تحركت المياه الراكدة في حزب الوفد اكبر احزاب المعارضة وسارع عدد من اعضاء الهيئة العليا، أعلى سلطات الحزب، الى قصر فؤاد سراج الدين رئيس الحزب في جاردن سيتي ليجددوا ولاءهم ويعلنوا امام الباشا انهم لم يحضروا الاجتماع الذي حرّك الركود. ورد الباشا على هذه المبايعة المفاجئة بابتسامة صامتة تخفي وراءها معلومات سابقة نقلها له حفيده فؤاد بدراوي، عضو مجلس الشعب الذي يشغل منصب سكرتير عام مساعد الحزب ويقوم فعلياً بمهام السكرتير العام في ظل غياب سعد فخري عبدالنور صاحب المنصب الاصلي في باريس. الاجتماع الذي اثار الجدل داخل الحزب تم مرتين داخل مكتب حامد الازهري المحامي، عضو الهيئة العليا في الحزب، في منطقة العتبة وسط القاهرة. وقالت المصادر ان فؤاد بدراوي تمكن من نقل تقرير مفصل لجده الباشا عبر مصدر حضر الاجتماع في المرتين. وحضر الاجتماع 15 عضوا من أصل 60 هم مجموع اعضاء الهيئة العليا، بناء على دعوة من الدكتور نعمان جمعة نائب رئيس الحزب. وكان بين الحاضرين قيادات بارزة في الحزب منهم الدكتور محمود السقا ومحمود اباظة ابرز قيادات الحزب الشابة. والهدف المعلن من الاجتماع تجديد دماء الحزب وكسر حال السكون التي يعاني منها. اتهامات بمهادنة الحكومة مصدر حضر الاجتماع قال ل "الوسط" انه حين اتجهت المناقشات الى اعتبار الاجتماع بداية للدعوة لعقد جمعية عمومية للحزب تكهربت الاجواء وهدد البعض بالخروج من الاجتماع اعتراضا، فما كان من الدكتور نعمان جمعة الا ان قال "من يريد ان يستمر في الاجتماع فأهلا وسهلا ومن يريد ان يخرج من الاجتماع فلن يضرنا". لكن هذه الكلمات لم تدفع احداً الى المغادرة. في هذا الاطار تم الاتفاق على محاولة عقد الجمعية العمومية من خلال تجنيد 40 عضوا على الاقل من بين اعضاء الهيئة العليا لتكون لهم الغالبية، ودارت مناقشات على موازنة الحزب حيث انتقد بعضهم اداء ياسين سراج الدين شقيق الباشا عضو مجلس الشعب النائب الثاني لرئيس الحزب المنافس الاول للدكتور نعمان جمعة، ووصل الامر الى حد اتهام ياسين بمهادنة الحكومة وموافقته على كل التشريعات المعروضة على البرلمان من دون ان يرجع الى الهيئة العليا للحزب. لكن الاعضاء الخمسة عشر عقدوا اجتماعا ثانياً في المكان نفسه واتفقوا على تجهيز كشوف باسماء اعضاء الجمعية العمومية في جميع محافظات مصر، واعداد خطة خاصة يقوم بها كل من حضر الاجتماع على ان يسافر الى محافظته ويتفق مع اعضاء الحزب فيها ليحضروا الجمعية. وتقول مصادر حضرت الاجتماع ان الهدف من عقد الجمعية العمومية هو اختيار فؤاد سراج الدين رئيسا فخريا للحزب على ان يكون نعمان جمعة رئيسا للحزب ومحمود اباظة سكرتيرا عاما بدلا من سعد فخري عبدالنور. وأشارت الى ان المجتمعين اكدوا ان الجمعية العمومية اذا ما انعقدت ستعبر عن "تقديرها للدور التاريخي للباشا وجهوده وكفاحه في اعادة تأسيس الحزب" لكن هذا كله انفرط تماماً بمجرد ان تسرب خبر الاجتماعات. ويرى مطلعون على أوضاع الوفد ان قيادة الحزب تعاني من فراغ شديد لا سيما بعد تدهور صحة الباشا الذي انقطع عن حضور اجتماعات الحزب منذ اشهر عدة، وعلى رغم انه تعافى من سقوطه على سلم القصر بسبب التفاف سلك التلفون على قدمه، إلا انه الآن وقد بلغ عامه السابع والثمانين لا يقوى على الحراك الا بمساعدة شخص، ويؤكد المقربون منه ان الشيخوخة اثرت في احواله العامة الا انها لم تؤثر في ذاكرته وقوه ادراكه. ودفع هذا الحادث الكثيرين داخل الحزب الى الحديث عن البديل، وسرعان ما ظهرت صراعات اجنحة ترى ان لها نصيبا في القيادة اذا ما غاب الباشا، وهو ما دفع فؤاد سراج الدين في محاولة لاعادة التوازن الى الداخل الى تعيين اخيه ياسين سراج الدين نائبا له في مقابل النائب الاول الدكتور نعمان جمعة حتى يكون طرف الصراع داخل الحزب على درجة واحدة من المساواة. وكشف نعمان جمعة عن قوته اكثر من مرة ليس آخرها تلك الاجتماعات التي اثارت الجدل وانما ايضا حين نفذ بروفة لدى سيطرته على الجمعية العمومية في حزيران يونيو 1996 عندما وافقت الجمعية على تعديلات لائحة الحزب التي كان اعدها هو مع الباشا. الا ان هذا لا ينفي ظهور اتجاه في ذلك الاجتماع لانتخاب فؤاد سراج الدين رئيساً شرفياً للحزب، اجهضه حضور الباشا شخصياً الجمعية العمومية مدعوما بعدد كبير من ابناء بلدته حشدهم حفيده فؤاد بدراوي. جمعية عمومية مستحيلة من جانبه علق ياسين سراج الدين على الصورة السابقة قائلا ل "الوسط" ان اجراءات عقد الجمعية العمومية شديدة الصعوبة، فمن الذي يستطيع ان يجمع 800 توقيع من اعضاء الجمعية من اصل 1200 عضو كي تتوافر الشروط القانونية لصحة الدعوة، حسب نص اللائحة الجديدة التي تشترط ايضاً ان تعقد الجمعية كل خمس سنوات وان تكون الدعوة صادرة عن رئيس الحزب وهي لا تعقد بشكل طارئ الا اذا طلب ذلك ثلثا اعضاء الهيئة العليا، وهذا يكاد يكون مستحيلا. واضاف سراج الدين: "اذا فرض ان هناك اجتماعات عقدت لاقالة فؤاد باشا من رئاسة الحزب فإن هذا يستحيل تنفيذه لأن الجمعية العمومية تدين بالولاء لفؤاد باشا، وكل عضو مخلص يخشى اليوم الذي يفقد فؤاد باشا صحته "والاعمار بيد الله" ولا يمكن لأحد ان يملأ الفراغ الذي يتركه الباشا لانه بشخصيته وتاريخه موضوع اجماع اعضاء الحزب الذين يدينون له بالولاء، وارجو ان يسير الباشا في جنازة من يتطلع لأخذ موقعه". اما الحفيد فؤاد بدراوي فقال ل "الوسط" ان ما تم تسريبه عن اجتماعات بعض اعضاء الهيئة العليا "فوت فرصة كبيرة في كشف نياتهم وتطلعاتهم امام فؤاد باشا". وقال عبدالمنعم حسين امين صندوق حزب الوفد ان الذين احتجوا من اعضاء الهيئة العليا "ليس لهم وزن حزبي ولا يكون لهم اي ميزة الا اذا كنت انا شخصيا مجتمعاً معهم على اساس انني امين صندوق الحزب" .