البصيلي يلتقي منسوبي مراكز وادارات الدفاع المدني بمنطقة عسير"    مصرع 12 شخصاً في حادثة مروعة بمصر    ماجد الجبيلي يحتفل بزفافه في أجواء مبهجة وحضور مميز من الأهل والأصدقاء    رؤساء المجالس التشريعية الخليجية: ندعم سيادة الشعب الفلسطيني على الأراضي المحتلة    قرارات «استثنائية» لقمة غير عادية    «التراث»: تسجيل 198 موقعاً جديداً في السجل الوطني للآثار    رينارد: سنقاتل من أجل المولد.. وغياب الدوسري مؤثر    كيف يدمر التشخيص الطبي في «غوغل» نفسيات المرضى؟    ذلك «الغروي» بملامحه العتيقة رأى الناس بعين قلبه    على يد ترمب.. أمريكا عاصمة العملات المشفرة الجديدة    عصابات النسَّابة    «العدل»: رقمنة 200 مليون وثيقة.. وظائف للسعوديين والسعوديات بمشروع «الثروة العقارية»    فتاة «X» تهز عروش الديمقراطيين!    رقمنة الثقافة    الوطن    الشركة السعودية للكهرباء توقّع مذكرة تفاهم لتعزيز التكامل في مجال الطاقة المتجددة والتعاون الإقليمي في مؤتمر COP29    محترفات التنس عندنا في الرياض!    هيبة الحليب.. أعيدوها أمام المشروبات الغازية    صحة العالم تُناقش في المملكة    المالكي مديرا للحسابات المستقلة    استعراض جهود المملكة لاستقرار وإعمار اليمن    وصول الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 إلى لبنان    أسرة العيسائي تحتفل بزفاف فهد ونوف    بحضور الأمير سعود بن جلوي وأمراء.. النفيعي والماجد يحتفلان بزواج سلطان    أفراح النوب والجش    الطائرة الإغاثية السعودية ال 23 تصل إلى لبنان    أكبر مبنى على شكل دجاجة.. رقم قياسي جديد    استعادة التنوع الأحيائي    الطائف.. عمارة تقليدية تتجلَّى شكلاً ونوعاً    الخليج يتغلّب على كاظمة الكويتي في ثاني مواجهات البطولة الآسيوية    لاعبو الأندية السعودية يهيمنون على الأفضلية القارية    «جان باترسون» رئيسة قطاع الرياضة في نيوم ل(البلاد): فخورة بعودة الفرج للأخضر.. ونسعى للصعود ل «روشن»    تعزيز المهنية بما يتماشى مع أهداف رؤية المملكة 2030.. وزير البلديات يكرم المطورين العقاريين المتميزين    حبوب محسنة للإقلاع عن التدخين    أجواء شتوية    المنتخب يخسر الفرج    رينارد: سنقاتل لنضمن التأهل    ترامب يختار مديرة للمخابرات الوطنية ومدعيا عاما    قراءة في نظام الطوارئ الجديد    فيلم «ما وراء الإعجاب».. بين حوار الثقافة الشرقية والغربية    «الشرقية تبدع» و«إثراء» يستطلعان تحديات عصر الرقمنة    «الحصن» تحدي السينمائيين..    الرياض .. قفزات في مشاركة القوى العاملة    مقياس سميث للحسد    أهميّة التعقّل    د. الزير: 77 % من النساء يطلبن تفسير أضغاث الأحلام    كم أنتِ عظيمة يا السعوديّة!    التقنيات المالية ودورها في تشكيل الاقتصاد الرقمي    السيادة الرقمية وحجب حسابات التواصل    العريفي تشهد اجتماع لجنة رياضة المرأة الخليجية    الذاكرة.. وحاسة الشم    السعودية تواصل جهودها لتنمية قطاع المياه واستدامته محلياً ودولياً    أمير المدينة يتفقد محافظتي ينبع والحناكية    وزير الداخلية يرعى الحفل السنوي لجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية    محافظ الطائف يرأس إجتماع المجلس المحلي للتنمية والتطوير    نائب أمير جازان يستقبل الرئيس التنفيذي لتجمع جازان الصحي    محمية جزر فرسان.. عودة الطبيعة في ربيع محميتها    إضطهاد المرأة في اليمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قمة الدوحة الاقتصادية بين الانعقاد والتأجيل والالغاء . تجديد الانقسام العربي أو ربط الاقتصاد بالسلام

تواصل السلطات القطرية، على رغم قرارها المثير للجدل استضافة القمة الاقتصادية الرابعة للشرق الأوسط وشمال افريقيا، استعداداتها لانعقاد القمة. وبدأ أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني نشاطاً ديبلوماسياً بلغ ذروته بعقد قمة قطرية - أميركية في واشنطن لتمهيد الوضع حتى تلتئم القمة في موعدها قبل نهاية العام الحالي.
وتتسم القمة بأنها مثار جدل بسبب اصرار دول عربية عدة على انها تمثل تطبيعاً للعلاقات مع اسرائيل، في وقت لم تحرز عملية احلال السلام تقدماً يذكر. وترى دول عربية أخرى ان التئام القمة سيكون مخالفة سافرة لقرار القمة العربية وقف التطبيع مع الدولة العبرية.
وتقول بلدان خليجية انه إذا لم يكن هناك مناص من انعقاد مؤتمر القمة الاقتصادي فلتنطلق أعماله من دون مشاركة اسرائيلية. وترى أطراف عربية عدة ان اصرار الولايات المتحدة على عقد المؤتمر ومشاركة اسرائيل فيه يحتمان على العرب عدم ترك الساحة خالية لاسرائيل.
عاد موضوع القمة الاقتصادية الرابعة للشرق الأوسط وشمال افريقيا المقرر عقدها في الدوحة من 16 تشرين الثاني نوفمبر المقبل إلى 18 منه ليحتل، الى جانب عملية السلام المتعثرة، واجهة الأحداث في المنطقة. وجاءت الموافقة القطرية التي تؤكد استضافة هذه القمة لتضيف الى الموقف العربي المشتت أصلاً بعداً سلبياً جديداً من شأنه ان يساهم في حالات من الانقسام واضفاء أجواء من الجفاء السياسي الذي سيزيد الأوضاع تعقيداً.
ففي خضم هذه العودة المفروضة للدخول مجدداً في دوامة السلام الاقتصادي يطرح السؤال: لماذا الاسراع في إعلان عقد هذه القمة، علماً ان الهيئة العليا للأمانة الدائمة المنبثقة عنها المؤلفة من عشرة أعضاء والمكلفة الاعداد لها لم تجتمع منذ انتهاء القمة الثالثة التي انعقدت في القاهرة العام الماضي؟
الجواب عن هذا التساؤل يأتي هذه المرة من المغرب، الدولة التي استضافت القمة الاقتصادية الأولى، كاشفاً الأسباب والخلفيات التي دفعت بالعراب الرئيسي لهذه القمم - الولايات المتحدة - إلى تحريك جميع آليات هذه المؤسسة في آن معاً.
الدار البيضاء: وثيقة حيّة ولكن…
بدأت العودة الى دوامة السلام الاقتصادي مع التصريح الذي أدلى به المغربي مصطفى التراب الأمين العام التنفيذي للقمة الاقتصادية للشرق الأوسط وشمال افريقيا. فمن خلال هذا التصريح الذي جاء بمثابة صفارة الانذار لجميع شركاء هذه العملية التي انطلقت من الدار البيضاء في تشرين الثاني 1994، أشار التراب الى احتمال إعادة المغرب النظر في وجود مكتب الامانة العامة في الرباط، لأن الأسباب التي اوجدته، اضافة إلى الأهداف المرجوة منه، لم تتحقق بعد مرور ثلاث سنوات. وتجدر الاشارة الى ان "اعلان الدار البيضاء" نص على الربط العضوي بين التقدم على المسار السياسي في عملية السلام والاندماج الاقتصادي بين دول المنطقة من خلال انشاء المؤسسات المشتركة وفتح المجالات أمام بناء تحالفات بين القطاعين العام والخاص فيها. أي ان الاعلان أكد ضرورة إيجاد الدول المعنية بالعملية السلمية آليات ملائمة قادرة على ترجمة أي تقدم على المستوى السياسي بمشاريع اقتصادية اقليمية.
ولكن قبل وصول بنيامين نتانياهو الى السلطة في اسرائيل، لاحظ المراقبون ان نجم القمم الاقتصادية بدأ بالأفول، فالتطور السلبي الذي طرأ على عملية السلام نتيجة تعنت الطرف الاسرائيلي جمّد نشاطات جميع المؤسسات المنبثقة عن قمة الدار البيضاء، خصوصاً تلك العائدة إلى الأمانة العامة التنفيذية التي تتخذ من العاصمة المغربية مقراً دائماً لها. وكانت هذه المؤسسات لمست التراجع الحاصل من خلال القمة الاقتصادية الثالثة التي عقدت في القاهرة العام الماضي. فالمشاركون العرب، بمن فيهم المصريون، عمدوا الى تفادي اجراء اتصالات جدية مع العدد الكبير والملفت من الرسميين ورجال الأعمال الاسرائيليين الذين وفدوا الى القاهرة أملاً بتوقيع اتفاقات للشراكة في كثير من المجالات. وآثرت السلطات المصرية ووسائل اعلامها على التأكيد مراراً أن هذه التظاهرة لا تتعدى اطار "الندوة الاقليمية".
امام ترسخ هذا الواقع التراجعي الذي من شأنه تفكيك بنيات مؤسسات القمة الاقتصادية والغاء الأهداف التي نشأت من أجلها، قرر المغرب التحرك لحسم المسألة سلباً او ايجاباً. وكان التصريح الذي أدلى به التراب في شأن احتمال اعادة النظر في وجود مكتب الامانة في الرباط، الاختبار الأول لهذا التحرك. فبعد أقل من 48 ساعة جاء رد الفعل من الهيئة العليا للأمانة المكونة من الولايات لمتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي واليابان وكندا والمغرب والأردن واسرائيل وقطر والسلطة الوطنية الفلسطينية والمنتدى الاقتصادي العالمي - دافوس بالدعوة إلى لقاء عاجل في واشنطن في 8 ايار مايو. اما جدول الأعمال فانحصر ببند واحد هو "سبل تصويب الأوضاع وتحريك الامانات تمهيداً للاعداد للقمة الاقتصادية الرابعة في الدوحة".
وفي الموعد المحدد استهلت السفيرة الأميركية توني فيرستاندغ مساعدة للوسيط الأميركي دنيس روس الاجتماع بالتأكيد ان اعلان الدار البيضاء وثيقة حيّة، وأن تنفيذها مسؤولية جميع الشركاء، وعلى كل قمة اقتصادية مقبلة الاستناد الى مبادئها. واختتمت السفيرة مداخلتها بالاشارة الى ان ما جاء على لسانها يمثل موقف وزارة الخارجية الأميركية.
وما أقر في اجتماع واشنطن يمثل، في الوقت نفسه، تصويباً للمسار والاعتراف بالدور الذي تقوم به الامانة العامة التنفيذية في الرباط. ولمزيد من الدلالة على هذا التوجه، دعت الهيئة العليا الدول الأعضاء الى تقديم الدعم المادي والمعنوي لهذه المؤسسة. وكانت الولايات المتحدة اول المبادرين بتقديم 100 ألف دولار لتسديد التزاماتها حيال نفقات الأمانة.
الأجواء مختلفة
هل يمكن اعتبار تحريك الامانات التابعة للقمة الاقتصادية دليلاً على دعوة الربط الدائم بين المسار الاقتصادي والتقدم الذي يمكن ان يطرأ على المسار السياسي؟
يتجنب المسؤولون المغاربة، الذين التقتهم "الوسط" في الرباط، الرد على هذا السؤال مكتفين بالاشارة الى ان الأجواء الحالية بعيدة كل البعد عن تلك التي رافقت قمة الدار البيضاء. فعملية السلام باتت اليوم مهددة. لذا كيف يمكن الحديث عن شراكات اقتصادية والخروج بمشاريع اقليمية كبناء الأسواق وانشاء المصارف المتخصصة في الوقت الذي تغلق اسرائيل الحدود مع المناطق الفلسطينية؟ فالحد الأدنى من التزام مقررات الدار البيضاء مفقود في هذه المرحلة. ويلتقي مضمون هذا التحليل مع وجهة النظر التي يتبناها التراب العائد لتوه من اجتماع واشنطن، إذ اكد لپ"الوسط" انه لم يعد بامكان المغرب الاحتفاظ بأمانة عامة شكلية، يتحمل بمفرده عبء نفقاتها ويؤمن الغطاء اللازم لها، في وقت تستمر اسرائيل في خرق ميثاق الدار البيضاء. وأضاف ان بلاده "ترفض في كل الاحوال ان تتحول القمة الاقتصادية مؤتمراً، او ندوة للأعمال والصفقات المتنقلة في المنطقة".
حشود وضغوط
وتؤكد مصادر مغربية ان قطر تتحمل في نهاية المطاف مسؤولية القمة المقبلة لتأمين احترام المبادئ الأساسية التي قامت عليها القمة الاقتصادية الأولى، أي ان يكون التقدم السياسي المحرك الأول للعجلة الاقتصادية وليس العكس. الأمر الذي لا يبدو وارداً على رأس أولويات الادارة الأميركية التي باتت - حسب بعض المسؤولين في الاتحاد الأوروبي - مصممة على عقد قمة الدوحة في موعدها المحدد وتعمل على حشد كل الطاقات العربية والغربية، تارة بالترغيب وتارة بالترهيب، لضمان نجاحها "ولو صورياً".
ويشير هؤلاء المسؤولون الأوروبيون الى ان واشنطن تدرك سلفاً ان لقاء الدوحة لن يأتي بنتائج استثنائية، بل على العكس من ذلك يمكن ان يكون أقل أهمية من لقاء القاهرة، لسوء التوقيت المتلازم مع جمود العملية السلمية والاستفزازات الاسرائيلية في القدس المحتلة، من ناحية، ومع صدور توصية وزراء الخارجية العرب بتجميد مشاريع التطبيع الاقتصادي التي تضم اسرائيل من الناحية الأخرى.
بيد ان للادارة الأميركية حسابات مختلفة تهدف بالدرجة الأولى الى تحويل الأنظار من خلال هذه القمة الاقتصادية عن تعثر عملية السلام ونتائجها السياسية التي بدأت تلقي بظلالها على الأطراف المعنية بها، خصوصاً بعد قراري قمة القاهرة العام 1996 والدورة الپ107 لمجلس جامعة الدول العربية، وبالدرجة الثانية الى إحداث شروخ على صعيد العلاقات العربية - العربية التي دخلت، منذ اعلان قطر استضافة هذه القمة، مرحلة جديدة من التأزم، اضافة الى الاحراج الذي سببه لبعض دول الجوار.
وكانت الادارة الأميركية استبقت هذا الاعلان بتسريب معلومات لوسائل اعلامها جاء فيها ان وفدها الى قمة الدوحة سيتألف من 350 شخصية اقتصادية ومالية من القطاعين العام والخاص، بقيادة نائب الرئيس الأميركي آل غور. كل ذلك بهدف اعطاء هذه القمة أهمية استثنائية ودفعاً معنوياً لا سابق له.
في هذا الاطار ذكرت مصادر فرنسية حكومية لپ"الوسط" ان الولايات المتحدة لم تكن مستعدة لمناقشة أي تبريرات تقدمها قطر وتدعو من خلالها الى تأجيل هذه القمة. لذلك عمدت السلطات الأميركية بشكل شبه سري الى اجراء الترتيبات اللازمة لقمة الدوحة، بالتنسيق مع أجهزة المنتدى الاقتصادي العالمي، من دون الرجوع حتى الى الشركاء الأساسيين.
وإلى أن يحين يوم 16 تشرين الثاني المقبل تاريخ انعقاد هذه القمة تشهد المنطقة العربية تجاذبات شديدة بين رافضي القمة ومؤيديها، وبين المكرهين على حضورها أو الغياب عنها.
القاهرة لم تعلن موقفها
مصر لم تعلن رسميا موقفها من القمة الاقتصادية، "لأن من السابق لاوانه اعلان قرار نهائي". الا ان الاجواء في القاهرة تشير إلى أنها تتعامل مع المؤتمر كأنه سيعقد في موعده وانها ستشارك. وتتابع اللجان الفنية التي شكلتها وزارة الخارجية الاستعدادات الاولية لرسم ملامح ورقة مصرية.
وقال مصدر ديبلوماسي مصري ل "الوسط" ان الاستعدادات جارية للمشاركة في المؤتمر إذا عقد في موعده، في انتظار القرار السياسي النهائي. وشدد على انه "يجب عدم ترك الساحة لإسرائيل إذا عقد"، وأعرب عن اعتقاده بأن "القرار النهائي سيراعي التطورات في مسيرة التسوية وظروف انعقاد المؤتمر وتوقيته، كما سيأخذ في اعتباره القرارات العربية والاسلامية بربط العلاقات مع اسرائيل بالتقدم في عملية السلام".
واعتبر الديبلوماسي ان قرار عقد المؤتمر امر يخص دولة قطر، كونه عملا من اعمال السيادة، والمؤتمر نفسه ليس في اطار التطبيع او المفاوضات المتعددة الاطراف التي تحدث عنها قرار مجلس الجامعة الاخير بوقف التطبيع مع اسرائيل. وأشار إلى اجتهادات عربية متباينة في هذا الشأن، موضحا ان طبيعة المؤتمر تختلف عن طبيعة المتعددة إذ لا قرارات او اتفاقات جماعية، فضلاً عن الموقف العربي المسبق بربط تنفيذ أية مشاريع اقليمية بالتوصل إلى السلام العادل والدائم والشامل.
وعلمت "الوسط" من دوائر سياسية في القاهرة أن مصر اقترحت على القطريين خلال المشاورات التي جرت بين الطرفين ان يدعو المسؤولون في الدوحة الى القياس على المؤتمر الثالث الذي عقد في القاهرة في ظروف تشابه الظروف الحالية من حيث القرارات العربية في شأن التطبيع. فقبل المؤتمر الثالث هناك قرار القمة العربية وقبل الدوحة هناك قرار مجلس الجامعة.
وفي المشاورات، ابلغت مصر قطر استياءها الشديد بعد تلقيها اتصالات اميركية تستنكر ما سمته واشنطن "ممارسة القاهرة ضغطاً على الدوحة لتأجيل القمة"، استنادا الى كلام وزير قطري للاميركيين بهذا المعنى. ونفت هذا الامر تماما لكنه ترك رواسب على العلاقة الثنائية بين البلدين.
تباين وخلافات
ولاحظت هذه الدوائر وجود خلافات مصرية - قطرية في موضوع المؤتمر:
1 - القاهرة تدعو الى التمسك بصيغة المؤتمر الثالث وهي انه "مؤتمر اقتصادي". بينما تتمسك الدوحة بصيغة المنشأ في الدار البيضاء أي أنها "قمة اقتصادية".
2- ترى مصر ان يوجه وزير الخارجية القطري الدعوات إلى وزراء الخارجية. فيما تعرب قطر عن تصميمها تماشيا مع صيغة المنشأ على أن يوجه أمير البلاد الدعوات الى رؤساء الدول والحكومات. وكانت الدعوات الى مؤتمر القاهرة وجهها وزير الخارجية عمرو موسى، بخلاف ما حصل في مؤتمري الدار البيضاء وعمان،اضافة الى رسالة عامة من الرئيس حسني مبارك الى المشاركين في المؤتمر شددت على ربط التقدم في عملية السلام بالتقدم في التعاون الاقتصادي الاقليمي.
3- طلبت مصر من قطر ان ينسجم التوجيه القطري في شأن المؤتمر تحضيرا ومستوى الحضور وجدول الأعمال والرعاية الحكومية للمؤتمر مع ربط المسار الاقتصادي بالمسار السياسي، وليس مع الفصل بينهما، الامر الذي ترفضه قطر. وكانت مصر في هذا الصدد، ادرجت في جدول اعمال المؤتمر بندين خصصت لمناقشتهما جلستين، الاولى تتعلق بالوضع الاقتصادي والاجتماعي المتدني في مناطق الحكم الذاتي والممارسات وسياسة الحصار الإسرائيلي للشعب الفلسطيني. والثانية تتعلق بانعكاسات الوضع في عملية السلام على التعاون الاقتصادي الاقليمي. وهكذا جاءت ورقة مصر الى المؤتمر الثالث اعادة انتاج وتنقيح للورقتين المقدمتين إلى مؤتمري عمان والدار البيضاء.
وحرصت مصر خلال المؤتمر الثالث على عدم توقيع اي اتفاقات تعاون حكومة أو قطاع خاص مع اسرائيل حكومة ورجال اعمال. ودعت الى ابراز البعد العربي في المؤتمر على صعيد جدول الأعمال جلسات خاصة ولقاءات لرجال الاعمال العرب.
وكشف المصدر الديبلوماسي المصري وجود تباين في وجهات النظر المصرية - السورية ليس فقط في شأن انعقاد المؤتمر الذي دعت دمشق سلفاً الى الغائه او تأجيله او عقده من دون توجيه الدعوة إلى اسرائيل، بل بسبب اعتبار دمشق أن القاهرة خالفت قرار القمة العربية بربط العلاقات مع اسرائيل بالتقدم في عملية السلام عندما استضافت المؤتمر الاقتصادي الثالث.
وقال "ان وجهة نظر مصر في شأن مؤتمر الدوحة هي نفسها وجهة نظرها في شأن المؤتمر الماضي"، معرباً عن اعتقاده بأن وجهة النظر هذه موضع اهتمام قطر لامكان القياس بها على مؤتمرها. واضاف: "على أية حال فإن وزراء خارجية الدول الثماني الاعضاء في اعلان دمشق مصر وسورية ودول مجلس التعاون الخليجي الست سيجرون خلال اجتماعهم المقبل في اللاذقية بين 25 و27 من الجاري تقويما للموقف، خصوصاً في ضوء عرض وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم وجهة نظر بلاده في ضوء نتائج محادثات الامير حمد بن خليفة مع الرئيس الاميركي.
سورية ترفض
ويبذل المسؤولون السوريون جهوداً ديبلوماسية كبيرة لتأجيل مؤتمر القمة أو على الاقل عدم دعوة اسرائيل اليه. ويطرحون، في المقابل، البحث في مشروع اقتصادي عربي مشترك لإقامة سوق اقتصادية حرة بين الدول العربية. وقالت مصادر مطلعة ل "الوسط" ان موضوع القمة الاقتصادية سيكون في مقدم اولويات اجتماع وزراء خارجية دول "اعلان دمشق" في مدينة اللاذقية، اذ ان المشروع السوري - المصري للسوق الاقتصادية سيكون جاهزاً وسيطرح على الوزراء الثمانية لمناقشته مع احتمال رفع مستوى اللقاءات العربية - العربية لتؤدي الى أحد احتمالين: عقد قمة اقتصادية عربية صرفة، أو قمة لدول "اعلان دمشق" انطلاقاً من النواة السورية - المصرية - السعودية.
وفي مقدم الاسباب التي دفعت سورية الى رفض انعقاد القمة الاقتصادية في الدوحة، ان عملية السلام وصلت الى طريق مسدود، وان الافق لا يحمل تباشير خير، سواء لاحتمال تغيير حكومة اسرئيل مواقفها أو استعداد واشنطن للضغط الجدي على هذه الحكومة لالتزام الاتفاقات الموقعة مع الجانب العربي والتعهدات التي قدمها مسؤولون اسرائيليون سابقون على المسار السوري، أو حتى لجهة احتمال سقوط الحكومة الاسرائيلية أو رئيسها المتشدد بنيامين نتانياهو.
أما السبب الثاني، حسب الرأي الرسمي السوري فان قمة الدوحة تشكل "تعارضاً" مع القمة العربية الاخيرة في القاهرة، لأن البيان الختامي للقمة لوح بأن الدول العربية "ستعيد النظر" في الخطوات التي اتخذتها مع اسرائيل في حال "نكوص" حكومتها بالاتفاقات والالتزامات السلمية.
وقالت مصادر سورية: "آن هذا ما حصل ويحصل، اذ انه لا يمكن القول ان هناك عملية سلام، لذلك فإن انعقاد قمة الدوحة في هذه الظروف بحضور الاسرائيليين يشجعهم على المضي في سياساتهم وسيصدق قول نتانياهو ان العرب قادرون على التكيف مع الظروف الجديدة". وأضافت: "مقابلة التشدد الاسرائيلي بتراخٍ عربي يشجع المتطرفين على مزيد من التطرف".
كما ان المسؤولين السوريين يرون ان مواجهة الجانب العربي الموقف الاسرائيلي الرافض عملية السلام ب "موقف موحد وقادر على الصمود" يدفع الاسرائيليين الى "التكيف مع السلام بدلاً من تكييفنا مع مواقف نتانياهو"، أو الى اسقاطه تحت ضغط الشارع والكنيست الاسرائيليين، والاهم انه يدفع الاميركيين الى "التحرك الفعلي على كل المسارات ليعود السلام الى مقدم الاولويات وليس الى رابع أولوية بعد اوروبا وتوسيع الناتو وأمور اخرى".
واستطراداً، فإن المصادر السورية ترى ان "مبدأ الحزم" في تعامل الدول العربية مع الآخر ضروري، وتشير الى "ان جهودنا منصبة على مواجهة خطرين هما: قمة الدوحة وما يعنيه ذلك من انهيار للجدار التضامني العربي. ثانياً، الحلف العسكري التركي - الاسرائيلي الذي ظهرت تباشيره في شمال العراق".
وعلى رغم كل ذلك فإن المسؤولين السوريين في حال حذر في تصريحاتهم ازاء القمة فمع انهم يعلنون رفضهم القمة لم تشارك سورية فإن أي من القمم الثلاث السابقة، لكنهم يحرصون على عدم توجيه الانتقاد العلني إلى قطر. كما انهم يحاولون اقناعها بمواقفهم علماً ان الدول الخليجية الخمس الاخرى تؤيد تأجيل القمة.
وتتساءل المصادر السورية: "ما هو الهدف من انعقاد قمة الدوحة في الظروف الحالية؟ هل المطلوب دمج اسرائيل في المنطقة من دون ان تدفع ثمن ذلك انسحاباً؟ والا يمكن البحث جدياً في اقامة علاقات اقتصادية عربية - عربية من دون اسرائيل؟"
وتراقب دول مجلس التعاون الخليجي استعدادات الدوحة لاستضافة القمة في موعدها على رغم تمنيات بعضها تأجيلها نظراً إلى الظروف المحيطة بعملية السلام. وكان الشيخ حمد بن خليفة أمير قطر أكد أثناء زيارته الأخيرة للولايات المتحدة: "نحن ماضون في خططنا لاستضافة القمة الاقتصادية للشرق الأوسط وشمال افريقيا ... على رغم رغبة بعض جيراننا في الغاء هذا المؤتمر بحجة عدم توفير الفرصة للقاء عربي - اسرائيلي" قبل وفاء اسرائيل بالتزاماتها تجاه عملية السلام. وأضاف: "لدينا الرغبة في الجمع بين جيراننا لمناقشة المستقبل الاقتصادي للمنطقة الذي يشكل قضية في منتهى الأهمية". وأعرب عن "الأمل بأن تقبل جميع الدول المدعوة المشاركة في القمة، وأن يسفر ذلك عن اعطاء دفعة جديدة لعملية السلام في الشرق الأوسط".
ويتفق معظم دول مجلس التعاون الخليجي مع سورية على ضرورة تنشيط عملية السلام، واستئناف المفاوضات وفق أولويات مؤتمر مدريد قبل الموافقة على المشاركة الاسرائيلية في القمة. علماً أن السيد عبدالحليم خدام نائب الرئيس السوري زار أخيراً دول الخليج بهدف خلق رأي عربي موحد من القمة، إذ ترى سورية أن من الأفضل تأجيلها مقدمة "خياراً قومياً" يتمثل في عقد قمة اقتصادية عربية.
وعلى رغم أن دول مجلس التعاون الخليجي اكتفت بحضور الأمين العام لمجلس التعاون، المؤتمر الذي أعلن فيه اتفاق أوسلو، فإن مصادر ديبلوماسية ترى أن هذا الوضع قد لا يتكرر هذه المرة في شأن قمة الدوحة، فالتعنت الاسرائيلي المتزايد يلزم الدول العربية، بما فيها الدول التي تقيم علاقات سياسية أو اقتصادية مع اسرائيل، أن تتخذ موقفاً أكثر صلابة وتماسكاً. ويجيء الاهتمام الخليجي بهذه القمة لأن الدوحة مضيفتها، وهو ما يؤثر في أي قرار خليجي مشترك، ولذا تتركز المساعي الحالية على تأجيل عقد القمة حتى تتضح الرؤية في شأن الموقف الاسرائيلي، أو على الأقل حصولها على ضمان عدم مشاركة اسرائيل. وتنبع الحساسية الخليجية من وجود خلاف بين هذه الدول على القضايا الأساسية، ولذا فإن من المحتمل أن تطرح هذه النقطة للنقاش في الاجتماع المقبل لوزراء خارجية "اعلان دمشق"، لتتخذ الدول الخليجية موقفاً نهائياً ومشتركاً يتبناه مجلس التعاون.
وكانت المملكة العربية السعودية نددت بالموقف الاسرائيلي داعية الى استئناف المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية وفق قرارات الشرعية الدولية ومرجعية مدريد. وحتى الآن تؤكد المؤشرات ان موقف السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة والكويت منسجم مع الموقف السوري، اضافة الى دول عربية أخرى، وإذا تمسكت الدوحة باستضافتها القمة فإن الحل المقبول ربما تمثل في عدم دعوة اسرائيل أو حضورها بأي شكل .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.