طرح العاهل المغربي الملك محمد السادس حزمة تعديلات دستورية ستطرح على استفتاء شعبي، بينها مواد لتعزيز صلاحيات رئيس الوزراء وضمان استقلال القضاء وفصل السلطات، إضافة إلى «تكريس دستورية الطابع التعددي للهوية المغربية»، في إشارة إلى احتمال إدراج الأمازيغية لغة رسمية في الدستور. وقال الملك في خطاب ألقاه مساء أول من أمس إنه يريد «إجراء تعديل دستوري شامل يستند الى سبعة مرتكزات أساسية، على رأسها الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة وتعزيز صلاحيات المجلس الدستوري»، إضافة إلى توسيع مجالات الحرية الفردية والجماعية وسيادة القانون والمساواة «وتوطيد مبدأ فصل السلطات في إطار متوازن، وتعميق ودمقرطة وتحديث المؤسسات، من خلال برلمان نابع من انتخابات حرة ونزيهة». وشدد على ضرورة تسمية «حكومة منتخبة بانبثاقها من الإرادة الشعبية المعبر عنها في صناديق الاقتراع»، إضافة إلى تعيين رئيس وزراء من الحزب الذي تصدر انتخابات مجلس النواب. ودعا إلى تقوية دور رئيس الوزراء «كرئيس للسلطة التنفيذية». وشدد على دور الأحزاب «في إطار تعددية حقيقية وتكريس مكانة المعارضة البرلمانية والمجتمع المدني»، كما رهن ممارسة السلطة والإدارة بالرقابة والمحاسبة. وسيكون مشروع التعديل الدستوري المرتقب الأول في عهد الملك محمد السادس، إذ كان آخر تعديل في خريف عام 1996. ويأتي هذا الإعلان على خلفية دعوات صدرت عن قوى سياسية في المعارضة والموالاة، إضافة إلى تظاهرات شبابية شارك فيها عشرات الآلاف في مدن عدة الشهر الماضي. وأعلن تشكيل لجنة لمراجعة الدستور برئاسة الفقيه القانوني عبداللطيف المنوني، لإجراء مشاورات مع الأحزاب والنقابات وفاعليات الشباب، لإعداد تصور كامل لمشروع الإصلاحات يعرض على الملك في حزيران (يونيو) المقبل. وحض أعضاء اللجنة على «الاجتهاد الخلاق لاقتراح منظومة دستورية متقدمة لمغرب الحاضر والمستقبل». بيد أنه أشار إلى استمرار دور المؤسسات الراهنة إلى حين عرض التعديلات الدستورية على استفتاء شعبي يرجح أن يتم قبل نهاية الخريف. وأكد أن الإصلاحات الدستورية ستعيد النظر أيضاً في تركيبة وصلاحيات مجلس المستشارين (الغرفة الثانية في البرلمان). وشدد على ثوابت الدولة «المتمثلة في العقيدة الإسلامية والنظام الملكي والوحدة الترابية والخيار الديموقراطي»، معتبراً أن «الإصلاحات بمثابة ميثاق جديد بين العرش والشعب». وأضاف أن «إدراكنا العميق لجسامة التحديات ومشروعية التطلعات وضرورة تحصين المكتسبات وتقويم الاختلالات، لا يعادله إلا التزامنا الراسخ بإعطاء دفعة قوية لدينامية الإصلاح العميق، وجوهرة منظومة دستورية ديموقراطية». إلى ذلك، عرض الملك خلاصات اللجنة الاستشارية للتنظيم الجهوي (اللامركزي) الذي يمنح المحافظات صلاحيات واسعة في تدبير الشؤون المحلية. وقال إن اقتراحها ركز على إمكان إقامة نظام جهوي بقانون في إطار المؤسسات الراهنة، لكنه رأى ضرورة «انبثاق النظام الجهوي من الإرادة الشعبية المباشرة عبر استفتاء دستوري». وقال: «قررنا تخويل الجهوية مكانة جديرة بها في الدستور، وكذا انتخاب المجالس الجهوية بالاقتراع العام المباشر، ومنح رؤسائها صلاحيات تنفيذية» كانت في السابق ضمن صلاحيات المحافظين والولاة. وأشادت فرنسا بالخطاب «العظيم والمسؤول والشجاع» للعاهل المغربي «في الظرف الراهن» للثورات العربية. وقال الناطق باسم وزارة الخارجية برنار فاليرو إن «الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس مسؤول وشجاع. ونحن مقتنعون بأنه خطاب عظيم بالنسبة إلى المغرب وللمنطقة بأكملها، خصوصاً في الظرف الراهن». وأشار إلى أن «فرنسا تشيد خصوصاً بإعلان الإصلاحات الدستورية الحاسمة التي ترمي إلى تعزيز مكانة رئيس الوزراء بصفته رئيس السلطة التنفيذية والشرعية الديموقراطية للحكومة»، كما اعتبر أن «الإعلانات المتعلقة بالقضاء ومكانة المرأة وتعددية الهوية المغربية والإجراءات الجهوية المتقدمة هي أيضاً مهمة ونموذجية».