كثيراً ما تستحق السيدة الأولى لقب المشكلة الأولى خصوصاً حين تقرر انها ليست زوجة الحاكم فقط بل شريكته في الحكم. ولا تقتصر المشكلة على اسرائيل لكنها بدت هناك فاقعة أكثر. بدأت مشاكل سارة نتانياهو مع الحديث عن زوجها السابق و"الأشرطة الحميمة". ثم تفاقمت حين بادرت سارة الى اطلاق مجموعة من الفضائح التي تضاعف متاعب زوجها. يبدو أن سارة، الزوجة الثالثة لرئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو، صورة طبق الأصل لزوجها. فمثلما يخفق بيبي في فعل ما هو صواب أو صحيح، ومثلما لا يتعلم من أخطائه، يظهر أن سارة عاجزة عن التصرف بالطريقة التي تليق بالسيدة الاسرائيلية الأولى. فهي مثل زوجها لا تكاد تخرج من كارثة من كوارث العلاقات العامة، حتى تقع في كارثة أخرى وكأنها كما قالت عنها صحيفة ال "غارديان" البريطانية حقاً "السيدة الأولى من جهنم!". فمنذ فوز نتانياهو في الانتخابات قبل أكثر من سنة، لا يمر أسبوع دون أن تحتل سارة، التي التقت بيبي حين كانت مضيفة طيران وتزوجا لاحقاً، العناوين الرئيسية. وهي عناوين، كتلك التي تتحدث عن أداء زوجها، أبعد ما تكون عن الثناء أو المجاملة. بعد فوز زوجها في الانتخابات أطلت سارة عبر مشكلة "الخادمة". وبعدئذ اطلعنا على قصة "المربية" السابقة التي رفعت الآن قضية تطالب فيها نتانياهو وزوجته بالتعويض عليها بمبلغ مئة ألف دولار لأنهما طرداها ظلماً وبهتاناً، ولأن سارة طردتها من المنزل بعد المشاجرة التي جرت بينهما، ولأن أسرة نتانياهو لم تدفع لها رواتبها المستحقة لها. أما سبب الشجار بالمناسبة فهو أن سارة اتهمت المربية بأنها "أحرقت الحساء". وفي الشهادة التي أدلت بها المربية الجنوب افريقية أمام محكمة اسرائيلية قالت ان سارة أنّبتها بشدة لأنها أكلت حبة من البندورة وقالت لها انها غالية جداً. وربما لا يكون في ذلك كله ما يقلق. لكن المشكلة حدثت في الوقت الذي كانت فيه سارة تطور شخصيتها وتهيئ نفسها للقيام بدور السيدة الأولى بعيد فوز زوجها، ما دفع البعض الى الاعتقاد بأن سارة تفتقر الى التوازن. ولما كان المجتمع اليهودي الاسرائيلي "صغيراً" نسبياً فإن كل شخص الآن يدعي أنه يعرف زوجة رئيس الوزراء أو يعرف شخصاً آخر يعرفها بدوره، الى درجة أن أحد الصحافيين الاسرائيليين قال لي ان سارة انتزعت طلب يدها في الزواج من نتانياهو انتزاعاً. وسواء أكانت القصص صحيحة أم لا فإن أي خبر أو قصة سلبية عن زوجة بيبي الثالثة لها جذورها من الحقيقة. وتذكر وسائل الاعلام ان مشكلات سارة الحقيقية بدأت بالاتفاق الذي صاغه المدعي العام يعقوب نعمان الذي أصبح في ما بعد وزيراً للعدل وهو الآن وزير المال بين سارة وزوجها في شهر آذار مارس 1993 بعدما اعترف نتانياهو انه خان زوجته. ففي تلك الفترة كان نتانياهو يخوض معركة زعامة ليكود ما يعني أنه لم يكن في مقدوره أن يتعرض لمثل تلك الفضيحة. لكن الأنباء عن غراميات نتانياهو وقصصه النسائية سرعان ما أصبحت عناوين رئيسية في الصحف الاسرائيلية. وادعى مؤيدو نتانياهو ان ديفيد ليفي متحديه في انتخابات الزعامة هو الذي أشاع تلك القصص. وإثر ذلك طلبت سارة من نعمان وضع ذلك الاتفاق الذي يقال انه يحتوي على بند يحتم على رئيس الوزراء اصطحاب زوجته معه في جميع رحلاته وأسفاره. ولما كانت سارة تصر على أنها لا تستطيع الافتراق عن ولديها الصغيرين فإن هذا يعني أن على نتانياهو أن يصطحب العائلة كاملة معه في جميع رحلاته. وفي شهر حزيران يونيو الماضي بدأت مشاكل سارة ومصاعبها تزداد تعقيداً إثر صدور كتاب: "نتانياهو: الطريق الى الحكم" الذي كتبه اثنان من مشاهير الصحافيين الاسرائيليين. فقد وصف الكاتبان سارة بأنها امرأة "ثقيلة الظل وغيورة". ويقول الكتاب الذي لقي رواجاً واسعاً في اسرائيل ان سارة تلقت بعد فوز نتانياهو في الانتخابات بأيام قليلة مكالمة هاتفية، وكانت المتحدثة ليمور ليفانت وهي من الشخصيات الرائدة في ليكود وشغلت منصباً وزارياً في حكومة نتانياهو. لكن سارة رفضت أن تسمح لزوجها بالحديث الى ليفانت. ويشرح الكتاب هذه الحادثة كما يلي: سارة: أنت تعرفين أن الوقت الآن هو مساء الجمعة. ولذا أطلب منك أن لا تتصلي في مثل هذا الوقت. بيبي يجلس مع الأطفال. انك لا تكفّين عن الاتصال، فأنت تتصلين دائماً وهذا يثير الازعاج الشديد. ليفانت: هذا غير صحيح. فأنا لا أتصل بكم في مثل هذا الوقت اطلاقاً. علاوة على ذلك ان بيبي هو الذي طلب مني أن اتصل هاتفياً. وعندما رفضت سارة السماح لزوجها بالحديث الى الوزيرة، قالت ليفانت: لا شك في أنك مجنونة فعلاً. انني أصدق الآن كل شيء سمعته عنك. وبعد ذلك بدقائق قليلة اتصل نتانياهو بليفانت واعتذر عن تصرف زوجته. لكن الكتاب يقول ان سارة أصدرت تعليمات الى كبير مساعدي زوجها لكي يضمن عدم اتصال ليفانت بمنزل رئيس الوزراء ثانية مهما كانت الأسباب. الحديث الفضيحة كذلك لم تنس سارة موضوع ليفانت في المقابلة التلفزيونية التي سجلتها في أواخر شهر حزيران يونيو الماضي. إذ أن زوجة رئيس الوزراء الاسرائيلي تقول في تلك المقابلة التي قرر التلفزيون الاسرائيلي عدم اذاعة أجزاء منها، ولكنها أصبحت معروفة لدى الاسرائيليين انها تشعر بالرغبة في الهجرة من اسرائيل، وانه لو كان الأمر بيدها لما بقيت ليفانت في الحكومة، وان رئيس الوزراء السابق شمعون بيريز يخون زوجته سونيا التي تقضي جميع أوقاتها وهي تغسل الصحون وتلعب ورق الشدّة. كذلك أوردت سارة بعد انتهاء تسجيل المقابلة معها أسماء الساسة الذين ادعت انهم يخونون زوجاتهم. وحين سئلت عن شعبيتها قالت: "هل تعرفين للمذيعة عدد الذين حاولوا أن يناموا معي، بمن فيهم أعضاء في الكنيست؟". وحين سألتها المذيعة ما اذا كانت شكوكها في وجود علاقة غرامية بين نتانياهو وليفانت هي التي جعلتها تعارض تعيين ليفانت وزيرة للاتصالات، قالت سارة ان ليفانت "تريد الاطاحة بزوجة رئيس الوزراء، وهي لا تعرف رأي بيبي فيها". ورغم ان الناطق باسم نتانياهو اعتذر نيابة عنها على ما ورد في تلك المقابلة فإن مستشار بيريز للشؤون الاعلامية أعرب عن المشاعر التي يحس بها الكثيرون من الاسرائيليين حين قال: "ان سارة نتانياهو لا تستحق أي تعليق، كما ان سلوكها يجر العار عليها وعلى دولة اسرائيل بكاملها". مع ذلك، هناك مجموعة صغيرة، ولكنها نافذة، من مؤيدي زوجة رئيس الوزراء. اذ نظمت تظاهرات صغيرة للاعراب عن تأييدها لها، كما ان أحد رجال الأعمال استأجر طائرة للتحليق على طول المنتجعات الساحلية التي يرتادها الاسرائيليون، وهي تحمل يافطة ضخمة كتب عليها: "سارة... كوني قوية، فشعب اسرائيل وراءك". وفي الآونة الأخيرة كتب أحد المعلقين: "ربما لا تكون سارة نتانياهو أذكى سيدة أولى في تاريخ اسرائيل، لكنها ليست أسوأ تلك السيدات. وأنا على استعداد للمراهنة بأن يائيل دان لو قابلت باولا بن غوريون لحصلت منها على تعليقات وتصريحات لا تقل، ان لم تزد، في رُخصها وكراهيتها، على ما أدلت به سارة نتانياهو. هل نسينا أن باولا زوجة بن غوريون استولت على الميكروفون أثناء حفل استقبال راقص كبير وأخذت تنبح أمام الآلاف وتقول: انني لست مجرد زوجة بن غوريون ولكنني المرأة التي صنعته أيضاً. وبعد ذلك تلومون سارة لأنها لم تسمح للوزيرة ليفانت بالحديث الى بيبي على الهاتف مساء الجمعة؟ هل نسيتم أن باولا كانت تدقق في كل رجل أو امرأة يحضرون الى بيتها وترفض السماح، تبعاً لذوقها بدخول من تشاء؟". "أما سونيا بيريز فنادراً ما رافقت زوجها، مما جعل الناس في اسرائيل لا يعرفون الكثير عنها". "على النقيض من ذلك كانت ليا رابين نشطة جداً الى درجة أنها تحظى في الولاياتالمتحدة باحترام أكبر مما تحظى به في اسرائيل نفسها. وعلينا ان نتذكر أن حسابها غير المشروع بالدولار في الخارج هو الذي أدى الى استقالة زوجها عام 1976 ومهّد الطريق أمام فوز مناحيم بيغن في انتخابات عام 1977". ويقول أفيرام غولان في تعليق في صحيفة "هآرتس": "لقد اعتادت السيدات الاسرائيليات الأول في الماضي أن يختبئن وراء المكاتب. كما أن الصحف لم تكن على هذه الدرجة من التحقيق والاستقصاء والمتابعة ما يعني أن سلوكهن ومشاكلهن ومصاعبهن ظلت في طي الكتمان. لكن المعايير الصحافية تغيرت كثيراً منذ ذلك الوقت، وصار في وسع الاعلام الالكتروني بمختلف أشكاله أن يكشف أسرار الساسة وأسرار حياتهم الخاصة الى الدرجة التي لم يعد لهم معها حياة خاصة، وفوق كل ذلك لدينا الآن مشكلة جديدة وهي مشكلة النظام الانتخابي الجديد الذي أصبح لسوء الحظ تقليداً رخيصاً ومبتذلاً للنظام الأميركي ومحاكاة عمياء له، لأنه يضع المرشح في قلب المعمعة والى جانبه زوجته الوديعة الجميلة الدائمة الابتسام وكأنها امتداد للسترة التي يرتديها". ومن المؤكد أنه ليس في وسع أي امرأة في العالم ان تنجح في هذا الدور المضني الشاق. فما بالك إذن بسارة نتانياهو! .