تمر مسيرة الكرة المصرية بحالة شديدة من القلق بسبب عدم وضوح الرؤية، سواء داخل إدارة اتحاد كرة القدم، أو بين افراد الجهاز الفني. وتعاني المنتخبات حالة دائمة من عدم الاستقرار فهذا هو المنتخب الأول الذي بدأ تصفيات بطولة افريقيا وكأس العالم دون أن تكون له ملامح واضحة، نتيجة للتغيير الدائم والمستمر في الاجهزة الفنية، وها هو منتخب الشباب تحت 19 سنة، أو منتخب الأمل كما يطلقون عليه يصاب بالانهيار في أديس ابابا ويخسر أمام المنتخب الاثيوبي صفر/5 ، بعدما كان حقق الفوز في القاهرة بالنتيجة نفسها، ولولا العناية الإلهية ما فاز المصريون بضربات الجزاء الترجيحية ليتأهلوا للدور الثاني لتصفيات افريقيا لكأس العالم. وحتى منتخب تحت 17 سنة الذي سيمثل مصر في نهائيات كأس العالم التي تحتضنها القاهرة في تشرين الاول أكتوبر 1977. هذا المنتخب الذي يتحمل مسؤولية كبيرة في المنافسة على البطولة التي تجرى بين جماهيره، يعاني من مشاكل كثيرة تجعله في حالة صعبة. والأمر، لا يقف عند المنتخبات، لكنه يمتد إلى مسابقات الدوري المختلفة، وهي مسابقات ضعيفة لا تفرز لاعبين. القضية اذن خطيرة، لأن الجمعية العمومية لاتحاد الكرة اختارت مجلس ادارة يأخذ بيد اللعبة، لتحتل مكانها اللائق بين اشقائها وأصدقائها عام 2000. التقت "الوسط" مع سمير زاهر رئيس اتحاد الكرة المصري، ودار معه هذا الحوار الذي كشف فيه أكثر من سر.. سواء على الصعيد المصري المحلي، أو على الصعيدين القاري والدولي. متى تستقر أوضاع الكرة المصرية؟ - هذا السؤال يحتاج إلى مساحات كبيرة، لأن الاستقرار يعني تصحيح أوضاع كثيرة خطأ، تراكمت لسنوات طويلة، فوصل الأمر إلى هذا الوضع. طريق الألف ميل يبدأ بخطوة؟ - نعم... هذه حقيقة، وقد قررنا أن نعيد ترتيب البيت من الداخل، بحيث يصبح الجانب الإداري على الدرجة نفسها من الاهمية للجانب الفني، إن القرار يجب أن يكون سليما وهذا لا يتأتى إلا إذا تم الاعداد له بشكل فعال، لقد قررنا أن نستعين بخبرات إدارية على أعلى مستوى، قبل التفكير فى الخبراء الفنيين. كلما جاء اتحاد الكرة في مصر، تخرج نغمة تقول إن رواسب الماضي كانت سببا في الاخفاق، متى تختفي هذه النغمة؟ - هذه حقيقة حيث ان عدم الاستقرار كان سمة في معظم الاتحادات عبر 20 عاما مضت، فتارة تصدر قرارات بحل اتحادات، وتارة تصدر احكام قضائية بإقالة اتحاد، أو عودة اتحاد، وربنا يستر على الاتحاد الحالي لأنه مطالب بتحقيق طموحات تتناسب مع القرن ال 21. كانت بداية الاتحاد - الذي تم انتخابه منذ حوالي شهرين - قوية ، ثم بدا التراخي ما السبب؟ - هذا الكلام يردده الكثيرون، وبمنتهى الصراحة كان ينبغي أن تكون البداية قوية حتى يدرك الجميع أننا أقوياء، ولا نفرق بين ناد وآخر، وبمرور الوقت بدأ العمل الفعلي مع الأحداث، وليس من المنطق في شيء ان تتسم كل القرارات بالشدة والعصبية. لقد صفقوا لنا عندما رفضنا كاتحاد رفع العقوبة عن لاعبي الزمالك خالد الغندور وعفت نصار ومدحت عبدالهادي، وعندما عفونا عن الغندور قبل انتهاء فترة ايقافه بأسبوعين ليشارك مع ناديه في مباراة المكناس المغربي، ليسد غياب زميله احمد الكاس. صفقوا لنا ايضاً، ثم عاد من صفق لنا ليهاجمنا على القرارين، وتعرض الاتحاد ايضاً لهجوم شرس لأنه اقام الدوري الممتاز مضغوطا، على الرغم من أن هذه كانت وجهة نظر من يهاجم. إن اتحاد الكرة لن يرضي أحدا. الدوري المصري الدوري المصري عقيم، متى تتجرأون على تصحيح مساره؟ - نعم الدوري المصري عقيم، ومستواه متواضع، ولا يفرز لاعبين على المستوى المطلوب، وهو الآن موضوع دراسة مستفيضة على أعلى مستوى، حتى نخرج بصيغة مناسبة تتناسب مع العصر، ويمكن القول إن كل مسابقات الكرة، سواء الدوري الممتاز أو دوري الدرجتين الثانية والثالثة، ستطرأ عليها تعديلات جذرية ولكن ليس قبل موسمين. متى بالضبط؟ - الموسم بعد المقبل. هل يمكن معرفة الملامح؟ - أهم الملامح أن يكون الدوري الممتاز من 13 فريقا فقط لا غير، ويكون دوري الدرجة الثانية من أربع مجموعات ودوري الدرجة الثالثة ثماني مجموعات. ومن يضمن استمرار هذا النظام الذي يتغير عادة لمصالح انتخابية؟ - سنجد الصيغة المناسبة لاستمراره من خلال الجمعية العمومية. الكرة المصرية تتراجع أمام مثيلاتها العربية، بسبب سوء الادارة فما رأيك؟ - اعترف أن الكرة العربية تتقدم بشكل واضح، سواء في دول الخليج العربية مثل السعودية والكويت بصفة خاصة، أو في الشمال العربي، ولكن هذا لا يعني أن الكرة المصرية تراجعت بدليل النتائج ربما يكون هناك بعض التقارب، ولكن بشكل عام الكرة المصرية بخير. وإفريقيا؟ - نعم... الكرة الإفريقية تتقدم بشكل لافت، لدرجة أن طموح منتخب نيجيريا لم يقف عند حدود القارة وإنما امتد إلى أكبر من ذلك بكثير، إذ أصبح يطمح الفوز بكأس العالم وقد قطع النيجيريون اشواطا عظيمة نحو المجد، وكانت آخر انجازاتهم الفوز بذهبية اطلانطا بعد الفوز على الارجنتين والبرازيل. ونيجيريا ليست وحدها في القارة، ولكن هناك غانا وكوت ديفوار وغيرهما. واين مصر؟ - الكرة المصرية تحتاج الى طفرة والى جهود مضاعفة حتى تلحق بالركب، وهذا ليس بالأمر الهين. ماذا ستفعلون؟ - سنعمل بجد واجتهاد. كيف تعملون وقد جئتم بالخطيب الى جوار جعفر، وكلاهما يختلف عن الآخر تماما ولن ينجحا معا؟ - كثيرون يرددون هذا الكلام، ولكن ينبغي أن نصبر على التجربة، إن الخطيب نجم معروف وطموح ويريد ان يثبت وجوده، فكان من المنطقي أن يحصل على الفرصة، وفاروق جعفر مدرب مجتهد، وفاهم. ومن نفس جيل الخطيب. ورأينا ان نعطيهما الفرصة. ولكن الصراع بدأ بينهما عبر تصريحات صحفية للخطيب يقول إنه المسؤول الأول عن كل شيء، وجعفر يقول إنه صاحب الكلمة الأولى والأخيرة؟ - إنهما شخصان يدركان أبعاد الأمور، ولا بد لهما أن يتفقا لأن الاخفاق سيضربهما كثيرا. ما هو عمل الخطيب؟ - مدير المنتخب الوطني. هل له صلاحيات فنية؟ - لا. لماذا سافر إذن الى ايطاليا وهولندا ليقف على مستوى حازم امام وهيثم فاروق؟ - المهمة كانت للالتقاء مع المديرين الفنيين لناديي اودينزي الايطالي وفينورد الهولندي لمعرفة معلومات عن اللاعبين وعن اوضاعهما. هذه مهمة فنية بحتة؟ - العمل مع المنتخب لا يخلو من تفاهم اداري وفني. يتوقع الكثيرون أن يدب الخلاف بين جعفر والخطيب في أي وقت؟ - أرجو ألا يحدث هذا. إذا كانت مهمة الخطيب إدارية، فهل بمقدور فاروق جعفر أن يتحمل المسؤولية؟ - ولم لا. هل هناك نية للتعاقد مع مدير فني اجنبي للمنتخب؟ - ولم لا. تبدو الأمور غير واضحة، وهذه هي القضية؟ - التجربة مهمة جدا، ولابد من اعطاء الفرصة لمن يستحق وفاروق جعفر مدرب كما قلت مجتهد فإذا نجح فمن المؤكد أن يستمر، وإذا لم يتمكن من تحقيق كل المطلوب فلا بد من تدعيم الجهاز الفني. قلتم الكلام نفسه عن محسن صالح ورغم نجاحه تعاقدتم مع كرول؟ - لم أكن رئيسا للاتحاد، ومع ذلك فإن الطموح كان كبيرا في بطولة الأمم الإفريقية فرأينا الاستعانة بكرول مع محسن لتكون المصلحة اكبر. وماذا حدث؟ - اختلف كرول مع محسن، فتم الاستغناء عن خدمات محسن. إذن مشكلة الكرة المصرية مكررة؟ - نحن في مصر نمر في مرحلة صعبة، حيث تحتاج كل أوضاع اللعبة الى تصحيح، وبالطبع لا يمكن أن تتعدل الاوضاع كلها إلى الافضل بين يوم وليلة، بل نحتاج الوقت الذي لا يقل عن عامين. هل صحيح أن الأهلي والزمالك أقوى من اتحاد الكرة؟ - بصراحة، جماهير الناديين تمثل ضغطا شديدا على ادارتي الناديين وعلى اتحاد الكرة. صرفتم حوالي 3 ملايين جنيه على منتخب الشباب تحت 19 سنة، وكاد يسقط أمام اثيوبيا، ما تعليقك؟ - كانت صدمة في منتخب الأمل، ولكن مرت الأزمة على خير، وقام اتحاد الكرة بدراسة الموقف لتلافي السلبيات. تصرفون الكثير على منتخب تحت 17 سنة الذي سيمثل مصر في كأس العالم 1997 في القاهرة، ولكن الموقف غامض. - نحاول، ولكن هناك بعض المتاعب. يبدو أن الكرة المصرية ستظل في قلق؟ - أحيانا يكون القلق مفيدا، وارجو أن نوفق في إزالة كل المعوقات؟ ومن أين البداية؟ - تجديد شامل في حدود الظروف. والمدربون الأجانب؟ - في الطريق