من يثق برئيس وزراء اسرائيل ؟ حتماً ليست زوجته ساره . كنت عندما زار بنيامين نتانياهو وأبو عمار لندن قبل اسبوعين سجلت ان ساره ترافق زوجها لأنها لا تثق به قريباً أو بعيداً، وهي بعد ان تكرّرت خيانته لها، هدّدته وانتهت معه إلى اتفاق ألا يسافر من دونها. موضوع ساره انفجر من جديد هذا الاسبوع عندما نشرت "مجلة نيويوركر" تحقيقاً طويلاً كتبه ديفيد ريمنك، ونسب فيه الى ديفيد بار - ايلان قوله ان ساره نتانياهو "مهزوزة". بار - ايلان مسؤول عن العلاقات العامة في مكتب رئيس وزراء اسرائيل، ويعتبر من أهم أنصار نتانياهو ومؤيديه، لذلك فكلامه عن ساره، الذي اتبعه بكلام عن نتانياهو نفسه، كان كارثة إعلامية لرئيس الوزراء وزوجته. وبما ان بار - ايلان يكذب كرئيسه فهو أنكر أن يكون أدلى بأي تصريح الى ريمنك، غير أن النفي أثبت التهمة، فالصحافي الأميركي هذا صاحب سمعة كبيرة، وقد فاز بجائزة بوليتزر عن عمله، وهي تعادل للصحافة جائزة نوبل المعروفة. بار - ايلان قال ان ساره "تحت السيطرة الآن" بعد فضائحها الكثيرة، ثم أكمل بزوجها. وكنت قلت في اشارتي الى نتانياهو إنه إذا كانت زوجته لا تثق به فلماذا يتوقع من الرئيس الفلسطيني ان يثق به؟ وجاءت تصريحات بار - ايلان لتظهر ان الناطق باسم رئيس الوزراء لا يثق به، فهو تحدث عن اعتراف نتانياهو بخيانة زوجته، وسجّل انه خانها مع امرأة متزوجة، ثم تحدث عن علاقاته مع نساء غير يهوديات، وقارن بين نتانياهو وموشي دايان الذي أقام علاقات مع نصف المجندات في الجيش الاسرائيلي، ولاحظ ان دايان لم يدع انه شيء غير حقيقته، أما نتانياهو فقد أصبح بعد انتخابه رئيساً للوزراء يصلي في الأعياد اليهودية، وربما زار حائط المبكى، إلا أن الكل يعرف أنه علماني لا تهمه أمور دينه. والمقال الأميركي لا يكتفي بساره نتانياهو وبار - ايلان، فهو ينسب الى رئيس الوزراء السابق شيمون بيريز قوله ببساطة ان "نتانياهو غير جدير بالثقة". وفي حين ان مثل هذا الموقف متوقع من زعيم معارض، فإن من المعروف أن وزير البنية التحتية اريل شارون الذي ينافس نتانياهو في التفكير الاجرامي، لا يثق برئيس وزرائه، وعندما أبعد عن اجتماعات الوزارة المصغرة في بداية عهد الحكومة ثار وهدد بالاستقالة لأنه لا يثق بما يطبخ نتانياهو سراً. الواقع ان رأي بار - ايلان في بيبي وساره لم يفاجئ كثيرين في اسرائيل، والصحف هناك نشرت فوراً قصصاً عن الموضوع، مثل توبيخ ساره نتانياهو موظفة في مكتب زوجها وقول بار - ايلان لهذه الموظفة ألا تحمل ساره محمل الجد لأن "لها عقل طفل في الثالثة من عمره"، وأنه لا يحترم نتانياهو. ولعل اموس غيلبوا عبّر عن رأي اسرائيليين كثيرين عندما كتب الاسبوع الماضي في "معاريف"، قبل انفجار الضجة الأخيرة، مقالاً بدأه بهذه الكلمات: "ماذا يريد رئيس الوزراء ان يحقق في المفاوضات مع الفلسطينيين؟ ما هو هدفه السياسي؟ أنا شخصياً، وكمواطن اسرائيلي، لا أعرف أبداً...". وإذا كان الاسرائيلي لا يعرف، فإن لا عجب أن يضيع مع نتانياهو الشرق والغرب. وكانت وزيرة الخارجية الأميركية السيدة مادلين أولبرايت صرحت مرة بأن نتانياهو يستطيع ان يكذب علينا تقصد الأميركيين مرة أو اثنتين، إلا أنه لا يستطيع ان يكذب كل مرة. وبما انني سجلت رأي الرئيس مبارك والملك حسين فيه غير مرة فإنني لن أكرره، ولكن أتوقع أن يلقى السوريون واللبنانيون نصيبهما من كذبه إذا تفاوضوا معه. وهناك الآن مواجهة ساخنة مع الأوروبيين موضوعها مقاطعة منتجات المستوطنات، مع تهديد نتانياهو أوروبا كلها بعد أميركا، وزعمه ان الموقف الأوروبي متحيز أوروبا سبب اقامة اسرائيل وأميركا سبب استمرارها، ونتانياهو يجدهما متحيزتين ضدها. ومرة أخرى، ساره لا تثق ببيبي، وبار - ايلان لا يحترمه، وأعضاء حكومته لا يثقون به وكذلك المعارضة الاسرائيلية، وأميركا وأوروبا. بل ان سنغافوره رفضت استقباله أمس لنكوصه عن السلام. ومع ذلك يُطلب من العرب ان يثقوا به.