتياجات جيش التحرير الاخرى، وذكر غني خوجاً، وهو احد المشرفين على الصندوق، بأن هذه التبرعات تتكوّن من 3 في المئة من المدخول الشهري لكل الباني.
ونشرت الصحف الصربية معلومات عن مساعدات بالأسلحة والأموال قدمتها دول عربية وإسلامية "للانفصاليين الألبان عن طريق عدد من منظمات الاغاثة العاملة في البانيا".
وليس جيش تحرير كوسوفو تنظيماً موحداً، اذ تسوده الخلافات العقائدية والعشائرية، وينقسم على الأقل الى اربع مجموعات مستقلة عن بعضها، لكن الفصيل الذي ينطق باسمه ياكوب كراسنيجي ويمثله سياسياً ادم ديماتشي هو الاقوى والأوسع نفوذاً، خصوصاً في وسط الاقليم وغربه، ولا يقتصر هدف هذا الفصيل الذي يعتبر الاكثر تشدداً على "تحرير كوسوفو" وانما ايضاً "جميع الأراضي الالبانية المجاورة المحتلة".
ويسود الاعتقاد بأن جيش تحرير كوسوفو اخذ يتجه الى اسلوب حرب العصابات، بعدما وجد ان المواجهة النظامية مع الصرب ليست في مصلحته، بسبب الفرق الشاسع بين الجانبين في مجال القدرات العسكرية.
مقاتلون أجانب
تشير المصادر الصربية ومعلومات صحافية دولية الى وجود متطوعين اجانب في صفوف المجموعات القتالية لألبان كوسوفو، وغالبية هؤلاء من البانيا والبوسنة وكرواتيا وأفغانستان وبلدان عربية اضافة الى خبراء بريطانيين وألمان، تتركز مهمتهم على التدريب وإعداد الخطط والتوجيه.
وذكرت الشرطة الصربية انها اعتقلت ستة اشخاص اجانب وألبان ذكرت اسماءهم في منطقة درينيتسا في وسط الاقليم "ينتمون الى وحدة مجاهدي ابو بكر الصديق ويعملون ضمن تشكيلات جيش التحرير".
لكن جيش تحرير كوسوفو، خصوصاً الفريق الاقوى الذي ينطق باسمه كراسنيجي، يؤكد باستمرار رفض انضمام مقاتلين اليه من ذوي الاتجاهات الدينية "لأن الكفاح الالباني قومي يضم المسلمين والكاثوليك والارثوذكس ولا يقبل بأي خرق لهذا السبيل مهما كانت المغريات".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.