على رغم محدودية التعديل الوزاري الذي أجراه الدكتور عبدالسلام المجالي رئيس الوزراء الأردني على حكومته، إلا أنه جاء تكريساً لنهج حكم أهل الثقة على حساب أهل الخبرة، وفقاً لسياسي أردني، هذا النهج الذي بدأ مع حكومة الدكتور عبدالسلام المجالي الأولى العام 1993 وتكرس فعلياً مع بداية عهد حكومته الثانية في آذار مارس من العام الماضي. ويشير السياسي الأردني إلى أن جميع المناصب "الحساسة" في الحكومة والإدارات العليا وحتى المواقع القريبة من الملك حسين تشغلها شخصيات، إما أمضت سنوات طويلة في الخدمة العامة، وإما من "حزب الوفد"، وهو المصطلح المتداول محلياً، في إشارة إلى أعضاء الوفد الأردني المفاوض مع إسرائيل منذ مؤتمر مدريد وحتى اليوم. ويقول إن جميع المفاوضين 32 شخصاً تم تعيينهم في مواقع رسمية أقلها بمرتبة سفير. واللافت بالفعل ان الدكتور عبدالسلام المجالي الذي قاد الوفد الأردني في مدريد يشغل الآن منصب رئيس الوزراء، بينما أصبح الدكتور فايز الطراونة الذي قاد الوفد خلفاً للمجالي عقب تشكيل حكومته الأولى رئيساً للديوان الملكي، فيما تسلم الدكتور جواد العناني نائب رئيس الوفد المفاوض حقيبة الخارجية، إضافة إلى موقعه كنائب لرئيس الوزراء لشؤون التنمية. وتضم الحكومة الحالية خمسة وزراء من المفاوضين الأردنيين. وعليه يمكن القول إن المفاوضين الأردنيين تسلموا حالياً الملفات الديبلوماسية والاقتصادية والسياسية، المحلية والخارجية. ولم يرَ المراقبون في التعديل الوزاري الذي خرج بموجبه ستة وزراء ودخل ستة آخرون بدلاً منهم، إضافة إلى تغيير حقيبتين، إضافة نوعية إلى الحكومة، بل أنه جاء مؤكداً النهج الذي سارت عليه الحكومة الحالية منذ تشكيلها، بدليل بقاء رجل الحكومة الجديد وزير الداخلية نذير رشيد في منصبه وإسناد حقيبتي الإعلام والخارجية إلى نائبي رئيس الوزراء عبدالله النسور وجواد العناني. ولم يظهر أي تغيير نوعي في الوزراء الستة الجدد سوى دخول الدكتور بسام العموش المفصول موقتاً من جماعة "الاخوان المسلمين" على خلفية موقفه المعارض لقرار "الجماعة" مقاطعة الانتخابات النيابية. وهنالك أربعة وزراء من الخمسة الجدد كان الدكتور المجالي اخرجهم من حكومته الأولى في تعديل وزاري وقد أعادهم هذه المرة وفق الأسلوب ذاته. وتؤشر أيضاً التغييرات الأردنية الأخيرة، على محدوديتها، إلى الموقف الأردني من الأزمة العراقية والأجواء الأردنية الداخلية في انتظار تطورات الأزمة ومدى تأثيرها على الأردن. فالمتابع للموقف الأردني منذ غزو العراق للكويت في صيف العام 1990 يلاحظ اليوم تغيراً واضحاً فيه، بسبب التطورات الكبيرة التي حصلت طوال السنوات الثماني الماضية، سواء على مستوى العلاقات الثنائية بين الأردنوالعراق أم على مستوى التطورات الاقليمية وبضمنها مسيرة السلام وعلاقات الأردن العربية والدولية.