أربعة عشر كتاباً وضعها جورج حنين الشاعر السوريالي المصري باللغة الفرنسية بين 1938 و1981. وعلى رغم مكانته البارزة في هذه الحركة، إلى جانب أندريه بروتون ورفاقه، فإن حركة الترجمة الأدبية إلى العربية، غالباً ما أهملت هذا الشاعر، ونحن نكاد لا نعرف له كتاباً كاملاً في لغة الضاد، باستثناء تلك الكراسات التي يصدرها، من حين إلى آخر السورياليون العرب وفي طليعتهم عبدالقادر الجنابي. من هنا فان كتاب "أعمال مختارة" الذي صدر أخيراً عن "دار الجمل" في كولونيا، يمكن أن يكون مدخلاً جيداً لقراء التسعينات إلى عالم هذا الشاعر الذي اختار أن يكون مهمشاً، على رغم الدور المؤثر الذي لعبه في حركة الكتابة الجديدة في مصر، لا سيما عندما أسس جماعة "الفن والحرية" في القاهرة إلى جانب أنور كامل وكامل التلمساني، ورمسيس يونان، وفؤاد كامل وآخرين، مستجيباً بذلك لنداء أندريه بروتون وليون تروتسكي لتأسيس "اتحاد أممي للفن الثوري الحرّ". عرب النصوص المختارة بشير السباعي، وكان نقل بعضها ك "انتحار موقّت" بالتعاون مع أنور كامل. تضم المختارات قصائد ومقالات، وخواطر، فضلاً عن وثائق وبيانات تتعلق بالحركة السوريالية المصرية، تشكل مجتمعة جزءاً من صورة الشاعر ومناخات تفكيره. ويذكّرنا السباعي أن "جورج حنين تمسك طوال حياته بمفهوم متطرف للحرية، استمده السورياليون من تراث الفوضوية". وبمزيد من الدقة، فان الشاعر "حاول مزج هذا المفهوم برؤى مستمدة من تراث الاشتراكية الرومانسية الفرنسية". وحول حياته في مصر والصعوبات الجمة التي واجهت مشروعه التحرري في الشعر والتفكير، يصف بشير السباعي الشخص والفترة الممتدة من العام 1954 وحتى العام 1960 ب "حالة نفي داخلي" للشاعر، وعملية انحدار للوضع الانساني. وتجدر الاشارة إلى أن جورج حنين لم يلبث أن رحل عن مصر نهائياً ليضع حداً ل "المنفى الداخلي" ويستبدل به "المنفى الخارجي". هكذا عاش بعض الوقت في أثينا وروما، واستقر في باريس حتّى وفاته في العام 1973. والكتاب الذي يقع في 134 صفحة من القطع الوسط، يقدّم صورة موجزة لسيرة ونتاج الشاعر السوريالي الأبرز في العالم العربي.