قرار السعودية مقاطعة القمة الإسلامية في الدوحة لم يكن مفاجأة للمراقبين، لأنه استمرار لموقفها المبدئي الرافض الهرولة والتطبيع. وهو موقف اتخذته في مؤتمر القمة الاقتصادي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الذي فشل في الدوحة في تشرين الثاني نوفمبر 1997، بسبب مقاطعة الرياض التي رأت فيه ترفاً سياسياً واقتصادياً يضر المصلحة الفلسطينية، ويدعم التطبيع الذي يمارسه بعض دول الأطراف العربية لتحقيق مكاسب سياسية مشكوك فيها، فضلاً عن أنه تسويغ لعدوانية إسرائيل وجرائمها في حق الشعب الفلسطيني. اليوم يعيد التاريخ نفسه بين قطر والسعودية، ولكن في ظروف أشد تعقيداً وأكثر إحراجاً لموقف الدوحة التي ترأس القمة الإسلامية وتسعى إلى إرضاء المتظاهرين والفلسطينيين والعرب والمسلمين، ولكن من دون أن تثير غضب واشنطن، أو تغلق مكتب تل أبيب في قطر، الذي يعتبر إغلاقه الحد الأدنى في دعم موقف الشعب الفلسطيني. ان غياب السعودية عن قمة الدوحة دعوة غير مباشرة الى الدول الإسلامية لمقاطعتها أو خفض مستوى التمثيل فيها، وإعلان مبكر عن فشلها. فغياب الرياض عن القمة الإسلامية يعتبر عملياً تفريغاً لهذه القمة من مضمونها وأهميتها، يفقدها وهجها في الشارع الإسلامي. لكن الفرصة ما تزال قائمة لنجاحها وتجاوزها هذا الحرج، والتصريحات السعودية تركت الباب مفتوحاً لقطر كي لا تصل القمة الإسلامية إلى مصير القمة الاقتصادية. الأكيد أن الحسابات القطرية الخاطئة هي السبب في وصول القمة الإسلامية إلى هذا المأزق. فالدوحة اعتقدت أن نجاحها في إلغاء البيان الختامي لندوة القدس بسبب مطالبتها بقطع العلاقات مع إسرائيل، يخوّل اليها عقد القمة بالطريقة ذاتها وإلزام الدول ببيان يستثني قطر من إغلاق المكتب الإسرائيلي، ويمكّنها من تحويل القضايا الرئيسية والمواقف السياسية إلى مناسبات احتفالية لإرضاء الذات وتلميع صورة الدولة.