أوقع تصريح المرشد العام للاخوان المسلمين عن الاقباط جماعته المحظورة، وربما تيار "الاسلام السياسي" كله، في ورطة سياسية، ليس فقط من زاوية ان مضمون التصريح يطعن في مواطنية المصريين المسيحيين ووطنيتهم، وانما ايضا من زاوية ما هو شائع في الدوائر الحزبية بأن "التلقائية غير المحسوبة" لتصريحات المرشد عادة ما تعبر عن الموقف العام الحقيقي للجماعة من دون تجميل، على عكس تصريحات المستشار مأمون الهضيبي نائب المرشد، التي عادة ما تراعي - كما تقول الدوائر الحزبية نفسها - "الحسابات السياسية اللازمة". وتعيد هذه الدوائر الى الاذهان حديثا صحافيا مع المرشد سئل فيه وقتها "ما قولك في ما اعلنه اخوان حزب الوسط عن انهم لا ينتمون تنظيميا لجماعة الاخوان؟"، فقال "هذا كلام يقولونه لدرء الشبهات ... وهؤلاء الشباب يريدون ان يدفعوا عن انفسهم كونهم في تنظيم غير شرعي حتى يحظى حزبهم بالقبول. لكنهم لم ينسلخوا عنا وما زالوا اعضاء في تنظيم الاخوان المسلمين". حديث المرشد مع صحيفة الاهالي 7/2/1996. وايا كان مضمون التعقيب الذي كتبه منظرون "اخوان" مع المستشار الهضيبي، ونشر باسم المرشد، فان هذا التعقيب لم يوقف انشغال الشارع السياسي بسيل من الاسئلة ابرزها: هل كان التصريح مجرد زلة لسان خانه التعبير؟ ام هو رسالة ازعاج طاشت عن عنوانها المقصود فأزعجت عناوين اخرى؟ ام هو اداء غير موفق لموقف من الاقباط لا يزال ملتبساً؟ ام هو واحد من تجليات ازمة متعددة الجوانب دهمت الجماعة منذ وقت؟ والحاصل ان حديث المرشد العام مشهور 74 سنة مع صحيفة "الاهرام ويكلي" المصرية التي تصدر بالانكليزية، دار على الانتخابات المحلية. حيث اشتكى فيه من الملاحقات الامنية والقبض على اعضاء في جماعته رشحوا انفسهم كمستقلين. واضاف ان ذلك كان "رسالة واضحة من الحكومة بأن نشاطنا يزعجها ولن يسمح لنا بالفوز في اية انتخابات"، ثم اكد تمسك جماعته بتطبيق الشريعة. وعما اذا كانت جماعته ترى فرض ضريبة "الجزية" على الاقباط، اجاب "نعم فهذا جزء من الشريعة". وقال ان تطبيق الشريعة يعني استبعاد المسيحيين من القوات المسلحة لانهم ينتمون الى غير عقيدة الاسلام. واوضح: "عندما نقيم الدولة الاسلامية فان الجيش هو احد دعامات الدفاع عنها. ويجب ان يكون جنود هذا الجيش منتمين الى ذات العقيدة، حتى يمكن التأكد من انهم سيتخذون الموقف الصحيح ضد كل من يحاول الاعتداء على الدولة الاسلامية". واضاف "اذا انضم غير المسلمين الى الجيش وهاجمنا بلد مسيحي، فمن المحتمل ان يغير هؤلاء ولاءهم ويصبحوا عملاء للعدو". ثم قال "ولهذا فان الجزية هي ضريبة يدفعها المسيحيون نظير دفاع المسلمين عنهم، اننا لن نمنع الاقباط من دخول انتخابات مجلس الشعب - مثلا - لكن المناصب الرئيسية في الجيش يجب ان يشغلها المسلمون لاننا بلد اسلامي يدافع عن الاسلام ويحميه". وترصد الدوائر السياسية عددا من الملاحظات المهمة حيال تصريحات مشهور: - اولها، ان المرشد العام للاخوان اجرى حديثاً بالعربية لترجمته ونشره في صحيفة مصرية تصدر باللغة الانكليزية، ومع صحافي يعمل اساسا في وكالات انباء غربية وصحف اجنبية اخرى. - وثانيها، ان الحديث مسجل على شريط كاسيت وكان مرسلا، حيث لم يسبقه توجيه ورقة اسئلة مكتوبة جريا على عادة المرشد العام مع غالبية الصحافيين. - وثالثهما، ان المرشد العام او جماعته لم يهتموا على امتداد ستة ايام بعد نشر الحديث 3/4/1997 بالتعقيب عليه او الادلاء بايضاح عنه، على الرغم ان مكتب المرشد تلقى مع نائب المرشد - حسب معلومات "الوسط" - عشرات الاسئلة من صحافيين اجانب ومندوبين لوكالات انباء اجنبية حول مدى دقة التصريح الذي نسب الى المرشد، لكن الرد على الاسئلة انحصر في ان الحديث "نشر مشوشا"، ما يعني ان قيادة "الاخوان" كانت على علم تام بان التصريح اثار اهتماما واسعا واستغرابا واضحا. - ورابعها، ان حديث المرشد جاء في اعقاب ما اعتبره هو وجماعته "رسالة واضحة من الحكومة". فما هي هذه الرسالة؟ "ممنوع تسييس الدين او تديين السياسة. ولن نسمح لجماعة دينية بالعمل في السياسة" هذا هو مضمون الرسالة المفتوحة التي وجهتها الحكومة - عشرات المرات - الى جماعة "الاخوان"، خصوصاً قبل ايام من اجراء انتخابات المحليات 7/4/1997 عندما اعلنت القبض على 29 شخصاً جرى تقديمهم الى النيابة بتهمة انهم "ينتمون الى جماعة محظورة قانوناً". فيما اضاف "الاخوان" ان ضغوطا امنية شديدة مورست ضد "مرشحين اسلاميين" اخرين في المحافظات ادت الى انسحابهم من حلبة الانتخابات المحلية، وفي حين نفى المستشار الهضيبي، يومها، ان تكون جماعته دفعت بأحد من اعضائها لدخول الانتخابات المحلية لاعتراض الجماعة على الاجراءات الانتخابية وعلى اجرائها في ظل قانون الطوارئ جرى تطبيقه منذ العام 1981، فان الدوائر الحكومية تبدي يقينها من ان مثل هذا القول "حيلة قديمة للجماعة". واضافة الى ما تسميه الحكومة ب "معلومات امنية مؤكدة" عن ان الجماعة كانت رشحت بالفعل عددا من اعضائها، فالحكومة تتخذ من تصريح الهضيبي بأن جماعته "لا يمكن ان تمنع المستقلين من المنتمين الى التيار الاسلامي من ترشيح انفسهم" قرينة اضافية لصحة معلوماتها. واللافت ان معظم المقبوض عليهم من المرشحين او من المنسحبين كانوا عناصر شبابية يقبض عليها للمرة الاولى. فيما يعني ان الضربة الامنية - هذه المرة - غاصت الى دوائر محدودة في البنية التحتية للجماعة. ومعروف ان الضربة الامنية التي سبقت الانتخابات التشريعية العام 1995 طالت قيادات نشطة معظمها من الحلقة الوسيطة بين قمة قيادة الجماعة وبين القواعد. جدير بالذكر ان الدكتور محمود شريف وزير الادارة المحلية كان اجاب "الوسط" رداً على سؤال عن تخوف بعضهم من تكرار تجربة بلديات الجزائر في محليات مصر 1997، بقوله ان "هناك فارقاً كبيراً بين الوضع في مصر والوضع في الجزائر. ولا يمكن تجربة الجزائر هنا في مصر". ونوه ب "وجود فرص لاحزاب المعارضة للفوز بمقاعد، ومثال ذلك ان المعارضة في انتخابات المحليات عام 1992 حصلت على نسبة 15 في المئة من المقاعد. على رغم انها شاركت فقط بالترشيح في 25 في المئة من الدوائر. وهذا دليل على وجود فرص لها". رسالة ازعاج مفتوحة واستخلصت جماعة "الاخوان" من رسالة الحكومة، ان الاخيرة تضع نصب عينيها درس صعود اربكان وحزب الرفاه في تركيا من البلديات الى القومي العام البرلمان. ودرس صعود جبهة الانقاذ في الجزائر من البلديات 1989 الى البرلمان 1992. ومعروف ان رأي الدوائر العليا في الحزب الوطني الحاكم استقر منذ وقت على ان دخول "الاخوان" الانتخابات العامة او المحليات "لا يتم من باب الايمان بالديموقراطية". ومن حيثيات هذا الرأي ان للجماعة "موقفا عقائديا من الديموقراطية حيث تعتبرها اشراكاً لغير الله في التشريع. وهناك عدد قليل بينهم يختلف على التطبيق من زاوية ضرورة استثمار الديموقراطية ومحاولة ركوب آلياتها لمصلحة الجماعة التي سرعان ما ستضرب هذه الديموقراطية حال وصولها الى الحكم". وهكذا فان تصريح المرشد العام الذي افاض بالرد على الجوانب السياسية لرسالة الحكومة، كان حريصاً وهو يشكو من مضمون الرسالة، على ايضاح ان جماعته "لا تزال راغبة في اجراء حوار مع اعضاء من الحكومة. مع انهم اغلقوا الباب امام هذا العرض دائما". واضاف ان جماعته "مصرة على بذل اقصى جهد لتجنب مواجهة مع الحكومة، على رغم القبض على العديد من قياداتها البارزة في كانون الثاني يناير عام 1995". لماذا اذاً لم يتجنب المرشد العام، بهذا القدر نفسه من الحرص، اقحام موضوع الاقباط. وكان بمقدوره عدم الافاضة على نحو ما افاض به وكان له تداعيات غاضبة؟ هذا هو السؤال المطروح بشدة في دوائر الاحزاب السياسية المصرية. وحسب رأي بعضها فان تصريح المرشد "رسالة ازعاج مفتوحة" اجاب بها على رسالة الحكومة من خلال نشر محدود بالانكليزية يقرأه الاجانب والسفارات في مصر وتتابعه الحكومة بالطبع. لكن غلاظة التصريح وحدته ثم اهتمام بعض صحف المعارضة بترجمته واعادة نشره بعناوين رئيسية ضخمة، فاقمت من الورطة السياسية التي وقعت فيها الجماعة، وربما تيار "الاسلام السياسي" كله. وحسب تعبير خصوم الجماعة "انقلب السحر على الساحر، مما دفع قيادة الجماعة الى الاسراع بارسال الايضاح الذي كتبته الى الصحافة يوم الاربعاء 9 الجاري بما فيها "الاهرام ويكلي" التي لم تنشر الايضاح لانها تلقته بعدما دارت المطبعة بعددها الجديد يصدر صباح الخميس من كل اسبوع. اللافت اذن ان الجماعة لم تصدر نفياً للتصريح او تكذيباً له لانه كان مسجلا. وانما بعث المرشد العام برسالة الى الصحافي الذي نشر عنه، تقول "لقد تقابلت معي في حديث حول رؤى الاخوان المسلمين ازاء عدد من القضايا. وقد اطلعت على ما نشرتموه ... فاتضح ان ثمة تشويشاً في المفاهيم التي آثرت ايضاحها وتجليتها .. ولذلك رأيت ان اكتب لك موضحا الامر في صورته القاطعة طبقا لما اعتمد الاخوان منذ نشأة جماعتهم وتعاقبهم حتى الآن. ومن ثم اقرر الاتي: اولا ... بخصوص الجزية مستقر على انه خاص بمن حارب الاسلام والمسلمين، والاخوة المواطنون الاقباط بمصر يخرجون عن هذا النطاق بالكلية ومن اجيال متلاحقة ... وقد حاربوا معنا اعداء الوطن دون تمييز بين عقيدة ودين المصري المدافع عن وطنه ضد العدو الغازي .... ثانيا ... وان يدافع المواطن غير المسلم عن وطنه المصري فهو اذن يشارك المواطن المسلم في المبدأ ولا مجال لاي تفرقة ... وانهم اي الاقباط اخوة مشاركون في الكفاح لتخليص هذا الوطن من الاستعمار الاجنبي. فهم لهم حق المواطنة كاملة، المادي منها والمعنوي. اي ان لهم ما لنا وعليهم ما علينا .... ثالثا ... ان ابناء الوطن مسلمين ومسيحيين، مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات وعلى وجه الخصوص هم متساوون في تولي الوظائف العامة وفي حق كل مواطن ومواطنة في المشاركة في الانتخابات ... وتولي عضوية المجالس النيابية. والاخوان المسلمون ... استنكروا ويستنكرون اي عدوان على فريق من ابناء هذا الوطن او انتقاص لحقوق اي من ابنائه .... لكن هذا الايضاح أو التعقيب لم ينجح في التخفيف من حالة الغضب ضد تصريحات المرشد العام التي اعتبرتها اوساط المجتمع والسياسة علامة خطر تنذر بشق الصفوف وبصرف الانظار عن قضايا مصر الرئيسية، وفي المقدمة منها مواجهة التطرف والارهاب داخلياً وتعنت سياسة الحكومة الاسرائيلية عربياً. وعلى صعيد ردود الفعل العملية، من المقرر أن تنظر محكمة مصر القديمة الجزئية في 10 ايار مايو المقبل دعوى قضائية اقامها ممدوح نخلة المحامي ضد الشيخ مشهور. واعتبرت الدعوى ان تصريح المرشد العام "ينطوي على وصف الاقباط بالخيانة والعمالة وعدم اهليتهم بالدفاع عن انفسهم وعن وطنهم وهو قول يدخل تحت طائلة العقوبات ... ولو صحت هذه الاتهامات لأوجبت عقاب الاقباط جميعهم بعقوبة الاعدام بتهمة الخيانة العظمى ... لا سيما أن موجه الاتهامات رجل ذو مكانة ... ويقدم الفتاوى في امور الدين والدنيا مما تصبح معه تصريحاته اقوالا راسخة وتعاليم ثابتة يتأثر بها العامة ... وتتضمن خدشا للشرف وحطّاً للاعتبارات ومساساً بالشعور والكرامة مما اصاب المدعي أي المحامي وهو مصري قبطي بأضرار نفسية وادبية جسيمة". وفي افتتاحية شديدة اللهجة، كتب يوسف سيدهم رئيس تحرير صحيفة "وطني" الاسبوعية القريبة من دوائر الكنيسة منتقداً تصريحات مشهور ومعتبراً انها "تنزع القناع الزائف الذي طالما ارتدته جماعة الاخوان المسلمين ... وعرفنا بوضوح برنامجهم وخططهم وما يضمرونه لمصر"، واضاف في تعقيبه "قلبي على مصر المفترى عليها والتي تباع على يد هؤلاء بأبخس الاثمان عندما يجردون اهلها المسلمين والاقباط على السواء من كل المشاعر السامية للحب والوطنية والبذل والتضحية". ولأن افتتاحية "وطني" القريبة من دوائر الكنيسة المصرية، ذات مغزى فقد التقطته قيادة "الاخوان"، وكتبت رسالة باسم مرشدها إلى البابا شنودة الثالث بطريرك الكنيسة المصرية أعادت فيها القول بأن الحديث تعرض لتشويش، وأكد ما جاء في "الإيضاح" الذي أرسله إلى "الأهرام وكيلي". ومن جانبه شن الدكتور رفعت السعيد الامين العام لحزب التجمع اليساري هجوما شديدا على تصريحات المرشد العام للاخوان. وقال "... ومن هنا كان اختيار الاستاذ مشهور مرشدا بداية لإشهار الوجه الحقيقي للجماعة كعباءة يخرج من تحتها كل اشكال الارهاب المتأسلم. وبينما تغلي مصر كلها ضد نتانياهو وعدوانه على القدس، قدس الاقصى والقيامة، كما تغلي بالرفض لجرائم المتأسلمين ضد الاخوة المسيحيين في الفكرية وبهجورة قرى في الصعيد وغيرها، وبينما يحاول الوطن ان يضمد جراحه، خرج علينا السيد مصطفى مشهور بتصريحات اشهرت أمام الجميع صورته الحقيقية ... وموقف الجماعة التي يرأسها، من الوحدة الوطنية ومن حقوق المواطنة ومن المصريين المسيحيين عموما ... وبعدها يأتي البعض مطالبا بحوار مع هؤلاء المجرمين المحرضين ضد الاقباط ... الى هذا البعض نقول ما رأيكم؟ وإلى المتأسلمين في حزب العمل وإلى غيرهم ممن تتمدد مقالاتهم دفاعا عن هذه الجماعة ... اليهم نسأل ما رأيكم؟ ... اما مصطفى مشهور فلا نقول له سوى اصمت". جدير بالذكر ان حزب التجمع قرر المطالبة باستبعاد الجماعة من لجنة التنسيق بين الاحزاب والقوى السياسية ومن العمل المشترك في قضية الديموقراطية أو سينسحب هو إذا لم يصدر عن الجماعة نفي لتصريحات مشهور واعلان موقف بديل. منظمات حقوق الإنسان وكان عدد من منظمات ومراكز الحقوق اصدر بيانات غاضبة ضد تصريح المرشد العام. فقد اعلنت "المنظمة المصرية لحقوق الانسان" - بلسان امينها محمد منيب - رفض تصريحات المرشد لانها "تعني تقسيم المجتمع الى مواطنين من الدرجة الاولى واخرين من الدرجة الثانية. كما تمثل انتقاصاً من حق المواطنة واهدارا لحقوق الانسان بالتفرقة حتى في شرف الدفاع عن الوطن". ووصف بيان اصدره "مركز الدراسات والمعلومات القانونية لحقوق الانسان" تصريحات المرشد بأنها "طعنة غير نزيهة تنزع عن الاقباط وطنيتهم"، وطالب "كل المصريين والاحزاب والنقابات والكتاب والفنانين بالتصدي لتلك الدعاوى الطائفية القائمة على التمييز العنصري". واستنكر بيان "مركز الكلمة لحقوق الانسان" اتهام الاقباط بالعمالة والخيانة، مؤكدا ان هذه الافكار تعمق روح الكراهية بين ابناء الوطن الواحد. ومن جانبه وصف المشرف العام على "مركز المساعدة القانونية" هشام مبارك هذه الافكار بأنها "تمثل رؤية رجعية منافية لحقوق الانسان وتؤدي الى تعميق ازمة الوحدة الوطنية كما تلتقي الى حد كبير مع افكار الجماعات المتطرفة". وتنوعت بيانات وكتابات اخرى ركزت على ان ما جاء في تصريحات المرشد تهيئ تربة خصبة لاستحلال اموال الاقباط وممتلكاتهم تشجيع الارهاب على النيل منهم سواء بالقتل او بفرض الاتاوات عليهم بالقوة في الصعيد. جدير بالذكر ان مسألة الموقف من الاقباط كان يثيرها دائما منافسو مرشحي "الاخوان" في الانتخابات العامة والنقابية، حيث كانوا يركزون في انتخابات نقابات الاطباء والمهندسين والمحامين على القول بأن موقف الاخوان من الاقباط "يسوده الالتباس الشديد". وكان هذا موضع هجوم رموز سياسية حزبية ورسمية من زاوية ان جماعة "الاخوان" حزب ديني للمسلمين فقط وليس حزبا مدنيا مفتوحا للمواطنين جميعاً. ولهذا السبب كان "الاخوان" يضعون على قوائم المرشحين للانتخابات بعض اسماء قبطية محدودة، في محاولة لتجنب حدة ذلك الهجوم. ودائما ما كان كثيرون يحذرون من أن أي موافقة للدولة على اجازة تأسيس حزب للاخوان المسلمين قانونا، ستعني ضمنا السماح باجازة حزب مسيحي. الامر الذي يهدد في رأي هؤلاء بتقسيم المجتمع والدولة. ويشار إلى "الاخوان" اعلنوا اكثر من مرة عدم اعتراضهم على قيام حزب مسيحي. وفي اجابته على سؤال "الوسط" عن موقف حزبه تحت التأسيس من موضوع الجزية والمناصب العامة والاكثرية والاقلية الدينيتين، قال المهندس ابو العلا ماضي "وكيل مؤسسي حزب الوسط": "لم تعد فكرة الجزية قائمة. فقد استقر في الفقه الاسلامي المعاصر، حسب ما كتب كثير من الاساتذة من امثال الدكتور محمد سليم العوا والمستشار طارق البشري ان الاقباط مواطنون لا ذميون. لقد اشتركوا في الحروب دفاعا عن هذه الاوطان مع اخوانهم المسلمين جنبا إلى جنب ... اما بخصوص المناصب العامة فقد اصبحت تتمثل في مؤسسات ودساتير وقوانين تتيح لأي مواطن ان يتولى هذه المناصب بصرف النظر عن أي تمايز ديني او عرقي او غيره ... وان ادعاء اقتضاء الحق في العمل السياسي او في ممارسة الحكم على أهل دين معين في دولة متعددة الاديان، ادعاء لا تسنده اصول الشريعة. المعروف ان محكمة الاحزاب تتبع القضاء الاداري كانت اجلت مطلع الاسبوع الماضي، النظر في دعوى الطعن التي اقامها عدد من مؤسسي "حزب الوسط" ضد قرار لجنة شؤون الاحزاب برفض تأسيس الحزب. فهل تحمل ريح الجلسة المقبلة للمحكمة 12 تموز/ يوليو المقبل اشارات مغايرة يأمل فيها محامو المؤسسين؟ ام تتواصل الاجراءات والدفوع وتبادل المذكرات لتمتد ويطول الوقت رهانا على تفعيل الازمة المتعددة الجوانب داخل صفوف "الاخوان" بسبب خلافاتهم الشديدة على محاولات قيادة الجماعة قطع الطريق على اجازة هذا الحزب؟