ستكون المقاتلة الجديدة "رافال" التي تعمل على تطويرها وانتاجها حالياً شركة "داسو" الفرنسية النجمة العسكرية الأبرز في معرض "دبي 95" الدولي للطيران. اذ ان ظهورها هناك سيكون سبقاً اعلامياً وتقنياً مهماً، كما انه سيشكل الدليل على مدى التقدم الذي حققه البرنامج الهادف الى وضع هذه المقاتلة المتطورة في الخدمة الفعلية للقوات الجوية الفرنسية قبل نهاية هذا العقد. والمقاتلة "رافال" هي من دون شك احد اهم طرازات الجيل الجديد من الطائرات القتالية التي يجري العمل على تطويرها في العالم حالياً. ومع تزايد الصعوبات المالية والتقنية التي تواجهها البرامج المماثلة التي تنفذها دول اخرى، فإن حجم الانجازات التي نجحت "داسو" والصناعات الجوية الفرنسية عموماً في تحقيقها على صعيد هذا البرنامج يتضح الآن اكثر فأكثر. وهذا لا يعني ان برنامج "رافال" لا يواجه بدوره عراقيل مهمة مردها في صورة اساسية الاعتبارات المادية التي فرضت تخفيضات متتالية في المبالغ المرصودة للمصاريف الدفاعية الفرنسية الاجمالية ولبرنامج "رافال" من ضمنها. لكنه تكفي الاشارة الى مدي التساؤلات والشكوك التي كانت احاطت بالقرار الفرنسي الذي قضى بالمضي قدماً في تطوير "رافال" وانتاجها في صورة منفردة خلال النصف الثاني من الثمانينات، ولا سيما من جانب شركاء فرنسا الاوروبيين الذين فضلوا في المقابل الدخول في برنامج تعاون لانتاج مقاتلة اوروبية مشتركة لتزويد قواتهم الجوية حاجاتها القتالية المستقبلية، وذلك علي امل ان يكون ذلك وسيلة تكفل تخفيض النفقات التي ستترتب علي كل دولة من الدول المشاركة في تلك البرامج على حدة، وتسهيل العقبات التقنية ولعملياتية التي كان يمكن ان تبرز في وجه المقاتلة الجديدة. لكن الواقع الآن يدل على عكس ذلك. فبينما اصبحت "رافال" على مقربة من بلوغ مرحلة الانتاج الفعلي والخدمة، لا يزال برنامج المقاتلة الاوروبية المشتركة "يوروفايتر - 2000" يعاني تأجيلات متتالية وزيادات متواصلة في تكاليفه. "رافال" في مرحلة متقدمة وتبدي مصادر شركة "داسو" والقوات الجوية الفرنسية على حد سواء ارتياحها الكبير لسير المراحل التي قطعها حتى الآن برنامج "رافال" والاختبارات التي اجريت على النماذج التي انتجت منها وزاد مجموعها على 2500 ساعة تحليق، الى جانب التجارب التي اجريت على اجهزة المقاتلة وأنظمتها الالكترونية والرادارية ومحركاتها والذخائر المخصصة لها. وقد أوصى سلاح الجو الفرنسي والوحدات الجوية التابعة للأسطول فعلاً على 13 نموذجاً انتاجياً اولياً من هذه المقاتلة، وذلك من اصل ما مجموعة 250 طائرة منها يفترض ان توصي القوات الفرنسية عليها تباعاً لاستكمال حجاتها المقدرة منها. وحسب الخطط المقررة، فان انتاج "رافال" فعلياً سيبدأ في غضون العامين المقبلين، على ان تبدأ المقاتلة في دخول الخدمة الفعلية في صورة تمهيدية خلال العام 1998. وبعد ذلك ستتوالى عملية انتاج هذه المقاتلة بطرازاته الاساسية الثلاثة التي سيكون احدها معداً لخدمة سلاح الجو، والثاني لخدمة وحدات الاسطول الجوية، والثالث مخصصاً لمهمات التدريب والتأهيل القتالي مع احتفاظه بكامل القدرات العملياتية للمقاتلة، اضافة الى اي طرازات لاحقة اخرى سيتم تطويرها وانتاجها سواء لحساب القوات الفرنسية او من اجل التصدير الى الخارج، وهو هدف لا يقل اهمية في حد ذاته عن انتاج هذه الطائرة للسوق المحلية. وستصبح "رافال" اعتباراً من مطلع القرن المقبل العماد الاساسي للوحدات الجوية القتالية الفرنسية، حيث سيتم استخدامها كمقاتلة متعددة الأغراض في مهمات الاعتراض والمطاردة والقتال الجوي والقصف والهجوم الارضي والبحري والاستطلاع والتدريب والتأهيل القتالي. وتكون "داسو" تابعت بذلك سلسلة النجاحات التي كانت بدأتها منذ ما يقارب نصف قرن في ميدان تطوير الطائرات العسكرية المقاتلة وانتاجها لحساب القوات الفرنسية وقوات العديد من الدول العالمية الاخرى التي فضلت اختيار مقاتلات هذه الشركة واستخدامها على مدى العقود الاربعة الماضية. فبعد عائلة مقاتلات "ميراج - 3" و"ميراج - 5"، جاءت المقاتلة "ميراج ف - 1" وتلتها في الثمانينات عائلة المقاتلات "ميراج - 2000" التي تعتبر احد اهم طرازات الجيل العالمي الراهن من الطائرات القتالية العاملة حالياً. وإذا كانت "رافال" تشكل نظرة نحو المستقبل تأمل "داسو" في ان تتمكن بفضلها من الفوز بعقود رئيسية محتملة مع عدد من دول المنطقة العربية المهتمة بتحديث قواتها الجوية لما بعد مطلع القرن المقبل، فان "ميراج - 2000" لن تكون غائبة عن "دبي 95" بل انها ستعرض فيه بطرازيها الاساسي الذي يعمل حالياً في صفوف سلاح جو دولة الامارات العربية المتحدة، والطراز الجديد "ميراج - 2000/5" الذي يستمر انتاجه حالياص ويحتوي علي تحسينات وتعديلات متنوعة. والى جانب الامارات، تعمل مقاتلات "ميراج - 2000" الاساسية لدى مصر فيما اوصت قطر اخيراً على الطراز "ميراج - 2000/5" ليصل مجموع عدد الطائرات التي تم بيعها من هذه العائلة حتى الآن الى اكثر من 550 مقاتلة لحساب ثماني دول. وهناك احتمال كبير لأن تتمكن "داسو" من الفوز بالمزيد من العقود لمقاتلات "ميراج - 2000/5" من دول عربية عدة اعربت عن اهتمامها بها مثل الامارات نفسها والمملكة العربية السعودية والكويت والمغرب. المقاتلات الاميركية لكن المنافسة في هذا المجال تزداد شدة، وأبرز مصادرها تظل طبعاً الطائرات المقاتلة الاميركية التي ستكون موجودة بدورها في "دبي 95" وبينما لن تدخل مقاتلة الجيل الجديد "ف - 22" التي تعمل الولاياتالمتحدة على تطويرها لتزويد قواتها الجوية في القرن الواحد والعشرين الخدمج قبل العام 2002 والارجح بحلول العام 2005" كما هو مقدر حالياً، فإن العمل على تطوير طرازات الجي الحالي وتحسينها لا يزال مستمراً. والمثال الابرز على ذلك الطراز الجديد من المقاتلة "ف - 18 هورنت" الذي يعرف باسم "ف - 18" اي سوبر هورنت"، وهو معد لتحديث وحدات سلاح البحرية اعتباراً من اواخر التسعينات وطرازات محسنة عدة من المقاتلة "ف - 16فالكون" التي تعتبر بمثابة "حصان الشغل الرئيسي في سلاح الجو الاميركي حالياً، والمقاتلة "ف - 15 إيغل" وطرازها الهجومي المطور "ف - 15 إي سترايك إيغل" وطرازها الهجومي المطور "ف - 15 إي سترايك إيغل". اذ ستظل هذه المقاتلات الفعالة ركيزة اساسية في تسليح الترسانة الجوية الاميركية لفترة طويلة مقبلة تزيد علي 10 سنوات، بل وقد تصل حتى العام 2010 حسب الخطط الموضوعة حالياً. وتعمل مقاتلات "ف - 16 فالكون" في منطقة الشرق الاوسط لدى كل من مصر والبحرين واسرائيل كما قد يحصل عليها قريباً الاردن والمغرب، فيما تعمل مقاتلات "ف - 18 هورنت" لدى الكويت، ويقتصر استخدام مقاتلات "ف 15 إيغل" على المملكة العربية السعودية واسرائيل، وهما ايضاً الدولتان اللتان ستحصلان قريباً على طرازها الهجومي "ف - 15 إي سترايك إيغل" وفي هذه الاثناء تحاول "ماكدونل دوغلاس" المنتجة لمقاتلات "ف - 15 إيغل" و"ف - 18 هورنت" اقناع دولة الامارات باختيار هذه الاخيرة لتنفيذ برنامج تنويع الشروع به لتحديث قواتها الجوية، وذلك في وجه منافسة فرنسية وروسية. كما تأمل "لوكهيد" المنتجة لمقاتلات "ف 16 فالكون" في ان تتمكن من الدخول الى حيز المنافسة التي يعتزم سلاح الجو الملكي السعودي لقيام بها خلال السنوات المقبلة تمهيداً لاختيار صراز جديد من الطائرات القتالية المتعددة لاغراض مكان مقاتلات "ف - 5 تايغر" العاملة لديه حالياً، وهي منافسة يرجح ان تخوضها ايضاً "ماكدونل دوغلاس" بمقاتلتها "ف - 18 هورنت" وربما "سوبر هورنت"، و"داسوش بالمقاتلتين "رافال" و"ميراج - 2000/5". المنافسة الروسية ولعل الظاهرة الاخرى البارزة في ميدان الطيران العسكري والسعي الى اكتساب اسواق الطائرات المقاتلة في منطقة الشرق الأوسط خلال السنوات الماضية كانت المحاولات الكثيفة التي تبذلها الصناعات الجوية الروسية للدخول طرفاً في تلك الاسواق بشكل تجاري بعدما كانت صادراتها الى المنطقة ايام الاتحاد السوفياتي السابق تتم على أسس سياسية وعقائدية. ومعروف ان روسيا تعمل في الوقت الحاضر على تطوير طائرة جيل جديد قتالية معدة للعمل اعتباراً من مطلع القرن المقبل في برنامج تنفذه "ميكويان" المنتجة لمقاتلات "ميغ" الشهيرة. وتعرف هذه الطائرة حتى الآن بالاسم الرمزي "ي - 42" ويفترض ان تكون متساوية في مواسفاتها ومستواها التقني والعملياتي مع الطرازات العالمية الجدية الاخري التي يتم تطويرها مثل "رافال" الفرنسية و"يوروفايتر - 2000" الاوروبية و"ف - 22" الاميركية. كما تفيد المعلومات ان "سوخوي" تعمل بدورها على تطوير طائرة مقاتلة جديدة للغرض نفسه، وذلك ربما تمهيداً لاختيار واحدة منهما لتزويد القوات الجوية الروسية مستقبلاً. وفي انتظار ذلك، تتركز الجهود الروسية على مقاتلات الجيل الحالي وطرازاتها المحسنة التي تظهر تباعاً، وأهمها المقاتلة "ميغ 29" من انتاج "ميكويان" او "مابو" كما باتت تعرف حديثاً والمقاتلة "سوخوي - 27" التي باتت مرشحة للتحول الى عائلة متكاملة من الطرازات المتخصصة. وبالنسبة الى المقاتلة "ميغ - 29" فهي تعمل حالياً في الشرق الاوسط لدى كل من سورية والعراق واليمن وايران. وتم تطوير طراز محسن منها يعرف باسم "ميغ - 29م" وأحياناً "ميغ - 33" لكنه لم يصدر الى الخارج حتى الآن. وتعتبر هذه المقاتلة موازية عموماً لطرازات الجيل الحالي الغربية مثل "ف - 16" و"ف-18" و"ميراج - 2000"، وحازت حتى الآن على سمعة عالمية ممتازة كمقاتلة متعددة الاغراض على قدر عال من الفاعلية والكفاءة. اما المقاتلة "سوخوي - 27" التي لم تحصل عليها اي دولة شرق أوسطية حتى الآن فتشكل بالنسبة الى العديد من المراقبين، بما في ذلك الغربيون، الطراز القتالي الافضل من نوعه العامل حالياً في العالم. وينطبق هذا الوصف في صورة خاصة على الطراز المحسن من هذه المقاتلة والمعروف باسم "سوخوي - 35"، وذلك في الوقت الذي طورت فيه "سوخوي" طرازاً آخر مخصصاً للمهمات الهجومية يعرف باسم "سوخوي - 34"، وطرازاً ثالثاً متعدد الاغراض ومخصصاً للتصدير اطلق عليه اسم "سوخوي - 30". واللافت ان معظم مراقبي الصناعة الجوية العالمية يوازون ما بين المقاتلة "سوخوي 27" وطرازها المحسن "سوخوي - 35" من جهة وبين المقاتلة الاميركية "ف - 15 إيغلش من جهة أخرى، وهم يشيرون في الوقت نفسه الى الطريقة المشابهة التي تم فيها تطوير الطراز الهجومي "سوخوي - 34" من المقاتلة الروسية مثلما طورت الولاياتالمتحدة الطراز الهجومي "ف - 15" إي سترايك ايغل" من مقاتلتها "ف - 15 إيغل". والواضح ان الطموح الروسي بات يتجاوز كثيراً مجرد الرغبة في الفوز بالعقود التسليحية مع الدول التي كانت تشكل في الماضي اسواقاً تقليدية للاتحاد السوفياتي السابق. فالى جانب اهتمام موسكو بالاحتفاظ بحصتها في تلك الاسواق، اخذت الاعتبارات التجارية البحتة تلعب الآن دوراً متزايداً وجوهرياً في تحديد وجهات السياسة الروسية وأولوياتها الاقتصادية. ومن هذا المنطلق، تحاول الصناعات العسكرية والجوية الروسية منذ مدة الدخول الى اسواق حيوية جديدة. وقد حققت في سعيها هذا نجاحات لا يستهان بها، اذ باعت انظمة دفاع جوي ومدرعات واسلحة متنوعة الى دول خليجية مثل الاماراتوالكويت، كما انها باتت ترتبط بعلاقات تسليحية قوية مع ايران، وفازت بعقود لطائرات هليكوبتر ومدرعات مع تركيا، وحققت انجازاً مهماً بفوزها بعقد مع ماليزيا لتزويد قواتها الجوية للمرة الاولى في تاريخها مقاتلات روسية من طراز "ميغ - 29". وتخوض المقاتلات الروسية حالياً غمار التنافس على الفوز بالعقود المتوقعة في اكثر من دولة خليجية، وخصوصاً الاماراتوالكويت، في مجال تحديث القوات الجوية، حيث حازت المقاتلة "سوخوي - 27" وطرازها المحسن "سوخوي - 35" على اهتمام خاص. والواقع انه لم يعد ممكناً استبعاد المفاجأة الكبري المتمثلة في ان تتمكن موسكو في نهاية الامر من تحقيق طموحها هذا لتصبح طائراتها المقاتلة الجديدة جزءاً من الترسانة الجوية الخليجية مستقبلاً.