السيد رئيس التحرير لفتني الموضوع الموسع الذي نشرتموه في العدد 268 عن الصعوبات التي تواجهها عملية السلام العربي -الاسرائيلي بسبب تعنت رئيس وزراء الدولة العبرية بنيامين نتانياهو، واعادت التطورات الاخيرة الى البال بعض ماورد فيه من آراء وملاحظات. ولعل من المنطقي ان يتساءل المرء ما اذا كان هذا السلام الذي لم يكد يبدأ حتى تعثر وسقط في فخ التشدد الاسرائيلي. طبيعي ان العمليات الانتحارية التي نفذها ناشطون فلسطينيون واطلاق الجندي الاردني النار على تلميذات اسرائيليات، لم تساهم في تنقية الاجواء بل زادتها تعقيداً وتوتراً. لكن هذا لم يأت حباً بسفك الدماء بل فرضه بن نتانياهو على العرب، اذ لم يبق لهؤلاء سوى العنف كرد وحيد على التسلط الليكودي الذي وصل الى درجة تعذر معها الاستمرار في البحث عن السلام ناهيك عن امكان تحقيقه. لست ادري ما اذا كانت تصريحات رئيس الوزراء الليكودي الاخيرة عن عدم البدء بالبناء على جبل أبو غنيم حتى العام 2000 ستؤدي الى اي نتيجة ايجابية! لكن لا اعتقد ان الهدف البعيد من هذه "الحبوب المهدئة" هو خفض التوتر و المباشرة بالبحث عن السلام من جديد. فوعود نتانياهو لاتقنع احداً خصوصاً بعدما قرر ارضاء المتشددين الاسرائيليين من احزاب دينية وغيرها واعطاءهم مايريدون ثمناً لدعمهم الذي يحتاجه حاجة ماسة للبقاء على كرسي السلطة. لايسع العربي أزاء هذا الواقع الا ان يبدي مزيداً من القلق المشوب بالالم. فهاهو الاردن يحتج ويعترض على تصرفات اسرائيل، وفلسطين تنزف دماً وقد عاود اطفالها او كادوا انتفاضتهم المظفرة، واستئناف المفاوضات مع سورية ولبنان يبدو الان حلماً مستحيلاً. كيف اذن يمكن الحديث من جديد عن عملية سلام مع حكومة مصرة على دفع المنطقة باتجاه حرب طويلة ودامية، وهل تبادر اسرائيل الى شن اعتداء على سورية كما يتوقع كثيرون ؟ عدنان الحسون باريس-فرنسا