فيلم عادل إمام الجديد "رسالة إلى الوالي" وفوازير لوسي "قيمة وسيما" مهددان بالتوقف وعدم العرض، والسبب النزاع على ملكية الفكرة في كل من العملين بين أكثر من مؤلف. حتى وصل الأمر الى النيابة العامة ونقابة المهن السينمائية وايضا اتحاد كتاب مصر ليفتح من جديد ملف السرقات الفنية والادبية الذي يفرض نفسه على الأحداث في مصر من وقت الى آخر. القضية الأكثر سخونة تتعلق بفيلم "رسالة الى الوالي" للمخرج شريف عرفة، بطولة عادل امام ويسرا، فبعد اسابيع من بدء التصوير ارتفع صوت طبيب مصري اسمه نبيل فاروق، اعتزل الطب في 1984 ليتحول الى مهنة الكتابة، وادعى انه مؤلف الفيلم المذكور، وليس بسام اسماعيل الذي يضع اسمه على سيناريو الفيلم. ولما لم يلتفت احد من اسرة الفيلم الى ما قاله الرجل أوعز الى محاميه احمد عباس بتصعيد الموقف قضائيا ضمانا لحقوقه، حتى لو ادى الامر الى وقف تصوير الفيلم الذي تقرر عرضه في اول ايام عيد الفطر المبارك. ويؤكد الدكتور فاروق انه ليس مدعيا ولا يهدف الى معاداة عادل امام، كما يتصور بعضهم، فهو من أشد المعجبين بفنه والمقدرين لمواقفه الوطنية، وعادل امام ليس طرفا في الخصومة مع بسام اسماعيل لأنه فقط قرأ سيناريو تم عرضه عليه، ولم يدر بخاطره ان شخصا آخر هو صاحب قصة هذا الفيلم. وأضاف فاروق انه ايضا ليس طالبا للشهرة او المال، فقد كتب حتى الآن 400 رواية للجيب ضمن سلاسل: كوكتيل 2000، ورجل المستحيل، ملف المستقبل، والمكتب رقم 19، وغيرها. وقال ان هذه الاصدارات حققت رواجا تجاريا وأدبيا طيبا يجعله لا يطمع في شيء لا يستحقه، وهو لا يريد من إثارة هذا الامر اي تعويض مادي وانما فقط وضع اسمه على فيلم "رسالة الى الوالي" باعتباره كاتب القصة وصاحب الفكرة. وإذا كان لدى المؤلف بسام اسماعيل ما يثبت انه صاحب قصة الفيلم فليظهره حتى تتبين الحقيقة للجميع. وتقول المعلومات ان الدكتور فاروق اودع في العام 1991 لدى دار الكتب المصرية رواية بعنوان "المهمة" تحت رقم الايداع 5100/1-32-163- 977، ثم قام بنشرها في شهر تموز يوليو 1992 ضمن سلسلة "كوكتيل 2000". وتحكي الرواية قصة الفارس "فخر الدين" احد فرسان صلاح الدين الايوبي في زمن الحروب الصليبية، ويستدعيه القائد المسلم للقيام بمهمة سرية يسلم خلالها رسالة الى شقيقه في مصر، ويتسلم منه رسالة جوابية تحتوي على معلومات عسكرية مهمة، وفي طريق عودة فخر الدين الى قائده يشتبك في معركة شرسة مع جنود القائد الصليبي ريتشارد قلب الاسد، ثم تحدث صاعقة مفاجئة تنقله الى القرن الحالي، حيث المدنية والعمران والزحام الشديد، وبعد سلسلة من المفارقات والاسقاطات يلتقي مع السكرتيرة فاطمة التي تؤمن بقضيته وتساعده على العودة الى الماضي. اما بسام اسماعيل كاتب سيناريو "رسالة الى الوالي" فهو في الاساس مساعد مخرج تخرج في المعهد العالي للسينما في 1983، وترك مصر في 1991 الى لندن حيث تزوج ويقيم بشكل شبه دائم. واثناء زيارة للقاهرة في 1992 عرض سيناريو الفيلم على عادل امام، فاحتفظ به النجم الكبير هذه السنوات الخمس لانجاز سلسلة افلامه مع وحيد حامد ولينين الرملي كاتبيه المفضلين. وفي ربيع 1997 تذكر عادل امام السيناريو. فطلب من المؤلف بسيوني عثمان اجراء بعض التعديلات عليه قبل بدء تصويره، وهذا السيناريو المعدل هو - على الارجح - الذي اخذ بسام اسماعيل موافقة الرقابة عليه في 17 آب اغسطس 1997. وتدور أحداث الفيلم حسب سيناريو بسام اسماعيل قبيل حملة القائد الانجليزي فريزر على مصر في 1807. ويكلف اهالي مدينة رشيد الواقعة على مصب النيل الشاب حرفوش عادل امام بحمل رسالة مهمة الى الوالي محمد علي في القاهرة، واثناء الرحلة الشاقة تهب عاصفة عنيفة يجد حرفوش نفسه بعدها في 1997، فيتصوره الناس إرهابيا تارة ومجنونا تارة أخرى. ويودع مستشفى الامراض العقلية، حيث تتعاطف معه الاخصائية النفسية يسرا وتعيش معه مأساته. أمام هذا التطابق في الإطار العام، وفي بعض التفاصيل، يستبعد الدكتور فاروق أن يكون الامر مجرد توارد خواطر، لأن التوارد- حسبما ذكر لپ"الوسط"- لا يكون الا في الافكار العامة، اما في "الفانتازي" فهو امر صعب. وأشار الى ان حصول الفيلم على موافقة الرقابة قبل بضعة اشهر فقط يؤكد ان روايته سبقت السيناريو بنحو خمس سنوات، وحتى اذا كان بسام اسماعيل قدم سيناريو الفيلم المذكور - كما يشيع - في 1988 فإن الرقابة على المصنفات ليست جهة تسجيل. ولا يستند اليها عند الفصل قانونيا في نزاع كهذا، فضلا عن ان الرقابة تتخلص عادة كل خمس سنوات من السيناريوهات الموجودة لديها، وبالتالي لن يصبح لكاتب السيناريو الا اسمه في كشوف ادارة الرقابة، اما السيناريو نفسه والذي يمكن مضاهاته برواية "المهمة" فلن يكون له وجود اذا كان قد قدمه بالفعل في 1988، ومن هنا فإن الدكتور فاروق مطمئن لموقفه، ويبدو ان قوة موقفه هذه هي التي دفعت به باتجاه التصعيد حيال صمت كاتب السيناريو عن توضيح موقفه وتقديم اوراقه، اذ اوعز الشاكي الى محاميه اخيرا بتوجيه إنذار على يد محضر الى واصف فايز منتج الفيلم بضرورة مراعاة حقوقه الادبية، وإلا فسوف يضطر آسفا لاتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة لوقف تصوير الفيلم وعرضه تجاريا لحين الفصل في النزاع ومعرفة المؤلف الحقيقي للفيلم. وعلى الجانب الآخر ما زال كاتب السيناريو ومساعد المخرج بسام اسماعيل مصرا على صمته، وكل ما قاله انه لن يتحدث في شيء الآن، وأنه واثق من صحة موقفه. وقال انه سيكشف اوراقه في الوقت المناسب، وأضاف انه لم يقرأ على الاطلاق رواية "المهمة" للدكتور فاروق، بل انه كان في لندن منذ آذار مارس 1991 وحتى اشهر قليلة مضت، فكيف ينتبه او يشغل باله بالبحث عن روايات الجيب كي يقتبس منها فكرة فيلمه؟ ثم تساءل: ترى ماذا سيكون عليه موقف الدكتور فاروق عندما تتكشف الحقيقة في الوقت المناسب؟. ويشهد التلفزيون المصري مشكلة اخرى تتشابه الى حد كبير مع مشكلة فيلم "رسالة إلى الوالي": فمنذ الإعلان عن فكرة فوازير "قيمة وسيما" التي يكتبها سمير الطائر وتقوم لوسي ببطولتها من إخراج عادل عوض، صرح الأديب علاء مصطفى بأنه المالك الأصلي لهذه الفوازير، إذ تقدم في 25 تشرين الأول اكتوبر 1989 الى قطاع الانتاج بالتلفزيون بفكرة برنامج منوعات عنوانه "بيت الاحلام" يتشابه تماما مع فوازير "قيمة وسيما" التي كان اسمها في بادئ الأمر "قصر الاحلام" لاحظ ما بين العنوانين من تقارب، ومن دون الدخول في التفاصيل التي تبدو من قبيل التكرار فقد رفع علاء مصطفى دعوى قضائية امام محكمة القاهرة للامور المستعجلة، وطالب من خلالها كلا من رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون ورئيس قطاع الانتاج بوقف تصوير الفوازير الى حين بت الخصومة الفكرية بينه وبين الشاعر سمير الطائر. وإلى أن يفصل القضاء في الأمر فإن تصوير الفوازير ما زال مستمرا، وعلمت "الوسط" ان تغييرات سرية جوهرية تم إدخالها على فكرة وسيناريو الحلقات حتى يتم الابتعاد بها قدر الإمكان عن الفكرة التي يقول المؤلف الآخر إنه صاحبها، ويبدو أن تغيير اسمها من "قصر الأحلام" إلى "قيمة وسيما" يندرج ايضا في هذا الإطار.