يوم الأربعاء 23 نيسان ابريل دخل عيادتي مريض الماني بسيط وقبل ان أسأله عن سبب زيارته بادرني بالسؤال "هل سمعت يا دكتور عن المذبحة التي قام بها المتشددون في الجزائر الذين ذبحوا 93 مدنياً غالبيتهم من النساء والأطفال". لقد تمنيت في هذه اللحظة لو ان الأرض انشقت وابتلعتني… فذلك افضل لي ولنا نحن العرب من الاستماع الى هذه الاهانة المهذبة من هذا الالماني البسيط. اصبحنا نحن المهاجرين العرب، ولأننا نحمل اسماء عربية، مسؤولين عن كل ما يحدث من أعمال منافية للأخلاق، وما اكثرها في عالمنا العربي، خاصة وأن الأجنبي البسيط وغير المتعلم لا يفرق بين عراقي او مغربي او يمني او كويتي او جزائري، فنحن كلنا بالنسبة اليه عرب آتون من دولة واحدة، مع العلم بأن الأجنبي لا يهتم إلا بهذه لأخبار السلبية والفظيعة، او بالأخبار التي يتعرض فيها الأجانب انفسهم الى الأذى او الأسر ولا يهتم مثلاً إذا قتل مدني في لبنان او تم تفجير بيت فلسطيني في الضفة الغربية او اعتقل بعض المعارضين السياسيين في هذا القطر او ذاك او ارتفعت أسعار الخبز في الأردن او غيرها! ان كل ما أرجوه من الحكومة والمعارضة في الجزائر ان يتحلوا بقدر كاف من الوعي والمسؤولية لحل مشكلات الجزائر وأن يكونوا مستعدين لحل وسط يرضي الطرفين معاً. فلا الحكومة ولا مؤيدوها من ضباط في الجيش او علمانيين او حركات نسائية متحررة ترضى بحكم اسلامي متشدد شبيه بما في ايران… لأن هذه الفئات ليست مستعدة للتقاعد عن العمل في الجيش او مواجهة القضاء او الهروب خارج البلاد والعيش في المهجر، مع العلم بأن بلدان المهجر لا تستطيع استيعابهم جميعاً. وهؤلاء النساء لسن مستعدات لارتداء الحجاب بصورة قسرية ما قد يضطرهن للهرب كما حدث مع اتباع شاه ايران المخلوع. كذلك فإن المعارضة لن ترضى بأن يبقى الوضع السياسي والاقتصادي الراهن على حاله، إذ تتعرض نسبة كبيرة من الشعب الجزائري للقمع الحكومي بسبب افكارها السياسية او معتقداتها الدينية. مع اني متأكد بأن المعارضة المسلحة لا تملك حلولاً سحرية لمشاكل الجزائر الاقتصادية، وهي مشاكل موجودة في أغلب اقطار العالم الثالث ونتجت عن خراب اداري لا يمكن اعادة اصلاحه بسهولة، او بسبب انفجار سكاني كما حدث في الجزائر خلال الثلاثين سنة الماضية سبّبه آباؤنا واجدادنا بتصميمهم على انجاب العدد الأكبر من الأولاد لأسباب مختلفة. وربما كان الحل المثالي هو حكومة وحدة وطنية يشترك فيها جميع الأطراف ويتنازل فيها كل عن مطالبه المتشنجة والتعجيزية. وكما اجتمع ياسر عرفات مع اسحق رابين مع انهما كانا من ألد أعداء الأمس فإن اجتماع الرئيس الجزائري الأمين زروال مع عباسي مدني وغيره ليس بالمستحيل ويحتاج فقط الى وعي وادراك من الجميع. بسام نصري الخوري جمهورية المانيا الاتحادية