أوصت اللجنة القانونية في مجلس النواب الأردنية المجلس برفع الحصانة البرلمانية عن النائب احمد عويدي العبادي كي تتسنى محاكمته أمام القضاء الأردني في قضيتين اخلاقيتين رفعتهما سيدتان أردنيتان بتهمة هتك العرض وإفساد الرابطة الزوجية. ويتجه مجلس النواب بالفعل - وفقاً لمصادر برلمانية - الى رفع الحصانة عن العبادي والسماح بمحاكمته أمام القضاء. غير ان اللجنة القانونية ارتكبت - وفقاً للمصادر ذاتها - خطأ قانونياً عندما اشترطت في توصيتها الى المجلس عدم اعتقال العبادي قبل أو أثناء سير محاكمته. ويؤشر هذا "الخطأ" على الامتحان الكبير الذي تواجهه السلطة القضائية الأردنية في الوقت الراهن كما في المدى المنظور لجهة اثبات هيبتها كسلطة مستقلة والتي تعني بالمحصلة هيبة الدولة الأردنية برمتها. فمن الناحية الدستورية لن تكون السلطة القضائية ملزمة لا بتوصية اللجنة القانونية ولا حتى بقرار من مجلس النواب يشترط عدم ايقاف النائب لدى محاكمته طالما رفعت الحصانة البرلمانية عنه، خصوصاً ان هذه الحصانة ترفع تلقائياً عن النواب فور انتهاء دورة انعقاد المجلس تنتهي الدورة العادية الحالية لمجلس الأمة الأردني أواخر آذار /مارس المقبل. وطرحت قضية العبادي والتداول بها أمام مجلس النواب سؤالاً عن مدى تحصين النائب في حال ارتكب جرائم غير سياسية، وبالتالي مدى امكان تدخل السلطة التشريعية، وهي التي تشكو دوماً من هيمنة السلطة التنفيذية، على السلطة القضائية. وإضافة الى قضية النائب العبادي فهناك ثلاث قضايا عامة كبيرة يستعد القضاء الأردني للتعامل معها في المستقبل القريب: احدى هذه القضايا إحالة عدد من المسؤولين في وزارة المياه والري الى القضاء لمسؤوليتهم عن قضية تلوث مياه الشرب في العاصمة الأردنية خلال الصيف الماضي، وبين هؤلاء المسؤولين وزراء سابقون يقتضي الدستور الأردني محاكمتهم أمام مجلس عال من كبار القضاة وأعضاء في مجلس الأعيان. ومن هذه القضايا إحالة رئيس مجلس ادارة شركة التبغ والسجائر بتهمة اختلاس مبالغ كبيرة والذي انتقل بعيد توقيفه الى أحد أكبر المستشفيات حيث يقيم في جناح خاص بالمستشفى ولم يعد الى السجن على رغم طلبات المدعي العام المتكررة في اشارة الى "النفوذ السياسي والاقتصادي" للرجل. وأما القضية الأخرى فهي إحالة المدير العام لصندوق التنمية والتشغيل الذي يعنى بمساعدة الفقراء مالياً واقتصادياً الى القضاء بتهمة الاختلاس ايضاً، ويخشى من تدخل متنفذين من اجل تبرئته بصرف النظر عن حيثيات القضية. الحديث عن الفساد في الأردن كما في العديد من دول العالم موضة ليست جديدة، لكن تعميمه لدرجة التلميح الى القضاء أمر من المؤكد ان يؤدي الى تعميق المشاعر بالإحباط. فالسلطة القضائية في الأردن هي ثالثة أركان الدولة بعد مؤسسة العرش والمؤسسة العسكرية الأمنية. ويثق الأردنيون بالسلطة القضائية التي اثبتت في الامتحانات الصعبة قدرتها على تعزيز ثقة المواطنين بها، وها هي أمام أمتحان جديد.