جاءنا من اللواء الركن عزيز الأحدب الرد الآتي على "محسن دلول يتذكر": "في الحلقة الاخيرة من مذكرات الوزير محسن دلول في العدد 268 من "الوسط" ورد كلام في شأن حركة 11 آذار 1976 العسكرية يتنافى مع الحقائق. اولاً - في شأن السؤال: "من كان وراء حركة اللواء عزيز الاحدب والرد عليه بالقول: "شجعته اطراف فلسطينية ودعمته...". أوضح ما يأتي: لم يكن وراء حركتي سوى ربّي وضميري وشرفي العسكري وذلك بعدما وصلت البلاد الى ما وصلت اليه من مآسٍ وآلام ... منها: تدهور الأوضاع الأمنية بشكل مخيف، واستئناف عمليات الخطف والتصفيات الجسدية، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، وانقسام بيروت إلى منطقتين شرقية وغربية، وعجز الرئيس عن القيام بمسؤولياته... وإصراره على اقالة القيادة العسكرية بسبب وعدها العسكريين المنشقين الذين التحقوا بهذه الفئة أو تلك... بعدم محاكمتهم... وتوقف المبادرة السورية... وعجز مجلس النواب عن ممارسة صلاحياته، وعجز حكومة الإنقاذ عن القيام بمسؤولياتها واستقالة رئيسها الشفوية السيد رشيد كرامي، ومقتل العقيد عبدالمجيد شهاب... هذه الأمور وغيرها هي التي حرّكت ضميري وحملتني على القيام بحركة انقاذية لخلط الاوراق وإعادة توحيد الجيش والشعب وبالتالي اعادة الشرعية الى مسارها الصحيح. ثانياً - أريد أن أذكّر الوزير دلول بما تلطّف به وأورده في رسالة كتبها لي بتاريخ 2/2/1993 إثر موقف اتخذته، فقال: "عرفناك ابناً باراً للمؤسسة الوطنية لك فيها تاريخ حافل، وابناً باراً للوطن تشهد لك ساحاته". فبعد هذا الكلام النبيل هل يُعقل ان يكون "الابن البار للجيش والوطن أُلعوبة بيد الاطراف الفلسطينية او غيرها لتحقيق اهدافها ومآربها"؟ ثالثاً - في شأن قيامي بالغاء حالة الطوارئ ومنع التجول. أقول: في بلاغي الرقم واحد اوردت بنداً اعلنت فيه حالة الطوارئ ومنع التجول، ثم الغيته ببلاغ لاحق بعدما هبت البلاد شعباً وجيشا لتأييد انتفاضتي العسكرية، وكان "الإلغاء" كبادرة شكر مني وحسن نية نحو الجميع. رابعاً - في شأن قول الاستاذ كمال جنبلاط "نتعامل مع هذه الحركة ونجهضها من الداخل". أقول ان هذا "القول" صحيح مئة في المئة. فلقد حاول معاليه مع كل من الرئيس كميل شمعون والشيخ بيار الجميل "اجهاض الحركة العسكرية" لأنها سحبت من تحت اقدامهم البساط الذي يقفون عليه بعدما شعروا لأول مرة بفقدان سيطرتهم على قواعدهم الشعبية التي هبّت لتأييد الحركة برصاص الابتهاج لا برصاص القتل والاغتيالات. خامساً - قاتل الله السياسة!... بالحديث عن معالي الاستاذ كمال جنبلاط لا بدَّ لي من ان انتهزها فرصة لأقول: "قاتل الله السياسة ما دخلت شيء الا افسدته!... فالرجل الكبير الذي حاول "اجهاض الانتفاضة من الداخل" بالتوافق مع اخصامه السياسيين، هو نفس الرجل الذي كان له مواقف مشرفة مع عزيز الاحدب يوم تعاون معه في فترتين من الزمن... وأحب ان اذكرها لأفي الرجل الكبير حقه من الوفاء: - يوم كان وزيراً للداخلية سنة 1962 وكان عزيز الاحدب قائداً للشرطة كان التعاون بينهما على خير ما يرام... وعندما نقل عزيز الاحدب مواقف السيارات من المنطقة التجارية المعقودة اللواء للزعماء السياسيين، وكان العميد أول الرفاعي حذّر الرئيس فؤاد شهاب من ان هذه العملية خطرة جداً وقد يصل فيها الدمّ الى الركاب. كان للوزير جنبلاط تصريح للصحافيين: ان العملية التي نفذها عزيز الاحدب اشبه "بعمل ثوري ناجح" يشكر عليه قائد الشرطة. - ويوم اراد عزيز الاحدب الاستقالة من الشرطة لمتابعة دورة اركان حرب في باريس، عارض الوزير كمال جنبلاط الاستقالة بقوله للمسؤولين: "يا عمي اعطوني ضابط قبضاي مثل عزيز الاحدب حتى اوافق على الاستقالة. ولم يوافق على الاستقالة الا عندما تدخلت شخصياً ورجوته بالموافقة على طلبي ففعل. - ويوم تركت قيادة الشرطة اصدر تنويهاً بالأعمال التي قمت بها كما اصدر قراراً بمنحي ميدالية الجدارة. - يوم كان الاستاذ كمال جنبلاط مرة ثانية وزيراً للداخلية سنة 1969 كنت يومها مديراً عاماً للشؤون الفلسطينية العسكرية تنفيذاً لاتفاقية القاهرة، يومها ايضاً كان التفاهم والتعاون بيننا على خير ما يرام. ويشهد التاريخ انني سيّرت "الذئب والغنمة جنباً الى جنب" وكنت انهي اي اشكال امني بحزم وسرعة!... فعزيز الاحدب هو الذي اعاد الشيخ بشير الى اهله يوم خطفته منظمة الصاعقة، وهو الذي اوقف نسف مصارف بيروت بعد نسف "بنك اوف اميركا" بعدما هدد بضرب المخيمات، وهو الذي منع الكفاح المسلح من السيطرة على الاحياء في بيروت... ولم تتدهور الاوضاع الامنية الا عندما نقلوا عزيز الاحدب من وظيفته! ... خامساً - في شأن القول "حين توافق حركة من هذا النوع على الغاء هذه الاجراءات اي حالة الطوارئ ومنع التجول، تسقط وهذا ما حدث...". لا يا معالي الوزير لم تسقط حركة 11 آذار وكل ما في الأمر ان امتدّ عمرها من سبعة أيام كما كان مقرراً لها الى 71 يوماً، وذلك بسبب الشهامة السورية التي عزّ عليها ان يسقط لها رئيس حليف بضغط عسكري، فتدخلت وقطعت زخم الانتفاضة ورأيت انه من الضروري السير بالحل السياسي بدلاً من الحسم العسكري. وهنا لا بدّ لي من التوضيح ان قيادة حركة 11 آذار هي التي اعادت الشرعية الى مسارها الصحيح بفضل التدابير الأمنية الصارمة التي اتخذتها في جلستي تعديل الدستور وانتخاب رئيس جديد للبلاد وتشكيل حكومة جديدة. اللواء الركن عزيز الأحدب