يتوجه يوم الخميس المقبل 28/11 حوالي 16 مليون ناخب جزائري إلى صناديق الاقتراع لتزكية مشروع دستور يؤسس جمهورية ثانية قوامها "نظام رئاسي مغلق" باحكام، لأن السلطة التنفيذية هي حجر الزاوية فيه. وقد ذكر الرئيس المرشح اليمين زروال في برنامجه الانتخابي قبل أكثر من سنة هذا "الاصلاح الشامل"" لما اعتور "الجمهورية الأولى" منذ الاستقلال من "انحرافات" تحت عنوان "النظام الوطني الجديد" الذي سيرتكز بعد الاستفتاء المقبل على ثلاث مرجعيات أساسية: فاتح نوفمبر تشرين الثاني 1954 و16 نوفمبر 1995 تاريخ الانتخابات الرئاسية الأخيرة، اضافة طبعاً إلى 28 نوفمبر 1996، تاريخ المصادقة على دستور هذا النظام. ويشكل تدشين "الاصلاح الشامل" بمراجعة الدستور مفاجأة للمجتمع السياسي، لأن الرئيس زروال لم يشر إليه في برنامجه الانتخابي الذي حمل في غلافه حمامة السلام. كذا عندما اقترح الرئيس زروال في نيسان ابريل الماضي مراجعة الدستور كان الرد الأولي لمعظم الأحزاب والشخصيات الوطنية سلبياً. ويتميز الموقف السياسي عشية الاستفتاء بوجود خمسة اختيارات: 1- التصويت بنعم، وهو اختيار السلطة ومعها عدد من الأحزاب، مثل جبهة التحرير و"التضامن والتنمية" و"التجديد" و"التحالف الجمهوري"، إضافة إلى عدد من المنظمات الوطنية مثل اتحاد العمال ومنظمة المجاهدين. 2- ترك حرية الاختيار للناخبين مع "تحبيذ" التصويت ب "نعم"، وهو موقف "حركة المجتمع الإسلامي" حماس. 3- ترك حرية الاختيار للناخبين مع "تحبيذ" التصويت ب "لا"، وهو موقف "حركة النهضة الإسلامية". 4- اختيار التصويت ب "لا" وهو موقف المعارضة التقليدية ممثلة في "جبهة القوى الاشتراكية" 1963 وحركة الرئيس السابق أحمد بن بله 1965. 5- اختيار المقاطعة، وهو موقف "تجمع" الدكتور سعيد سعدي وموقف "التحدي" الشيوعي مبدئياً. وحسب استبيان للرأي نشر لمناسبة الذكرى الأولى لانتخاب الرئيس زروال، فإن الفوز سيكون للاختيار الأول من دون منازع، إذ سيزكي مشروع الدستور 71 في المئة من المصوتين، ولن يتجاوز عدد المصوتين ب "لا" 17 في المئة، وستبلغ نسبة المشاركة 64 في المئة. ويعتبر التلفزيون المحلي "أهم حزب" في حملة الاستفتاء. أما المعارضة - المشاركة سلبياً أو المقاطعة - فصوتها مبحوح على رغم قوة حجتها التي تستند إلى حاجة المجتمع الماسة إلى شيئين: "رحمة السلم" و"رحمة مستوى المعيشة"، بعدما أصبح تدهور الوضع الاجتماعي يقارع تدهور الوضع الأمني، خصوصاً أن عائلات كثيرة اضطرت إلى توقيف أبنائها عن الدراسة لعجزها عن التكفل بحاجاتهم المتواضعة على رغم مجانية التعليم، وامتناع أسر كثيرة أيضاً - وفي قلب العاصمة - عن الانارة العمومية، لأنها لم تعد تطيق أعباءها!