الاعصار الذي أثاره الفرنسي اريك كانتونا لاعب مانشستر يونايتد بعد اعتدائه بالركل واللكم على أحد مشجعي نادي كريستال بالاس لم يهدأ بعد وقد كشف عن مواهب دفينة يتمتع بها كانتونا، وهي في حال وقفه نهائياً عن مزاولة كرة القدم تتيح له ان يكون ملاكماً من الدرجة الاولى ولاعب كونغ فو من الصنف الممتاز. وفي عودة الى شريط الاحداث التي تتالت بسرعة على ملعب كريستال بالاس وبالتحديد في الدقيقة ال 48 من المباراة في المرحلة السادسة والعشرين من الدوري الانكليزي لكرة القدم طرد الحكم مايك ريد كانتونا لمخاشنته المدافع ريتشارد شو وفيما كان يهم بمغادرة اللعب قوبل بصيحات الاستهجان فما كان من كانتونا الا ان قفز فوق احدى اللوحات الاعلانية على طريقة أبطال الكونغ فو وركل أحد مشجعي كريستال بالاس ثم تبادل اللكمات مع انصار النادي اللندني قبل ان يتدخل رجال الشرطة ويفصلوا بين البطل والجمهور. وفي اليوم التالي جاء رد فعل الصحافة الانكليزية عاصفاً وغاضباً خصوصاً ان الانكليز خصوا كانتونا بمعاملة مميزة وكرموه تكريماً استثنائياً نادراً فاختاروه أفضل لاعب في الموسم الكروي الماضي. وبدلاً من ان يوظف كانتونا هذا التكريم ويستثمره بطريقة ايجابية راح يتصرف بطريقة مزاحية تدل على تهوره وغروره وعدم اتزانه كما تدل على انه مصاب بلوثة جنون ولا يشفع فيه اعتبار بعضهم انها من قبيل جنون العبقرية. ولو ان الحادثة المصيبة كانت يتيمة او جزيرة معزولة لهان الامر الى حد ما ولأمكن الدفاع عن صاحبها بعد منحه أسباباً تخفيفية، لكنها للأسف تضاف الى سجل كروي حافل بالاستفزاز، ملطخ بالسواد، وهي جزيرة في أرخبيل من التصرفات المشحونة بالنزف والاستهتار، ولا نغالي اذا قلنا ان هذه الحادثة كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير ما دفع نادي مانشستر يونايتد الى اتخاذ عقوبة قاسية بحق ابرز نجومه تقضي بوقفه عن اللعب حتى نهاية الموسم الحالي وبتغريمه مبلغ 30 ألف دولار. وقد أثارت الحادثة استنكاراً شديداً في اوساط الكرة الفرنسية بدءاً برئيس الاتحاد الفرنسي لكرة القدم كلود سيمونيه وانتهاء بمدرب المنتخب الوطني ايميه جاكيه. وتفادياً لعقوبة مماثلة لعقوبة النادي او اقسى قد توقعها اللجنة التأديبية التابعة للاتحاد الانكليزي ينوي نواب من حزب العمل تقديم مذكرة يطالبون فيها الاتحاد الانكليزي بعدم الانتقام من اللاعب الفرنسي وحرمان الجمهور من عبقريته الكروية. أما الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا فاكتفى بادانة تصرفات كانتونا على لسان اندرياس هيرين أحد مسؤوليه في قسم الصحافة: "الاتحاد هو ضد العنف في الملاعب ولا يسعه الا ان يدين تصرفات أي لاعب يحاول تشويه صورة لعبة كرة القدم" وأضاف قائلاً: "الاتحاد الدولي لن يتدخل الا اذا طلب منه الاتحاد الانكليزي تطبيق العقوبة التي يتخذها في حق اللاعب الفرنسي على الصعيد العالمي". وكانتونا الذي يصفه البعض بأنه غجري كرة القدم لتنقله المحموم من ناد الى آخر يعتبر من مدمني المشاكسات ومن اصحاب "السوابق" في ميدان الشغب حتى قبل احترافه وقد اضطر غي رو المدرب الذي اكتشف مواهب كانتونا الكروية الى تغريمه في العام 1979 لانه لكم حارس اوكسير الدولي برونو مارتيني، وأوقف الاتحاد الفرنسي لكرة القدم كانتونا 10 أشهر عن اللعب لانه شتم مدرب المنتخب هنري ميشال ونعته بالقذر. وطرد من نادي مرسيليا بعد خلافه مع رئيس النادي برنار ثابي. وفي العام 1991 أحيل امام لجنة التأديب في الاتحاد الفرنسي لكرة القدم لانه قذف حكم المباراة بالكرة وقد ثار في وجه اعضاء اللجنة واتهمهم بأنهم حمقى فأوقف عن اللعب شهرين بدلاً من شهر واحد. وطرد كانتونا في مباراة ضمن كأس الاندية الاوروبية الابطال ضد غلطه سراي التركي لتهجمه على الحكم فأوقفه الاتحاد الاوروبي أربع مباريات. وفي انكلترا تعرض كانتونا للطرد مرتين في أربعة أيام فأوقفه الاتحاد الانكليزي عن اللعب خمس مباريات. وخلال كأس العالم الاخيرة في الولاياتالمتحدة اشتبك كانتونا الذي كان يعمل معلقاً لاحدى الاذاعات مع رجل شرطة وكاد يدخل السجن. ويبدو ان كانتونا ضحية مزاج خاص يجب معالجته لانه قد يتفاقم مستقبلاً ويؤدي الى عواقب وخيمة وما حادثة ملعب كريستال بالاس سوى عينة مما تجره هذه المزاجية المريضة التي قد تكون نوعاً من العصاب أو من الفصام... بقي ان نشير الى ان اللاعب العبقري يحمل مسؤولية مزدوجة مسؤولية امتاع الجمهور بمهاراته الكروية ومسؤولية السلوك اللائق لان الابطال الرياضيين قدوة ومثال. صحيح اننا لا نريد قتل اللاعب اذا اخطأ لكننا لا نريد ان نقتل اللعبة ايضاً.