هل تصدق توقعات النظام الجزائري في الرهان على "ديناميكية" الانتخابات الرئاسية وعلى جاذبية الرئيس اليمين زروال "مرشح القطيعة والتجديد"؟ هذا السؤال يبدو أساسياً عشية اختتام حملة الترشيحات واعلان اسماء المرشحين الذين استطاعوا الحصول على 75 ألف توقيع. وإذا كانت "ديناميكية" الانتخابات استطاعت فعلاً أن تجر في أعقابها عدداً من "رجال السلطة" القدامى، مثل رضا مالك رئيس الحكومة السابق، والجدد أمثال محفوظ نحناح وسليم سعدي وبوكروح وغيرهم، ومن المتوقع أيضاً أن تسحب معها نسبة مهمة من الناخبين الذين يصوتون بحكم العادة لمرشح السلطة، كائنا من كان، إلا أن هذه "الديناميكية" لم تحرك عدداً من رجال السياسة، وحتى من رجال السلطة القدامى، الذين لهم وزنهم، لأنهم فضلوا "الحياد" على رغم الحاح الوسائل الدعائية للسلطة على أن "لا حياد مع الارهاب". ويمكن أن يحدث ارتباك حتى في صفوف "الناخبين بالعادة" الذين ألفوا التصويت لمصلحة "جبهة التحرير الوطني" التي يرجح أن تغيب عن الانتخابات المقبلة للمرة الأولى منذ الاستقلال عام 1962. فهل تضيف "جاذبية" زروال شيئاً الى "ديناميكية" الانتخابات؟ مثل هذا السؤال ليس مهماً بالنسبة الى أصحاب القرار الذين يعتقدون بأن زروال يعتبر "فرصة حقيقية لانعاش النظام والمد في عمره". فالرئيس المرشح ما زال يحمل بعض الأمل في حل سلمي للأزمة ويستطيع مواصلة الحوار الوطني بنجاح، وهو ما لم يكن بوسعه قبل ذلك. وحتى طائفة "الديموقراطيين" أصبحت ترى في زروال المرشح الوحيد القادر على التصدي "للخطر الاسلامي" الداهم الذي يمثله الشيخ نحناح وأنصاره. لكن "جاذبية" زروال تعاني - نسبياً - من وجود رضا مالك الذي يوهم أنصاره بأنه "مرشح السلطة" الرقم 2 ويعطي الانطباع بأن اجماع قادة الجيش على زروال ناقص، لأن بعضهم يشجع مالك من طرف خفي، ويلقى هذا التشجيع صداه الواضح في عدد من وسائل الاعلام المعروفة بانتمائها الى كتلة حاولت حتى اللحظة الأخيرة صد زروال عن الترشيح حتى تخلو الساحة لمالك. ويمكن اضافة "مفعول المقاومة السياسية والمسلحة" للانتخابات فمجموعة "العقد الوطني" - المنقوص منها أحمد بن محمد رئيس حركة "الجزائر المسلمة المعاصرة" - أكدت "تعلقها بالحل السياسي السلمي وتمسكها بموقفها الرافض للانتخابات الرئاسية المقررة آحادياً وفي غياب الوئام وحرية الرأي والتعبير والاختيار". وعلى عكس ما تردده الدعاية الرسمية عن المجموعة، فإن بعض المراقبين يعتقد بأن "ترشح زروال زاد في تماسكها". وإذا كان غياب مجموعة "العقد الوطني" من سباق الانتخابات يسهل مهمة زروال في الفوز، فإنه يعمق مع ذلك الاحساس بأن هذا السباق مجرد وسيلة من النظام لتزكية نفسه. اما "المعارضة المسلحة" أو الجماعات الاسلامية فتلخص موقفها من الانتخابات في شعار رهيب: "من الصندوق الى الصندوق" أي باختصار تهدد الناخبين بالقتل. فهل تكفي "ديناميكية" الانتخابات، و"مفعول زروال" للتغلب على مختلف أشكال "المقاومة السلبية والنشيطة"؟ في هذا السياق أجاب الرئيس المرشح عن سؤال حول "صدقية الانتخابات" بقوله: "ان الصدقية الحقيقية ستلمسونها في حجم المشاركة"! ويبدو أن الرهان الحقيقي للانتخابات يكمن فعلاً في نسبة المشاركة. وعلى رغم تفاؤل الرئيس زروال، فإن معظم المراقبين يتوقع أن يحقق النظام نجاحاً "كبيراً وساحقاً"، اذا تمكن فقط من اجتياز عتبة الخمسين في المئة من الناخبين المسجلين. أما أوساط المعارضة "البرانية" مجموعة العقد الوطني فتقدر هذه النسبة ما بين 10 في المئة الويزة حنون و30 في المئة مصدر قريب من جبهة التحرير الوطني.