اختتم معرض الدفاع الدولي "آيدكس 97" في أبو ظبي من دون الاعلان فيه عن توقيع أي عقود تسليحية رئيسية جديدة، بشكل مغاير للتوقعات. لكن غياب الصفقات الكبرى عن هذا المعرض لم يقلل من أهمية نجاحه، إذ حقق هدفه الاساسي وهو تكريس موقعه باعتباره المناسبة العالمية الأضخم في ميدان الصناعات العسكرية والخدمات والتكنولوجيات المتعلقة بها. و"آيدكس 97" هو الثالث في هذه السلسلة من المعارض الدفاعية الدولية التي بدأت دولة الإمارات العربية المتحدة في تنظيمها وإقامتها في أبو ظبي العام 1993، وأصبحت منذ ذلك الوقت مناسبة دورية كل عامين، شأنها في ذلك شأن سلسلة معارض دبي الدولية للصناعات الجوية التي تحولت بدورها إلى مناسبة رئيسية على روزنامة المعارض الجوية الدولية. غير أن أهمية "آيدكس - 97" ومعايير نجاحه لم تقف عند حدود إثبات موقع هذه السلسلة من المعارض أو تكريس مبدأ استمرارها محطة التقاء دورية للصناعات العسكرية العالمية فحسب، بل تجاوزت ذلك لتعكس مدى الاهتمام الاستثنائي الذي تعلقه هذه الصناعات على السوق الدفاعية الاقليمية التي تمثلها معارض "آيدكس" وتعبر عن متطلباتها وتوجهاتها. فهذه السوق، أي منطقة الخليج والشرق الأوسط عموماً، تحتل في نظر منتجي السلاح العالميين الأولوية القصوى مجالاً رحباً لتصدير معداتهم، كما أنها باتت على رأس اهتماماتهم الدولية في مجالات التعاون والاستثمار الخارجي وبرامج المبادلة الاقتصادية والتجارية التي أصبحت تشكل جزءاً لا يتجزأ من تجارة السلاح وآليات السوق الدفاعية العالمية. وتشكل منطقة الشرق الأوسط حالياً المحور الأول للتنافس بين منتجي الاسلحة والمعدات الدفاعية من كل انحاء العالم. ولا تدانيها في هذا المجال سوى منطقة الشرق الأقصى وجنوب شرقي آسيا التي تنفذ دولها في الوقت الحاضر برامج تعزيز وتحديث رئيسية لتطوير قدراتها العسكرية. وهناك إجماع شامل في اوساط الشركات والمؤسسات الصناعية العالمية على اعتبار هاتين المنطقتين المفتاح الحيوي لضمان مستقبل الصناعات العسكرية وقدرتها على الاستمرار والتطور. من هنا، لم يكن الحشد الذي شهده "آيدكس - 97" على صعيد المشاركة الرسمية والصناعية والاعلامية التي بلغت مستويات قياسية مقارنة مع غيره من معارض مماثلة مفاجئاً أو مستغرباً. فمنطقة الشرق الأوسط، ودول الخليج العربية بالذات، تقترب من مطلع القرن الواحد والعشرين وهي تخطّط لبرامج ضخمة ترمي الى تحديثات شاملة لقدراتها الدفاعية، وتوسيع قواتها المسلحة وتعزيزها بما يتلاءم مع حجم المتطلبات والتهديدات التي تواجهها. وتكفي الاشارة، للدلالة على اهمية هذه البرامج وضخامتها، الى ان التقديرات شبه الرسمية تتحدث حالياً عن حجم اجمالي للسوق الدفاعية الخليجية يرجّح ألا يقل عن 60 مليار دولار، بل قد يصل الى 80 ملياراً خلال السنوات العشر المقبلة. معادلة المتطلبات والإمكانات ومثل أي سوق سلاح في العالم، فإن منطقة الخليج والشرق الأوسط محكومة بالعوامل الاقليمية والذاتية، من سياسية وجغرافية واقتصادية واستراتيجية، التي تحدد عناصر التهديد الذي تواجهه دولها، والمتطلبات القتالية والعملياتية التي تفرضها تلك التهديدات، والامكانات المتوافرة لتلبية تلك المتطلبات. هذه المعادلة القائمة بين التهديدات والمتطلبات والامكانات ترسم بالتالي السياسات الدفاعية لتلك الدول، وتحدد الجهود والبرامج الدفاعية والتسليحية التي تخطّط لتنفيذها حسب الاولويات اللازمة للدفاع الشامل عن مواردها ومصالحها وحدودها البرية والجوية والبحرية. ومع بقاء الصراع العربي - الاسرائيلي في اطاره التاريخي المتقلّب ما بين احتمالات السلام والحرب، واستمرار الخلل القائم في موازينه العسكرية والاستراتيجية نتيجة التفوق الاسرائيلي النوعي، لا سيما في المجال النووي وعلى صعيد القوة الجوية، وبروز الوضع السائد في القرن الافريقي خلال السنوات الماضية مصدراً آخر للتهديد المحتمل لأمن المنطقة واستقرارها، فإن المحور الرئيسي لجهود البناء الدفاعي يظل في الوقت الحاضر، كما كان عليه خلال العقد الماضي، امن الخليج والدفاع عن موارده النفطية الاستراتيجية وحماية منابعه ومنشآته وخطوط مواصلاته الحيوية. وكما اثبتت التجارب مراراً، خصوصاً حربي الخليج الأولى بين العراق وإيران والثانية بدءاً من الغزو العراقي للكويت ثم تحريرها، فإن امن الخليج يتطلب اولاً وأخيراً اطاراً دفاعياً متكاملاً في مواجهة التهديدات المتنوعة. اذ ان هذه الدول تتمتع بوفرة في الموارد المالية لا تجاريها فيها معظم الدول الاخرى، لكنها تشكو في المقابل من محدوديات لا يستهان بها على صعيد العنصر البشري المطلوب لتأمين العامل العددي الحيوي في اي نظام امن ودفاع وطني متكامل. ولهذا، فهي تواجه دائماً ضرورة التعويض عن عامل الكم العددي الذي تفتقر اليه بعامل التفوّق النوعي الذي تستطيع الحصول عليه بفضل وفرة مواردها وإمكاناتها. مصادر التهديد الاستراتيجي وعلى رغم التمايزات الجزئية التي تتسم بها مواقف دول الخليج العربية وعلاقاتها الثنائية مع كل من بغدادوطهران، وبمعزل عن التبدّلات الموسمية التي تمرّ بها هذه العلاقات تحسناً أو تأزماً، فان ثمة اجماعاً اقليمياً بأنّ العراق وايران مصدرا التهديد الاستراتيجي الرئيسي على امن دول الخليج. ولهذا فليس مستغرباً ان تتركّز الجهود الخليجية الدفاعية وبرامجها التسليحية المخططة والجاري تنفيذها على مواجهة عناصر التهديد العسكري والاستراتيجي المتمثل بالقوتين العراقية والايرانية. وتواجه دول الخليج العربية في هذا المجال تهديدات متنوعة تستلزم ردوداً متنوعة، وهو ما تعبّر عنه بوضوح برامج الدفاع والتسلح التي تعمل هذه الدول على تنفيذها او تخطّط لها حالياً. فعلى رغم الهزيمة القاسية التي منيت بها بغداد في حرب الخليج الثانية والخسائر الفادحة التي لحقت بقواتها ومعداتها، لا يزال العراق يمتلك آلة عسكرية ضخمة بالمقاييس الاقليمية. أما القوة العسكرية الايرانية فتشكّل من دون شك مصدر التهديد الأكثر جدية في منطقة الخليج، خصوصاً في ضوء التنامي المستمر الذي شهدته خلال السنوات الماضية بفضل عملية اعادة البناء والتجهيز المتواصلة التي لا تزال طهران تعمل على تنفيذها لتعزيز قدراتها العسكرية منذ انتهاء حرب الخليج الأولى. وكانت الظاهرة البارزة في جهود التسلّح الايرانية خلال السنوات الماضية تركيزها الملحوظ على الجوانب ذات الطابع الاستراتيجي، اي المتعلقة بمدّ القوة الى الخارج، والاهتمام بتعزيز القدرات الهجومية الجوية والصاروخية، وتطوير اسلحة الدمار الشامل وذخائرها الكيميائية والبيولوجية، اضافة الى تركيزها الكبير على القوة البحرية بنواحيها المختلفة. برامج التطوير الخليجية أمام هذه القوة العسكرية الايرانية المتعاظمة، ومع استمرار الوضع السياسي العراقي على ما هو عليه من عدم استقرار، مقترناً باحتمال تجدد المغامرات العدائية التي قد تفكر بغداد بالقيام بها ضد جاراتها الخليجيات، ليس مستغرباً ان تستمر الأخيرة في اعتبار تعزيز قدراتها الدفاعية وتحديث معدات قواتها المسلحة وزيادة حجمها في شتى المجالات في صدارة أولوياتها، لا سيما تلك التي باتت تشكل ردوداً مباشرة على نواحي التفوق او التطوير التي تميز نظيرتيها الايرانية والعراقية. ويبرز بصورة خاصة الاهتمام الشديد الذي توليه دول الخليج حالياً لتطوير قدراتها وتعزيزها في مجالات أساسية يمكن تحديدها كالآتي: - القوات الجوية، التي تحتل أهمية تعزيزها وتحديث معداتها حيزاً كبيراً من الجهود والبرامج التي تعمل الدول الخليجية على تنفيذها منذ سنوات عدة. - الدفاعات الجوية، التي لم تعد مقتصرة على أنظمة الدفاع المضادة للطائرات بل تشمل بقدر متساو من الأهمية الدفاعات المضادة للصواريخ، خصوصاً في ضوء التجارب والدروس التي أسفرت عنها الحرب العراقية - الايرانية وغزو الكويت وحرب تحريرها. - القوات البحرية، وقد أصبحت بدورها من عناصر القدرة الدفاعية ذات الحيوية الاستراتيجية بالنسبة الى دول الخليج نظراً للأهمية التي تتسم بها على صعيد التحكم بالممرات المائية وخطوط المواصلات البحرية والمنشآت النفطية الساحلية. - القوات المدرعة، التي يأتي التركيز على تطويرها وتعزيزها ليعكس بشكل مباشر الدروس القتالية والعملياتية التي أظهرتها حرب الخليج الثانية، التي اكدت مجدداً أهمية الاحتفاظ بقدرة بريّة تتمتع بسرعة الحشد والحركة وكثافة الطاقة النارية. ولا بد من الاشارة الى ان جزءاً رئيسياً من هذه البرامج والخطط الدفاعية الخليجية بات في طور التنفيذ العملي منذ مدة بعد ان تم التعاقد على الصفقات المتعلقة به، وبدأ تنفيذها وتسليم المعدات التي نصت عليها الى الدول المعنية. وينطبق ذلك بصورة خاصة على المملكة العربية السعودية التي تتسلم قواتها في الوقت الحاضر أسلحة ومعدات جديدة بموجب عقود واتفاقات دفاعية مع دول عدة، منها الولايات المتحدة وبريطانياوفرنسا. ومن أهم هذه المعدات الجديدة مقاتلات "ف - 15 اي سترايك ايغل" الهجومية التي بدأ تسليمها الى سلاح الجو الملكي السعودي العام الماضي، بموجب اتفاق وقع مطلع التسعينات لتصبح المملكة الدولة الأولى في منطقة الشرق الأوسط التي تحصل على هذه المقاتلات الهجومية الاستراتيجية المتطورة، وحصلت قبل ذلك على مقاتلات "ف - 15 ايغل" الاعتراضية التي بدأت استخدامها مطلع الثمانينات. كما تتسلم القوات الجوية السعودية تباعاً دفعات اضافية من مقاتلات "تورنادو" الهجومية، وطائرات التدريب والمساندة "هوك" وطائرات التدريب "بيلاتوس - 9" بموجب المرحلة الثانية من برنامج "اليمامة" المبرم مع بريطانيا. وكانت قد حصلت على دفعات أولى من تلك الطائرات بموجب المرحلة الأولى من برنامج "اليمامة" للتوازن الاقتصادي الذي وقّعته مع بريطانيا العام 1985. وحصلت الرياض من الولايات المتحدة ايضاً على صواريخ "باتريوت" المضادة للطائرات وللصواريخ، واستكملت قواتها البرية استلام دبابات "م- 1 ابرامس" الاميركية المتطورة وعربات المشاة القتالية المدرعة "م - 2 برادلي" التي طلبتها من واشنطن مطلع التسعينات. وتم التعاقد مع فرنسا على اتفاق "الصواري - 2" الذي ستحصل البحرية الملكية السعودية بموجبه على فرقاطتين صاروخيتين متطورتين من فئة "ف - 3000" وهي فئة محسّنة ومعدّلة من فرقاطات "لافاييت" التي تعتبر احدث فئات السفن القتالية العاملة لدى الاسطول الفرنسي. واتفاق "الصواري - 2" هو استكمال لاتفاق "الصواري - 1" الذي كانت المملكة توصلت اليه مع فرنسا مطلع الثمانينات، وحصلت بموجبه على 4 فرقاطات صاروخية من فئة "المدينة" ف - 2000 ويشكل خطوة أخرى في برنامج تطوير الاسطول السعودي وتعزيز قدراته في جميع مجالات العمل البحري، الى جانب الحصول على 3 سفن مكافحة الغام من فة "الجوف" سانداون من بريطانيا في اطار "اليمامة-2". وكانت الكويت من الدول الخليجية التي نفّذت خلال السنوات الماضية برامج بناء دفاعية ضخمة وصلت قيمتها الاجمالية الى نحو 10 مليارات دولار، وشملت تزويد سلاح الجو الكويتي 40 مقاتلة اميركية من طراز "ف - 18 هورنت"، بالاضافة الى التعاقد مع الولايات المتحدة على تزويد الجيش 236 دبابة اميركية من طراز "م - 1 ابرامس" و254 عربة مشاة قتالية مدرعة بريطانية من طراز "ووريير" و76 عربة مشاة قتالية روسية من طراز "ب. م. ب - 3" و100 ناقلة جنود مدرعة مصرية من طراز "الفهد"، وصواريخ اميركية مضادة للطائرات وللصواريخ من طراز "باتريوت"، فيما تم التعاقد مع فرنسا على 8 زوارق هجومية صاروخية من فئة "لاكومباتانت - 1" ستزود صواريخ سطح - سطح مضادة للسفن بريطانية من طراز "سي سكوا"، ومع روسيا على صواريخ حديثة مضادة للطائرات من طراز "سام - 11" ومع الولايات المتحدة على 70 عربة قتال مدرعة من طراز "باندور". وإذا كانت الجهود التسليحية الكويتية تميزت بطابعها الملحّ نظراً الى الحاجة إلى إعادة بناء القوات المسلحة وتعويض الخسائر الفادحة التي لحقت بالمنشآت والمعدات اثر الغزو العراقي وحرب التحرير التي اعقبته، فان برامج البناء الدفاعي التي عقدت دولة الامارات العربية المتحدة العزم على تنفيذها منذ سنوات اتسمت في المقابل بطابع متدرج وبعيد المدى. وكانت اهم الصفقات التي تعاقدت عليها الامارات خلال السنوات الماضية تلك التي أبرمت مع فرنسا العام 1993 للحصول على 436 دبابة متطورة من طراز "لو كلير" قيمتها 3.6 مليار دولار. واعتبرت هذه الصفقة في حينها اهم صفقة تسلّح في مجال المعدات البرية في منطقة الشرق الأوسط خلال التسعينات، وترافقت مع صفقة رئيسية اخرى ابرمت مع روسيا لتسليم 500 عربة مشاة قتالية مدرعة من طراز "ب. م. ب - 3" بلغت قيمتها 1.2 مليار دولار. وكانت قطر من الدول الخليجية التي تعاقدت بدورها على صفقات تسليحية رئيسية عدة خلال السنوات الخمس الماضية، اذ وقعت عقداً مع فرنسا قيمته 600 مليون دولار لتزويد قواتها الجوية 12 مقاتلة "ميراج - 2000" لإحلالها مكان مقاتلات "ميراج ف - 1" التي كانت تعمل لديها منذ الثمانينات. ووقّعت الدوحة مع بريطانيا قبل اشهر اتفاقا دفاعياً متعدد الاوجه قدّرت قيمته الاجمالية بنحو 850 مليون دولار وتضمّن تزويدها 12 طائرة تدريب ومساندة هجومية من طراز "هوك"، و40 عربة قتال مدرعة من طراز "بيرانيا"، وزورقين هجوميين من فئة "فوسبر - 46 متراً"، وصواريخ مضادة للطائرات تحمل على الكتف من طراز "ستاربيرست". ويأتي ذلك في الوقت الذي يتسلم فيه سلاح البحرية القطري تباعاً 4 زوارق هجومية صاروخية من فئة "برزان" فوسبر - 56 متراً تعاقد عليها مع بريطانيا العام 1992. وتعاقدت سلطنة عمان مع بريطانيا أيضاً على معدات بحرية رئيسية تشمل سفينتي حراسة كورفيت صاروخيتين من فئة "قاهر الأمواج" فوسبر - 83 متراً. وتسلمت قواتها البرية 18 دبابة من طراز "تشالنجر - 2" التي تنتجها شركة "فيكرز"، مع احتفاظها بحق شراء 18 دبابة اضافية من هذا الطراز. وحصلت البحرين من الولايات المتحدة على 12 مقاتلة من طراز "ف - 16 فالكون"، فكانت بذلك أول دولة خليجية عربية تحصل على هذه المقاتلات. وحصلت ايضاً على 12 طائرة هليكوبتر هجومية من طراز "أباتشي"، وعلى فرقاطة صاروخية متطورة من فئة "بيري". صفقات مرتقبة لكن كل هذه الجهود، على أهميتها وضخامتها، لا تشكل إلا جزءاً يسيراً فحسب من اجمالي البرامج الدفاعية التي تخطط دول الخليج العربية حالياً لتنفيذها، محركة بذلك منافسة دولية قد تكون الأشد في تاريخ المنطقة للفوز بحصص من هذه البرامج. إذ ان المملكة العربية السعودية تعتزم استكمال برنامج تحديث قواتها الجوية من خلال استبدال مقاتلات "ف - 5 تايغر" العاملة لديها حالياً واحلال طراز جديد متطور مكانها. ويرجح المراقبون ان يقع الاختيار السعودي في هذا المجال على المقاتلة الأميركية "ف - 16 فالكون" بطرازها المحسن الجديد الذي يعرف باسم "ف - 16 فالكون/60"، وذلك في صفقة قد يصل حجمها الاجمالي الى اكثر من 100 طائرة بقيمة قد تراوح بين 5 و6 مليارات دولار. كما تخطط المملكة حالياً لاستكمال تحديث قواتها المدرعة عن طريق الحصول على ما يتراوح بين 250 و450 دبابة جديدة في صفقة تشهد تنافساً حامياً بين كل من الدبابة الأميركية "م - 1 أبرامس" التي تستخدمها القوات البرية السعودية حالياً، والدبابتين البريطانية "تشالنجر - 2" والفرنسية "لوكلير". وتشهد قطر تنافساً شديداً على الفوز بصفقة تخطط لابرامها خلال الأشهر المقبلة لتحديث قواتها المدرعة ب 60 دبابة جديدة لاحلالها مكان دبابات "أ. م. اكس - 30" الفرنسية التي تعمل لديها حالياً. وتعتقد شركة "جيات" الفرنسية انها تتمتع بالحظ الأكبر للفوز بهذا العقد، نظراً الى العلاقات التقليدية الوثيقة التي تربط بين الدوحة وباريس في مجال التعاون الدفاعي. لكن شركة "فيكرز" البريطانية تعتبر من ناحيتها ان فرص فوز دبابتها "تشالنجر - 2" بهذه الصفقة زادت بشكل ملحوظ أخيراً بفضل اتفاق التعاون الذي توصلت اليه قطروبريطانيا قبل أشهر، وكان سبباً لإعادة هذه الأخيرة الى سوق التسلح القطرية ووضعها من جديد في موضع المنافسة الجدية فيها. وتبرز ايضاً في هذا المجال صفقة محتملة تفكر عمان في ابرامها لتطوير قواتها الجوية، وذلك اما عن طريق تحديث مقاتلات "جاغوار" التي يستخدم سلاح الجو العماني 24 منها حالياً، او بالحصول على طراز جديد من الطائرات القتالية المتطورة. وتعتقد شركة "بريتيش ايروسبايس" البريطانية بأنها تملك الفرصة الأكبر في الفوز بهذه الصفقة. اما دولة الامارات العربية المتحدة، فإن الصفقات التسليحية التي تعتزم التعاقد عليها خلال المرحلة المقبلة تشكل من دون شك الاطار الأكثر أهمية والحاحاً بالنسبة الى شركات الصناعة الدفاعية الدولية التي جاءت الى "ايدكس - 97" على أمل الفوز بتلك الصفقات او بجزء منها على الأقل. وأهم هذه الصفقات بلا منازع تلك التي تطلق عليها المراجع الدولية "صفقة العصر" باعتبار انها ستكون الأهم والأضخم وتتعلق بالحصول على 80 طائرة قتالية جديدة تريد الامارات شراءها لتحديث قواتها الجوية ومضاعفة حجمها. وكانت الامارات أعلنت في السابق ان المنافسة على هذه الصفقة الضخمة، التي تقدر قيمتها الإجمالية بنحو 6 مليارات دولار، انحصرت بالمقاتلة الأميركية "ف - 16 فالكون/ 60" التي تنتجها شركة "لوكهيد"، والمقاتلة الفرنسية "رافال" التي تنتجها شركة "داسو". كما ساد اعتقاد بأن الاختيار الاماراتي سيقع في النهاية على مزيج من هاتين المقاتلين، على ان يسبق ذلك التعاقد مع "داسو" على ما يراوح بين 12 و20 مقاتلة من طراز "ميراج - 2000/5" وهي الطراز المحسن من المقاتلة "ميراج - 2000" التي تعمل لدى القوات الجوية الإماراتية حالياً، وذلك كخطوة موقتة تمهد للحصول على مقاتلات "رافال" مستقبلاً. لكن المفاجأة الكبرى في "آيدكس - 97" كانت الاعلان رسمياً من جانب سلاح الجو الإماراتي عن عودة المقاتلة الأوروبية المشتركة "يوروفايتر - 2000" إلى دائرة المنافسة، والحديث علناً للمرة الأولى عن "مصاعب تقنية" تواجه العرض الذي تقدمت به "لوكهيد" في شأن المقاتلة "ف - 16 فالكون". واعتبر المراقبون ذلك مؤشراً واضحاً على استبعاد المقاتلة الأميركية وحصر المنافسة، في الوقت الحاضر على الأقل، بالمقاتلتين "رافال" الفرنسية و"يوروفايتر - 2000" الأوروبية مع تشديد مصادر شركة "بريتيش ايروسبايس" البريطانية على أنها المسؤول الأول عن تسويق هذه المقاتلة في الإمارات، وتأكيدها في الوقت نفسه على أن فرصة فوزها بالعقد التاريخي المتوقع باتت أقوى، حتى لو تم ارضاء شركة "داسو" الفرنسية من خلال شراء عدد محدود من مقاتلات "ميراج - 2000/5" وبعد ذلك مقاتلات "رافال". وفيما تنتظر "بريتيش ايروسبايس" و"داسو" صدور القرار الإماراتي في شأن المقاتلات الجديدة في وقت لاحق هذا العام، تنتظر كل من شركة "رايثيون" الأميركية والصناعات العسكرية الروسية بدورها صدور قرار الإمارات في شأن نظام دفاع جوي صاروخي مضاد للصواريخ، وذلك في صفقة رئيسية أخرى كان متوقعاً ان يتم الاعلان عنها في "آيدكس - 97". وكان الأميركيون يأملون بأن يقع الاختيار الإماراتي على الصاروخ "باتريوت"، في حين كان الروس يأملون في أن يقع ذلك الاختيار على صاروخهم "س - 300" سام - 12 الذي يعتبره كثير من الخبراء العسكريين الدوليين أكثر فاعلية كنظام مضاد للصواريخ من نظيره الأميركي. ومثلما حصل مع صفقة الطائرات المتوقعة، فإن الإمارات لم تعلن عن قرارها في شأن الصاروخ المنوي اختياره خلال معرض "آيدكس - 97"، مفضلة تأجيل ذلك حتى الصيف أو الخريف المقبل. وانطبق الوضع نفسه على صفقة بحرية رئيسية كانت الآمال معلقة على اعلانها في "آيدكس - 97"، وهي تتعلق بالتعاقد على 3 فرقاطات جديدة مخصصة لمكافحة الغواصات، إلى جانب 6 زوارق هجومية صاروخية لمهمات الدورية ومكافحة السفن. إلا أن الاعلان عن هذه الصفقة لم يتم كما كان متوقعاً، لكن التنافس عليها زاد ما بين الشركات والأحواض البريطانية والفرنسية والألمانية والهولندية، وتقدر قيمتها الاجمالية بحوالى 4 أو 5 مليارات دولار. توقعات القرن المقبل والثابت الآن ان منتجي الأسلحة في العالم جاؤوا إلى "آيدكس - 97" من منطلق أنه "معرض لا يمكن لأي طرف مهتم بهذه السوق الحيوية الخليج والشرق الأوسط البقاء بعيداً عنه"، على حد تعبير أحد كبار المسؤولين في مؤسسة صناعية عالمية لانتاج الأسلحة. وكما أجمع المسؤولون الذين التقتهم "الوسط" أثناء فترة المعرض، فإن هذه السوق ستشكل خلال السنوات المقبلة "المفتاح الحيوي ومحور التركيز الأول" للصناعات الدفاعية العالمية، سواء تلك الآتية من دول صناعية كبرى كالولايات المتحدة وبريطانياوفرنساوروسيا، أو تلك التي تعمل على ارساء أسس وجودها وتسعى إلى تطوير قدراتها وانتشارها مثل الصناعات الدفاعية في دول متوسطة أو ناشئة كجنوب افريقيا وأوكرانيا وكرواتيا واندونيسيا والبرازيل والنمسا وسلوفاكيا وغيرها. كل هذه الدول كانت ممثلة في "آيدكس - 97"، وستكون ممثلة على الأرجح في "آيدكس - 99". أما هدفها من ذلك فهو تكريس وجودها في السوق الدفاعية التي لم يعد هناك شك في أنها ستكون الأكثر أهمية وحيوية في العالم خلال السنوات المقبلة. والواقع ان هذه الصناعات العالمية لم تعد تخفي حقيقة أن وجودها ومستقبلها باتا مرتبطين مباشرة بمدى النجاح الذي ستتمكن من تحقيقه في أسواق الخليج والشرق الأوسط الدفاعية على أبواب القرن المقبل