كشف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان المشترع اللبناني بإقراره قانون العقود الائتمانية الرقم 96/520 اتاح العمل للمصارف الاسلامية في لبنان، وأبلغ جمعية المصارف انه لا يرى معوقاً في ان تقدم المصارف التجارية منتجات تراعي مبادئ العمل المصرفي الاسلامي، لا سيما ان هذه المصارف بدأت تنوع منتجاتها وخدماتها. وقد ايدت مصادر قانونية وجهة نظر حاكم مصرف لبنان مؤكدة انه يمكن للمصارف الاسلامية ممارسة نشاطها في لبنان متجاوزة الحظر المفروض على المصارف التقليدية القائمة والمنصوص عليه في المادة 152 من قانون النقد والتسليف الذي ينظم العمل المصرفي اللبناني. وعلى رغم ذلك، هناك اتجاه لدى الحكومة لإصدار قانون خاص ينظم النشاط المصرفي الاسلامي في لبنان، وسبق لمجلس الوزراء ان احال على مجلس النواب مشروع قانون بموجوب المرسوم الرقم 7887 يقضي بإنشاء شركة مغفلة باسم "بيت التمويل اللبناني - الكويتي" وبرأسمال 50 مليون دولار، على ان تجري عملياتها سواء لحسابها ام لحساب الغير، على سبيل التملك او الادارة، وذلك على النمط الذي لا يتعارض مع الشريعة الاسلامية. ولكن يبدو ان التشريع من اجل شركة خاصة غير ممكن، لذلك بدأ البحث في اعداد مشروع قانون ينظم العمل المصرفي الاسلامي في لبنان، ووضعه موضع التنفيذ تمهيداً للترخيص بتأسيس مصارف او مؤسسات مالية اسلامية. وتحاول جمعية المصارف من جهتها وضع صيغة لمشروع قانون جديد، وهي تميل الى ابدال الاسم من "مصارف اسلامية" الى مؤسسات مالية اسلامية لها الحق في قبول اموال من الجمهور ويمكنها ان تتملك عقارات في صورة موقتة ولمدة 25 سنة، بهدف القيام بمشاريع استثمارية سياحة، استشفاء، سكن، وصناعة شرط ان تبيع المشروع بعد 25 سنة والا يحق لمصرف لبنان بيع المشروع في المزاد العلني. تمويل مشاريع الاعمار وقد بحث وفد من الجمعية هذا المشروع مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي لفت الى وجوب التحوط في المشروع لاحتمال ان تطالب المؤسسات المالية الاخرى التي لا يحق لها تلقي اموال من الجمهور، بمساواتها بالمؤسسات المالية الاسلامية. وفي هذا المجال يرى النائب الاول لحاكم مصرف لبنان الدكتور ناصر السعيدي السماح لجميع المصارف العاملة القيام بأعمال مصرفية على الطريقة الاسلامية، كما هو حاصل في بلدان اخرى. وسبق لوزير الدولة للشؤون المالية فؤاد السنيورة ان بحث مع الدكتور أحمد محمد علي رئيس البنك الاسلامي للتنمية، موضوع انشاء بنك اسلامي في لبنان، ووصفه بأنه "سيكون ادوات مالية جديدة متاحة للسوق المالية ومفتوحة لجميع المواطنين اللبنانيين". وتبين ان النية تتجه نحو انشاء شركة مغفلة برأسمال 50 مليون دولار، مهمتها القيام بالعمليات المصرفية غير المسندة الى تحديد مسبق للفائدة، وعمليات التمويل والاستثمار والتوظيف والصيرفة والمساهمات والمشاركات وادارة الاموال والتركات والصناديق وعمليات الايجار التمويلي والعمليات الائتمانية، على ان تجري الشركة عملياتها سواء لحسابها ام لحساب الغير، من اموالها الخاصة، ومن الودائع المتلقاة من الجمهور على سبيل التملك او الادارة، وذلك على النمط الذي لا يتعارض مع احكام الشريعة الاسلامية. ويساهم البنك الاسلامي للتنمية بنسبة لا تقل عن 20 في المئة في رأسمال الشركة، على ان تطرح معظم الاسهم للاكتتاب العام على افراد وشركات لبنانيين وعرب، شرط ان لا يتملك اي مساهم بصورة مباشرة او غير مباشرة اكثر من خمسة في المئة من رأسمال الشركة. والبنك الاسلامي، هو الذراع المالية والاقتصادية لمنظمة المؤتمر الاسلامي، وقد تأسس في العام 1973، ويبلغ رأسماله حالياً نحو تسعة مليارات، وقدم حتى الآن الى الدول الاعضاء قروضاً ومساعدات بقيمة 18 مليار دولار، وبما ان لبنان هو من بين الدول الاعضاء فقد استفاد من هذه القروض مساهمة من البنك في تمويل عدد من مشاريع الاعمار. ولما كان لبنان، وفي مرحلة اعادة الاعمار والبناء، في حاجة ماسة الى تعبئة كل الطاقات الذاتية وتأمين فرص التمويل الاستثماري من كل المصادر ولجميع فئات المواطنين ومن دون اي استثناء وبشكل متوازن وعملي وملائم، وحيث ان نمط المصارف الاسلامية بدأ يتعدى نطاق عمل المصارف الاسلامية التقليدية ليشمل انضمام عدد من المصارف الغربية العالمية، اذ ان مصرف "سيتي بنك" الاميركي وهو اكبر المصارف الاميركية وأحد اهم خمسة مصارف في العالم، وكذلك "مصرف فلمنغ الاستثماري" الانكليزي، انشأ كل منهما دائرة خاصة به تعمل حسب انماط عمل المصارف الاسلامية، الامر الذي يبرز مدى الاهتمام والاهمية التي يمكن ان تكون عليها هذه المؤسسات المصرفية الاسلامية في المستقبل ومجالات تطورها وتطور خدماتها، لذلك تؤيد الحكومة اللبنانية مزاولة الاعمال المصرفية على النمط الذي تمارسه مختلف المؤسسات المصرفية الاسلامية في عدد من الدول الاسلامية. ويندرج هذا التوجه في اطار السعي لأن يكون للبنان دور نام ومتطور كمركز استقطاب مالي واستثماري متقدم في المنطقة العربية في كل الخدمات المصرفية والمالية. المعايير الأخلاقية ومع دخول البنوك الاسلامية الى السوق الماليةاللبنانية، من الطبيعي ان يستفيد الاقتصاد اللبناني بشكل عام والقطاع المصرفي بشكل خاص من الاقنية الاسلامية القائمة في مختلف بلدان العالم. لقد شهدت البنوك الاسلامية ازدهاراً على الصعيد العالمي، وذلك مع ازدياد عدد المسلمين الذين يفضلون ايداع اموالهم في هذه البنوك. وتشير احدث الاحصاءات الى تسارع وتيرة انشاء المصارف الاسلامية في العالم حيث يضم النظام المصرفي الاسلامي حالياً 200 مصرف ومؤسسة تتجاوز رؤوس اموالها 5.8 مليار دولار وأصولها 170 مليار دولار، وتجاوزت ودائعها المئة مليار دولار. وتظهر البيانات التي جمعها الاتحاد الدولي للمصارف الاسلامية ان 27 في المئة من تمويلات المؤسسة المالية توجهت الى قطاع التجارة و5.27 في المئة لتمويل القطاع الصناعي و13 في المئة للقطاع الزراعي و15 في المئة لقطاع الخدمات و5.5 في المئة لقطاع العقار، فيما حصلت القطاعات الصناعية والخدماتية الاخرى على النسبة المتبقية وهي 12 في المئة. ورأى الاتحاد ان "المؤسسات المالية الاسلامية فتية لكن نتائجها واعدة، وهي في نمو مستمر وتعمل بجد لإرساء قواعد عصرية للمعاملات المالية الاسلامية بعد فترة طويلة كانت تندثر فيه تلك القواعد والاسس في طيات امهات الكتب". ولكن يبدو انه على رغم الانتشار الكبير لنظام البنوك الاسلامية وقدرات هذه البنوك على تمويل المشاريع والمساهمة في تفعيل دورها الاقتصادي، فإن الدول الاسلامية ليست اوفر حظاً من الدول العربية في تعاونها الاقتصادي ومخاطر تبعيتها للاقتصاد الرأسمالي، خصوصاً ان مجموعة الدول العربية هي ضمن مجموعة الدول الاسلامية، وكل هذه الدول، هي من الدول النامية، لذلك فإن اوضاعها متشابهة من حيث علاقاتها الخارجية، مع الفارق الكبير في اوضاعها الاقتصادية. واذا كان التعاون الاقتصادي بين الدول الاسلامية، هو جزء لا يتجزأ من التعاون الدولي الشامل، غير انه من وجهة النظر الاسلامية لا بد ان يحكم هذا التعاون الاقتصادي بمجموعة من المعايير الاخلاقية، اوضحتها القمة الاسلامية الثالثة. ووفقاً لهذه الوثيقة التاريخية، يجب ان تقدم العلاقات الدولية على اساس من العدل والتعاضد والمصالح المتبادلة بما يكفل تضييق الفجوة الواسعة التي تفصل بين الدول الصناعية من جانب والدول النامية والفقيرة من جانب آخر. وفي هذا المجال يقول الدكتور أحمد محمد علي رئيس البنك الاسلامي انه "لا خيار امامنا سوى تكوين ديناميكية تجارية واقتصادية تمكن المؤسسات والمصارف الاسلامية من الوقوف امام التحديات الجسيمة وتضمن المشاركة العادلة في النمو الاقتصادي العالمي". وأكد ان "المصرف استعان بفريق من الشخصيات المرموقة من الدول الاعضاء للبحث في ما يتصل بأعداد الامة الاسلامية للقرن ال 21 في مجال التعاون الاقتصادي والتجاري والمالي". ويعترف بأن اهم العوائق التي تعترض توسيع نشاطات البنك، تكمن في مشاكل اعادة الهيكلة الاقتصادية في عدد من الدول الاعضاء، ودعا الى زيادة التعاون التجاري والاقتصادي بين هذه الدول، لأن الخطوة الاولى الاساسية لتكامل اقتصادي، وبالتالي انشاء سوق اسلامية مشتركة، تستند الى زيادة وتقوية المبادلات التجارية الاسلامية