قررت الحكومة السودانية تصفية وجود المعارضة الاريترية في البلاد واغلاق مقارها ووقف نشاطها السياسي المعادي لنظام حكم الرئيس أسياس أفورقي، في خطوة تعكس تطور العلاقات بين الخرطوم وأسمرا. وقال معارضون اريتريون في الخرطوم ل"الحياة"إن السلطات استدعت قبل يومين ممثلي تنظيمات المعارضة الاريترية وأمرتهم بوقف نشاطاتهم وطالبتهم بإغلاق مقارهم وعدم مزاولة أي نشاط مناوئ للحكومة الاريترية انطلاقاً من الأراضي السودانية، وتسليم المركبات التي كانت منحتهم إياها في منتصف عام 2004، وإخلاء الدور التي كانوا يستغلونها في المدن السودانية. وأمهلت السلطات السودانية المعارضة الاريترية عشرة أيام اعتباراً من الجمعة، لتصفية أمور أي تنظيم معارض لحكومة أسمرا، في إطار تنامي العلاقات الاريترية - السودانية وتنفيذ اتفاقات وقف العدائيات وإنهاء كل أشكال دعم الحكومتين لمعارضي أي طرف. وقالت مصادر قريبة من الحكومة السودانية ل"الحياة"إن الخطوة التي عجّلت بقرار الخرطوم تصفية المعارضة الاريترية هي حصولها على معلومات من عناصر في متمردي"حركة العدل والمساواة"الذين أسروا عقب فشل هجومهم على أم درمان أخيراً أن الانطلاق من اريتريا كان ضمن خياراتهم في الهجوم على الخرطوم، وان النظام الاريتري لم يتحمس لذلك، لكن قيادات متمردة لا تزال تحتفظ بعلاقات جيدة مع أسمرا. وكانت اريتريا تستضيف قادة حركات التمرد في دارفور، وسعت الى توحيد فصائلهم، وظلت على صلات وثيقة مع قيادات"حركة العدل والمساواة"التي كان لها وجود عسكري هناك حتى 2006 عندما طلبت من المسؤول عن قوة المتمردين عبدالعزيز نور عشر، وهو الأخ غير الشقيق لزعيم"العدل والمساواة"خليل ابراهيم، نقل قواته الى دارفور. وشارك عشر في قيادة الهجوم على أم درمان واعتقل الاسبوع الماضي في مدينة حلفا الجديدة في شرق البلاد عندما كان يعد للهرب الى اريتريا. ويتزامن القرار السوداني بتصفية المعارضة الاريترية مع زيارة وزير الخارجية الاريتري عثمان صالح ومسؤول التنظيم في الحزب الحاكم عبدالله جابر الى الخرطوم ومدن شرق السودان المتاخمة لاريتريا لمناسبة مرور 15 عاماً على استقلال بلادهما ولقاء جاليتهما المنتشرة في السودان. ويعد قرار الحكومة السودانية حلقة أخيرة في مسلسل تحسين العلاقات السياسية والصلات الأمنية بين البلدين، بعد فتح الحدود بينهما وتزويد اريتريا بوقود من السودان بتسهيلات كبيرة، ففي العام 2005 رفضت الحكومة السودانية عقد المعارضة الاريترية مؤتمرها العام في الخرطوم قبل يومين من موعده، ما اضطر المعارضة الى تحويل مكان انعقاده الى أديس أبابا. وفي تشرين الأول اكتوبر 2006 أوقفت السلطات السودانية إذاعة"صوت الشرق"الناطقة باسم المعارضة الاريترية من الأراضي السودانية. ويقول خبراء في الشأن الاريتري إن المعارضة كانت تتوقع الخطوة السودانية وتحسبت لها بنقل نشاطها وأجهزتها التنظيمية إلى العاصمة الاثيوبية وأبقت تمثيلاً رمزياً في الخرطوم. وبهذا تكون المعارضة الاريترية خسرت معقلاً استراتيجياً لنشاطاتها حيث يمثل الاريتريون ثقلاً كبيراً، وانصهر أكثر من مليون إريتري في المجتمع السوداني على مدى أربعة عقود، فيما يعيش أكثر من 200 ألف إريتري في مخيمات اللاجئين شرق السودان. وتضم المعارضة الإريترية ثلاثة عشر تنظيماً منها حركتان إسلاميتان، وانتخب مطلع أيار مايو الماضي تولدي قبرسلاسي رئيساً للمكتب التنفيذي وعبدالله محمود رئيساً للمكتب القيادي لتحالف المعارضة. والتنظيمات التي كانت تحتفظ بمقار في الخرطوم هي"جبهة التحرير الاريترية"و"المؤتمر الشعبي الاريتري"و"المجلس الثوري - الحركة الاسلامية"و"الحركة الفيديرالية الديموقراطية"و"المجلس الاسلامي"و"حركة القاش - ستيت".