لا تزال الأوضاع الأمنية في مناطق الحدود مع اريتريا وفي شرق السودان عموماً غير واضحة. لكن الحكومة السودانية تصر على اصدار بيانات تؤكد استقرار الوضع هناك، على رغم اعترافها أخيراً بمقتل عدد من العسكريين وأفراد من ميليشيا "قوات الدفاع الشعبي" التي كوّنتها "الجبهة الاسلامية القومية" لمساندة القوات المسلحة. ومع انها نفت وقوع صدامات مع قوات الجيش الاريتري وقوات المعارضة السودانية التي يقودها العقيد جون قرنق، فقد واصلت الخرطوم استعداداتها لحرب مع اريتريا قال كبار المسؤولين السودانيين انها وشيكة. ولوحظ ان المسؤولين السودانيين يحاولون التقليل من شأن ما يحدث في شرق البلاد، ومن شأن القوة القتالية للمعارضين السودانيين. ويعمدون عوضاً عن ذلك الى القاء تبعة ما يجري في الشرق على عاتق حكومة الرئيس الاريتري أسياس أفورقي. وعلى الصعيد الشعبي، واصلت أجهزة الحكومة السودانية والفئة التي تساندها حملات التعبئة العامة لدعم القوات المرابطة في المناطق المختلفة على امتداد الحدود التي يبلغ طولها نحو 310 كيلومترات. وانطلقت قوافل من مختلف ولايات السودان الى الشرق محملة بمساعدات قدرت قيمتها بمليارات الجنيهات السودانية. وحرص الناطق باسم القوات المسلحة الفريق محمد السنوسي أحمد على تأكيد أن الحكومة تسيطر سيطرة تامة على الوضع هناك. وأكد مسؤولون آخرون أن الحركة على الحدود السودانية - الاريترية لم تتوقف، وأن الحدود لم تغلق حتى الآن. وذكروا ان ما تدعيه قوات المعارضة من انتصارات أمر لا أساس له من الصحة، وأن الأمر كله لم يتعد تحرشات في بعض النقاط الحدودية. ونفت السلطات السودانية أن تكون منطقة همشكوريب في الشرق سقطت في يد المعارضين. وقال مسؤولون ان الخسائر في الأرواح التي اعلنها الترابي أخيراً نحو 20 قتيلاً حسبما ذكر لم تقع نتيجة مواجهات عسكرية بين الجانبين، وانما نتيجة انفجار ألغام زرعها المعارضون. غير أن ما يتردد في مجالس العاصمة السودانية على نطاق واسع يشير الى وقوع مواجهة كبيرة بين قوات المعارضة وقوات الحكومة أسفرت عن احتلال المعارضة مناطق جبلية استراتيجية قرب همشكوريب تشرف على الطريق السريعة الحيوية التي تربط ميناء بورتسودان الميناء الوحيد بالعاصمة وبقية ولايات البلاد. ويتردد أن تلك المواجهة أسفرت عن اصابة 200 جندي حكومي بجروح. لكن الحكومة اكتفت بالاعتراف بمقتل ثلاثة طيارين نتيجة اسقاط مروحية بنيران كثيفة قالت انها انطلقت من عمق الأراضي الاريترية. ولوحظ ان كبار مسؤولي ولايتي شرق السودان كسلا والبحر الأحمر كانت مشاركتهم ضئيلة للغاية في ختام احتفالات شاركت فيها كل ولايات البلاد في مدينة واد مدني في مناسبة منافسات الدورة المدرسية. وتدل المؤشرات الى احتمال وقوع مواجهة خصوصاً ان السلطات عمدت في الآونة الأخيرة الى استغلال أي مناسبة تقام في شرق السودان وشماله لعرض راجمات الصواريخ والصواريخ الجديدة التي اقتنتها القوات السودانية، في ما اعتبر رسالة واضحة الى أسمرا بأن حكومة الفريق عمر البشير ستنتقم من العمليات العسكرية الأخيرة ضد قواتها في الشرق. وفيما يشن الرئيس السوداني هجوماً شخصياً على الرئيس الاريتري أسياس أفورقي، تركز أجهزة الاعلام الحكومية على أن المواجهة ستكون ضد الجيش الاريتري وليس مع قوات المعارضة السودانية. وكان الدكتور حسن الترابي قد أعلن أخيراً أنه يعتقد بأن المواجهة مع اريتريا أضحت وشيكة، ومع أنه ذكر أن ذلك الرأي شخصي، إلا أن النفوذ الواسع الذي يتمتع به في السودان يدل على أن الخرطوم ربما حزمت أمرها على الرد على أسمرا بهجوم عسكري مباغت. وتحدث مسؤولون أخيراً عن احتمال الاستعانة بمعارضي الرئيس أفورقي. وكانت معلومات ذكرت ان الحكومة السودانية تشرف على تدريب أربعة آلاف من عناصر حركة "الجهاد الاسلامي" الاريترية الى جانب مجموعة أخرى من المقاتلين التابعين لجبهة تحرير اريتريا التي يتزعمها عبدالله ادريس وهو من ألد أعداء أفورقي.