على رغم تأكيدات الحكومة القبرصية بأنها عازمة على تنفيذ الصفقة التي توصلت اليها اخيراً مع روسيا للحصول على صواريخ ارض - جو مضادة للطائرات وللصواريخ من طراز "س - 300"، فإن المصادر الدفاعية الاميركية والاطلسية استبعدت امكان اتمام هذه الصفقة ونشر الصواريخ المذكورة في قبرص. وقالت ان المساعي التي تبذلها منذ مدة كل من واشنطن ولندن للتخفيف من حدة التوتر الذي أثارته معلومات تعاقد الحكومة القبرصية على هذه الصواريخ مع موسكو. وأكدت ان محاولات هادئة جرت وراء الكواليس مع الجانب الروسي لحمل الكرملين على صرف النظر عن بيعها الى نيقوسيا. وكانت تركيا أبدت فور ظهور هذه المعلومات استياءها الشديد من احتمال حصول القبارصة اليونانيين على صواريخ "ص - 300" التي تعتبر انقرة انها تشكل "تهديداً استراتيجياً" لا لقواتها المرابطة في الشطر الشمالي من الجزيرة فحسب، بل وللساحل التركي الجنوبي نفسه. وهددت الحكومة التركية بضرب منصات هذه الصواريخ حال نشرها في قبرص، مهددة باقامة "قواعد عسكرية برية وجوية وبحرية دائمة" في قبرص اذا ما تم تنفيذ الصفقة بين نيقوسياوموسكو. وفي المقابل، تضامنت اليونان مع القبارصة اليونانيين، الامر الذي كان يهدد، بأزمة قد تتحول نزاعاً عسكرياً بين الدولتين اللدودتين. يذكر ان صواريخ "س - 300" تعتبر الرد الروسي على صواريخ "باتريوت" الاميركية. وتؤكد المصادر الروسية انها "تتفوق" في ادائها على هذه الاخيرة التي ذاع صيتها خلال حرب الخليج حيث استخدمتها قوات التحالف الدولية ضد صواريخ "سكاد" العراقية بفاعلية محدودة. وتستطيع هذه الصواريخ الروسية التصدي للطائرات حتى ارتفاع 150 ألف قدم ومسافة 150 كلم، وللصواريخ المهاجمة حتى مسافة 40 كلم، في حين لا يصل مدى صواريخ "باتريوت" الى اكثر من 100 كلم ضد الطائرات و25 كلم ضد الصواريخ. وفي ضوء المواصفات المعلنة لصواريخ "س - 300"، فإن اعلان انقرة ان حصول نيقوسيا عليها سيشكل تهديداً مباشراً لأراضيها يصبح مبرراً الى حد كبير، لأنه سيكون في مقدور القبارصة اليونانيين تهديد تحركات القوات الجوية التركية داخل اجوائها، الامر الذي لا يمكن لأنقرة ان تتغاضى عنه، وهو ما دفع واشنطن ولندن والدوائر الاطلسية المعنية بمنع تفاقم التوتر بين دولتين عضوين في الحلف الى ممارسة جهودها لتلافي الازمة. وتتركز المساعي على ايجاد تسوية تقوم على عدم نشر الصواريخ الروسية على اراضي الجزيرة، في مقابل تنشيط الجهود الديبلوماسية لحل النزاع القبرصي وتجنيب كل من أنقرة وأثينا الشعور بضرورة التدخل العسكري مباشرة للدفاع عن حلفائهما". وتسوية كهذه لا بد وان تتطرق ايضاً الى مستقبل الوجود العسكري التركي في الجزيرة الذي يضم نحو 40 ألف جندي منذ تقسيمها في اواسط السبعينات.