جاء الغزو العراقي فجر الثاني من آب اغسطس 1990 ليداهم الكويت وهي في مرحلة انتقالية تحاول فيها تنفيذ خطط تسليحية لتقوية دفاعات البلاد. ولم تكن القوات الكويتية تسلمت بعد سوى جزء قليل من الأسلحة والمعدات الجديدة التي أوصت عليها. وكانت الخطط التسليحية الكويتية تشكل فعلاً برنامجاً دفاعياً هو الأضخم من نوعه منذ نيل البلاد استقلالها عن بريطانيا عام 1962. ولعل المفارقة ان ذلك البرنامج لم يكن على علاقة بأي تهديد عسكري محتمل من جانب العراق، بقدر ما كان الدافع الأساسي اليه الدروس التي أظهرتها الحرب العراقية - الايرانية عندما تعرضت الكويت للتهديد الايراني، في صورة مباشرة، نتيجة تأييدها العراق ودعمه سياسياً ومالياً. ومن هذا المنطلق وقعت الكويت صفقات تسليحية في أواخر الثمانينات، من أهمها شراء مقاتلات أميركية متطورة من طراز "اف - 18 هورنت"، وطائرات تدريب ومساندة هجومية من طرازي "هوك" و"توكانو" من بريطانيا، ودبابات قتال رئيسية حديثة يوغوسلافية الصنع من طراز "م - 84" وهي نموذج معدّل من الدبابة السوفياتية "ت - 72"، وعربات قتال مدرعة من طراز "ب. م. ب - 2" وأنظمة دفاع جوي صاروخية من طراز "سام - 8" و"سام - 13" و"سام - 14" ومدفعية م/ ط من طراز "ز. س. يو - 23 شيلكا" وصواريخ أرض - أرض من طراز "فروغ - 7" من الاتحاد السوفياتي السابق، وعربات قتال مدرعة من طراز "الفهد" من مصر، وأسلحة متنوعة من مصادر أخرى. وفيما كان العمل جارياً لتسليم القوات الكويتية هذه الأسلحة وقع الغزو العراقي ما أدى الى تجميد تنفيذ تلك الاتفاقات، لكن سرعان ما استؤنفت عملية تسليم الأسلحة الى "القوات الكويتية الحرة" التي نجحت في الافلات من قبضة الاحتلال العراقي وبدأت في اعادة تنظيم تشكيلاتها في المملكة العربية السعودية خلال مرحلة الاعداد لعملية "عاصفة الصحراء" التي أدت الى اخراج القوات العراقية وتحرير الكويت واعادة سلطاتها الشرعية اليها. والواقع ان نجاح الكويتيين في انقاذ جزء لا يستهان به من قواتهم المسلحة ومعداتها، لا سيما القوات الجوية، خلال الساعات الأولى التي أعقبت دخول القوات العراقية كان في حد ذاته انجازاً سرعان ما تبين انه ذو أبعاد سياسية ومعنوية مهمة. وقد يكون كافياً ان نذكر، على سبيل المثال، ان معظم المقاتلات الكويتية نجحت في الاقلاع من قواعدها قبيل وقوعها تحت الاحتلال، حيث وصلت الى القواعد الجوية السعودية 15 طائرة مقاتلة من طراز "ميراج ف - 1" من أصل نحو 30 طائرة، و19 قاذفة هجومية من طراز "أ - 4 سكاي هوك" من أصل نحو 30 طائرة، و16 هليكوبتر هجومية من طراز "غازيل" من أصل 24، وعدد مماثل من طائرات الهليكوبتر الناقلة من طرازي "بوما" و"سوبر بوما" من أصل 18. وفي غضون أسابيع قليلة بعد الغزو، أعيد تجميع ما يكفي من القوات البرية الحرة وتنظيمها لتشكيل قوة مدرعة وميكانيكية تضم ما يقارب 10 آلاف جندي تم تزويدهم دبابات من طراز "م - 84" وعربات مدرعة من طرازي "ب. م. ب - 2" و"م - 113" وسائر صنوف الأسلحة المساندة الأخرى. ولعبت تلك القوات الجوية والبرية دوراً عسكرياً مباشراً في عملية "عاصفة الصحراء" بما يتناسب مع حجمها. ويورد الفريق أول ركن المتقاعد الأمير خالد بن سلطان بن عبدالعزيز قائد القوات المشتركة ومسرح العمليات خلال حرب الخليج في كتابه "مقاتل من الصحراء" أمثلة عدة على المساهمة التي أدتها القوات الكويتية في الحرب، ومنها قيام وحداتها الجوية بتنفيذ ما مجموعه 802 طلعة قتالية أسفرت عن خسارتها طائرة واحدة من طراز "أ - 4 سكاي هوك" خلال غارة جوية على أهداف عراقية داخل الكويت، اضافة الى دخول الوحدات البرية الكويتية مع طليعة القوات العربية والدولية مدينة الكويت أثناء تحريرها. وكان طبيعياً ان تضفي مساهمة "القوات الكويتية الحرة" في تحرير الكويت طابعاً سياسياً ومعنوياً مهماً من حيث دلالاته على استمرارية السلطة الشرعية وتمحور الولاء الوطني والاعتراف العربي والدولي بها. وبما يعادل ذلك من أهمية على الصعيد العسكري، شكلت تلك القوات عملياً النواة الأساسية التي تركزّت عليها، فور اتمام تحرير البلاد، عملية اعادة بناء القوة العسكرية الكويتية الجديدة. بعد مرور خمسة أعوام على تحرير الكويت، فإن برنامج اعادة بناء القوات المسلحة وتجهيزها نجح في تحقيق الكثير من أهدافه. لكن ذلك لا يعني ان هذه العملية قاربت على الانتهاء، أو انها تتم دون عوائق وعراقيل، بعضها سياسي والآخر ذو طابع مالي واقتصادي. وكان واضحاً منذ البداية ان أي برنامج لانشاء قوة عسكرية كويتية متكاملة سيتطلب جهداً لا يقتصر على مجرد شراء أسلحة جديدة فحسب، بل العودة الى نقطة الصفر تقريباً في اعادة تجديد أولويات الدفاع الكويتية. وفي الوقت نفسه كان واضحاً أيضاً ان القوات الكويتية في مرحلة ما قبل الغزو لم تكن في وضع يجعلها قادرة، أو مؤهلة، لمواجهة تهديدات مشابهة لتلك التي شكلها الغزو العراقي وقبله الخطر العسكري والأمني الايراني، وانه لا بد بالتالي من اعادة صياغة الاطار الاستراتيجي والسياسي لعلاقات الكويت وتحالفاتها باعتبار ذلك مكملاً لأية جهود دفاعية ذاتية. من هنا كانت مجموعة الاتفاقات ومعاهدات التعاون الأمني والدفاعي التي وقعتها الكويت تباعاً خلال السنوات الخمس الماضية مع أركان التحالف الذي قام بتحريرها، وفي مقدمها دول "اعلان دمشق" اضافة الى الاتفاقات التي تم التوصل اليها مع كل من الولاياتالمتحدةوبريطانياوفرنسا وروسيا. أما فيما يختص بالقوات الكويتية نفسها فإن الهدف الأشمل تركز على التوصل الى جيش متكامل من حيث عناصره البرية والجوية والبحرية بحجم إجمالي يصل الى نحو 36 الف جندي، على ان تكون محاوره القتالية الأساسية مؤلفة من فرقتين مدرعتين مع عناصر الدعم والمساندة المدفعية والصاروخية الملحقة بها، خصوصاً في مجالي الدفاع الجوي والدفاع المضاد للدروع، وثلاثة أسراب جوية قتالية رئيسية مع قوة مساندة من طائرات الهليكوبتر الهجومية والداعمة، وتشكيل دفاعي بحري قادر على تأمين أمن السواحل الكويتية ومياهها الاقليمية. وقدّرت الكلفة الاجمالية لهذا البرنامج الدفاعي بحوالي 12 بليون دولار، والفترة الزمنية لتنفيذه بنحو 10 سنوات. أهم البرامج وفيما تقدّر المعلومات المتوافرة حجم القوات المسلحة الكويتية في الوقت الحاضر بحوالي 22 الف جندي بما في ذلك نحو 5 آلاف من عناصر الحرس الوطني، فإنه يمكن تحديد أهم ما تم تنفيذه حتى الآن من خطوات على صعيد بناء هذه القوات وتحديثها على الشكل الآتي: - استكمال تسلم مقاتلات "اف - 18 هورنت" الأميركية، التي حلت مكان قاذفات "أ - 4 سكاي هوك"، وتعمل في سربين قتاليين الى جانب سرب ثالث يتألف من 15 مقاتلة فرنسية متعددة الأغراض من طراز "ميراج ف - 1". وكانت الكويت أوصت على 40 مقاتلة "اف - 18 هورنت"، التي تعدّ حالياً من بين أحدث الطائرات العاملة في منطقة الخليج، بموجب صفقة بلغت قيمتها 1.9 بليون دولار تمّ توقيعها قبل الغزو العراقي. لكن تسليم هذه الطائرات لم يبدأ الا بعد التحرير، واستكمل قبل حوالي العامين. ولا تستبعد الخطط الكويتية امكان الحصول مستقبلاً على دفعة ثانية من هذه المقاتلات قد تشتمل على 18 - 20 طائرة منها في صفقة تتنافس على الفوز فيها أيضاً المقاتلة الفرنسية "ميراج - 2000". - استكمال تسليم طائرات التدريب والمساندة الهجومية البريطانية من طراز "هوك" التي كانت الكويت أوصت عليها قبل الغزو، وكذلك طائرات التدريب والمساندة الخفيفة "توكانو" التي تم الحصول عليها أيضاً من بريطانيا حيث يتم انتاجها بموجب ترخيص برازيلي. ويستخدم سلاح الجو الكويتي حالياً 12 طائرة "هوك" و16 طائرة "توكانو". - تعزيز الدفاعات الجوية المضادة للطائرات والصواريخ، حيث تم التعاقد مع الولاياتالمتحدة في هذا المجال على 5 بطاريات تشتمل على 30 منصة اطلاق رباعية لصواريخ أرض - جو "باتريوت". كما أشترت الكويت من فرنسا صواريخ ارض - جو حديثة من طراز "ميسترال" التي يمكن تشغيلها بواسطة جندي واحد، وتسلّمت من مصر 6 بطاريات من النظام "أمون" وتفيد معلومات ان الجيش الكويتي سيحصل قريباً على صواريخ روسية جديدة من طراز "سام - 12" المخصصة للدفاع الجوي على مسافات بعيدة. - بدء تنفيذ برنامج تعزيز الوحدات المدرعة والميكانيكية الذي تضمن حتى الآن شراء 236 دبابة قتال رئيسية متطورة من طراز "م - آ أبرامس" من الولاياتالمتحدة و254 عربة مشاة قتالية مدرعة من طراز "ووريير" و200 عربة قتال مدرعة من طراز "بيرانيا" من بريطانيا. واستكمل الجيش الكويتي خلال السنوات الماضية تسلّم دبابات "م - 84" التي كان اوصى على 200 منها من يوغوسلافيا قبل الغزو، وحصل ايضاً على 100 ناقلة جنود مدرعة مصرية الصنع من طراز "الفهد". - الاتفاق مع فرنسا على اعادة بناء القوة البحرية الكويتية، الذي ستحصل الكويت بموجبه على 4 زوارق هجومية صاروخية من فئة "لاكومباتانت" لتعويض الزوارق الألمانية الصنع التي خسرتها خلال حرب الخليج، وتزويدها صواريخ سطح - سطح من طراز "إكزوسيت"، وهي ستضاف الى ما يقارب 50 زورقاً وقارب دورية وخفر سواحل أوصت الكويت عليها خلال السنوات الخمس الماضية. وهناك معلومات لم تتأكد بعد عن اشتمال الصفقة مع فرنسا ايضاً على طائرات هليكوبتر هجومية بحرية من طراز "دوفان" او "كوغار" مسلحة بصواريخ جو - سطح مضادة للسفن من طراز "إكزوسيت" او "ا. س - 15" كجزء مكمّل للدفاعات البحرية والساحلية الكويتية التي يجري انشاؤها حالياً. - تنفيذ مجموعة من الصفقات بواسطة شركات اميركية وبريطانية وفرنسية ودولية اخرى لاعادة بناء المنشآت والبنى التحتية الأساسية للقوات الكويتية، بما في ذلك الثكنات والقواعد الجوية والبحرية ومخازن الاعتدة والذخائر ومشاغل الصيانة وشبكات الاتصال ومقرات القيادة وغيرها من مراكز عسكرية حيوية كانت تعرضت للتدمير والتخريب خلال فترة الغزو والاحتلال. خطط المستقبل ولا يتوقّع ان تقف جهود التسلّح والبناء الدفاعي الكويتي عند هذا الحدّ، بل انّ هناك مجالات عدة لا يزال البحث جارياً في ما يتوجّب تجهيز القوات الكويتية الجديدة بها ومن أبرزها احتمال تزويد هذه القوات طائرات هليكوبتر هجومية اميركية من طراز "أباتشي" التي يفترض ان تكون الكويت قرّرت الحصول على 12 طائرة منها لاستخدامها الى جانب طائرات "غازيل" الفرنسية. كا يرجّح ان يحصل الجيش الكويتي على مدافع ميدان ذاتية الحركة جديدة بريطانية الصنع من طراز "أ. س - 90" عيار 155 ملم، وراجمات صاروخية متعددة الفوهات من طراز "م. ل. ر. س" عيار 227 ملم من الولاياتالمتحدة. وربما اشتملت المشتريات الكويتية المتوقعة ايضاً على سفن حراسة كورفيت او فرقاطات صاروخية، وعلى عدد من منصات الصواريخ التكتيكية الباليستية ارض - ارض لتشكيل قوة استراتيجية رادعة مستقبلاً. وعلى أي حال، فان الجهود الكويتية لا تزال مستمرة، وهي تتمّ في صورة متأنية وبعيدة عن التسرّع فيما يبدو انه حرص من جانب الحكومة على تجنّب اي عوائق سياسية او مالية قد تحول دون وصولها الى تحقيق هدفها المتمثل في استكمال بناء دفاعاتها مع مطلع القرن المقبل. الجيش الكويتي حالياً - المجموع : نحو 22 ألف جندي. - القوات البرية: نحو 250 دبابة تضم 50 "م - 1 أبرامس" و200 "م - 84" و250 عربة وناقلة مدرعة تضم نحو 70 "ب. م. ب - 2" و80 "م - 113" و100 "الفهد"، و30 مدفع ميدان ذاتي الحركة، وصواريخ م/د "هوت" و"تاو"، وصواريخ م/ط تضم "باتريوت" و"هوك" و"أمون" و"سام - 8" و"سام - 13" و"سام - 14" و"ستنغر". - القوات الجوية: 65 طائرة قتالية تضم 40 "ف - 18 هورنت" و15 "ميراج ف - 1"، و28 طائرة تدريب ومساندة هجومية تضم 12 "هوك" و16 "توكانو"، و16 هليكوبتر هجومية "غازيل"، و12 هليكوبتر ناقلة "بوما" و"سوبر بوما"، و4 طائرات نقل. - القوات البحرية: زورقان هجوميان صاروخيان احدهما من فئة "لورسن - 57" والثاني من فئة "لورسن - 45"، ونحو 50 زورق دورية وخفر سواحل من فئات متنوعة. تضاف الى هذه المعدات اسلحة اعادها العراق بعد الحرب وهي في حالة غير قابلة للتشغيل ... عام 2000 - المجموع: نحو 36 الف جندي. - القوات البرية: 500 دبابة "م - 1 أبرامس" و"م - 84"، و800 عربة وناقلة مدرعة "ووريير" و"بيرانيا" و"ب. م. ب - 2" و"م - 113" و"الفهد"، و100 مدفع ميدان ذاتي الحركة، و24 راجمة صاروخية، وصواريخ م / د، وصواريخ م/ط تضم "باتريوت" و"هوك" و"سام - 12" و"أمون"، وربما صواريخ ارض - ارض من طراز غير محدّد بعد. - القوات الجوية: نحو 75 طائرة قتالية من طراز "ف - 18 هورنت"، وربما اشتملت ايضاً على مقاتلات "ميراج - 2000"، و40 طائرة تدريب ومساندة هجومية، و30 طائرة هليكوبتر هجومية من طراز "أباتشي" و"غازيل"، ونحو 12 هليكوبتر هجومية بحرية من طراز سدوفين" أو "كوغار" ونحو 10 طائرات نقل ومساندة متنوعة. - القوات البحرية: فرقاطتان او سفينتا حراسة كورفيت صاروخيتان من فئة لم تحدّد بعد، و4 زوارق هجومية صاروخية من فئة "لا كومباتانت"، ونحو 60 زورق دورية وخفر سواحل وقطع مساندة .