قبل سنة من موعد الانتخابات التشريعية العامة في تونس انهى مجلس النواب الاستعدادات القانونية اللازمة تعبيراً عن الارادة السياسية في زيادة حضور الاحزاب الصغيرة المعارضة عادة في صفوف البرلمان. وقد اصبحت النصوص الدستورية والقانونية جاهزة كما تحددت الاجراءات المرتبطة بهذه الانتخابات الثامنة منذ الاستقلال في سنة 1956، وسيتم تنظيم تلك الانتخابات في شهر تشرين الثاني نوفمبر العام 1999. ووفقاً للقانون الجديد فانه لا يحق لأي حزب ان يحوز على اكثر من 80 في المئة من مقاعد البرلمان، والمعني بذلك الحزب الدستوري الحاكم. وبدلاً من حوالى 140 مقعداً للحزب الأول، اي حزب الغالبية و19 مقعداً لأحزاب المعارضة فإن البرلمان الذي سينبثق عن انتخابات خريف العام المقبل سيشهد مرور عدد النواب الوافدين من احزاب المعارضة الى 32 او 33 نائباً. وبذلك وواقعاً فان عدد النواب في البرلمان المقبل سيكون 163 نائباً 130 للحزب الأول الحاكم 144 بالضبط حاليا و33 للمعارضات المختلفة 19 حاليا. وسيكون معتمداً كما كان الشأن منذ انتخابات 1994 نظام الاقتراع الاغلبي على القائمات لاختيار النواب الپ130 في مستوى الدوائر، ثم يتم اللجوء في ما بقي لشكل من اشكال الانتخاب النسبي على المستوى الوطني لتوزيع بقية المقاعد اي 33 على الاحزاب، وفقاً لعدد الاصوات التي حصل عليها كل حزب لم يحصل على مقاعد وفق الطريقة الأولى، اي احزاب المعارضة وكل حزب بنسبة من الاصوات التي حصل عليها خلال عملية التصويت وهي واحدة للجميع. وزيادة عدد نواب المعارضة في مقابل تناقص العدد المنتظر لنواب الحزب الحاكم ليست نتيجة محتملة لتزايد الاصوات التي ستحصل عليها المعارضة، فكل الدلائل يشير الى ان تلك الاحزاب ما زالت من الضعف والوهن الى حد كبير وأن الاصوات التي حصلت وستحصل عليها لا تؤهلها للحصول على مقاعد مطلقاً في البرلمان، لا بالطريقة الغالبية ولا بالطريقة النسبية ولا بهما ممزوجتين لولا ارادة سياسية لتحقيق حضور للمعارضة من قبل السلطة لإسماع صوتها، اي المعارضة عبر الجهاز التمثيلي الأعلى اي مجلس النواب. وكانت المعارضة مجتمعة لم تتجاوز نسبة 3 في المئة من الاصوات الا بقليل في انتخابات 1994، ورغم ذلك حصلت مجتمعة على اكثر من 8 في المئة من المقاعد البرلمانية. ولن يكون الوضع افضل في الانتخابات المقبلة خصوصاً بعد ما اصاب تلك الاحزاب في غالبها من انشقاقات وخلافات زادت من ضعفها وقلة تمثيليتها وانصراف الناس عنها. وكان البرلمان الذي تنتهي ولايته قبل الانتخابات المقبلة شهد نجاح كل مرشحي الحزب الدستوري الحاكم على مستوى الدوائر، وتوزيع بقية المقاعد الپ19 على المستوى الوطني بين 4 من الاحزاب القانونية الستة في البلاد. ولعل السؤال المطروح في شأن الانتخابات المقبلة ليس من سيفوز في الانتخابات، فذلك امر مفروغ منه لانعدام التوازن بين الحزب الحاكم والاحزاب الصغيرة المعارضة، ولكن باحتمالات تمثيل كل الاحزاب المعارضة الستة القانونية في البرلمان او بعضها، والتوزيع الداخلي للمقاعد البرلمانية بين احزاب المعارضة وما اذا كانت حركة الديموقراطيين الاشتراكيين التي حصلت على المرتبة الأولى بأكثر من نصف المقاعد البرلمانية العائدة للمعارضات ستحتفظ بأسبقيتها، ام انها ستترك مكانها في زعامة المعارضة لحزب آخر من احزاب المعارضة؟