المدرب اسكتلندي أليكس فيرغيسون والمهاجم فرنسي اريك كانتونا وحارس المرمى دنماركي بيتر شمايكل والظهير الأيسر ايرلندي دينس ايروين والجناح الأيسر ريان غيغز، ومع ذلك استطاع مانشستر يونايتد ان يسجل انجازاً خارقاً عندما حقق ثنائية فريدة في تاريخ الكرة الانكليزية جامعاً بين بطولة الدوري وكأس الاتحاد للمرة الثانية في موسم واحد. كانتونا "الساحر" مما لا شك فيه ان كرة القدم لعبة جماعية تتوزع فيها الادوار على اللاعبين كما لو كانوا عازفين في فرقة اوركسترا، لكن الاداء الجماعي لا يحجب المهارات الفردية الخارقة، ولئن كان للنصر ألف والد والهزيمة يتيمة لا يتبناها احد من الناس فان وراء انتصارات مانشستر يونايتد لاعباً فرنسياً يمكن اعتباره مشاغباً، ويمكن وصفه بالمزاجي الا انه بكل تأكيد ساحر عُرف بلمسته المميزة ان يكسر جدار الكراهية التاريخية بين فرنسا وانكلترا، وان يغزو قلوب الانكليز بعبقريته الكروية الفذة. والواقع ان اريك كانتونا كان فأل خير على الناديين الانكليزيين اللذين لعب لهما وهما ليدز يونايتد ومانشستر يونايتد ففي العام 1992 تعاقد مع ليدز بعد انطلاق الدوري وكان فريقه متخلفاً بفارق 6 نقاط عن مانشستر فنجح كانتونا في تقليص الفارق بينهما، وفي نهاية المطاف حرم مانشستر من لقب كان في متناول يده. صفقة العمر لكن مانشستر في الموسم اللاحق عقد ما يمكن وصفه بصفقة العمر عندما تعاقد مع كانتونات، فقد اسهم اللاعب الفرنسي اسهاماً لا يستهان به في اعادة كأس الدوري الى خزانة النادي الانكليزي العريق بعد غياب 26 عاماً. وفي موسم 1994 حقق مع مانشستر ثنائية نادرة لم يحققها سوى خمسة اندية هي برستون نورث اند 1889 اند واستون فيلا 1897 وتوتنهام هوتسبر 1961 و ارسنال 1971 وليفربول 1986. بيضة القبان وفي الموسم الماضي اثبت كانتونا انه ورقة مانشستر يونايتد الرابحة وبيضة القبان في الدوري الانكليزي وان موهبته لا تقتصر على كرة القدم بل تتعداها الى الكونغ فو، وذلك عندما اعتدى على احد مشجعي كريستال بالاس. لكن هذه الموهبة كلّفته غالياً فأوقف عن اللعب ثمانية اشهر وكلّفت مانشستر لقب الدوري وكأس الاتحاد. وبعد حادثة الاعتداء المشؤومة اعتقد معظم المهتمين بكرة القدم، ان كانتونا قضى على مستقبله الكروي في انكلترا، لكن التعاطف الذي عبّر عنه مشجعو النادي والرعاية الاخوية التي خصّه بها مدرب الفريق، والتضامن الذي لقيه من زملائه، كل ذلك جعله يتخطى الانعكاسات السلبية للحادثة، ومنحه الشجاعة لمواجهة الواقع العدائي الصعب، واتاح له في نهاية موسم حافل بالنجاح ان يسجل هدف الفوز اليتيم في مرمى ليفربول، وسبق لهذا الفرنسي المشاكس ان فرض نفسه على الوسط الكروي في انكلترا فاختير لاعب العام مرتين: مرة هذا الموسم ومرة في العام 1994. مباراة شطرنج وبعد صيام طويل عن الاحاديث الصحافية صرّح كانتونا بعد المباراة: "انه يوم تاريخي بالنسبة الى مانشستر. صحيح ان المباراة لم تكن على قدر كبير من الاثارة، ولكن هذا شأن معظم المباريات النهائية. اما على صعيد الخطط فهي اشبه بمباراة شطرنج كانت خاتمة السيناريو فيها رائعة الى آخر حد. وهي ستترك في نفسي ذكرى طيبة لا لأني سجّلت فيها هدف الفوز بل لأن ستيف بروس الذي حللت مكانه بسبب الاصابة في قيادة الفريق قال لي قبل اللقاء: كان في ودي ان أربح هذا الكأس، مع انني فزت بها من قبل، وعليك الآن ان تقوم بالمهمة، والحمد لله انني قمت بها او بالاحرى قمنا بها. انها نهاية مغامرة مثيرة ويبقى امامنا الكثير لأننا سنحاول في الموسم المقبل ان نفوز بكأس الأندية الاوروبية الابطال. باقٍ في انكلترا وفي مقابلة حصرية اجراها معه التلفزيون البريطاني قال كانتونا: "سأبقى سنتين مع مانشستر وربما اكثر، وبعد ذلك قد اتحول الى التدريب هنا في انكلترا". وفي عودة الى المرحلة السوداء التي اعقبت حادثة الاعتداء قال كانتونا: "لقد أراد فيرغسون ان يحتفظ بي اذا كانت تلك رغبتي. ولم يشأ ان يمارس عليّ اي ضغوط… وقررت البقاء من اجل اولادي لأن لهم اصدقاء ولانهم سعداء في انكلترا. وقد عاش اولادي اوقاتاً صعبة في المدرسة لأن الاطفال اكثر قسوة من الرجال البالغين". وعن رأيه في اللاعبين الانكليز قال: "يخطئ من يعتقد ان اللاعبين الانكليز يفتقرون الى التقنية. انهم الأحسن مع ان بوسعهم ان يكونوا افضل لجهة الخلق والابداع". كانتونا والمنتخب الفرنسي يبقى ان هذا الفرنسي الذي توّج ملكاً على عرش الكرة الانكليزية، لا مكان له حتى الآن في منتخب بلاده الذي سيخوض نهائيات كأس الامم الاوروبية الشهر المقبل في انكلترا. هل يصدَّق الامر؟ وهل من حق جاك ايميه مدرب المنتخب الفرنسي الذي حضر المباراة ان يحرم بلاده من هذه الورقة الرابحة، وان يحرم عشاق الكرة من اداء كانتونا الكروي البديع؟ هل بوسع ايميه اياً كانت علاقته بكانتونا ان يتخذ هذا القرار السلبي؟ الكرة الآن في ملعب جاك ايميه. وأكاد أقول في مرمامه.