رهن العاهل المغربي الملك محمد السادس تكريس ديموقراطية الدولة والمجتمع بانتهاج «الحوكمة الجيدة وتفعيل المبادئ والآليات الدستورية»، وقال في خطاب أمام البرلمان مساء الجمعة إن في مقدم هذه المبادئ «ربط تحمل المسؤولية بالمساءلة والمحاسبة، والتصدي لكل أشكال الفساد والرشوة والريع الاقتصادي والسياسي والاحتكار». ورأى أن المحك الحقيقي لنجاعة المؤسسات بالنسبة إلى الفئات الشعبية يكمن في مدى قدرتها على إحداث نقلة نوعية في تعزيز مؤشرات التنمية البشرية. وأوضح الملك محمد السادس أن التحدي الكبير يطاول إصلاح هياكل الدولة وتجديدها من خلال إرساء نظام الجهوية المتقدمة، وتوطيد أركان عدالة مستقلة عبر مواصلة إصلاح القضاء «لترسيخ سمو الدستور وسيادة القانون ومساواة الجميع أمامه وضمان الأمن القضائي». كما دعا إلى بلورة معالم العدالة الاجتماعية عبر محاربة الفقر والإقصاء والتهميش وتوسيع قاعدة الطبقة الوسطى والنهوض بالمساواة بين الرجل والمرأة وإيلاء عناية خاصة بالأرياف وبلورة ميثاق اجتماعي متقدم. ودعا كل الفاعليات إلى تحمل مسؤولياتها كاملة لإنجاح الانتخابات النيابية المقررة في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، و»التزام ضوابط نزاهتها بروح الثقة والوضوح والغيرة الوطنية». وجدد الملك محمد السادس حرصه على ضمان سير المؤسسات وصون الخيار الديموقراطي». وقال «إننا حريصون على أن تعكس المؤسسات الجديدة روح الدستور، وأن تجسد طموحنا الجماعي في انبثاق هيئات نيابية وتنفيذية ناجعة» عمادها «برلمان قوي يعبر عن الإرادة الشعبية الحرة ويمارس صلاحياته الاشتراعية الحصرية والرقابة الواسعة» وقوامها «حكومة قوية منبثقة من غالبية نيابية متضامنة ومنسجمة تنهض ورئيسها بكامل سلطتها التنفيذية وتتحمل مسؤولية وضع برنامجها وتنفيذه». وتوقف مراقبون أمام دلالة كلام العاهل المغربي، كونه عرض للمرة الأولى إلى مسؤوليات البرلمان والحكومة وفق مقتضيات الوثيقة الدستورية الجديدة، إذ ينظر إلى الموقف وكأنه وضع مسافة بين المؤسسات في نطاق فصل السلطات. بيد أن العاهل المغربي ركز في غضون ذلك على دور المعارضة البرلمانية كون النظام الديموقراطي»يقوم على حكم الغالبية وسيادة القانون بقدر ما يتأسس على المشاركة الإيجابية للمعارضة». وربط في الوقت ذاته بين صدقية المؤسسات وتحقيق التقدم الاقتصادي والتماسك الاجتماعي والتحديث الثقافة، لافتاً إلى تلازم الديموقراطية والتنمية. وقال العاهل المغربي إن بلاده تواجه تحديات كبرى، منها ما يتعلق باستكمال تفعيل الدستور وإقرار القوانين التنظيمية المكملة، في إشارة إلى اقتراع العام المقبل، لانتخاب أعضاء مجلس المستشارين (الغرفة الثانية) وتكريس نظام الجهات التي تمنح المنتخبين المحليين صلاحيات أوسع في إدارة الشؤون المحلية، بالإضافة إلى تحديات التأهيل الذاتي للأحزاب (...) وتعزيز انخراط الفاعلين الجدد من مواطنين وهيئات المجتمع المدني ونقابات وقوى حية ووسائل الإعلام في بلورة وتنفيذ السياسات العامة».