نفى وزير الداخلية الاريتري علي سيد عبدالله المعلومات التي تحدثت عن شراء بلاده صواريخ جديدة استعداداً لمواجهة اليمن التي تتنازع معها السيادة على أرخبيل حنيش في البحر الاحمر. وقال في حديث الى "الوسط" اثناء زيارته الاخيرة الى الرياض ان انسحاب القوات الاريترية من حنيش الصغرى جاء "استجابة لنداء الوسيط الفرنسي ولتفويت الفرصة على الحكومة اليمنية حتى لا تعرقل مسيرة التحكيم" لكنه شدد على ان ذلك "لا يعني ان اريتريا ستستمر في تقديم التنازلات في حال ادعاء اليمن مرة اخرى بوجود استحداثات اريترية جديدة في جزيرة اخرى"، ونفى ان تكون لبلاده نية لايواء المعارضة اليمنية في الخارج. وهذا نص الحوار: * ما هي طبيعة زيارتكم الحالية للمملكة العربية السعودية؟ - هذه زيارة خاصة اقوم بها للاشقاء في السعودية ولم أجر فيها اي لقاءات رسمية. * ماذا سيكون موقف بلادكم في حال عدم التزام اليمن نتائج التحكيم اذا جاءت لمصلحتكم؟ - لا نريد ان نستبق الاحداث ونصدر احكاماً لكننا نتمسك دائماً بأن التحكيم هو الحل النهائي والحاسم للنزاع مع اليمن سنلتزم نتائجه حتى ولو جاءت في غير مصلحة بلادنا على رغم ايماننا التام بأن هذه الجزر اريترية ولنا من الوثائق ما يثبت ذلك. ونرجو ان يلتزم اليمنيون ايضاً قرار المحكمة. * ما هو تعليقكم على ما يتردد منذ تفجير ازمة حنيش اواخر العام الماضي من ان اريتريا التي استقلت منذ نحو خمس سنوات لا تملك القوة العسكرية الكافية لمواجهة اليمن؟ - لقد سمعت مثل هذا الحديث اثناء قيامي بجولة خليجية العام الماضي لشرح موقف بلادي من ازمة الجزر، كما تحدث الاعلام العربي كثيراً عن ذلك مما يدل على عدم قراءة واعية للتاريخ، وفي اعتقادي ان القضية ليست مرتبطة بالامكانات العسكرية ولكن اذا كان الامر كذلك وكان مصير الشعوب يعتمد على توافر هذه الامكانات فاننا نمتلك خبرة عسكرية تمتد لأكثر من 30 سنة متواصلة من الحرب التي لم يكن فيها اي توازن بيننا وبين اثيوبيا، لا من حيث العتاد العسكري ولا من جانب التنظيم ولا من ناحية القوة البشرية، فلم يكن هناك اي مجال للمقارنة بين القوتين الا ان ارادتنا الصلبة وايماننا القوي بحقوقنا هي التي قلبت كل موازين القوى لمصلحتنا فانتصرنا على اثيوبيا وانتزعنا منها استقلالنا، وأحسب ان التقديرات اليمنية الخاطئة لامكاناتنا دفعت بها الى افتعال ازمة الجزر. ولا بد هنا من التذكير بأننا امتلكنا اثناء حربنا الطويلة مع النظام الاثيوبي السابق ترسانة ضخمة من الاسلحة المتطورة. * نشرتم صواريخ على سواحلكم المطلة على البحر الاحمر قبالة الجزر المتنازع عليها هل هذا استعداد لمواجهة عسكية محتملة مع اليمن؟ - كما اكدت نحن نملك ترسانة كبيرة من الاسلحة المختلفة التي ورثناها من النظام الاثيوبي السابق، اما مسألة تنظيمها وطريقة نشرها سواء على سواحلنا او في عمق اراضينا للدفاع عن دولتنا فهي من شأن وزارة الدفاع الاريترية ولا صحة اطلاقاً لما يقال من ان مثل هذه العمليات جاءت نتيجة خلافاتنا مع اليمن حول ارخبيل حنيش. * هل معنى ذلك ان هذه الصواريخ كانت ضمن الاسلحة التي ورثتموها من النظام الاثيوبي وانها ليست جديدة تم شراؤها اخيراً؟ - التقارير الصحفية التي اشارت الى شراء اريتريا صواريخ جديدة لا اساس لها من الصحة لأننا لسنا بحاجة الآن لشراء اسلحة جديدة لاستخدامها ضد اي بلد سواء افتعلت ضدنا ازمة حول الجزر او اي خلافات اخرى لأننا نعتمد على الامكانات العسكرية التي لدينا، ونمتلك من العتاد العسكري ما يكفي لتسليح جيوش اخرى بأكملها ولعل الأخ الرئيس اسياس افورقي اشار الى ذلك مرات عدة. * هل تؤكد اذن المعلومات التي تحدثت عن نشر بلادكم صواريخ سام الروسية على سواحلها المطلة على البحر الاحمر؟ - لا أنكر اننا نمتلك مثل هذه الصواريخ وغيرها، لكن لا علم لي بالتحديد اذا كانت قد نصبت على السواحل ام لا، وعلى اية حال هذا من اختصاصات وزارة الدفاع وحدها. الخيارات المفتوحة * ذكرت الحكومة الاريترية ان تواجد قواتها التي انسحبت اخيراً من حنيش الصغرى لم يكن جديداً فلماذا لم تخطروا الوسيط الفرنسي بذلك اثناء اجتماعات باريس؟ - يُفترض ان يكون تواجدنا في حنيش الصغرى معروفاً لدى الفرنسيين واليمنيين معاً. وما قامت به اليمن اخيراً من افتعال لأزمة جديدة وتصعيدها في المحافل الدولية ناجم عن سببين، الاول داخلي يتعلق بما يدور في كواليس النظام اليمني، والثاني ان صنعاء ارادت بذلك عرقلة عملية التحكيم لأنها لا تمتلك الادلة والوثائق الكافية لاثبات ملكيتها للجزر وادراكها لحقيقة عدم احقيتها به، ونحن نراقب عن كثب كل ما يحدث في هذا الخصوص في صنعاء، وكل الخيارات مفتوحة امامنا، ونحن نضع في اعتباراتنا اي تحرك يمني واي توجهات لمسألة المواجهة ومستعدون لجميع الاحتمالات. اما مسألة ابلاغنا للوسيط الفرنسي بتواجد قواتنا في حنيش الصغرى او غيرها من الجزر الاريترية، فاننا لم نبلغهم بذلك لأنهم في الواقع لم يسألونا عنه، وكان من حق الوسيط الفرنسي ان يعرف مواقع تواجد كل من القوات الاريترية واليمنية في أرخبيل حنيش، لكنه لم يفعل ذلك ولم يسألنا عن مواقع تواجد قواتنا، وبالتالي لا يمكن ان نُلام على عدم اتخاذ الوسيط الفرنسي لهذه الاجراءات، ولكن عندما طلب منا الفرنسيون الانسحاب من حنيش الصغرى لنزع فتيل الازمة الجديدة استجبنا لذلك وسحبنا قواتنا منها لتفويت الفرصة على اليمن حتى لا يعرقل مسيرة التحكيم. * ولكن ماذا لو اكدت صنعاء مجدداً وجود استحداثات اريترية جديدة في جزيرة اخرى فيها وجود مسبق لقوات اريترية، كما حدث في حنيش الصغرى؟ - في هذه الحالة سيكون لكل حادث حديث، واعتقد بأن لكل شيء حدوداً وانسحابنا الاخير من حنيش الصغرى كان لتسهيل مهمة التحكيم، لكن هذا لا يعني اطلاقاً اننا سنستمر في تقديم تنازلات لليمن، ومن مهام الوسيط الفرنسي مراقبة التحركات العسكرية في الجزر ونحن من جانبنا نحتفظ بمعلومات عسكرية عن حجم ومدى انتشار القوات اليمنية والمواقع التي تتواجد فيها او لا تتواجد. * ماذا عن انعكاسات نزاعكم مع اليمن على ارخبيل حنيش على الشارع الاريتري؟ - الشارع الاريتري مشغول بما هو اهم من حنيش، فالكل في اريتريا، سواء الحكومة او الشعب، منهمك في بناء ما دمرته الحرب وتأسيس البنية التحتية لتنمية الدولة الحديثة. وحتى عندما بدأت المفاوضات بيننا وبين الوفد اليمني قبيل اندلاع الازمة اخبرناهم بأن اولوياتنا الاساسية هي اعادة بناء الدولة الحديثة واننا لا نريد الانشغال عن ذلك بعمليات لرسم الحدود البحرية او فتح ملفات ملكية الجزر لأنها لم تكن تشكل لنا هماً اساسياً ونظراً الى العلاقة التاريخية بين الشعبين الاريتري واليمني فاننا كنا نعتبر ان هذه الجزر هي نقاط تواصل وليس نقاط خلاف بين البلدين. الاصلاح والمؤتمر * تقولون ان اليمن افتعل ازمة حنيش نتيجة اوضاع داخلية معينة ومثل هذا الحديث ورد ايضاً على لسان الرئيس أفورقي وعدد من المسؤولين الاريتريين، فماذا تقصدون بذلك؟ - نحن نعلم تماماً مدى هشاشة الائتلاف القائم بين حزبي الاصلاح والمؤتمر الشعبي اللذين تتشكل منهما الحكومة اليمنية اضافة الى قرب موعد الانتخابات وما قد يترتب عليها من تداعيات بين جماعتي الائتلاف، والشرخ الكبير الذي يمكن ان يحدث فيه ما يدفع النظام في صنعاء الى خلق قضية معينة واعتبارها قضية قومية ينشغل بها الشعب اليمني بكل فئاته واتجاهاته السياسية وينصرف بالتالي عن الشؤون الداخلية او ربما يؤدي في اعتقادي الى تجميد الخلافات القائمة بين الحزبين الحاكمين. * هل اتصلت عناصر من المعارضة اليمنية الموجودة في الخارج بحكومتكم في اي مرحلة من مراحل ازمة حنيش؟ - لم يحدث اي اتصال بيننا وبين المعارضة اليمنية ولا يمكن تحت اي ظرف من الظروف ان نقف الى جانب المعارضة اليمنية او نستضيفها في اراضينا انطلاقاً من خلافنا مع الحكومة اليمنية حول الجزر. * ولكن لماذا فعلتم ذلك مع السودان؟ - الامر مع السودان مختلف تماماً لأننا لم نحتضن المعارضة السودانية انطلاقاً من خلافنا مع نظام البشير والترابي بل انطلاقاً من العلاقات التاريخية التي تربطنا بالاحزاب السودانية طوال فترة الكفاح الاريتري المسلح ضد اثيوبيا والتي استمرت لأكثر من ثلاثين عاماً. ولكن بالنسبة الى اليمن فلا يمكن ان ننطلق في تعاملنا معها من ردود فعل معينة ناتجة عن مواقف حكومة صنعاء، كما ان المعارضة اليمنية، خصوصاً الجبهة الوطنية للمعارضة "موج" تقف الى جانب الحكومة اليمنية في ما يتعلق بأزمة حنيش. * ما هو حجم المعارضة الاريترية الموجودة في السودان؟ - لا استطيع تسميتها معارضة اريترية وانما هي عناصر مأجورة صنعتها الجبهة الاسلامية في السودان بقيادة الترابي لتنفيذ مخطط معين بدعم من النظام السوداني بالتسلل عبر الحدود الى الاراضي الاريترية للقيام بين الحين والآخر ببعض الاعمال التخريبية ضد الشعب الاريتري. ومن جهتنا لا نعير مثل هؤلاء المرتزقة اي اهتمام، كما اننا نعرف حجمهم وامكاناتهم ومدى نشرذمهم وان ما يقومون به من اعمال تخريبية بزرع الغام هنا وهناك او تفجير مضخمات للمياه في القرى الحدودية لن تنال من ارادة الشعب الاريتري وهي في الوقت نفسه ليست عمليات مؤثرة. المعارضة السودانية * من المعروف ان حكومتكم تدعم المعارضة السودانية وتحتضنها ولكن الشكوك بدأت تثار حول قدرة هذه المعارضة على تنفيذ اهدافها باسقاط حكومة الخرطوم، فما هي في رأيكم اسباب هذا الفشل على رغم الدعم الكبير الذي تحظى به هذه المعارضة؟ - المعارضة السودانية على رغم خلافاتها ووجهات نظرها المتباينة، تتفق على هدف واحد هو اسقاط نظام البشير - الترابي ولكن كيف ومتى تحقق ذلك فهذا شأن سوداني متروك لقيادات المعارضة، ولا يجب ان ننسى ان الجبهة الاسلامية في السودان كانت قبل وصولها الى السلطة من اكثر الاحزاب السودانية تنظيماً ودقة مما جعلها بعد الوصول الى الحكم قادرة على التحكم بصورة قوية بمجريات الاحداث في السودان، لكن المعارضة السودانية بعد تجاوزها لخلافاتها في مؤتمر أسمرا وتبنيها رؤية استراتيجية مشتركة لاسقاط حكومة الجبهة ستنجح في تحقيق اهدافها، لكن يبدو ان الامر يحتاج الى بعض الوقت وقليل من الصبر. * هل زودت حكومتكم المعارضة السودانية التي تستضيفها بالسلاح؟ - كلا لم يحدث ذلك كما ان المعارضة السودانية حسب علمي لم تطلب من حكومتنا اي اسلحة، لكننا نقدم لهم الدعم المعنوي انطلاقاً من التزامنا بضرورة الوفاء بالدين ورد الجميل للشعب السوداني الذي قدم لنا الدعم اللازم طوال سنوات الثورة الاريترية. وبالنسبة الى السلاح اعتقد بأن المعارضة السودانية ليست لديها مشكلة في ذلك لأن السلاح موجود داخل الاراضي السودانية. * من المعروف ان بلادكم تتهم حكومة الخرطوم بتصدير الاصولية اليها، هل لديكم في وزارة الداخلية أدلة على ذلك؟ - قضية تصدير السودان للتوجهات الاصولية الى بلادنا هي جوهر الخلاف بين حكومتنا ونظام الخرطوم. وقد قدمت الكثير من الادلة على ذلك للحكومة السودانية اثناء مفاوضاتي معها طوال ثلاث سنوات زرت خلالها الخرطوممرات عدة والتقيت كبار المسؤولين فيها وقدمت لهم قائمة بأسماء عناصر اسلامية اريترية متشددة تقوم بعمليات تخريبية داخل اريتريا انطلاقاً من الاراضي السودانية، وبدعم من أمن الجبهة الاسلامية في الخرطوم. وحددت للقيادات السودانية التي التقيتها اماكن تواجد هذه العناصر سواء في الخرطوم أم في كسلا. وكنا نتلقى وعوداً كاذبة بوقف نشاطات هذه العناصر، لكننا سرعان ما نكتشف انهم يغيرون مواقعها ومعسكراتها بمجرد ان نكتشفها ويدعمونها لمواصلة اعمالها التخريبية ضد بلادنا.