لو لم تكن العاصمة اللبنانية هي التي تحتضنه، لجاز اعتبار المهرجان المسرحي الجديد الذي سيرى النور خلال الشهر المقبل، تظاهرة أخرى تضاف إلى ركام المهرجانات العربيّة التي بدأت تثقل على المسرح، وتخاطر بخنقه واستنفاد طاقات مبدعيه وتحويل أعمالهم مجرّد سلع للاستهلاك في المناسبات. لكنّ بيروت أحوج ما تكون اليوم إلى مثل تلك الواحة، التي تشكّل فسحة حياة لجيل جديد يتخبّط في الرمال المتحرّكة، ولا يجد لنفسه مكاناً في أدغال الجمهوريّة الثانية، بعد أن صمت جيل المؤسسين وانحسر الحيّز المتروك للابداع والثقافة حتّى التلاشي... "مهرجان المسرح اللبناني" تنظّمه جمعيّة "أيلول" للفنّ المعاصر، وهي مستقلّة عن أي جهة سياسيّة أو رسميّة. ومن المؤسف أن يقام بين 5 و15 أيلول سبتمبر المقبل، فيتقاطع موعده مع "مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي" حارماً بيروت من حضور أهل الخشبة العرب، وحارماً المشاركين فيه من فرصة الذهاب إلى القاهرة. والمغامرة تخوضها باسكال فغالي، وهي مثقّفة شابة درست على السينمائي جان روش في فرنسا، ثم عادت للعمل في "مسرح بيروت" قبل أن تستقلّ بمشروعها الخاص وتحظى بدعم مؤسسات عالميّة رصينة. شاءت فغالي أن تجمع عدداً من الفنّانات والفنّانين الشباب الذين برزوا في السنوات الأخيرة، وأن تضع العروض المسرحيّة في مواجهة الفيديو والفنّ الانشائي، ساعية إلى فرز ملامح تيّار فنّي متكامل وجديد، يساهم في صياغة صورة المستقبل. هكذا يشتمل برنامج الدورة الأولى على أعمال مسرحيّة، ستتوزّع على خشبات المدينة، لكلّ من سهام ناصر وفادي أبو خليل وربيع مروّه ولينا صانع. كما يقام معرضان انشائيان لوليد صادق وأمل سعادة، ويعرض شريط فيديو لأكرم زعتري. ويخصّص المهرجان فسحة للنقاش والندوات والمحترفات التدريبيّة، ولا يستضيف في دورته الأولى الا عرضاً أجنبياً واحداً، هو مسرحيّة "المنفّذ رقم 14" لعادل الحكيم اللبناني الأصل وهي من وحي الحرب الأهليّة اللبنانيّة.