صوت يحمل مقومات النجاح، اختار مصر لينطلق منها عربياً وليرسخ الفكرة القائلة بأن انتاج أغنية أصيلة ومتجددة في آن هو الابداع ذاته. انها المطربة المغربية فاطيما التي اكدت حضورها المميز فولجت باب الشهرة وسافرت على جناح النغمة الشجية الى قلوب كثيرة في الوطن وخارجه. وفي عاصمة هذا الوطن، التقينا الفنانة الشابة فكان الحوار الآتي: تقول غالبية اهل الطرب انها زاولت الهواية اول الامر في عمر مبكر … لنتحدث عن بداياتك كيف كانت ومتى؟ - انها موهبة طفولية، اذ اخذت في سن مبكرة اردد الأناشيد والأغاني واحاول تقليد المطربين والمطربات وكان ذلك نوعاً من الاهتمام بالفن بصفة عامة. بمن تأثرت في تلك المرحلة؟ - بالفنان عبدالحليم حافظ، فهو الذي أمدني بالاحساس الفني. وكنت كلما رأيته على شاشة التلفزيون أو سمعته وقعت اسيرة فنه الجميل واحسست اني اعيش معه واطرب له، وصوته العذب سيبقى معي دائماً مصدر سعادة ومتعة فنية كبيرة. توجهت الى مصر وأنت تحملين الموهبة والطموح… الى أي مدى استجابت الساحة المصرية الى هذه الموهبة وذاك الطموح؟ - لقيت استجابة طيبة من الشعب المصري، وكانت لي مشاريع مهنية عديدة مع الفنانين المصريين. وآخر اعمالي هناك كان ألبوماً نظم كلمات اغانيه شعراء اذكر منهم الشاعر الكبير محمد حمزة والشاعر أحمد شتا وأحمد فوزي وجميل وائل هلال، أما الالحان فوضعها ملحنون شباب من بينهم محمد ضياء الدين، زياد الطويل، رياض الهمشري وحمدي صديق. وضم الالبوم ثماني أغان منها "غرام ونار" "روحي روحك"، "الاختيار الصعب"، كما صورت اغنية "غرام ونار" على الفيديو كليب. في مناسبة ذكر "الاختيار الصعب"، كيف تختار فاطيما نصوص أغانيها، ولمن الاسبقية للشعر أم للشاعر؟ - انا اهتم بالشعر أولاً، واذا لاحظت فإن معظم اصحاب نصوص اغاني الالبوم الجديد هم شعراء شباب. لكن هذا لايعني ان هناك قطيعة بيني وبين االاسماء المعروفة، فاذا عدت الى الألبوم السابق "تيغير عليّ" تجد ان اغانيه السبع كانت للشاعر الكبير الراحل عبدالوهاب محمد الذي تبناني منذ الخطوة الأولى في القاهرة وكان يسدي الي النصائح، فقد كان بالنسبة الي مثال الأب الروحي، واعتمادي عليه في الألبوم الأول أدى الى نجاح العمل وفوزه باستحسان الجمهور العربي. وقد صورت القنوات الفضائية عدداً من اغانيه مثل "تيغير عليّ" "حبك موجود"، و"أنا ذنبي ايه" للفنان الشاعر عبدالوهاب محمد وألحان خليل مصطفى، فاروق الشرنوبي، فاروق سلامة وسامي الحفناوي. تعاملت مع أسماء لها الكثير من الخبرة والشهرة في الفن كما نفذت مشاريع شتى مع مبتدئين اذكر منهم مثلاً الشاعرة الجديدة فاطمة جعفر التي كان اول اعمالها الذي رأى النور هو كلمات الاغاني الست التي جمعتُها في ألبوم بعنوان "أفرض" نال اعجاب الجمهور. هل تمنيت العمل مع ملحن معين، ولم تتحقق الرغبة؟ - نعم. أحببت الحان الاستاذ الراحل بليغ حمدي وهو ابدى اعجابه بصوتي وكان بيننا تفاهم فني مشترك، غير اننا لم نحقق اي انتاج فني ملموس. يأخذ عليك بعض النقاد تخليك عن الغناء باللهجة المغربية، فما ردك؟ - لم أتخل عن الأغنية المغربية بشكل تام. كنت في القاهرة وخضت هناك تجربة لم يألفها المغاربة من قبل، وهي تأدية اغنية مغربية قديمة بتوزيع جديد لم ينته بعد. واعتقد ان هذا العمل يكفي لاثبات حرصي على الأغنية المغربية الجديدة وحماسي لانتاجها. ولكن معظم اغانيك باللهجة المصرية؟ - كلا، ففي الألبوم الجديد "ملفت للنظر" مجموعة أغان خليجية للشاعر أحمد الشرقاوي وألحان الفنان راشد الخضر، وعندي ألبوم ثان مع المطربات رباب ونوال وسميرة سعيد يضم مجموعة اغان كتبت نصوصها الدكتورة سعاد الصباح ولحنها أيضاً راشد الخضر.انا متنوعة ولست مهتمة بنوع واحد من الاغنيات، لقد غنيت بالمغربية في المناسبات الوطنية وبالفرنسية، ولكن من غير المعقول ان أغني للشعب المصري بلهجة لا يفهمها. تزامن انتقالك الى القاهرة مع خروج كثير من الفنانات المغربيات الى دول اخرى، فكيف تفسرين هذه الظاهرة؟ - الانتقال جاء لأسباب كثيرة منها أولاً التغيير، لأن الفنان عندما يصل الى مرحلة معينة ويتوقف عندها داخل حدود وطنه يشعر انه يدور في حلقة مفرغة. انا أردت البحث عن الجديد والوصول الى جمهور أوسع وأكبر والاستفادة من تقنيات حديثة نفتقدها في المغرب. كيف يمكن في رأيك حل المعضلة المهمة للغاية والمتمثلة في شروط الشركات المنتجة التي تخضع للعرض والطلب؟ - يجب ربط هذا السؤال بالذي قبله. فكما ذكرت لا استطيع الذهاب الى مصر وفرض الغناء باللهجة المغربية على جمهورها. فشركات الانتاج هناك تعتمد على القوة الشرائية مما يعني انها لا تستطيع المغامرة بلهجات غير مصرية قد لاتروق للجمهور، وهم أحرار. من ناحية اخرى، ان الغناء مهما كان نوعه هو بالنسبة الي عبارة عن احساس بالمضمون وليس باللهجة. لماذا تبدو الأغنية المغربية بعيدة جداً عن الساحة الفنية العربية، وأين موقعها أمام الموجتين الحاليتين الخليجية واللبنانية؟ - سبب هذا البعد هو الافتقار الى التقنية الحديثة أولاً، وفقدان روح المغامرة لدى شركات الانتاج المغربية لاقتناعها بأن اللهجة المغربية غير معروفة عربياً. البعض يعزو السبب الى التعود! - المصريون كانوا بالطبع سباقين الى دخول المجال الفني، ولكن مع تأسيس القنوات الفضائية بدأت تبرز الأغنية الخليجية و اللبنانية، وأنا سعيدة لهذا الانفتاح لأنه في صالح الأغنية والشعب العربي ككل. اين اذن الأغنية المغربية من هذا الانفتاح؟ - لكل حالة وقت، ولا بد ان يأتي الوقت الملائم الذي ستبرز فيه الأغنية المغربية وتأخذ دورها… لا تستعجل الأمور! لم نشهد لك أي عمل على المسرح أو في السينما أو التلفزيون، ما السبب؟ - رفضت عروضاً كثيرة للاشتراك في مسرحية وفوازير رمضان والف ليلة وليلة وافلام عدة، لكنني رفضتها لأن هوايتي ووظيفتي الغناء فقط. وقد أُغير رأيي في المستقبل اذا جاءني عرض جيد ومميز من ناحيتي النص والاخراج، شرط ان يقتصر دوري على الغناء. بعدما قطعت فاطيما هذا الشوط في عالم الغناء، الى أين تتجه حالياً؟ - انا في فترة تأمل، وغالباً سأستأنف العمل على النحو ذاته، فأقدم اغاني متنوعة لأنني أعشق التجديد واتمنى ان أكون دائماً عند حسن ظن الجمهور أينما كان. ماهو مستقبل الأغنية المغربية؟ - الأغنية المغربية في حالة ركود، والأصح ربما في مرحلة انتقالية بسبب عدم استقرار الجمهور، ولكني أؤمن انها ستظهر في شكل جديد وستنال اعجاب الشعب العربي. كل ما أتمناه ان يحالفها الحظ، فأنا مغربية ويهمني أمر الأغنية الوطنية.