تنتهج الحكومة الكويتية مساراً جديداً لاعادة تنشيط الحركة الاقتصادية في البلاد بعد الغزو العراقي وما تركه من آثار على الاقتصاد الوطني، وذلك لتحقيق أهداف التنمية التجارية والصناعية وجذب رأس المال الوطني والحد من هجرته الى الخارج. وتعمل الكويت الآن على استعادة مركز الصدارة التجارية في المنطقة الذي احتلته خلال الستينات والسبعينات من خلال انشاء "مناطق تجارية حرة" تهدف الى زيادة حجم المبادلات التجارية الدولية وتجارة الترانزيت واعادة التصدير عبر الموانئ الكويتية، وجذب الاستثمارات الوطنية والعربية والاجنبية وانعاش حركة النقل والملاحة البحرية وتشجيع قيام الصناعات الصغيرة المساندة لهذه الأنشطة. وحددت وزارة التجارة والصناعة الكويتية موقع "المنطقة الحرة" في ميناء الشويخ شمال العاصمة، حيث سيتاح لأي مستثمر تخزين البضائع وعرضها ايا كان نوعها أو منشأها واجراء العمليات التي من شأنها تغيير حال البضائع وتهيئتها تبعاً لمقتضيات حركة التبادل التجاري ومتطلبات الأسواق ومزاولة أي مهنة يحتاج اليها النشاط والخدمات التي يحتاجها العاملون داخل المناطق الحرة. وتتمتع "المنطقة الحرة" بالاعفاء من الضرائب والرسوم الجمركية بالنسبة الى المشاريع التي تقام بها والأرباح التي تحققها من مزاولة نشاطها داخل المنطقة والبضائع التي تستورد الى المناطق الحرة أو التي تصدر منها، اضافة الى الادوات والمستلزمات الضرورية للعمل داخل المنطقة ايا كان نوعها. وتتميز المنطقة بعدم خضوع البضائع التي تدخلها لأية قيود من حيث مدة بقائها الا في الحالات التي تستدعي نقلها نتيجة لطبيعتها او تخلف اصحابها عن تأدية التزاماتهم المالية، كذلك لا تخضع الواردات والصادرات لقيود الاستيراد والتصدير المحلية، وتتولى لجنة عليا من الحكومة الكويتية الاشراف على المناطق الحرة بحيث تضع الاهداف والسياسات العامة والأسس والمعايير اللازمة لادارتها. واستقر الرأي حسب قرار مجلس الوزراء الكويتي على اسناد ادارة المنطقة الحرة الى القطاع الخاص، نظراً الى مرونته في ادارة المهمة وانعاش الاقتصاد الوطني، اضافة الى ملاءمة ذلك مع التوجه العام للدولة في ما يخص مشاريع الخصخصة التي بدأت عقب التحرير. وستقوم الشركة أو الجهة التجارية التي يتم اختيارها لادارة المنطقة الحرة في ميناء الشويخ نيابة عن الدولة ببعض المهام، كاصدار التراخيص اللازمة للشركات الراغبة في العمل في المنطقة الحرة وتحصيل قيمة الرسوم، الى جانب بعض الامور المتعلقة بالاجراءات الرسمية للعمالة الاجنبية، على ان تؤدي تلك الجهة للحكومة رسوماً رمزية كايجار للمساحة التي تشملها المنطقة الحرة في مقابل أن تتولى الشركة تحصيل ايجار الأراضي والأبنية والرسوم التي تؤديها المنشآت العاملة في المنطقة لحسابها الخاص. ويرى خبراء اقتصاديون أن نمو هذه المنطقة الحرة سيعتمد في المستقبل على الوضع السياسي والاقتصادي في بعض دول الجوار، خصوصاً في العراق وما ستؤول اليه أوضاعه بعد تنفيذ جميع القرارات الدولية ورفع العقوبات عنه، وفي ايران التي وقعت معها الكويت في الفترة الاخيرة اتفاقات لتعزيز التبادل التجاري بين البلدين.