تنتظر أوساط الصناعات الدفاعية والجوية العالمية باهتمام شديد قرارات الامارات العربية المتحدة في شأن مجموعة من العقود التسليحية لتزويد قواتها معدات جديدة خلال السنوات المقبلة. وأهم هذه العقود المرتقبة صفقة كبرى من الطائرات المقاتلة الهجومية التي ترغب الامارات في الحصول عليها لتزويد قواتها الجوية اعتباراً من مطلع القرن المقبل. اذ يفترض أن تصل قيمتها الاجمالية الى حوالي 6 بلايين دولار وأن تشتمل على 80 طائرة تكفي لتشكيل أربعة أسراب قتالية. كما أن من شأن القرار الاماراتي ان يتحكم بمصير صفقات أخرى ملحقة بها على صعيد أنواع الأسلحة والذخائر التي ستجهز الطائرات الجديدة بها، اضافة الى اتفاقات التعاون العسكري والصناعي والتجاري التي ستنتج عنها بين الامارات والدولة التي سيتم الحصول على الطائرات منها. وتصف مصادر الصناعات الجوية العالمية صفقة الطائرات الاماراتية بأنها ستكون "آخر صفقة تسليحية عالمية كبرى خلال ما تبقى من هذا القرن" للدلالة على ضخامتها والأهمية التي تعلقها عليها الدول والشركات التي تتنافس على الفوز بها. بل أن بعض هذه المصادر يعتبرها العامل الذي سيحدد مستقبل برامج التطوير والانتاج في أكثر من دولة منتجة للطائرات القتالية. عروض دولية متنافسة وكان التنافس على الفوز بهذه الصفقة بدأ قبل نحو ثلاث سنوات عندما رشحت معلومات عن اهتمام القوات الجوية الاماراتية بالحصول على طائرات قتالية جديدة. واحتدمت المنافسة تدريجياً بعد ذلك عندما عمدت الامارات الى توجيه دعوات رسمية الى شركات الصناعة الجوية العالمية في دول عدة للتقدم بعروضها. وخلال معرض دبي الدولي للطيران الذي أقيم في تشرين الثاني نوفمبر 1995، طغت أخبار هذه المنافسة والتكهنات لا سيما بعدما علم ان الاعلان عن هذا الاختيار قد يصدر خلال النصف الأول من عام 1996. وتدرس حكومة الامارات عروضاً من شركات اميركية وبريطانية وفرنسية وروسية لاتخاذ قرارها النهائي وإبرام العقد رسمياً في وقت لاحق من هذا العام كما هو مرجح. أما أهم العروض المتنافسة على الفوز بهذه الصفقة المهمة فهي الآتية: - عرض بريطاني تقدمت به شركة الصناعات الجوية "بريتيش ايروسبايس" بالتعاون مع شركة "جي. إي. سي - ماركوني" المتخصصة بانتاج المعدات الدفاعية والالكترونية. وهو يتضمن تزويد الامارات مقاتلات هجومية من طراز "تورنادو" تكون بمثابة مرحلة انتقالية في انتظار توافر المقاتلة الأوروبية المشتركة الجديدة "يوروفايتر - 2000" التي يجري العمل على تطويرها حالياً لحساب أسلحة الجو البريطانية والالمانية والايطالية والاسبانية، فتبدأ الامارات بالتالي في الحصول على هذه المقاتلة المتطورة اعتباراً من مطلع القرن المقبل. ويتمضن العرض البريطاني ايضاً التعهد بتطوير صاروخ جو - أرض/ سطح هجومي جديد موجه بدقة يصل مداه الى نحو 250 كلم لاعتماده تسليحاً أساسياً للمقاتلات الاماراتية بالاستناد الى تصميم الصاروخ جو - أرض/ سطح "الحكيم" الذي كانت شركة "جي. إي. سي" طورته وانتجته لحساب القوات الجوية الاماراتية خلال السنوات الماضية. وعلى رغم الاهتمام الاماراتي بفكرة تطوير الصاروخ الجديد وامكان التعاقد للحصول عليه واستخدامه الى جانب صواريخ "الحكيم"، فإن احتمال فوز العرض البريطاني بصفقة الطائرات يعد ضئيلاً لأسباب عدة أهمها التأخير المتتالي الذي شهده برنامج تطوير المقاتلة "يوروفايتر - 2000" والصعوبات المالية والتقنية التي لا يزال يواجهها على أكثر من صعيد ما أدى في وقت من الأوقات الى تفكير الدول المشاركة فيه بوقف العمل عليه من أساسه. وحتى في حال الاستمرار في هذا المشروع، فإن الموعد المرجح للبدء في انتاج هذه المقاتلة الأوروبية لن يكون قبل عام 2003، ما سيجعل موعد دخولها الخدمة الاماراتية متأخراً جداً عما تنص عليه الخطط الموضوعة حالياً. وبالاضافة الى ذلك، فإن القوات الجوية الاماراتية لم تبد حماساً كبيراً لفكرة الحصول على مقاتلات "تورنادو" كخطوة موقتة باعتبار أن هذه المقاتلات على كفاءتها لا تلائم المتطلبات القتالية والعملياتية المحددة في برامج هذه القوات. ولم تفلح على ما يبدو المحاولة التي بذلها وزير الدفاع البريطاني مايكل بورتيللو خلال زيارته الأخيرة الى الامارات ومحادثاته مع المسؤولين هناك في تعزيز فرص فوز بريطانيا بهذه الصفقة، لا سيما أن المعلومات التي توافرت عن تلك المحادثات أشارت الى عدم توصل الجانبين الى اتفاق على جانب آخر من الجوانب الأساسية التي تصر عليها الامارات، وهو عقد الصفقة ضمن اطار معاهدة تعاون دفاعي وأمني شاملة مع الدولة التي ستزودها الطائرات المطلوبة، على غرار ما تم التوصل اليه خلال السنوات الماضية مع كل من الولاياتالمتحدةوفرنسا. لكن الوزير البريطاني لم يقدم أي تعهدات صريحة في ما يتعلق بهذا الجانب بالذات، الأمر الذي ساهم في تقليص فرص بلاده في الفوز بالصفقة، علماً بأن مصادر شركة "جي. إي. سي" تؤكد أن احتمال توصلها الى اتفاق منفصل مع القوات الاماراتية في شأن الصاروخ جو - أرض/ سطح الجديد لا يزال وارداً بقوة، بمعزل عن القرار الذي سيتخذ في شأن الطائرات الجديدة. - عرض أميركي تقدمت به شركة "لوكهيد" لتزويد الامارات مقاتلات "ف - 16 فالكون" المتعددة الأغراض. وتقول مصادر الشركة ان الطائرات المعروضة ستكون من أحدث طراز يتم انتاجه من هذه المقاتلة الواسعة الانتشار، وستزود بأكثر أنواع الذخائر الجوية الهجومية والدفاعية الاميركية تطوراً، بما في ذلك صواريخ جو - جو متقدمة من طرازي "أمرام" البعيد المدى الموجه رادارياً و"أسرام" القصير المدى الموجه حرارياً، والتي استحصلت "لوكهيد" على تصريح خاص من وزارة الدفاع الاميركية لبيعها الى الامارات في حال اختيارها المقاتلة "ف - 16 فالكون". لكن على رغم هذه "الاغراءات"، فإن فرص "لوكهيد" ومقاتلتها في الفوز بالصفقة محدودة لاعتبارات تتعلق بالمواصفات العملياتية لهذه الطائرة، خصوصاً عدم كفاية مداها القتالي وحمولتها من الذخائر في العمليات الهجومية، الأمر الذي لا يناسب خطط القوات الجوية الاماراتية. - عرض أميركي من شركة "ماكدونل دوغلاس" المنتجة للمقاتلتين "ف - 15 إيغل" و"ف - 18 هورنت" يتيح للامارات الاختيار بين هاتين المقاتلتين أو الحصول على مزيج منهما. وتعرض "ماكدونل دوغلاس" في الطراز الهجومي المطور من المقاتلة "ف - 15 إيغل"، المعروف باسم "ف - 15 إي سترايك إيغل"، الذي لم توافق الولاياتالمتحدة على بيعه حتى الآن إلا الى المملكة العربية السعودية واسرائيل، ومعه الطراز المحسّن من المقاتلة المتعددة الأغراض "ف - 18 هورنت"، المعروف باسم "ف - 18 إي سوبر هورنت" والذي يستمر العمل على تطويره حالياً لحساب سلاح البحرية الأميركي. ومع هاتين المقاتلتين، تعرض الشركة أيضاً منظومة متكاملة من الذخائر الجوية الهجومية والدفاعية المعدة لتسليحهما. - عرض روسي يتركز على المقاتلة الجديدة المتعددة الأغراض "سوخوي - 35" المطورة عن المقاتلة الاعتراضية "سوخوي - 27"، ويشتمل أيضاً على المقاتلة المتعددة الأغراض "ميغ - 29م"، وهي طراز محسن من المقاتلة "ميغ - 29". - عرض فرنسي قدمته شركة "داسو أفياسيون" المنتجة للطائرات ومعها شركة "ماترا" المتخصصة بانتاج الصواريخ والذخائر والمعدات الالكترونية، ويتضمن، حسب المصادر الدفاعية الفرنسية، "اطاراً متكاملاً" من الطائرات والتجهيزات والخدمات الدفاعية والأمنية الملحقة بها، وفي صورة خاصة المقاتلة الفرنسية الجديدة "رافال" التي تعمل "داسو" على انتاجها لحساب سلاحي الجو والبحرية الفرنسيين، والصاروخ جو - جو الجديد "ميكا" الذي تنتجه "ماترا"، والصاروخ الجوّال كروز البعيد المدى "أباش" المخصص لمهمات القصف الجوي الهجومية على مسافات تصل الى 400 كلم ويتميز بتوجيه دقيق جداً، وهو بدوره من انتاج "ماترا" لحساب القوات الجوية الفرنسية. الثقة الفرنسية وتعرب المصادر الفرنسية عن اقتناعها بأن العرض المقدم من "داسو" و"ماترا" هو المرشح أكثر من غيره للفوز بالصفقة الاماراتية، على رغم ان المصادر الدفاعية والصناعية في الدول الأخرى المتنافسة، لا سيما في الولاياتالمتحدة، لا تشاركها هذا الرأي، اذ تعتبر هذه الأخيرة أن فرص فوز معدات أميركية بالصفقة تعد بدورها قوية، خصوصاً المقاتلة "ف - 15 إي سترايك إيغل" التي تعرضها "ماكدونل دوغلاس". لكن هذا الشعور الفرنسي المتفائل قد يكون له ما يبرره، لا سيما من زاوية علاقات التعاون العسكري والتسليحي الوثيقة التي تربط تقليدياً بين فرنساوالامارات والرغبة الواضحة التي يبديها الجانبان على حد سواء في المحافظة على هذه العلاقات وتعزيزها مستقبلاً. ويذكر في هذا المجال ان سلاح الجو الاماراتي يعتمد بالدرجة الأولى في تجهيزه منذ سنوات عدة على مقاتلات فرنسية. فهو حصل في السبعينات على مقاتلات من طراز "ميراج - 5"، ثم حصل في الثمانينات على مقاتلات "ميراج - 2000" التي تشكل عماد أسرابه القتالية حالياً. كما سبق للامارات أن أبرمت قبل أعوام عقداً ضخماً مع الصناعات العسكرية الفرنسية لتزويد قواتها البرية أكثر من 400 دبابة قتالية جديدة من طراز "لوكلير" بقيمة اجمالية تقارب 4 بلايين دولار. وارتبط الاتفاق على هذه الدبابات، التي سيبدأ تسليمها الى الجيش الاماراتي قريباً، بمجموعة كبيرة من عقود التعاون والتبادل الاقتصادي والتجاري وخدمات التدريب والصيانة، الى جانب توقيع البلدين اتفاقاً للتعاون الأمني والدفاعي تشتمل بنوده على تعهد فرنسا نشر قوات عسكرية في الامارات للمشاركة في الدفاع عنها إذا اقتضت الحاجة. تجارب على رافال وكان الوجود الفرنسي ملحوظاً بالفعل خلال معرض دبي الدولي للطيران في تشرين الثاني نوفمبر الماضي، وبرز ذلك في صورة خاصة بالنسبة الى المقاتلة "رافال" التي علم فيما بعد ان النموذج الذي شارك في المعرض منها توجه فور اختتامه الى احدى القواعد الجوية التابعة للقوات الاماراتية حيث أجريت عليه مجموعة من التجارب القتالية والعملياتية التي شارك فيها طيارون وفنيون اماراتيون واستغرقت بضعة أسابيع. وانطبق الأمر نفسه على شركة "ماترا" التي تستخدم الامارات معدات من انتاجها، بما في ذلك صواريخ جو - جو من طرازي "ماجيك" القصير المدى الموجه حرارياً و"سوبر - 530" البعيد المدى الموجه رادارياً، وصواريخ جو - أرض من طراز "آرمات"، وصواريخ أرض - جو مضادة للطائرات من طراز "ميسترال". ومهما كانت قوة الثقة الفرنسية بالفوز بهذه الصفقة ومبرراتها، فإن الأمر يظل غير محسوم. اذ توجد هناك مبررات أخرى في المقابل قد تدفع الامارات الى اختيارات أخرى، من بينها على سبيل المثال عدم الرغبة في تركيز جميع مشترياتها الدفاعية وتجهيز قواتها المسلحة على مصدر دولي واحد، والتوجه الى تنويع مصادر تسليحها. ولا تستبعد مصادر دفاعية دولية أن يقع الاختيار الاماراتي، في نهاية المطاف، على أكثر من طراز واحد. وبينما تبدو الاحتمالات مشرقة في هذا المجال بالنسبة الى العرض الفرنسي من "داسو" و"ماترا" من جهة، وعرض "ماكدونل دوغلاس" الاميركية من جهة ثانية، فإن مراقبين لا يستبعدون مفاجأة تتمثل في وقوع جزء من الاختيار الاماراتي على روسيا التي باتت ترتبط بدورها مع الامارات بعلاقات تعاون تسليحي. والمرجح ان تضم "القائمة النهائية" التي يتوقع أن يتم اعدادها قبل نهاية الشهر الجاري ثلاثة طرازات متنافسة، وهي المقاتلة الفرنسية "رافال" مع الأسلحة والتجهيزات الملحقة بها، والمقاتلة الاميركية "ف - 15 إي سترايك إيغل" مع أسلحتها وتجهيزاتها، والمقاتلة الروسية "سوخوي - 35" مع شبكة كاملة من الذخائر الجوية الدفاعية والهجومية. ومع أنه يظل صعباً ترجيح الطراز الذي سيتم اختياره، فإن ثمة معلومات متزايدة تشير الى ان القوات الاماراتية قد تتجه الى شراء 60 مقاتلة فرنسية من طراز "رافال" مع احتمال أن يسبق الحصول على هذه الطائرات اعتباراً من مطلع القرن المقبل استبدال مقاتلات "ميراج - 2000" الاماراتية العاملة حالياً بمقاتلات "ميراج - 2000/5" المطورة عنها، كخطوة انتقالية موقتة في انتظار توافر مقاتلات "رافال" الأكثر تطوراً، وأن يترافق ذلك مع شراء 20 مقاتلة أخرى سيكون الخيار محصوراً فيها بين المقاتلة الاميركية "ف - 15 إي سترايك إيغل" أو المقاتلة الروسية "سوخوي - 35". ويتوقع أن يتم الاعلان عن القرار خلال شهر أيار مايو أو حزيران يونيو المقبلين، وأن يتم التوقيع رسمياً قبل نهاية العام الجاري على أن يبدأ تنفيذ بنودها قبل أواخر هذا القرن لتشكل الطائرات الجديدة عماد القوات الجوية الاماراتية اعتباراً من مطلع القرن المقبل. صواريخ "أمرام" تدخل الشرق الأوسط تأمل شركة "هيوز" الأميركية المتخصصة في انتاج الصواريخ والذخائر والمعدات الالكترونية في موافقة الادارة الأميركية قريباً على السماح لها بتزويد سلاح الجو الملكي السعودي صواريخ جو - جو متطورة من طراز "أمرام" التي تعتبر احدث ما تم التوصل اليه في مجال انتاج صواريخ جو - جو في العالم. و"أمرام" صاروخ جو - جو بعيد المدى يستطيع العمل حتى مسافة 100 كلم او أكثر موجّه رادارياً. ويتميز عن غيره من طرازات الجيل السابق من هذه الصواريخ بقدرته على العمل على أساس مبدأ "أطلق وأنس"، إذ يتولى جهاز الرادار في الصاروخ كشف الهدف وملاحقته حتى اصابته من دون الحاجة الى دعم او متابعة من رادار الطائرة الحاملة، الأمر الذي يوفر لهذه الأخيرة أفضلية أساسية في عمليات الاعتراض والمطاردة والقتال الجوي. وتعتمد القوات الجوية الأميركية صواريخ "أمرام" تسليحاً أساسياً على مقاتلاتها من طراز "ف - 15 ايفل" و"ف - 16 فالكون" و"ف - 18 هورنت". كما رخصت الولاياتالمتحدة بتصدير هذا الصاروخ الى دول حليفة في أوروبا وأنحاء أخرى من العالم، كان من بينها اسرائيل التي ستبدأ الحصول عليه قريباً لتزويد مقاتلاتها من طراز "ف - 15 ايغل" و"ف - 15 اي سترياك ايغل" و"ف - 16 فالكون". ويبدو شبه مؤكد ان يكون سلاح الجو الملكي السعودي الثاني في منطقة الشرق الأوسط الذي سيحصل على هذه الصواريخ المتطورة لتزويد مقاتلاته العاملة حالياً من طراز "ف - 15 ايغل" و"ف - 15 اي سترايك ايغل" وأي مقاتلات جديدة قد تقرر المملكة الحصول عليها مستقبلاً. "توبوليف" تحلّق علمياً عرضت شركة "توبوليف" الروسية النموذج الجديد لطائرة النقل الأسرع من الصوت "توبوليف - 144" التي كانت الشركة انتجتها وطورتها في أواخر الستينات لمنافسة الطائرة الفرنسية - البريطانية الشهيرة "كونكورد". وعلى رغم ان "توبوليف - 144"، التي أطلق عليها في الغرب آنذاك لقب "كونكوردسكي" تيمناً بمنافستها الفرنسية - البريطانية، سبقت هذه الأخيرة الى الجو، إذ حلّق نموذجها الاختباري للمرة الأولى عام 1968 قبل أسبوع واحد من تحليق نموذج "كونكورد" الأول، فإنها لم تتمكن من تحقيق أي نجاح تجاري. وفيما لا تزال طائرات "كونكورد" تعمل تجارياً، وتحقق أرباحاً، لدى شركتي "بريتيش اروايز" و"ارفرانس" بعد أكثر من ربع قرن على دخولها الخدمة، لم تستمر طائرات "توبوليف - 144" في الاستخدام التجاري لدى شركة "ايروفلوت" السوفياتية أكثر من سنوات معدودة قبل احالتها على التقاعد. لكن العدد القليل من طائرات "توبوليف - 144" الذي تم انتاجه ظل يستخدم خلال العقدين الماضيين لأغراض الاختبار والأبحاث المتعلقة بالطيران المدني الأسرع من الصوت، وهذا الهدف يكمن وراء تطوير النموذج الجديد من هذه الطائرة. والمهم ان هذه العملية تمت في اطار برنامج تعاون مشترك بين "توبوليف" ووكالة الفضاء الحكومية الأميركية ناسا في ما يشكّل أول تعاون ثنائي بين البلدين في هذا المجال منذ انهيار الاتحاد السوفياتي وانتهاء "الحرب الباردة". ويهدف هذا البرنامج الى استخدام نموذج "توبوليف - 144" الجديد كطائرة أبحاث واختبارات روسية - أميركية مشتركة توصلاً الى تطوير تقنيات الطيران المدني الأسرع من الصوت، على أمل انتاج جيل جديد من الطائرات التجارية البعيدة المدى الأسرع من الصوت خلال القرن المقبل. تطوير تورنادو البريطانية حسمت الحكومة البريطانية أخيراً الجدل الذي احتدم خلال الأشهر الماضية على مستقبل أسطول سلاح الجو الملكي من مقاتلات "تورنادو" الاعتراضية المطاردة، وأعلنت فوز شركة "برييتيش ايروسبايس" للصناعات الجوية بعقد لتطوير هذه الطائرات وادخال تعديلات وتحسينات متنوعة عليها بهدف ابقائها قيد الخدمة حتى عام 2010، عوضاً عن البدء في الاستغناء عنها تدريجياً اعتباراً من العام 2000 حيث كان مقرراً ان تحلّ مكانها المقاتلة الأوروبية المشتركة الجديدة يوروفايتر - 2000" التي تعمل على تطويرها حالياً الصناعات الجوية البريطانية والالمانية والايطالية والاسبانية. ويعتمد سلاح الجو الملكي البريطاني في صورة رئيسية على مقاتلات "تورنادو" بطرازيها الهجومي "تورنادو جي. ر - 3" والاعتراضي "تورنادو ف - 3". وبينما كان مستقبل الطراز الهجومي من هذه الطائرة مضموناً، حيث يتم منذ مدة تنفيذ برنامج لتطويره تحت اسم "جي. ر - 4" لابقائه في الخدمة كأساس لتجهيز الاسراب الجوية الهجومية البريطانية حتى عام 2015 على الأقل، فإن الخطط الموضوعة أصلاً تقضي بأن يتم الاستغناء عن مقاتلات "تورنادو" ابتداء من مطلع القرن المقبل. لكن التأخير المتكرر الذي يعانيه برنامج "يوروفايتر - 2000" والصعوبات التي لا تزال تواجهه أرجأت تنفيذ هذه الخطط، حيث تتوقع الأوساط الدفاعية الأوروبية ألا تدخل المقاتلة الجديدة حيّز الانتاج والخدمة قبل عام 2005 وربّما بعد ذلك أيضاً. وهذا ما دعا سلاح الجو الملكي الى التفكير باجراءات بديلة لسدّ الثغرة التي يفترض ان تنجم في الدفاعات الجوية للبلاد خلال السنوات المقبلة. وتركزت الخيارات على عرض من "بريتيش ايروسبايس"، حظي بتأييد قيادة سلاح الجو لتنفيذ برنامج لتطوير مقاتلات "تورنادو ف - 3" وتحديثها بما يكفل احتفاظها بفاعليتها العملياتية خلال العقد المقبل، وبين وجهة نظر دعا اليها بعض مستشاري وزير الدفاع البريطاني مايكل بورتيللو لشراء او استئجار عدد من مقاتلات "ف - 16 فالكون" الأميركية واستخدامها كخطوة موقتة في انتظار توافر المقاتلة "يوروفايتر - 2000". وبدا في وقت من الأوقات ان "الخيار الأميركي" هو الغالب. لكن وزارة الدفاع البريطانية وضعت حداً للتكهنات التي سادت في هذا الشأن عندما أعلنت أخيراً عن رصد مبلغ 125 مليون جنيه استرليني لتحديث مقاتلات "تورنادو ف - 3" التي يبلغ عددها 120 طائرة. وتشمل التحسينات، التي تنفذها "بريتيش ايروسبايس" طوال خمس سنوات، على تحديث أنظمة الرادار والتحكم في الطائرة، وتزويدها صوارخ جو - جو جديدة من طرازي "أمرام" و"أسرام"، الى جانب تعديلات أخرى تهدف الى الارتفاع بمستوى مواصفاتها العملياتية عموماً. وتعرب مصادر "بريتيش ايروسبايس" عن أملها في ان تحوز هذه التعديلات على اهتمام كلّ من سلاحي الجو الملكي السعودي والايطالي اللذين يستخدمان مقاتلات "تورنادو ف - 3" الى جانب سلاح الجو الملكي البريطاني حالياً، بحيث يقرران بدورهما ادخالها على المقاتلات العاملة لديهما من هذا الطراز بهدف اطالة حياتها العملية وابقائها قيد الخدمة حتى بعد مطلع القرن المقبل ايضاً.